الرئيسية / بحوث اسلامية / التوسل بالنبي (ص ) و التبرك باثاره

التوسل بالنبي (ص ) و التبرك باثاره

التبرك بموضع كف النبي (ص ):

في ترجمة حنظلة من الاصابة ومسند احمد ما موجزه : قال حنظلة : دنا بي جدي الى النبي (ص ) فقال : ان لي بنين ذوي لحى ودون ذلك , وان ذا اصغرهم , فادع اللّه له . فمسح راسه وقال : بارك اللّه فيك او بورك فيه . قال الراوي : فـلـقد رايت حنظلة يؤتى بالانسان الوارم وجهه او البهيمة الوارمة الضرع فيتفل على يديه ويقول : باسم اللّه , ويضع يده على راسه ويقول : على موضع كف رسول اللّه (ص ). فيمسحه عليه .
وقال الراوي : فيذهب الورم ((19)) .
وفي لفظ الاصابة : ويـقـول : بـاسم اللّه , ويضع يده على راسه موضع كف رسول اللّه (ص ), فيمسحه عليه . ثم يمسح موضع الورم , فيذهب الورم .
كان انتشار البركة من رسول اللّه (ص ) الى من حوله كانتشار الضوء من الشمس والشذى من الزهر, لا يـنـفك عنه اينما حل , في صغره وكبره , سفره وحضره , ليله ونهاره , سواء اكان في خباء حليمة الـسـعـديـة رضـيعا, ام في سفره الى الشام تاجرا, ام في خيمة ام معبد مهاجرا, ام في المدينة قائدا وحاكما. ومااوردناه امثلة من انواعها وليس من باب الاحصاء, فان احصاءهالا يتيسر للباحث , وفي ما اوردناه الكفاية لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد.
ونـدرس بـعـد هذا فيما ياتي مسالة الاستشفاع برسول اللّه (ص ) ثم ندرس منشا الخلاف في جملة ميزات رسول اللّه (ص ) على سائر الناس ان شاءاللّه تعالى .

ب – الاستشفاع برسول اللّه (ص ):

يـسـتدل القائلون بمشروعية التوسل برسول اللّه (ص ) والاستشفاع به في كل زمان , بان ذلك وقع بـرضـا من اللّه قبل ان يخلق النبي (ص )وفي حياته وبعدوفاته , وكذلك يقع يوم القيامة .وفي ما ياتي الدليل على ذلك : اولا – التوسل بالنبي (ص ) قبل ان يخلق : روى جـمـاعـة مـنـهـم الحاكم في المستدرك , من حديث عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه ان آدم لمااقترف الخطيئة قال : يا رب اسالك بحق محمد لما غفرت لي . فقال اللّه : يا آدم وكيف عرفت محمدا ولم اخلقه ؟ قال : يـا رب لانـك لـمـا خـلـقـتـنـي بـيـدك , ونفخت في من روحك , رفعت راسي , فرايت على قوائم الـعـرش مـكـتـوبا:لا اله الا اللّه محمد رسول اللّه فعلمت انك لم تضف الى اسمك الا احب الخلق اليك .فقال اللّه : صدقت يا آدم , انه لاحب الخلق الي , ادعني بحقه فقد غفرت لك , ولولا محمد ما خلقتك .
وذكره الطبراني وزاد فيه :و هو آخر الانبياء من ذريتك ((20)) .
واخـرج الـمـحـدثـون والـمـفسرون في تفسير الاية : (ولما جاءهم كتاب من عنداللّه مصدق لما مـعـهـم وكـانـوا مـن قـبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ماعرفوا كفروا به فلعنة اللّه عـلـى الكافرين ) ((21)) : ان اليهود من اهل المدينة وخيبر اذا قاتلوا من يليهم من مشركي العرب مـن الاوس والـخـزرج وغـيـرهـما قبل ان يبعث النبي , كانوا يستنصرون به عليهم , ويستفتحون لـمـايـجـدون ذكـره فـي الـتـوراة , فـيـدعون على الذين كفروا ويقولون : (اللهم انا نستنصرك بـحـق النبي الامي الا نصرتنا عليهم ) او يقولون : (اللهم ربنا انصرنا عليهم باسم نبيك …) ((22)) .
فـلـمـاجـاءهـم كـتاب من عند اللّه وهو القرآن مصدق لما معهم , وهوالتوراة والانجيل , وجاءهم ماعرفوا, وهو محمد (ص )ولم يشكوا فيه , كفروابه , لانه لم يكن من بني اسرائيل ((23)) .
ثانيا – التوسل بالنبي (ص ) في حياته : روى احمد بن حنبل والترمذي وابن ماجة والبيهقي عن عثمان بن حنيف : ان رجلا ضريرالبصر اتى النبي (ص ) فقال : ادع اللّه ان يعافيني . قال : ان شئت دعوت , وان شئت صبرت فهو خير لك . قال : فادع . قال : فامره ان يتوضا فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء: الـلـهـم اني اسالك واتوجه بنبيك محمد نبي الرحمة . يا محمد, اني توجهت بك الى ربي في حاجتي لتقضى لي . اللهم شفعه في ((24)) . صححه البيهقي والترمذي .
ثالثا – التوسل بالنبي (ص ) بعد وفاته : روى الطبراني في معجمه الكبير من حديث عثمان بن حنيف : ان رجـلا كـان يـختلف الى عثمان بن عفان (رضى اللّه عنه ) في حاجة له , فكان لا يلتفت اليه ,ولا يـنظر في حاجته , فلقي ابن حنيف فشكا اليه ذلك . فقال عثمان بن حنيف : ائت الميضاة فتوضا, ثم ائت المسجد فصل ركعتين , ثم قل : اللهم اني اسالك واتوجه اليك بنبينا محمد (ص ) نبي الرحمة . يا محمد, اني اتوجه بك الى ربي لتقضي حاجتي . وتذكر حاجتك .
فـانـطلق الرجل فصنع ما قال له . ثم اتى باب عثمان بن عفان , فجاءه البواب , فاخذ بيده ,فادخله على عثمان , فاجلسه معه على الطنفسة , فقال : ما حاجتك ؟ فذكر حاجته , فقضاها له ,ثم قال له : ما ذكرت حاجتك حتى كانت الساعة , وقال :ما كان لك من حاجة فاذكرها ((25)) .

