اكدت المرجعية الدينية العليا، اليوم الجمعة، ان رعاية النازحين لحين عودتهم إلى مدنهم هي من واجب الحكومة ومسؤوليتها بالدرجة الاساس.
وقال ممثل المرجعية العليا في كربلاء المقدسة الشيخ عبد المهدي الكربلائي، خلال خطبة صلاة الجمعة التي أقيمت اليوم في الصحن الحسيني المقدس “نود أن نلفت النظر الى ان من ابرز مصاديق المحتاجين واهل البؤسى الذين اوصى بهم الامام علي عليه السلام، في عهده وأكثرهم استحقاقاً للعناية والرعاية في هذا الوقت هم النازحون عن مدنهم وقراهم”.
وتطرق الشيخ الكربلائي إلى قصة رجل نازح، لغرض عرض الصورة التفصيلية لما يعانيه النازحين من الحرمان والبؤس في ظل الظروف الجوية القاسية، التي يشهدها البلد، قائلا “هو رجل سبعيني في عمره احدودب ظهره وأنهكته سنون العمر الطويلة هَمَّ مغادرا داره مع عائلته على عجل وفي وجل في ليلة لا ينسى تفاصيلها ما بقي حيا، وستبقى ذكرياته الحزينة تقض مضجعه وهو ينتقل من قرية الى اخرى فما ان تطأ قدمه احداها حتى يجدها خاوية على عروشها لا يشم منها الا رائحة الموت ولا يبصر منها الا الدمار والخراب فيعلم انها هي الاخرى هُجِّر اهلها قسرا بعد ان خيروا بين حز الرقاب او الخضوع للظلم والارهاب وانتهاك الاعراض، فينتقل الى مكان آخر عله يجد ارضاً في وطنه تؤويه هو وارملة ابنه المقتول واطفاله اليتامى الذين يتضورون جوعا ويرتعدون خوفا حتى لاح له من بعيد مخيم للنازحين”. وأضاف ان الرجل “توجه اليه {مخيم النازحين} على أمل ان يستفيئوا فيه بظل يحجب عنهم اشعة الشمس الحارقة في الصحراء القاحلة ويجدوا فيه بعض الماء والطعام”.
وبين “وفي المخيم وجد قليلا من الرجال وكثيراً من النساء والاطفال بينهم العديد من الارامل واليتامى، ولاح له يتيم متيم بالشوق لوالده المقتول غدرا تحتضنه امه التي انهكتها ايام الترمل والفراق وقساوة الحياة تحتضنه بكل ما اوتيت من قوة وحنان فلم يعد لها سواه، انها تخشى ان تخطفه يد المنون كما خطفت والده، وجلست على مقربة منها عجوز تنتحب بكاءً وهي تستذكر اولادها القتلى وقد تناثرت اشلاؤهم وسط انقاض دارهم التي فجرها الارهابيون ، وتمنت لو انها لم تخرج من ذلك الحين وكانت معهم الآن جثة هامدة تحت الانقاض”.
وذكر الشيخ الكربلائي في عرضه لقصة الرجل، “وفي جانب آخر من الخيمة جلس بعض الرجال والشباب مهمومين مغمومين يفكرون في مستقبلهم ومتى وكيف يتخلصون من هذا الوضع الصعب”، مبينا “وفي هذا الاثناء وصلت الى المخيم سيارة الاغاثة فهرع الاطفال نحوها يتشبثون بها ويتهافتون ملهوفين للحصول على أرغفة خبر تسدّ جوعتهم وقناني من الماء يطفئون بها عطشهم وبعض المواد الضرورية الأخرى التي جاد بها اهل الخير ولكنها لا تكفيهم الا بضعة ايام ، وتساءل ومعه بقية النازحين في المخيم أمن العدل ان نعيش هذه الظروف المأساوية ونحرم من ابسط حقوقنا كمواطنين في هذا البلد وهناك الكثير من الفاسدين الذين يتنعمون بخيراته ويتهافتون على نهب ثرواته وليس هناك من يمنعهم عن ذلك ويؤاخذهم عليه، بالرغم من الدعاوى الفارغة لبعض المسؤولين من انهم جادون في مكافحة الفساد؟”.
ولفت الشيخ الكربلائي إلى ان “هذه صورة عما يجري لأهلنا النازحين في كثير من المناطق، ومن المؤكد ان رعايتهم وتأمين المستلزمات الضرورية لهم الى حين عودتهم الى مدنهم وقراهم هي بالدرجة الأساس واجب الحكومة ومسؤوليتها”، كما نهيب بالمواطنين جميعاً كل حسب إمكاناته ان يساهم في مساعدة هؤلاء الاعزاء بالطريقة التي تتسنى له مع رعاية كرامتهم وحرمتهم”.