الرئيسية / شخصيات اسلامية / الحقيقة الوجوديّة والخلقة النورانيّة للرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم

الحقيقة الوجوديّة والخلقة النورانيّة للرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم

الخصائص المعنويّة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم

 

التربية الإلهيّة

إنّ تعليم وتأديب الأنبياء عليهم السلام – باعتبارهم تلامذة حضرة الأحديّة (الواحد الأحد) الخاصّين – أمرٌ موجود, إلّا أنّ البعثةَ، أمرٌ إضافي على التعليم. في البعثة، هناك التعليم والتهذيب والتزكية أيضًا, وفيها الإتيان بالكتاب والحكمة, إلّا أنّ هذه الأمور ليست كلّ شيء, بل هناك شيء يُضاف على ذلك وهو البعث[1].

لقد ربّى الله تعالى الشخصيّة الروحيّة والأخلاقيّة لذاك العظيم في ظروفٍ وهيّأها لتتمكّن من حمل الأمانة العظيمة.

وعلى هذا الأساس، كانت تزداد القابليّة الروحيّة لهذا الطفل الذي أُوكلت إليه مهمّة تربية عالَمٍ، بناءً على سعته الوجوديّة والأخلاقيّة. وتجذّرت في هذا الطفل الخصال الأخلاقيّة المتعالية، الشخصيّة الإنسانيّة العزيزة، الصبر والتحمّل الكبيران، التعرّف على الآلام والعذابات التي قد تواجه الإنسان أثناء الطفولة[2].

لن يوكل الله تعالى أمر هذه المسؤوليّة الخطيرة والعظيمة إلى من لم يحظَ بأعلى مستويات مكارم الأخلاق, لذلك خاطب الله تعالى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في أوائل البعثة: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ[3].

إنّ بناء وصقل شخصيّة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ليصبح محلًّا مناسبًا للوحي الإلهي، هي مسألة تعود إلى مرحلة ما قبل البعثة, لذلك جاء أنّ الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم الذي اشتغل في شبابه بالتجارة، حيث كان يحصل على أموالٍ كثيرة من هذا الطريق، كان يتصدّق بجميع هذه الأموال على الفقراء. في هذه المرحلة التي هي المرحلة الأخيرة للتكامل النبوي وقبل نزول الوحي – المرحلة السابقة على النبوّة – كان الرسول يقصد جبل حراء وينظر إلى الآيات الإلهيّة: إلى السماء، والنجوم، والأرض، والخلائق التي تعيش على الأرض والتي تحمل عواطف وأحاسيس متنوّعة طبق أساليب متعدّدة. كان يرى آيات الله تعالى في كلّ ذلك وكان يزداد خضوعه يومًا بعد يوم مقابل الحقّ، ويزداد خشوع قلبه مقابل الأمر والنهي الإلهيّين والإرادة الإلهيّة وتنمو فيه بذور الأخلاق الحسنة. وفي الرواية أنّه: “كان أعقل الناس وأكرمهم[4]. وكان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قبل البعثة يزداد غنًى (كمالاً) يومًا بعد يوم حتّى وصل إلى الأربعين. “فلمّا استكمل أربعين سنة ونظر الله عزّ وجل إلى قلبه، وجده أفضل القلوب وأجلّها وأطوعها وأخشعها

وأخضعها[5], في عمر الأربعين أصبح قلبه منوَّرًا وخاشعًا وأكثر القلوب استعدادًا لتلقّي النداء الإلهي.

أَذِنَ لأبواب السماء، ففُتحت، ومحمّد ينظر إليها[6]. عندما وصل إلى هذه المرحلة من المعنويّة والروحانيّة والنورانيّة وأوجّ الكمال، فتح الله تعالى أمامه أبواب السماء وأبواب عوالم الغيب, وفتح عينيه على العوالم المعنويّة والغيبيّة. “وأَذِن للملائكة فنزلوا ومحمد ينظر إليهم”[7], كان يرى الملائكة ويكلّمهم، ويسمع كلامهم حتّى نزل إليه جبرائيل الأمين وقال: ﴿اقْرَأْ[8] وكانت بداية البعثة[9].

 

الارتباط بعالم الغيب

إنّ ينبوع البعثة التي فاضت وجرت في قلب النبيّ الأكرم المقدّس صلى الله عليه وآله وسلم, كان له مسار مهمّ, فالمسألة لا تنتهي عند حدود أن يضيء الله حقيقةً ونورًا في قلب إنسان مميّز وبارز واستثنائي, هذه هي الخطوة الأولى وهي بداية العمل. طبعًا، هنا الجزء الأهمّ في القضيّة. إنّ إشعاع هذا النور في قلب الرسول المقدّس والمبارك وتحمّله مسؤوليّة الوحي، هو ذاك الجزء الذي يصل (يربط) – وبشكلٍ صريح – عالم الخلق وعالم الوجود الإنساني والمادّي بمعدن الغيب. هنا تكمن حلقة الوصل.

وعلى الرغم من أنّ البركات الإلهيّة كانت حاضرة دائمًا، طيلة المسيرة التي سنشير إليها – فيما يتعلّق بالبشر وفيما يتعلّق بهذا الطريق – فإنّ حلقة الوصل قد تجلّت في لحظة البعثة التي انسابت وجرت من عالم الغيب، منبع الحقائق الإلهيّة ومنبع البعثة – وهذه الكلمة كافية – إلى روح الرسول المقدّسة وفاضت على قلبه صلى الله عليه وآله وسلم. فالخطوة الأولى، هي حصول هذه البعثة[10].

