قصة استضافة زوار الأربعين..حي أبو خالد في النجف الأشرف
18 نوفمبر,2016
تقاريـــر
2,119 زيارة
في احد شوارع الحي يقف عدد من الزوار الايرانيين وحينما تسألهم أين تم اسكانهم وكيف يتم معاملتهم يشير احدهم الى بيت في احد الأزقة ويقول نحن ما بين 10 الى 15 ايرانيين تم اسكاننا هناك وأهالي الحي يهتمون بنا بالكامل ويلبون كل احتياجاتنا من مأكل ومشرب واننا نأتي الى هذا الحي في كل عام منذ 4 سنوات وندخل هذه المنازل “من دون أية منيّة”.
تقرير فريد زاغي- حي سكني يقع قرب شارع أبوصخير وسط النجف الأشرف يعرف باسم حي أبو خالد يفتخر أهله بأنهم خدّام لزوار أبي الأحرار الإمام الحسين بن علي عليهما السلام ويعتبرون ذلك شرفا لهم كباقي الاحياء والمدن العراقية.
وللخدمة التي يقدمها أهالي حي أبو خالد للزوار قصة ينبغي رؤيتها عن قرب لتصديقها فأهالي هذا الحي يضعون بيوتهم وحسينياتهم تحت تصرف الزوار الوافدين من مختلف البلدان في الفترة الممتدة بين 15 يوما قبل يوم الأربعين وحتى ذكرى استشهاد الرسول الأعظم (ص) وسبطه الامام الحسن المجتبى (ع) وهناك بيوت يخرج أهلها منها بالكامل وينتقلون للعيش عند اقربائهم لوضع البيوت تحت تصرف الزوار وهناك بيوت ينام اصحابها في سياراتهم في الليل ليأخذ الزوار راحتهم ويسلم الأهالي مفاتيح البيوت للزوار.
ولايقتصر الأمر على ذلك ففي حسينة فاطمة الزهراء (س) يتم اطعام كافة الزوار النازلين في الحي وكذلك اطعام الزوار الساكنين في المنازل على نفقة أهالي حي أبو خالد بالكامل.
في احد شوارع الحي يقف عدد من الزوار الايرانيين وحينما تسألهم أين تم اسكانهم وكيف يتم معاملتهم يشير احدهم الى بيت في احد الأزقة ويقول نحن ما بين 10 الى 15 ايرانيين تم اسكاننا هناك وأهالي الحي يهتمون بنا بالكامل ويلبون كل احتياجاتنا من مأكل ومشرب واننا نأتي الى هذا الحي في كل عام منذ 4 سنوات وندخل هذه المنازل “من دون أية منيّة”.
وهؤلاء الزوار يتشرفون بزيارة مرقد الامام امير المؤمنين عليه السلام في النجف الأشرف قبل التوجه مشيا على الاقدام الى كربلاء المقدسة لزيارة الاربعين.
وأمام حسينية فاطمة الزهراء (س) التقينا بالحاج رعد الرماحي (ابو علي) واخبرنا ان القنصل الايراني في المدينة المقدسة قد زار الحي يوم الثلاثاء 15 نوفمبر وتفقد فعاليات اهالي الحي واطلع عن كثب على الخدمة التي يقدمها الاهالي للزوار وسأل عن عدد الوجبات التي تطبخ في كل يوم وغيرها شاكرا الاهالي.
ابو علي اخبرنا ان الطعام متوفر حتى الساعة 11 ليلا لكل الزوار الذين يصلون الى النجف الاشرف ويتجهون الى حي ابو خالد ليمكثوا فيه وهذا العمل يتكرر منذ 3 سنوات، مضيفا ان هناك تقريبا 30 منزلا مفتوحا “وكلما يجي زوار تنفتح بيوت”.
ويقول ابو علي ايضا “ان هناك بيوت مفتوحة واصحابها مع المشاية ونخصصها للعوائل فالحسينيات يبيت فيها الرجال والبيوت للنساء واذا زاد عدد الرجال ايضا فنخصص لهم بيوت ايضا.وعندما كنا نتحدث مع ابو علي (رعد الرماحي) التقينا ايضا مع جاره ابو كرار (حيدر عكاشي) فقال لنا ” يوم أمس جاء الزوار باعداد كبيرة ولا يمكنكم تصديق عدد الزوار الذين اسكنناهم في هذا الحي”، واضاف ابو كرار ” هناك من يخلي بيته ويذهب للخدمة في الحسينيات مثل عائلتنا”.
وعندما نسأله من أين يؤمنون تكاليف هذه الاستضافة الكبيرة والطويلة يقول ابو كرار ” كلها من تبرعات أهالي الحي، كل واحد يتبرع بقدر ما يستطيع والاستضافة مستمرة من اليوم الاول من شهر صفر الى يوم استشهاد الرسول الاعظم (ص).
وقد لاحظنا وجود اطفال يساعدون الكبار في تجهيز الطعام وعندما سألنا ابو كرار عن الامر قال لنا ” الاطفال يساعدوننا بشكل طوعي ونحن لا نمانع”.
اما الرجل الآخر الذي شاهدناه يساعد الطباخين فهو الحاج ابو علي (محمود حسين) الذي يبدأ عمله في خدمة الزوار منذ صلاة الفجر الى منتصف الليل، ويخبرنا الحاج ابو علي ” ان هناك زوار ايرانيين ارادوا التبرع والمساهمة المالية في التكاليف لكن اهالي حي ابو خالد رفضوا ذلك.
