دور أهل البيت عليهم السلام في بناء الجماعة الصالحة
13 مايو,2017
بحوث اسلامية
3,768 زيارة
دور أهل البيت(عليهم السلام) في الحياة الاسلامية
ووجدت أن البحث الاول ـ الذي يمثل البحث الرئيس والاساس ـ يشتمل على عدّة بحوث مهمة نظرية وتطبيقية، بحيث قد يحتاج كل واحد من الاهداف إلى كتاب مستقل، حيث يمكن تلخيص (الاهداف) من أطروحة أهل البيت(عليهم السلام)بالامور الخمسة التالية:
1 ـ الخلافة الالهية، أو ولاية الامر، أو قيادة الحكم الاسلامي.
2 ـ المرجعية الفكرية والدينية للمسلمين.
3 ـ الدفاع عن الاسلام (العقيدة الاسلامية، الكيان السياسي للاسلام).
4 ـ الدفاع عن الامة الاسلامية، والمحافظة على وجودها وخصائصها ووحدتها.
5 ـ بناء الجماعة الصالحة والصفوة المنتخبة التي تتحمل المسؤوليات الخاصة.
ولا شك أنّ هذا العمل بهذه السعة يحتاج إلى وقت واسع وتفرّغ مناسب وعدد من المساعدين الاكفاء.
ولكني وجدت نفسي مندفعاً لان أبدأ هذا العمل الصالح متوكّلا على الله تعالى فيه ومستمداً العون منه، راجياً التوفيق في إخلاص النية والصدق والهداية في العمل (ومن يتوكل على الله فهو حسبه إنّ الله بالغ امره قد جعل الله لكل شيء قدراً).
كما وجدت نفسي أيضاً مسوقاً للكتابة ابتداءً في الهدف الخامس، وهو (الجماعة الصالحة)، ولعلَّ السبب في هذا الاختيار للبداية هو احساسي بالحاجة الفعلية ـ من خلال الممارسة العملية ـ لوجود تصور كامل (نظري وتطبيقي) للجماعة الصالحة; ليكون مثالاً واقعياً ويقدّم للعاملين في ميادين العمل السياسي والاجتماعي يتأسون به ويقتدون بهداه.
كما وجدت هذا البحث يملا فراغاً في المناهج الدراسية لطلاب العلوم الدينية، كما ينفع الخطباء والمبلغين، والاوساط المثقفة المؤمنة في الوطن، أو في المهجر أو في بلاد الغربة، الذين لا تتيسر لهم عادة القدرة على معرفة تفاصيل هذا التصور.
ويشهد عالمنا الاسلامي ـ في هذا العصر ـ تطوراً واسعاً في هذه المجالات (الحوزة، والتبليغ وإقبال المثقفين بالثقافة العامة على الاسلام، والهجرة إلى بلاد الغرب).
حيث يهيئ لهم مثل هذا الكتاب اكثر المعلومات العامة التي يحتاجونها في الاحاديث العامة والمذاكرة حول أهل البيت(عليهم السلام) والجماعة الصالحة.
وقبل كل ذلك كنت أشعر شخصياً أننا بحاجة ماسة إلى أن نقدِّم المثال الواقعي الخارجي للجماعة الصالحة التي ندعو إلى وجودها لتصبح النظرية الاسلامية واقعية وليست افتراضية في خضم دنيا الشهوات، وتضارب المصالح المادية والتناقضات السياسية والضغوط النفسية والخارجية التي يعيشها عصرنا الحاضر.
بعض الصعوبات
وقد بدأت في الكتاب أولاً بتكوين التصور العام له ثم شرعت بالكتابة، حيث واجهت عدة صعوبات أذكر اثنتين منها:
الاولى: الوقت، فقد كنت اقتطعه بصعوبة من زحمة الاعمال المتضادة أحياناً، ولذلك كنت أضطر في بضع الاحيان أن أبدا بكتابة فكرة، ثم أنقطع عنها قبل اكمالها فترة تطول عدة أشهر، أو ما يقارب السنة في بعض المرات، فأرجع إلى ما يشبه نقطة الصفر، لاسيما إذا أخذنا بنظر الاعتبار أن البحث ذو طبيعة تركيبية نظرية. أو كنت اكتفي بذكر الاشارة إلى مصادر النصوص دون كتابتها اقتصاداً في الوقت، مما سبّب اشكالاً في الاعداد للطبع، وعبئاً إضافياً على الاخوة في مجلة رسالة الثقلين الناطقة باسم (المجمع العالمي لاهل البيت(عليهم السلام))، الذين يستحقون كل شكر وتقدير عليه.