 

العصمة

العصمة تعني حالة الحفظ. والمعصوم هو الشخص المحفوظ الذي لا يهدّده خطر. أمّا أنه لا يهدّده خطر, فليس لأنّه وصل إلى نقطة لا وجود فيها للخطر أصلًا وذاتًا؟، بل معنى ذلك أنّه وصل إلى نقطة قد بلغت المراقبة وقوّة الانتباه (اليقظة) والتقوى مستوىً بحيث لا شيء فيه يقبل الفساد. ولو لم يحصل للرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم تلك الحالة من التقوى في أعلى مراتبها المتصوّرة عند البشر، لكان معرّضًا للخطر.

إنّ طبيعة الإنسان وذاته قابلة للفساد (والنقص), ولكن عندما يصل الإنسان إلى ذاك المستوى من الانتباه والتقوى الموجودَين في تلك الشخصيّات العظيمة، عند ذلك تحصل العصمة. ماذا يعني ذلك؟ يعني عدم وجود خطر يهدّده مع هذا المقدار من المراقبة. وكلّ من كانت

مراقبته أدنى من ذلك، فهو دائمًا في معرض الخطر[11].

كان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يمتلك قناعة وطهارة شخصيّة، ولم يكن في وجوده المبارك أيّ نقطة ضعف. كان معصومًا طاهرًا وهذا بحدّ ذاته عامل مهمّ في التأثير[12].

 

الرسالة

أرى من المناسب هنا، الإشارة إلى أهميّة دعاء الندبة، الذي هو في الحقيقة خطبةً غَرّاء توضّح الاعتقادات والآمال وتألُّق الفرقة الإماميّة والشيعة طوال التاريخ. لاحِظوا، إنّ هذا النّهج الواضح موجودٌ في بداية دعاء الندبة, “الحمد لله على ما جرى به قضاؤك في أوليائك”[13]. وقد استمرّ هذ النهج منذ بداية تاريخ الرسالات إلى عصر رسالة النبيّ الخاتم.

أمّا مضمون الرسالة التي هي عبارة عن دين الله، فهو في الحقيقة تأسيس وتوجيه وقولبة لكافّة الجهود الإنسانيّة. الدين يعني صراط الحياة. إذا نظرتم إلى مجتمعٍ إنساني وإلى بلدٍ ما، فستشاهدون أنّ النّاس في هذا المجتمع يبذلون جهودًا متنوّعة في سبيل مسائلهم الشخصيّة والعاطفيّة والحياتيّة والعموميّة، ويأتي الدين ليوجّه كافّة هذه النشاطات، ويهديها ويساعد العقل الإنساني ليتمكّن – وبسرعة – من تنظيم هذه النشاطات، بما يؤدّي إلى سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة[14].

 

المعجزات

القرآن:

القرآن، كتابٌ عظيم، ذو شأنٍ سامٍ واستثنائي, هو مجموعة محدودة- ثلاثمئة أو أربعمئة صفحة – إلّا أنّ كافّة المعارف الضروريّة للذهن في معرفة حقيقة العالم، قد وضعها الله فيه بشكل عميق، وهو ليس لمستوى معين، بل يمكن للإنسان مهما بلغ من شأنٍ فكري، أن يغوصَ ويخوضَ ويتعلّمَ من هذا المحيط العميق، وهذا بحدّ ذاته معجزة كبيرة. خُذوا كتابًا علميًّا عميقًا على سبيل المثال, فالإنسان العاميّ لا يفهمه، وإذا ما ارتقت معلومات الإنسان قليلًا، يفهم أشياء منه, وإذا ما ارتقت معلوماته أكثر، تمكّن من الاستفادة العليا منه, وإذا ارتقى أكثر من ذلك فقد يكون الكتاب بالنسبة إليه مذكِّرًا مفيدًا عند الرجوع إليه، ولكن إذا ارتقى الإنسان أكثر

من ذلك، يصل إلى مكان يصبح الكتاب بالنسبة إليه غير مهمّ, فالإنسان المتبحّر والعارف بعلمٍ ما والذي دَرَّس كتابًا ما مئة مرة، وتعلَّم ونقَدَ الكثيرَ من الأمور فيه، فلن يعد في هذا الكتاب أيّ جديد بالنسبة إليه. أمّا القرآن فليس كذلك. القرآن يحمل كلامًا جديدًا حتّى للرسول الذي نزلت هذه المعارف على قلبه وسمعه وذلك حتّى أواخر لحظات حياته. كلّما تعمّق الإنسان في القرآن، تمكّن من إدراك المزيد من الأمور والأشياء[15].

 

عظمة القرآن:

القرآن ليس كتابًا عاديًّا نطبع منه عدّة آلاف من النسخ، ثمّ نشجّع الآخرين وندفعهم لمطالعته, كالكتب العادية التي نجد أخيرًا شخصًا يقرأها من البداية إلى النهاية، وإذا استساغ هذا الشخص الكتاب، قرأه مرة ثانية أو ثالثة, إنّ أجمل الكتب يقرأها الإنسان مرّتين أو ثلاثة في أحسن الأحوال، وبعد ذلك ينتهي منه. القرآن ليس كذلك, القرآن ليس كتابًا للقراءة والانتهاء منه, هو كتابٌ يجب أن تكونَ مفاهيمه جزءًا من وجود الإنسان, وجزءًا من ذهن الإنسان, وجزءًا من التكامل الحقيقي والمعنوي لروح الإنسان, لذلك لا يمكن الحديث في القرآن حول المطالعة مرّة، أو مرّتين أو عشر مرّات, روح الإنسان هي التي يجب أن تفهم القرآن. ليست المسألة، مسألة الفكر والذهن حيث يجب على الإنسان

الدقّة والفكر ليفهم شيئًا منه, بل يجب على روح الإنسان أن تفهم القرآن. تستبطن الآيات الكريمة في القرآن ذلك القدر الواسع من المفاهيم، التي إذا ما تدبرّ فيها الإنسان باستمرار، وجد أشياء جديدة[16].

