قال اية الله مكارم الشيرازي إنّ الأعداء يسعون إلى اختراق مراسم عاشوراء، وإضفاء طابعٍ خرافيٍّ عليها، ومن جملة الأمور الّتي يراهنون عليها هي مسألة ضرب الرؤوس بالآلات الحادّة، أي التطبير.
تناول سماحة آية الله العظمى ناصر مكارم الشيرازي في حلقة درسه لخارج الفقه في المسجد الأعظم بمدينة قمٍّ توصياتٍ مهمّةً وجّهها إلى المبلّغين في شهر محرّمٍ الحرام، مشدّدًا على نشر علوم ومعارف أهل البيت (عليهم السلام) في هذه الفرصة، وقال: إنّ [إحياء] عاشوراء وإقامة العزاء على سيّد الشهداء (عليه السلام) أمران لهما آثارٌ كثيرةٌ [علّ أيسرها] استعراض معالم المذهب بحلّةٍ عظيمةٍ.
وأضاف سماحته: إنّ أيّام محرّمٍ الحرام تمثّل فرصةٌ مؤاتيةٌ للمبلّغين لاستثمار هذه المناسبة في إطار تنجيز الرسالة الدينيّة المناطة بهم، وتعزيز عقائد المذهب وقيمه.
وشدّد آية الله مكارم الشيرازي على أنّ عاشوراء تسهم في تأليف القلوب، منوّهًا إلى تعلّق كلّ الموالين بمختلف مشاربهم وانتماءاتهم الفكريّة والسياسيّة بالإمام الحسين (عليه السلام)، بل إنّ أهل السنّة والجماعة وغير المسلمين يشاركون في مراسم عاشوراء أيضًا، وهذا أمرٌ يعدّ من دعائم الوحدة.
وأشار سماحة المرجع في جانبٍ آخر من كلمته إلى أنّ الأعداء يسعون إلى اختراق مراسم عاشوراء، وإضفاء طابعٍ خرافيٍّ عليها، ومن جملة الأمور الّتي يراهنون عليها هي مسألة ضرب الرؤوس بالآلات الحادّة، أي التطبير.
وأردف المرجع الدينيّ قائلًا: إنّ وسائل الإعلام الأجنبيّة تبثّ مشاهد من التطبير في مطلع تغطياتها لمراسم العزاء، وهذا ما يبعث على كراهية واشمئزاز الناس؛ إذ إنّ التطبير في الظروف الراهنة أصبح مستمسكًا بيدهم لإدانة عاشوراء. و[الأدهى من ذلك أنّ] البعض يعتقد أنّ المشي على النار من طقوس عاشوراء، فيما يرى آخرون أنّ التقلّب بلا ملابس على الزجاج من الشعائر.
وقد شدّد سماحة المرجع مكارم الشيرازي على أنّ هذه الممارسات من الخرافات، وطالب الموالين الأعزّاء باجتنابها؛ إذ إنّ إبداء الحبّ بهذه الطريقة لا يصبّ في مصلحة العزاء الحسينيّ؛ فلا بدّ من أن يتّسم التعبير عن الحبّ والمودّة بإطارٍ عقلائيٍّ؛ للحيلولة دون الوقوع في هكذا مشاكل.
وأوصى آية الله مكارم الشيرازي الخطباء والرواديد باعتماد الكتب المعتبرة، والإحجام عن طرح الأساطير والخرافات على المنابر وخلال الردّات الحسينيّة، فهذه الممارسات تعكس صورةً مزيّفةً للإمام الحسين (عليه السلام) وتاريخ عاشوراء.
وأعرب سماحة المرجع الدينيّ عن أسفه لما يطرح أحيانًا في عددٍ من مجالس العزاء؛ وعزا ذلك للجهل وغياب المعرفة، وأسف لما يترتّب عليه من وهن الدين والمذهب، بل أضحت هذه الأمور من أسباب الخجل، مشدّدًا على ضرورة تجريد مراسم العزاء وعاشوراء من الأمور الّتي تسيء إلى صورتها الناصعة؛ فيجب أن لا نسمح للأعداء أن ينزعوا هذه الثروة العظيمة من أيدينا.
وتابع سماحته قائلًا: إنّ [إحياء] عاشوراء وإقامة العزاء لا ينحصران في الاحتفاء بحدثٍ ذي طابعٍ تاريخيٍّ عفا عليه الزمن؛ ولذا فإنّ حيويّة هذه المناسبة العظيمة واستمرارها تكمن في رفع شعار (هيهات من الذلّة) بوجه الأعداء، مشدّدًا على ضرورة استمرار التأسّي بمعطيات واقعة كربلاء النابضة بالحياة.
وذكر المرجع الشيخ ناصر مكارم الشيرازي أنّ إقامة مراسم عاشوراء تتعارض مع مصالح أرباب السلطة غير المشروعة؛ ولذلك نراهم يبذلون كلّ الجهود والإمكانيات لحرف هذه المراسم العظيمة عن مسارها القويم.
وأكد سماحته على أنّ رجال الدين والحوزة العلميّة هم المعنيّون بالدفاع عن القرآن والدين وعاشوراء، داعيًا الحوزات العلميّة إلى اليقظة ومواكبة العصر وأداء المهامّ المناطة بها تجاه هذه القضايا، مبديًا أمله في أن يتولّى المبلّغون توعية الناس تجاه مؤامرات الأعداء، وحثّهم جميعًا للالتفاف حول راية الإمام الحسين (عليه السلام).
وأشار سماحته في ختام كلمته إلى أنّه يدعو بالسداد لكلّ الخطباء والرواديد والقائمين على مجالس العزاء، والمشاركين فيها، معربًا عن أمله بأن يؤدّي الجميع واجباتهم المناطة بهم في العصر الراهن بصورةٍ قويمةٍ.