الثانية: أن هذا البحث يعتمد بصورة أساسية على المواد الاولية كأخبار أهل البيت(عليهم السلام) والنصوص التاريخية أو الفقهية، أو المعلومات الرجالية، وهي تحتاج إلى البحث عنها ثم استيعابها ثم الفحص عن مستوى الاعتبار لها، ثم المقارنة بينها لاستنباط النظرية، وكان ذلك يحتاج إلى وقت كبير وعناء خاص.
وقد كان الفضل الكبير في تسهيل هذه الصعوبات ـ بعد الله تعالى ـ للموسوعات الحديثية والمعاجم التي كتبها علماؤنا السابقون جزاهم الله خير الجزاء.
خطة الكتاب
وقد تابعت في هذا الكتاب الخطوات والامور التالية:
الاول: تقسيم الكتاب إلى سبعة ابواب، وتقسيم الابواب إلى فصول مستقلة تتضمن عناوين رئيسة، أو أقسام تتضمن فصولاً كما هو في البابين السادس والسابع.
وقد تضمن الباب الاول، فصلي: (الاهداف) و (الخصائص).
وتضمن الباب الثاني (القواعد والاسس) فصول: (الفكرية)، و (الاخلاقية)، و (الثقافية) و (الروحية المعنوية)، و (السياسية الاجتماعيه).
وتضمن الباب الثالث (نظام الجماعة العام) فصول: (المرجعية الدينية)، و (الهوية)، و (علاقات الامة مع المرجع)، و (العلاقات الداخلية والخارجية).
وتضمن الباب الرابع (نظام أمن الجماعة) فصلي: (الخطوط الامنية)، و (السياسات الامنية).
وتضمن الباب الخامس (النظام الاقتصادي) فصول: (التشريعات الاقتصادية العامة)، و (التشريعات الاقتصادية الخاصة)، و (النشاطات الاقتصادية).
وتضمن الباب السادس (نظام العلاقات الاجتماعية) قسمي: (النظرية، أبعادها واسسها)، و (البناء الفوقي للنظرية).
كما تضمن القسم الاول فصلين هما: (أبعاد النظرية)، و (أسس النظرية).
وتضمن القسم الثاني فصلي: (البناء الفوقي وأبعاد النظرية)، و (البناء الفوقي والاسس).
وأما الباب السابع (الشعائر والعبادات) ـ وهو أوسع الابواب ـ فقد تضمن قسمي: (الشعائر)، و (العبادات).
وأما القسم الاول، فقد تضمن: فصول (شعائر أهل البيت)، و (الايام والليالي)، و(المساجد والاماكن المقدسة).
وأما القسم الثاني، فقد تضمن: صنف العبادات المؤقتة، وهي: (اليومية)، و (الاسبوعية)، و (الشهرية)، و (السنوية).
وصنف العبادات غير المؤقتة: وهي (الصلاة غير المؤقتة)، و (الصوم غير المؤقت)، و (الدعاء)، و (الذكر)، و (الجهاد).
وقد تضمنت هذه الابواب والفصول والاقسام في كثير من الاحيان تمهيداً للبحث للتعريف بالموضوع وبيان أهميته، أو خاتمة في استنتاج النظرية أو تلخيص الافكار حسب أهمية الموضوع وسعة دائرة البحث أو الحاجة.
وقد يبدو أنّ هذا الترتيب في الابواب والفصول يتسم بالغرابة، لانه لم يأت وفق الترتيب المعروف في الكتب التي تتناول مثل هذه العناوين، مضافاً إلى وجود عناوين غير معروفة.
ولكن يخفّ هذا الاستغراب إذا التفتنا إلى الامور الاتية، وكذلك عند قراءة الكتاب.