 

كيفيّة النزول:

المسلّم به وجود اختلافٍ في كيفيّة نزول هذه الآيات على قلب الرسول المبارك وكيفيّة نزولها على سمعه المبارك. أن تتنزّل هذه المعارف من المقام الأعلى – من الحضرة الربوبيّة – إلى الحدّ الذي يمكن لإنسانٍ ولقلب إنسان أن يفهمه ويدركه، هو “النّزول” (التنزّل) نفسه. وقد حصل هذا الأمر مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم, حيث أُلهم قلبه المبارك, أي أنّ هذه المعارف قد اتّضحت بالنسبة إلى ذاك القلب النوراني, وبعد ذلك نزلت على سمعه المبارك على صورة كلمات، فسمع وحدّث الناس بما سمع. لكن بإمكاننا

أن نسمع هذه الكلمات وأن لا نُحصّل أي شيء من معارفها وحقائقها وأن لا نتدبّر فيها، فماذا ستكون النتيجة؟ النتيجة هي أنّه لن يحصل بعد ذلك ﴿تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ[17], مع العلم أنّ هذه الآيات لو نزلت على جبل لَتصدّع، ومن البديهي وجود اختلاف بين نزولها على الجبل ونزولها علينا. ممّا لا شكّ فيه، إنّ كيفيّة نزولها على الجماد سيكون بشكل آخر، نحن ولأنّنا لا نتدبّر ولا نتواضع لهذه المعارف ولهذه المعاني، يكون أثرها ضعيفًا, وإلّا فلو تمكّنا من فهم معاني هذه المعارف وهذه الكلمات: ﴿الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ[18]، فسترتجف قلوبنا, وستُصاب بالحالة الذي يُصاب بها الجبل عند نزولها عليه. نحن لسنا أقلّ إحساسًا من الجبل. الجبل سيُصاب بتلك الحال. يحصل هذا الأمر ببركة التفكير, أي إنّ ساحة التفكير تنطلقُ إلى هذه المستويات[19].

مراتب النزول:

إنّ مفاهيمَ القرآن الكريم، مفاهيمٌ عالية جدًّا. أنزلها الله تعالى على قدر قلب الرسول, ثمّ يدركها (أدركها) قلب الرسول الذي هو جسم بشريّ, أو أن نقول إنّه يدركها بمقدار الفهم الإنسانيّ. إنّ ذلك الشيء الذي في عالمَي الجبروت واللاّهوت، غير ذاك الشيء الذي يأتي إلى عالمنا المادّي ويلقى إلى ذهن الإنسان, حيث يتنزّل هذا. ونحن بإمكاننا أيضًا تنزيل المسائل بهذه النسبة وإيصالها إلى الأذهان[20].

إنّ آيات القرآن التي تشتمل على الأحكام، قد نزلت بالتدريج, لم تنزل دفعة واحدة. وإذا كان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قد اطّلع على الآيات بنفسه دفعة واحدة، إلّا أنّها نزلت بالتدريج ونزلت من جديد لأجل التبشير والإنذار، أي للحديث بها مع الناس وعرضها في المجتمع[21].

قال تعالى:  ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ[22], لقد نزل القرآن بتمامه، على الرسول، في ليلة القدر. من المناسب هنا أن نعلم أنّ ﴿أَنزَلْنَا[23] لا تعني

الإنزال فقط، بل تشتمل الإنزال دفعة واحدة. لقد أنزلنا إليك القرآن في ليلة القدر, أي إنّا أنزلنا كافّة القرآن دفعة. وخلافًا لكلمة ﴿أَنزَلْنَاهُ﴾، فإنّ ﴿نَزَّلْنَا[24] تعني أنزلنا بالتدريج, ﴿وَنَزَّلْنَاهُ[25]. والرسول كان يقرأ الآيات للناس على امتداد فترة زمنيّة بنحوٍ متناسب. طبعًا كان الوحي هو الذي يحدّد له هذا التناسب، ويشخّص له ما ينبغي أن يُحَدَّث به الناس الآن, و هذا هو الوحي الذي كان ينزل على امتداد الزمان[26].

 

لوازم إدراك القرآن:

طبعًا، الخطوة الأولى، التعرّف على ألفاظ وظواهر القرآن, إلّا أنّها خطوة لازمة. وإذا لم يخطُ الباحثون الدينيّون والقرآنيّون هذه الخطوة، أصبحت الخطوات اللاحقة صعبة وغير ممكنة. تشاهدون اليوم بعض الأشخاص يتحدّثون هنا وهناك حول الإسلام، ويدّعون أمورًا لا علاقة لها بالإسلام, لماذا؟ لأنّهم غير عارفين بمعارف نصوص القرآن والسنة.

