الرئيسية / تقاريـــر / السياسة الخارجية لخليفة أوباما؛ التغيير أم الاستمرار؟

السياسة الخارجية لخليفة أوباما؛ التغيير أم الاستمرار؟

الوقت – تحظى الانتخابات الرئاسية الأمريكية بأهمية خاصة في الداخل والخارج، وتبدأ دعايات المرشحين لخوض هذه الانتخابات منذ وقت مبكر جداً وتنفق خلالها مليارات الدولارات وتتناقل أخبارها وسائل الاعلام لاسيّما المحلية لحظة بلحظة وسط أجواء من الإثارة والهيجان.

وفيما يتعلق بالانتخابات القادمة المقررة في 8 نوفمبر/تشرين الثاني بين مرشح الحزب الديمقراطي وزيرة الخارجية السابقة “هيلاري كلينتون” ومرشح الحزب الجمهوري “دونالد ترامب” شهدت الدعايات الانتخابية لهذين المرشحين الكثير من الأمور الغريبة التي وصلت إلى حد المهاترات الكلامية الخارجة عن الأطر الأخلاقية والإنسانية، في وقت يفترض فيه أن يتحلى كلا المرشحين بأعلى درجات الضبط والكياسة اللفظية في طرح برامجهما ووجهات نظرهما حيال مختلف القضايا باعتبار أن أحدهما سيكون الرئيس القادم لدولة تزعم أنها تريد نشر الديمقراطية وإشاعة التحضر والدفاع عن حقوق الإنسان في كافة أرجاء العالم.

وما يهمنا في هذا المقال هو تسليط الضوء على وجهات نظر كلينتون وترامب فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الأمريكية بعد إنتهاء المدة القانونية للرئيس الحالي باراك أوباما في العشرين من يناير/كانون الثاني 2017.

هیلاري کلینتون

سبق لهيلاري كلينتون أن شغلت منصب وزير الخارجية بين عامي 2009 و 2013 وحازت على عضوية مجلس الشيوخ الأمريكي لدورتين بين عامي 2001 و 2009، وكانت السيدة الأولى في أمريكا خلال فترتي رئاسة زوجها “بيل كلينتون” التي إستمرت من عام 1993 وحتى 2001.

ويعتقد المراقبون بأن السياسة الخارجية لهيلاري كلينتون ستكون في كثير من تفاصيلها مشابهة لسياسة الرئيس الحالي باراك أوباما، لكنها ستكون أكثر ميلاً لاعتماد القوة العسكرية في فرض هذه السياسة، ودليلهم على ذلك هو تأييدها لغزو العراق عام 2003 وكذلك دعمها لزيادة عدد القوات الأمريكية في أفغانستان، وتفضيلها الهجوم العسكري على ليبيا عام 2011.

وكانت كلينتون قد إقترحت على الإدارة الأمريكية اللجوء إلى القوة العسكرية لمواجهة روسيا خلال الأزمة الأوكرانية، وكذلك التدخل العسكري المباشر في الأزمة السورية، الأمر الذي لم يحظَ بموافقة أوباما والمسؤولين الآخرين في البيت الأبيض لخشيتهم من التداعيات الخطيرة والانعكاسات السلبية الكثيرة لهذا التدخل على الأمن القومي الأمريكي في حال حصوله.

كما يعتقد المراقبون بأن كلينتون ستصر على تطبيق إستراتيجية أمريكا الرامية للهيمنة على مقدرات العالم في شتى المجالات، لكنها ستصطدم بصعوبات جمّة تحول دون تحقيق هذا الهدف نظراً للتعقيدات الكبيرة والمتشابكة جداً التي تشهدها الكثير من مناطق العالم لاسيّما الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا والقارة الأوروبية.

دونالد ترامب

يعتقد المراقبون بأن ترامب لا يمتلك أيّ تجربة عملية أو إستراتيجية واضحة لإدارة شؤون البلاد على الصعيدين الداخلي والخارجي رغم التصريحات الكثيرة التي يطلقها في هذين المجالين، مشيرين في هذا الخصوص إلى تهديداته المتكررة بشأن التخلص من اللاجئين الأجانب إلى أمريكا في حال فوزه في الانتخابات، إلاّ أنهم يعتقدون في الوقت ذاته بأنه سيكون أكثر إنفتاحاً من سلفه في الشأنين الاقتصادي والتجاري مع الدول الأخرى في حال وصوله إلى البيت الأبيض لاسيّما مع الصين التي لم يتمكن أوباما من إحداث تغيير معها في هذا المجال.

ويحذّر الكثير من المحللين والمتابعين للشأن الأمريكي من خطورة توجهات ترامب بشأن تعامله الفضّ مع المهاجرين لاسيّما المسلمين في حال فوزه في الانتخابات، معربين عن إعتقادهم بأن هذا التعامل السلبي ستكون له تداعيات خطيرة على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وتجدر الإشارة إلى أن ترامب معروف بإخفاقاته في التعامل التجاري والاقتصادي، وقد تعرض في كثير من المرّات إلى الإفلاس بسبب مغامراته في هذا المجال، ولهذا يرجح المتابعون أن يفشل أيضاً في إدارة هذا الملف على صعيد الدولة في حال تمكنه من كسب الانتخابات، خصوصاً وإن الفريق الذي سيعتمد عليه في هذا المضمار غير مشخص المعالم لحد الآن.

أخيراً لابدّ من الإشارة إلى أن صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية كانت قد وصفت ترامب وكلينتون بأنهما أكثر مرشحيْن غير محبوبين في تاريخ الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فيما أعربت صحيفة “الصنداي تلغراف” البريطانية عن إعتقادها بإن الشعب الأمريكي بات مجبراً على أن يختار بين “أهون الشريّن” في الانتخابات المقبلة، مشيرة إلى أن ترامب يمتلك سجلاً فاشلاً في مجال الأعمال، فضلاً عن تعليقاته المسيئة للمكسيكيين والمسلمين والأمريكيين – الأفارقة والنساء والكثير ممن يحق له التصويت في الانتخابات.

وأردفت الصحيفة إن الوثائق التي نشرها مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) عن محتويات البريد الإلكتروني لهيلاري كلينتون أثناء عملها وزيرة للخارجية تظهر بأنها قالت أكثر من 39 مرّة بأنها لم تتلقَ أيّ تدريب عن كيفية التعامل مع معلومات حسّاسة، كما أنها أكدت أنها لم تكن تعلم دلالة الحرف “c” الذي يدل على أن المعلومات سريّة.

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...