الثاني: أنّ الهدف من وراء هذا الكتاب هو بيان دور أهل البيت(عليهم السلام)عملياً في تكوين الجماعة الصالحة، وتكوين النظرية حولها، ثم بيان معالم وتفاصيل هذه الجماعة الصالحة.
وهذا أمر ينفع الجماعة الصالحة نفسها، كما ينفع سائر المسلمين الذين يريدون أن يعرفوا الحقيقة، ويلتزموا أو يتأسوا بها، وفي الوقت نفسه ينفع كل الباحثين عن الحقيقة من سائر الناس.
الثالث: الاهتمام في الكتاب وبنقاط الاختصاص والامتياز لمذهب اهل البيت(عليهم السلام) بعد توضيح النظرية، دون الاستغراق في النقاط المشتركة أو شرحها وتفصيل مبرراتها وعللها، بل اكتفي بالاشارة إليها، فإنّ تلك النقاط المشتركة ـ على أهميتها البالغة احياناً ـ مما تناولته الابحاث العامة لجميع المسلمين، ويسهل الحصول عليها نسبياً، كما أنها تخرج الكتاب عن هدفه الخاص.
الرابع: الاهتمام باستنباط معالم النظرية بالاستناد إلى المصادر الاساسية (القرآن الكريم، والسنة النبوية، والنصوص المعتبرة التي وردت عن أهل البيت في نقل السنّة النبوية او شرحها او بيانها)، مضافاً إلى النصوص المعتبرة التي وردت عن أهل البيت(عليهم السلام) في بيان تفاصيل السياسات والمناهج والاساليب والمواقف.
الخامس: أنّ استنباط النظرية لما كان بحاجة إلى اجتهاد صحيح يعتمد على المصادر والقواعد الصحيحة للاجتهاد، ومن أجل أن تكون النسبة إلى أهل البيت(عليهم السلام) وجماعتهم نسبة صحيحة، التزمنا في استنباط اصول النظرية والافكار الرئيسة والمركزية بالنصوص المعتبرة، أو الاراء الاجتهادية المعروفة في أوساط علماء شيعة أهل البيت(عليهم السلام)، مع ذكر الشواهد والنصوص التي تؤيد هذا الاجتهاد، أو التي يستند إليها أصحابه.
وأما في التفاصيل فقد سعيت إلى الاستناد فيها إلى النصوص المعتبرة أيضاً، أو النصوص المتعددة التي يوجد في النفس الوثوق بها، باستثناء بعض الموارد الجزئية التي لا تؤثر على أصل النظرية، بل توضحها وتشرحها، وبهذا يمكن أن نفسّر ذكر بعض النصوص المتشابهة بمضمونها، أو الاشارة إلى تعددها أو اعتبارها.
وأما تفاصيل المستحبات لا سيما الشعائر والعبادات ـ وإن كنا اعتمدنا فيها أساساً ـ على القاعدة المعروفة التي يسميها الفقهاء بـ (قاعدة التسامح في أدلة السنن)، فإن ذكرها بهذا التفصيل يوضح النظرية وأبعادها من جهة، وفي الوقت نفسه حاولت قدر المستطاع أن اشير إلى صحة الرواية أو اعتبارها عندما أجد ذلك مناسباً لتثبيت الفكرة.
كما أني حاولت أن أستثني الافكار الغريبة التي لا أجد لها مصدراً معتبراً.
وفي الختام أوكّد مرة أخرى أن هذه المحاولة هي بداية، وتقترن عادة بالكثير من الاخطاء والزلاّت والعيوب.
اسأله تعالى أن يتجاوز عنّا ذلك، كما أساله تعالى القبول والتوفيق لاكمال هذا (المشروع)، وأن يكون موضع الرضا والقبول من سيدنا ومولانا صاحب العصر والزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف).
كما أرجو من القراء الاعزاء والباحثين الافاضل الكرام أن يغضوا النظر عن هذه الاخطاء ويتفضلوا عليَّ بإهدائها لي أو بملاحظاتهم القيّمة في تحقيق هذا الهدف.
والله ولي التوفيق والسداد والقبول.
والحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
(ربنا لا تُؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربَّنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا ربَّنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعفُ عنّا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين).
2017-05-13