ينبغي على الإنسان أن يتعرّف على نصوص القرآن والسنّة – أي الحديث النبوي صلى الله عليه وآله وسلم وحديث الأئمة عليهم السلام – ليتمكّن من فهم المعارف

الدينيّة, وخاصّةً إذا أراد الغور في أعماقه. إذًا، هذه الخطوة، هي الخطوة الأولى والضروريّة في الوقت عينه.

طبعًا ينبغي بعد ذلك، التفكير، جمع معطيات واسعة، والاستفادة من تلك المعلومات لإدراك معارف القرآن والحديث. فكلّما ازدادت معلومات الإنسان، اتّضح فهمه للقرآن والحديث. والتجارب هكذا أيضًا. فكلّما كانت تجربة الإنسان في الحياة أكبر، ازدادت معرفته بالقرآن وتصبح مسائل القرآن أكثر وضوحًا بالنسبة إليه[27].

عندما يدخل القرآن إلى المجتمع، يتمّ تذوّق عذوبته. للقرآن اليوم (نحو) سيادة في بلدنا، الخطوة الأولى، تعلّم نصّ القرآن, وهذا يجب أن يزداد يومًا بعد يوم. إذا أردنا جميعنا تعلّمَ القرآن، يجب أن يكون هناك مجموعة في الصدارة – كما في باقي الأمور الأخرى ـ وهكذا إذا أردتم أن تصبح الرياضة عامّة، يجب أن يكون هناك مجموعة من الأبطال ماثلة أمام أعين الناس.

إذا أردتم أن يروّج القرآن في البيوت، وبين الأطفال، والكبار والنساء والرجال، يجب أن تحترموا الأبطال القرآنيّين. لهذا نحن نحترمهم (أي قارئي القرآن). هؤلاء حاملو القرآن، هؤلاء أعزّاء، لسانهم عزيز، قلوبهم وأفئدتهم عزيزة, لأنّهم استأنسوا بالقرآن. أرواحنا فداءً للقرآن![28].

لو كان بيانُ القرآن غير فنيّ، فمن غير الممكن أن يتضمّن كافّة هذه الحقائق والمفاهيم العالية. وعليه، لن يكون بإمكان أيِّ تفسير أو ترجمة قرآنيّة إفهام (تعليم) الحقائق القرآنيّة. يجب أن يكون الإنسان عارفًا باللغة وبكافّة الدقائق الفنيّة، وأن يتمكّن من العيش في الفضاء المعنوي للقرآن ليفهم ماذا يقول. لذلك يشير القرآن الكريم نفسه: ﴿يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء[29]. يقرأ البعض القرآن فيهتدي, والبعض الأخر يَضِلُّ من خلال قراءته، بسبب عدم الإدراك والفهم الصحيحَين. فهؤلاء – لأنّهم لم يستطيعوا إحكام علاقة ورابطة بالقرآن- لم يتّصلوا به حتّى يصبحَ لديهم القدرة على إدراك المفاهيم. طبعًا بيان القرآن، وافٍ, إلّا أنّه يتطلّب شروطًا خاصّة ليكونَ الإنسان مخاطَبًا من القرآن بالمعنى الحقيقي للكلمة. والغرض أنّ سِعة البيان الفنيّ وقابليّته هي فقط القادرة على بيان الكثير من المفاهيم، ومنها المفاهيم الدينيّة المتعالية. وبواسطة الفنّ فقط يمكن درك هذه المفاهيم[30].

وإنّ التدبّر، في الأساس، ليس لأجل التفسير, بل هو لأجل فهم المراد. ويمكن للإنسان أن يمتلك نوعين من الفهم والتلقّي لأيّ كلام حكيم: الأوّل سطحي وبسيط، والثاني دقيق وعميق. هذا لا يصل في الأساس إلى مرحلة التفسير والتعبير. التدبّر المطلوب في القرآن، هو الابتعاد عن الرؤية السطحية فيه, وهذا يعني أنّه عندما تقرؤون كلّ آية قرآنيّة،

فيجب أن يكون بتأمّل وتعمّق وتتبّع للفهم. هذا هو التدبّر، وسترون أنّه ومن دون حاجة لأن (يعرض) الإنسان سلائقه على القرآن – أي التفسير بالرأي – أنّه سيفتح أبوابًا من المعرفة حسب مضمون الآية، مهما كان مضمونها.

يقول القرآن الكريم: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا[31]. القرآن صادر من المقام الأعلى, من قمة معرفة عالم الوجود. لهذا، يجب على الإنسان أن يتأمّل, وحيث إنّ عمق هذه الآيات والمفاهيم كبير جدًا، فكلّ من يتأمّل، سيستفيد منه, ومن جملتهم الرسول. وإذا تأمّل النبيّ – طبعًا الرسول والأئمّة كانوا يقرؤون القرآن دائمًا بتأمّل وتدبّر – فسيستفيد من القرآن[32].

