دروس من مواقف أبي ذر (رض) – السيد محمد باقر
22 نوفمبر,2014
الاسلام والحياة
959 زيارة
01
بسم الله الرحمن الرحيم أبو ذر نموذج الثائر المؤمن الصادق ، و لا شك أن كثيراً من الثورات في تاريخ الإسلام مدينة لمواقف هذا الرجل العظيم في أصعب ظرف يمكن أن يمر به مؤمن صادق يشاهد التحريف الديني و الأخلاقي و السياسي من موقع قريب .
و أعظم ما في شخصية أبي ذر أنه وحده كان يضع مواقفه في مجتمع بدأت السلطة تسلب منه أبرز صفاته و أعظمها و هو : العدالة و الحرية .
و بقدر ما كان للانحراف المبدئي من أثر على المجتمع الإسلامي الأول بقدر ما كان لثورة أبي ذر من عظمة و خلود ، ذلك لأن الأحداث في بدأ تاريخ أي مجتمع تترك بصماتها على مستقبل ذلك المجتمع إلى قرون طويلة .
وإذا كان للانحراف المبدئي في صدر الإسلام آثاره المروعة في مستقبل ذلك المجتمع ، فإن لثورة أبي ذر و مواقفه البطولية آثارها العظيمة و الخالدة .
غير انه لا يكفي أن نقرأ تاريخ البطل فقط من زاوية ثورته . . . ذلك لأن ثورة أبي ذر لم تكن نزوة عابرة ، و إنما كانت جزء من تكوينه و مبادئه و قيمه . . و من هنا فلا بد أن نعرف سائر مواقف أبي ذر من القضايا الحياتية المصيرية ، فكلما كان لأبي ذر من القضايا الحياتية المصيرية ، فكما كان لأبي ذر موقف من عثمان و معاوية ، ضد جميع أشكال الاستغلال و الاستئثار . . فإن لأبي ذر مواقف اخرى من الفقر ، و الموت ، و العمل الصالح ، و الجهاد في سبيل الله .
و مواقف أبي ذر كلها صنعت منه ذلك الثائر العظيم ، و لولا مواقفه المبدئية تلك النابعة من صميم إيمانه بقيم الإسلام في الحياة لم يكن أبو ذر قادراً على أن يقف وحده في مواجهة أقوى سلطة في ذلك العصر . . و لم يكن قادراً على اسقاط السلطة . . و من ثم لم يكن بإمكانه أن يشق ذلك النهر الكبير من الثورات الشعبية المبدئية على طول تاريخ الإسلام ، و نحن هنا في هذا الكراس ، نهتم بإبراز سائر مواقف أبي ذر المبدئية من قضايا الحياة : التفكير ، العنف ، الجهاد و غيرها .
إن إخلاص أبي ذر نابع من شدة إيمانه بدينه ، و تمسكه برسالة الإسلام ، و إن نجاحه الأكبر يكمن في هذا الإلتزام المبدئي العظيم ، الذي قل نظيره في التاريخ ، و إلا فما أكثر الناقمين على السلطة في كل عصر و زمان ، و لكن الفرق بين النقمة الشخصية العابرة ، و بين الموقف المبدئي الملتزم هو الحد الفاصل بين الثورة الإنتهازية ، و الثورة المخلصة الأصيلة .
و نحن في هذا العصر ما أحوجنا إلى اتباع أبي ذر ليس فقط السياسية ضد العبودية للسلطة ، و لكن أيضاً في ثورته الدينية ضد العبودية للذات ! ، و ما أحوجنا إل فهم الإسلام كرسالة تحررية خالدة من خلال جهاد أبي ذر ، و رؤيته الواضحة للحياة ، و صموده البطولي ، و إيمانه الراسخ بالله تعالى .
و لابد أن نعرف : أن أبا ذر المؤمن بالإسلام هو الذي صنع أبا ذر الثائر الخالد ، و إن مواقفه البطولية في وجه الظلام و الإستغلال ، و أن علينا أن نقتدي بهذا الثائر العظيم في كل خطوة و كلمة و موقف ، فما أجمل أن نتخب ” قدواتنا ” بأنفسنا . . و أن نختار بطولاتنا من تاريخنا . . و أن نتعرف على أبطالنا التاريخين . من أجل أن نقوى على حمل رسالة الإسلام ، رسالة الحق و التحرر إلى العالم كله .
و إذا كان أبا ذر وحده يضع مواقفه في ذلك اليوم ، إلا أن له اليوم عشرات الألوف ممن يتغنى بتاريخه و يهتز لبطولاته ، و يفتخر بالإقتداء به .
أبي ذر (رض) الاخلاق شخصيات اسلامية 2014-11-22