وبعد ذلك اشار الحاج ابو علي الى احد الموجودين في المطبخ الذي اقيم في الهواء الطلق قائلا: ان هذا الشخص الذي ترونه يساهم في طبخ الطعام والفعاليات الاخرى لخدمة الزوار كان والده الراحل يزور مرقد الامام الحسين عليه السلام في كربلاء 4 مرات في كل عام في المناسبات الدينية مشيا على الاقدام ولذلك اصبح ابناؤه كلهم خداما لأبي عبدالله الحسين عليه السلام.
وحينما نسأل الحاج ابو علي عن النظام الصدامي البائد الذي كان يمنع الشعائر الحسينية ومنها زيارة الاربعين وانكشاف تلك الغمة عن هذه الأمة الان يقول الحاج ابو علي “ان ذلك النظام كان يمنع الشعائر وقد أبيد” ويضيف الحاج ابو علي ” هناك الكثيرين من اهالي حي ابو خالد استشهدوا بسبب مشاركتهم في زيارة الاربعين وهذا الحي ايضا قد قدم مجاهدين كثر في جبهات الوغى ضد داعش والارهابيين وانني قد سجلت ايضا اسمي لاذهب الى قتال داعش لكنهم لم يقبلوني بسبب كبر سني”.
ويختم الحاج ابو علي حديثه هنا بالقول “نرحب بكل زوار الحسين عليه السلام فهناك ايرانيين وباكستانيين واتراك وغيرهم يبيتون في حينا”.
والى جانب الحاج ابو علي تحدثنا مع كبير الطباخين ابو عماد فقد رحب ايضا بنا كمراسلين لوكالة تسنيم وشرح لنا كيف ينام اصحاب البيوت خارج بيوتهم، واشار الى الحاج ابو علي قائلا : ان اولاد الحاج وهم علي وحيدر ناموا في سياراتهم حتى يفسحون المجال امام الزوار ليناموا في البيوت.
ويضيف ابو عماد : ان مختار الحي “كريم ظاهر كسار” ايضا عنده موكب على الشارع العام (شارع ابوصخير) ويخدم الزوار الذين يمشون على الطريق العام نحو كربلاء المقدسة.
وبعد التحدث مع ابو عماد اتجهنا مرة اخرى نحو حسينية فاطمة الزهراء (س) نظرا لاقتراب موعد صلاة المغرب وفي منتصف الطريق سألناهم عن البيوت المخصصة للزوار فاشاروا الى عدد من البيوت رأيناها عن قرب وبعض الزوار واقفين على بابها، كما قال لنا احد سكان الحي واسمه كمال ان بيته مخصص فقط لاسكان النساء من الزوار.
ومع وصولنا الى الحسينية وقبل الوضوء والتهيؤ للصلاة التقينا بزائر ايراني يدعى عبدالله عباسيان واقفا امام احد البيوت فسألناه عما شاهده ولمسه هنا فقال لنا “” اقول لكم بصراحة بأنني لا اعتبر نفسي شيعيا عندما اقارن نفسي مع هؤلاء اي اهالي حي ابو خالد، يجب علينا ان نتعلم الاخلاص منهم، ان تواضع هؤلاء درس كبير لي ولامثالي واريد منكم ان تنقلوا جزيل شكرنا الى هؤلاء” لكن مواطن عراقي كان يرافقنا الى الحسينية واستمع لحديثنا مع الزائر الايراني قال ردا عليه ” لا، هؤلاء هم قادتنا (في اشارة منه الى الايرانيين) ان هؤلاء يساعدوننا في المعركة ضد داعش”.
اما زائر ايراني آخر كان يراقب الحديث عن بعد فاقترب منا ليشاركنا الحديث وحينما سألناه عن سر اندفاع هؤلاء العراقيون لتقديم مثل هذه الخدمات للزوار قال لنا هذا الزائر ويدعى (قاسم قاسم زادة) ” انها الخدمة لأبي عبدالله الحسين عليه السلام” واخبرنا قاسم زادة ان اهالي الحي يسكنون الزوار في ببيوتهم بكل ترحيب مضيفا ” انني اعاني من مضاعفات اصابتي بالغازات الكيميائية (التي استخدمها صدام) وقد جاؤوا الي اهالي حي ابو خالد عدة مرات وتفقدوا احوالي وسألوني اذا كنت بحاجة للطبيب ليأخذونني الى الطبيب”.
وبعد اداء الصلاة التقينا مرة اخرى بالحاج ابو علي (محمود حسين) في الحسينية وسألناه عن مهنة معظم اهالي الحي فقال لنا ان اراضي هذا الحي وزعته الحكومة على موظفي البلدية وموظفي دائرة الصحة وان اسم الحي ماخوذ عن اسم الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر (ابو خالد).
وجبة طعام العشاء تم توزيعها بين الزوار بعد صلاة العشاء حينما جلسوا على الموائد ومن ثم تقدم الينا الحاج ابو علي ليقدم لنا مختار الحي “كريم ظاهر كسار” الذي رحب بنا كثيرا وحينما سألناه عن سر هذا العشق والمحبة قال ” من يهتدي الله فهو المهتد ، ان هذا نابع من صلتنا برب العالمين عزوجل وموالاتنا لأبي عبدالله الحسين عليه السلام”.
اما قضية تنسيق توزيع الزوار على البيوت فتتم هنا على يد شاب اعتبره اهالي الحي أمينا فيسلمون مفاتيح بيوتهم له وهو علي محمود ( نجل الحاج محمود) الذي أرانا مفاتيح البيوت التي كانت معه قائلا” اصحاب البيوت ذهبوا الى طريق كربلاء يخدمون بالمواكب وسلموا لنا مفاتيح بيوتهم لاسكان الزوار، هذه مفاتيح 8 بيوت معي”.
2016-11-18