كأنّ بعض الآيات الإلهيّة الكريمة وطوال قرون متمادية، إمّا أنّها لم تُفَسّر بالمعنى الواقعي أو أنّها لم تفهم من قِبَلنا ومن قِبَل الأجيال البشريّة العاديّة. لقد أصبح لهذه الآيات معنىً في مرحلة ثورتنا وطوال عشرة أو

إحدى عشرة سنة مليئة بالأحداث والوقائع, وهذا هو الحقّ. فالأحداث والظروف الخاصّة هي التي يمكنها أن تقدّم معنىً صحيحًا للحقائق الإلهيّة التي هي في قالب الألفاظ. فعلى سبيل المثال، لا يمكن فهم الآيات التي نزلت في حرب أُحد، بشكل صحيح، في ظلّ حياة مرفّهة ملؤها الراحة. والآيات التي نزلت في غربة النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأصحاب ذاك العظيم في شُعَب أبي طالب أو في طريق مكة، لا يمكن إدراكها في ظلّ الظروف الحياتيّة الحاليّة، في المنزل والسوق وفي البيئة العائليّة التي يبرز فيها الأُنس, بل يحتاج ذلك إلى شيء آخر. يلزم وجود ظروف خاصّة بحيث يمكنها تقديم معنىً للكثير من الآيات, وإذا أردنا تقديم رؤية صحيحة، يجب أن نقول إنّ مجموعة الآيات الإلهيّة مع تفاسير (روايات) الأئمّة المعصومين عليهم السلام التي نزلت في أجواء الثورة ومرحلة البعثة والهجرة والجهاد والشهادة, التي هي مرحلة العمل والسعي والحركة، حيث يمكن فهمها أكثر من أيّ مرحلة تاريخيّة، أو أنّها قابلة للفهم[33].

الصيانة من التحريف:

من الامتيازات الكبيرة لدين الإسلام المقدّس، أنّ الوحي الإلهي موجود إلى اليوم والى الأبد بين أيدي الراغبين بالتعلّم والهداية، وسيكون كذلك بالحروف والكلمات نفسها التي نزلت على القلب المقدّس للرسول العظيم الشأن, وهذا هو إنجاز الوعد الإلهي الذي جاء فيه: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ[34].

 

المعراج:

في سورة “النجم” بحثٌ دقيق وظريف وجميل… ﴿بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى﴾[35]. هذا له علاقة بمسألة المعراج, كما في أكثر التفاسير. صحيح أنّ السورة تشير إلى التحوّل الداخلي للرسول وحالة تلقّي الوحي، إلّا أنّ مناسبة سورة النجم هي ما كان يوضّحه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حول قصّة سفره المعراجي الليلي، إذ كانوا لا يستمعون إليه. الآية في مقام بيان ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ


يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى[36]… ﴿فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى[37]. لم يخطئ الرسول في مشاهداته القلبية, لقد شاهد حقًّا ولم يخطئ, ﴿أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى[38].

 

التصدّي للحكومة الإلهيّة والولاية المطلقة

مما لا شكّ فيه، إنّ ذلك اليوم الذي استنار فيه الكون المظلم في زمان ولادة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم, من خلال النّور الإلهي، يجب أن يكون بداية تاريخ جديد للبشريّة. وقد أوضح الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في أحاديثه أنّ نورَ السعادة قد فُقِد من المجتمعات البشريّة على أثر حاكميّة القوانين والسلطات الظالمة,

والدنيا كاسفة النور، ظاهرة الغرور”[39]. لقد أظهر نور وجود الرسول ومنذ البداية، علامات حاكميّة الحقّ وأدلّة حضور البراهين الإلهيّة بين الناس[40].

 

المظلوميّة

عندما بدأت حركة الإسلام من مكّة، وفعل ذاك النشاط الإسلاميّ فعله المترافق مع مظلوميّة وثبات المؤمنين، كانت المدينة – يثرب في ذاك الوقت – المكان الأوّل الذي وصل الشعاع إليه. إنّ جهاد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه في مكّة، هو جهاد المظلوم وبشكل كبير. كانوا يذكرون اسم الله ويدعون إلى التوحيد والتعقّل، ويواجَهون بالضرب والتعذيب والقتل. تعرّضوا لأنواع وأشكال من الضغوطات. وفي النهاية حصلت قضيّة شعب أبي طالب، التي كانت من أصعب الضغوطات على الرسول والمسلمين, هذه أمور ليست خافية. طبعًا، لم يكن في تلك الأيام إمكانيّات إعلاميّة كاليوم, إلّا أنّ مكّة كانت المكان الذي تتوافد إليه القبائل العربيّة على اختلافها. كانوا يأتون إلى مكّة في أيّامٍ خاصّة من الطائف ومن يثرب ومن البلاد الأخرى, وكانوا يَطّلعون على أحوال مكّة ويتعرّفون على حقيقة الإسلام. كان الكلام الحقّ يفعل فعله خاصّةً إذا ترافق مع المظلوميّة,

حيث سيكون له وقعه في القلوب المستعدّة في النهاية, خاصّةً عندما كان مصادرًا ومتّبعًا من قبل أهل الحق، وهذا ما حدث. كان الرسول كالعمود المحكَم الذي يقف في الوسط والذي كان المسلمون يتّكئون عليه. كان المسلمون يتعرّضون للضرب والتعذيب، والخوف والاضطراب والحرمان والإخراج من المنزل, وكان الحرمان من الإرث لصالح أبناء الأعيان والغلمان والإماء يتعرّضون للضرب بأيدي الأرباب, ولكن كلّما تعرّض أحدهم للضغط، كانوا يلوذون بالنبيّ الذي كان وبتلك الاستقامة المعنويّة والروح الإلهيّة يمدّهم بالقوّة من ذاك النبع الفيّاض الذي استطاع أن يفيض على كافّة الخلق بالقوّة, كان هؤلاء الأشخاص القليلون – المسلمون الذين اتّبعوا الرسول- يستعينون بذلك، لذلك كانوا صامدين.