ج – الاستشفاع و التوسل بقبر النبي (ص ):

جـاء فـي سنن الدارمي و وفاء الوفاء للسمهودي عن اوس بن عبد اللّه قال : قحط اهل المدينة قحطا شديدا فشكوا الى عائشة فقالت : انظروا قبر النبي (ص ) فاجعلوا منه كوة الى السماءحتى لا يكون بينه و بين السماء سقف قال ففعلوا فمطرنا مطرا حتى نبت العشب و سمنت الابل ((26)) .

د – الاستشفاع بالعباس عم النبي (ص ):

فـي صـحيح البخاري : ان عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه كان اذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال : اللهم انا كنا نتوسل اليك بنبينا فتسقينا, وانا نتوسل اليك بعم نبينا فاسقنا. قال :فيسقون ((27)) .
كان الاستشفاع بالعباس لانه عم رسول اللّه (ص ) وليس لصفة اخرى فيه .

ه – الاستشفاع بلباس النبي (ص ) ليهون ضغطة القبر:

فـي كـنز العمال و الاستيعاب و اسد الغابة و الاصابة في ترجمة فاطمة بنت اسد عن ابن عباس لما مـاتـت فاطمة بنت اسد ام امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام االبسها رسول اللّه (ص ) و آلـه قميصه و اضطجع معها في قبرها فقالوا ما راينا صنعت ما صنعت بهذه فقال : انه لم يكن احد بعد ابي طالب ابر بي منها انما البستها قميصي لتكتسي من حلل الجنة واضطجعت معها ليهون عليها ((28)) .
وفـي طـبـقات ابن سعد عن سهل بن سعد قال :جاءت امراة الى رسول اللّه (ص ) ببردة منسوجة فيها حـاشـيتاها , قال سهل : وتدرون ما البردة ؟ قالوا: الشملة , قال : نعم هي الشملة , فقالت : يارسول اللّه نـسـجت هذه البردة بيدي فجئت بها اكسوكها قال : فاخذهارسول اللّه (ص ), محتاجا اليها, فخرج عـلينا و انها لازاره , فجسها فلان بن فلان , لرجل من القوم سماه , فقال : يا رسول اللّه ما احسن هذه الـبـردة اكـسنيها طـواهـا ثـم ارسل بها اليه , فقال له القوم : مااحسنت , كسبها رسول اللّه (ص ) محتاجا اليها ثم سالته ايـاهـا و قـد عـلمت انه لا يرد سائلا لتكون كفني يوم اموت , قال سهل : فكانت كفنه يوم مات ((29)) .

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...