لقد فعل هذا الصمود فعله، وكان أوّل ظهورٍ لهذا الأثَر في (أهل) يثرب وانتهى الأمر بدعوتهم الرسول (للقدوم). قالوا أقدِم إلى مدينتنا يثرب، لأنّ أهل مكّة رفضوكم, وقد وافق الرسول. طبعًا، وقّع معهم عهدًا وقال حيث إنّني قدمتُ إليكم، ينبغي عليكم الدفاع عنّي، ومؤازرتي – إذ كان يتوقّع الحرب – فأعلنوا عن استعدادهم لذلك. إذا أتيتَ يثربًا، فستكون أرواحنا فداءً لروحك, وعائلاتنا فداءً لك، وأموالنا فداء لك. كانوا في الغالب شبابًا. لقد أظهر جمعٌ من شباب يثرب، إيمانًا عميقًا وراسخًا, وكذلك فعل بعض كبارهم – أمثال سعد بن عبادة وسعد بن معاذ – حيث دعوا الرسول وأخذوه إلى المدينة، وغيّروا اسمَ يثرب وحوّلوه إلى “مدينة النبيّ”.

انتبهوا جيدًا، إنّ هذه المظلوميّة، والكلام الجديد، والوجوه النيّرة والحادثة الجديدة، قد أثّرت على الجميع وعلى حركتهم حتّى إنّ بعض اليهود ومن كان في المدينة تأثّروا بذلك مع العلم أنّ اليهود أصبحوا فيما بعد من أشدّ المعاندين – في البداية تأثّروا به يعني أنّ مجرّد مجيء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بتلك الحالة- حتّى إنّ قريش لم تترك المسلمين عند الرحيل بل كانت توجّه الضربات إليهم وتتعقّبهم وتحاصر البعض منهم و… وقد ساعد ذلك غالبًا في مقبوليّة دخول الرسول إلى المدينة[41].

[1] من كلام الإمام الخامنئي في لقاء مسؤولي النظام (19/9/1375)(9/12/1996).

[2]  خطبتا صلاة الجمعة في طهران (23/2/1379).

[3]  سورة القلم، الآية 4.

[4] العلامة المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج 17، ص 307، الطبعة الثانية المصححة، 1403 ـ 1983م، مؤسسة الوفاء، بيروت ـ لبنان.

[5]  العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 17، ص 307.

[6] م. ن.

[7] م. ن.

[8] سورة العلق، الآية 1.

[9] من كلامه في لقاء مسؤولي النظام وضيوف مؤتمر الوحدة الإسلاميّة (31/5/1385).

[10] من كلامه في لقاء مسؤولي النظام (19/9/1375).

[11]  من كلامه في لقاء موظفي دائرة التدقيق والمحاسبة في مكتب الإمام القائد (20/7/1372).

* الإمام الخميني، الجهاد الأكبر، ص 44: إنّ عصمة الأنبياء والأولياء لا تعني أنّ جبرائيل – مثلًا- يأخذ بأيديهم ويرشدهم إلى ما ينبغي فعله.(وبطبيعة الحال لو أنّ جبرائيل أخذ بيد شمر بن ذي الجوشن على هذا النحو لما ارتكب محرّمًا أبدًا), بل العصمة وليدة الإيمان, فإذا آمن الإنسان بالله تعالى ورآه بعين القلب كما يرى الشمس بناظريه، فمن غير الممكن أن يرتكب ذنبًا أو معصية. فإذا كنت على مرأى ومسمع من رجل قويّ مسلّح، فإنك تجتنب القيام بما يسوؤه، وهكذا الإنسان الذي يعتقد ويتيقن من أنّه على مرأى ومسمع من الله تبارك وتعالى وأنّه دائمًا، حاضر بين يديه سبحانه، فإنّه لن يتجرأ على ارتكاب ما لا يرضاه الله. فالمعصومون عليهم السلام وبعد أن خُلقوا من طينة طاهرة ونتيجة للرياضات واكتساب الملكات الخلقية الفاضلة أصبحوا يرون أنفسَهم دائما في محضر الله سبحانه الذي يعلم ويحيط بكل شيء، ويؤمنون بمعنى ” لا اله إلا الله” وأنهم على يقين من أنّ كلّ شيء زائل إلا الله وأنّه ليس بمقدور أحد التأثير على مصائرهم: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ (سورة العنكبوت، الآية 88).

[12] خطبتي صلاة الجمعة في طهران(28/2/1380).

[13] الشيخ عباس القمي، مفاتيح الجنان، دعاء الندبة.

[14]  من كلام الإمام القائد في جمع زائري الحرم الرضوي(1/12/1381).

[15] من كلامه في لقاء الطلاب المشاركين في مسابقات القرآن(22/2/1378).

* الإمام الخميني، آداب الصلاة، ص182: إنّ فهم عظمة القرآن، خارجٌ عن دائرة الإدراك, إلّا أنّ إشارة إجمالية إلى عظمة هذا الكتاب المتنزّل الموجود بين أيدي كافّة البشر، تؤدّي إلى فوائد كثيرة.

[16]  من كلامه في المراسم الختامية لمسابقات قراءة القرآن الطلابية (12/12/1366).

* النبوة من وجهة نظر الإمام الخميني قدس سره (تبيان 41)، ص 494: اعلم أيها العزيز أنّ عظمة كلّ كلام وكلّ كتاب، إمّا بعظمة المتكلم والكاتب، وإمّا بعظمة المرسَل إليه وحامله، وإمّا بعظمة الحافظ والحارس له، وإمّا بعظمة شارحه وموضحه، وإمّا بعظمة وقت إرساله وكيفية ذلك. بعض هذه الأمور دخيلة بالذات والجوهر في العظمة وبعضها دخيل بالعرض والواسطة والبعض كاشف عن العظمة. وجميع هذه الأمور موجودة في الصحيفة النورانية بشكل أعلى وأوفى, بل هي من مختصّاته فالكتب الأخرى إمّا أنّها غير شريكة فيه أصلًا أو أنّها غير شريكة في كافة المراتب. أمّا عظمة المتكلّم به وصاحبه، فهو، العظيم المطلق الذي تكون كافّة أشكال العظمة المتصوّرة في الملك والملكوت والقوى النازلة من الغيب والشهادة، رشحة من تجلّيات عظمة فعل تلك الذات المقدسة، والحق تعالى لا يتجلّى لأحد بعظمته إلّا من خلال آلاف الحجب والسرادقات، حيث لا خبر عن البحر والبرّ ولا أثر للرطب واليابس. وفي الحديث: “إنّ لله سبعين ألف حجاب من نور وظلمة لو كُشفت لأحرقت سبحات وجهه دونه”. إنّ هذا الكتاب عند أهل المعرفة، صادرٌ من الحقّ بمبدئيّة كافّة الشؤون الذاتيّة والصفاتيّة والفعليّة وبجميع التجليّات الجماليّة والجلاليّة، حيث لا يكون لأيّ كتاب سماويّ هذه المرتبة والمنزلة.

[17] سورة الزمر، الآية 23.

[18] سورة الحشر، الآية 23.

[19] من كلامه في لقاء أئمة الجمعة في أنجاء البلاد (20/2/1378)(10/5/1999).

* صحيفة الإمام، ج 17، ص 433: إنّ كيفية الوحي هي من الأمور التي ليس بوسع أحد أن يفهمها غير رسول الله ومن كانوا معه في خلواته، أو الذين استلهموا منه كيفية نزول الوحي. وبهذا فكلما أرادوا أن يعرفوا ذلك قاموا بتعريفه على قدر فهمنا نحن العوام. مثلما يعرف الله تبارك وتعالى نفسه للناس على قدر فهمهم من خلال ذكره للإبل والسماء والأرض والخلق إلى غير ذلك. وكل هذا لأن البيان قاصر عن أداء الموضوع حقه، وقد تطرق القرآن إلى ذلك بالقدر الذي بوسع البيان أداؤه.

* صحيفة الإمام، ج 18، ص 498: نزل القرآن في شهر رمضان، إنّ القرآن نزل بعد أن عبر حجب النور فورد في شهر رمضان المبارك على قلب رسول الله المبارك وتنزّل من هناك حتّى بلغ مرحلة يذكر فيها باللسان.

[20] من كلامه في لقاء عائلة الشهيد آية الله مطهري (13/2/1379)(2/5/2000).

* الإمام الخميني، تفسير سورة الحمد: القرآن حقيقة، وهي حقيقة تدخل القلب. القرآن سرُّ، وسر السرّ، وسر مستتر بسرّ، وسر مقنع بسرّ، ويجب أن يتنزل وينزل إلى الأسفل ويتنزل حتّى يصل إلى هذه المراتب النازلة، وحتّى وروده على قلب رسول الله كان تنزلًا، تنزل حتّى دخل القلب ومن هناك يجب أن يتنزّل أيضًا إلى أن يصل إلى حيث يفهمه الآخرون أيضًا.

[21] من كلام له في شرح مبادئ الحزب الجمهوري الإسلاميّ (29/3/1359)(19/6/1980).

[22] سورة القدر، الآية 1.

[23]  سورة النساء، الآية 105.

[24]  سورة البقرة، الآية 23.

[25]  سورة الإسراء، الآية 106.

[26] سلسلة مباحث نهج البلاغة (5/6/1359).

* الإمام الخميني، تفسير سورة الحمد، ص 139: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ﴾ (سورة الشعراء، الآيتان 193 و194)، فهو قد نزل أيضًا بيد الروح الأمين… يعني أنّ ما كان يرد على قلبه يجب أن يتنزل مراتب من هذا البطن إلى ذاك البطن ومن هذا الحد إلى ذاك حتّى يصل إلى الحد الذي يظهر على صورة ألفاظ. القرآن ليس ألفاظًا، ليس من مقولة السمع والبصر ولا من مقولة الألفاظ ولا الإعراض.

[27] من كلام له في لقاء قارئي القرآن (28/6/1380).

[28] من كلام له في المراسم الختامية للدورة الخامسة عشر لمسابقات القرآن (1/9/1977).

[29] سورة النحل، الآية 93.

[30] من كلام له في لقاء الفنانّين والسينمائيين (3/11/1373)(23/1/1995).

[31] سورة المزمل، الآية 4.

[32] في حوار مع مجموعة من النساء النخبة (18/7/1377).

* الإمام الخميني، شرح حديث جنود العقل والجهل، ص 105: وبعد تحصيل الإخلاص إجمالًا يمكن التطرق إلى الحقيقة ـ كما في القرآن الشريف في السورة المباركة “الصافات” في الآيتين 159 و 160 حيث يقول تعالى: “سبحان الله عما يصفون إلّا عباد الله المخلصين” فإلّا العباد المخلصين الذين خلصوا من مراتب الشرك وازدواج الرؤية، وخلصوا من قذارات الطبيعة. فالله منزّه عما يصفه به سائر الناس، وإن كان المخلَصون (بفتح اللام) أرفع مقامًا من المخلِص (بكسر اللام) وسنبيّنه إن شاء الله في محله… فإذا أخلى قلبه من القذارات يتهيأ لذكر الله وقراءة كتابه، وما دامت القذارات وأوساخ عالم الطبيعة في قلبه فلن تتيسر له الاستفادة من الذكر والقرآن الشريف، كما أشير إلى ذلك في الكتاب الإلهي في السورة المباركة الواقعة الآيات 77 ـ 79، ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ *  لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾.

[33] من كلام له في لقاء المحررين (26/6/1399).

* الإمام الخميني، طريق العشق، ص 27: إنّ مجرّد قراءة القرآن ـ الذي هو رسالة المحبوب إلى المستمع المحجوب ـ له آثار مقبولة، إلّا أنّ التوجّه فيه، يهدي الإنسان إلى المقامات، الأعلى والأرقى. فما لم يفتح هذا القفل ولم يجري تحطيمه، فلن يكون هناك من نتيجة حتّى من التدبّر.

[34] سورة الحجر، الآية 9. مدوّنة لقائد الثورة الإسلاميّة حول عدم تحريف القرآن (1/2/1371)(21/4/1992).

* صحيفة الإمام، ج 18، ص 423: فمنذ البداية قاموا بتأويل غير صحيح لكلّ ما ورد في القرآن الكريم ممّا يخالف مصالحهم لأنّهم لا يستطيعون حذفه من القرآن فقد كانوا يجبرون رجال الدين التابعين لهم بتأويله تأويلًا غير صحيح. ولكنّ القرآن بقي عند المسلمين ولم يتمكّنوا من تحريفه فهم لا يستطيعون ذلك وإلّا لفعلوا. وعندما أراد أحدهم حذف نص من القرآن سلّ أحد العرب سيفه قائلًا إنّنا نردّ عليك بالسيف. فقد منعوا تحريف القرآن الكريم وهو اليوم مثلما كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

[35] سورة النجم، الآيتان 1 و 2.

[36] سورة النجم، الآيات 3 و5.

[37] سورة النجم، الآيتان 10 و 11.

[38] سورة النجم، الآية 12.

* الإمام الخميني، تقريرات الأسفار: وأمّا فيما يتعلّق بمعراج حضرة الخاتم والذي كان معراجًا جسمانيًّا… فإنّ المقصود من جسمانيّة المعراج أنّ الروح المجرّدة التامّة لحضرة الخاتم طلبت السير في كافّة العوالم وقد هيّأ الله لها لوازم السفر. كان جسم حضرته مجذوبًا لروحه (لنفسه) الشريفة، وبتبعيّة ذلك (الجسم للروح) وبالانجذاب لها (الروح) حصل المعراج الجسماني. طبعًا، ليس المقصود من المعراج أن يشاهد الجسمانيّات. كما هو الحال في قضيّة رؤية حضرة إبراهيم ملكوت السموات والأرض, لأنّ عالم الأجسام والكرات الجسمانيّة ليست بتلك الأهميّة التي تدعو للمعراج, بل الرؤية والمعراج هي لأجل رؤية عالم المجردات والعقول. مثلما قد يظنّ البعض أنّ البراق هو خيل أعرج كالخيول التي نمتطيها وقد ركب عليه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأنّ جبرائيل قد أخذ برسنه, لا (ليس كذلك)، البراق موجود مجرّد أيضًا وأمّا هذه التصوّرات الجسمانيّة والماديّة حول المعراج وتفاصيله فليست بصحيحة.

* الإمام الخميني، آداب الصلاة، ص 139: إنّ الصلاة التي هي حقيقة معراج المؤمنين ومنبع معارف أصحاب العرفان وأرباب الإيقان هي نتيجة الكشف التامّ المحمدي صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو صلوات الله عليه وعلى آله بسلوكه الروحاني والجذبات الإلهيّة والجذوات الرحمانيّة قد وصل إلى مقام قاب قوسين أو أدنى وتبعًا للتجلّيات الذاتيّة والأسمائيّة والصفاتيّة والإلهامات الأنسيّة كشف حقيقة هذه الصلاة في الحضرة الغيبيّة الأحديّة، وفي الحقيقة هي هديّة لأمّته خير الأمم جاء بها من هذا السفر المعنوي الروحاني ومنّ عليهم بها وأغرقهم في بحر النعمة.

[39]  السيد الرضي، محمد بن الحسن الموسوي، نهج البلاغة، تحقيق صبحي الصالح، الطبعة الأولى، 1387هـ ـ 1967م، بيروت، الخطبة 89، ص122.

[40]  من كلام له في لقاء مسؤولي النظام (20/3/1380)(10/6/2001).

* صحيفة الإمام، ج 20، ص 452: إنّ الحكومة التي تُعتبر فرعًا من الولاية المطلقة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هي إحدى الأحكام الأوّليّة للإسلام، ومقدّمة على كافّة الأحكام الفرعيّة حتّى الصلاة والصوم والحج.

[41] من كلام له في اجتماع تعبئة اللواء 10 سيد الشهداء (26/7/1377)(18/10/1998).

شاهد أيضاً

“ثلاثة يُدخلهم الله الجنّة بغير حساب: إمامٌ عادل، وتاجرٌ صدوق، وشيخٌ أفنى عمره في طاعة الله”

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على سيّدنا محمّد صلى الله عليه ...