الرئيسية / كلامكم نور / أخلاق المؤمنين وعلامات الموحدين

أخلاق المؤمنين وعلامات الموحدين

عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ينبغي للمؤمن أن يكون فيه ثمان خصال : وقور عند الهزاهز ، صبور عند البلاء ، شكور عند الرخاء ، قانع بما رزقه الله ، لا يظلم الاعداء ، ولا يتحامل الاصدقاء 2 ، بدنه منه في تعب ، والناس منه في راحة ، إن العلم خليل المؤمن ، والحلم وزيره ، والصبر أمير جنوده ، والرفق أخوه ، واللين والده 3 .

 

155 ـ عن عباد بن صهيب 4 قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : لا يجمع الله المنافق ولا لفاسق حسن السمت والفقر وحسن الخلق أبدا 5 .
156 ـ عن عبد الله بن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : إن شيعة علي عليه السلام كانوا خمص البطون ، ذبل الشفاء ، أهل رأفة و ( علم وحلم ) 6 يعرفون بالرهبانية ، فأعينوا على ما أنتم عليه بالورع والاجتهاد والصبر 7 .
____________
( 1 ) عنه في البحار : 71 / 95 ح 59 وفي البحار : 70 / 251 ح 3 وعن صحيفة الرضا : ص 21 مرسلا وأورد في العيون : 2 / 37 ح 105 بأسانيده الثلاثة مثله .
( 2 ) في الفقيه : على الاصدقاء .
( 3 ) أخرجه في البحار : 67 / 268 ح 1 عنه وعن الكافي : 2 ص 47 ح 1 وص 230 ح 2 والخصال : ص 406 ح 1 وأمالي الصدوق : 474 ح 17 وفي الوسائل : 11 / 143 ح 9 عن الكافي وأمالي الصدوق مثله والفقيه : 4 / 354 نحوه كل بأسانيدهم عنه ( ع ) وفي البحار والوسائل والكافي : العقل بدل الصبر ، والبر بدل اللين .
( 4 ) ( وهب / خ ) .
( 5 ) عنه في البحار : 72 / 176 ح 5 .
( 6 ) ( رحمة / خ ) .
( 7 ) عنه في البحار : 68 / 188 ح 63 وعن الكافي : 2 / 233 ح 10 بإسناده عن ابن أبي يعفور ، وعن صفات الشيعة : 51 ح 18 بإسناده عن أحمد بن محمد مرفوعا عنه ( ع ) وأخرجه في
________________________________________
( 67 )

157 ـ عن أبي جعفر عليه السلام ، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : ما ابتلي المؤمن بشئ هو أشد عليه من خصال ثلاث يحرمهن ، قيل : وما هن ؟
قال : المواساة في ذات يده ، والانصاف من نفسه ، وذكر الله كثيرا ، أما إني لا أقول لكم : سبحان الله والحمد الله ، ولكن ذكر الله عندما أحل له ، وذكر الله عندما حرم عليه 1 .
158 ـ وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أربع من كن فيه اكمل إيمانه وإن كان من قرنه إلى قدمه خطايا : الصدق ، وأداء الامانة ، والحياء والحسن الخلق 2 .
159 ـ عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون فيه ثلاث خصال : سنة من ربه ، وسنة من نبيه ، وسنة من وليه ، فأما سنة من ربه : فكتمان السر ، وأما السنة من نبيه : فمداراة الناس ، وأما السنة من وليه : فالصبر في البأساء والضراء 3 .
160 ـ عن الحذاء ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : سمعته يقول : أما والله إن أحب أصحابي إلي أورعهم وأكتمهم لحديثنا وإن أسوأهم عندي حالا وأمقتهم إلي الذي إذا سمع الحديث ينسب إلينا ويروي عنا ، فلم يعقله ولم يقبله قلبه ، اشمأز منه وجحده وكفر بمن دان به ، وهو لا يدري لعل الحديث من عندنا خرج وإلينا أسند ، فيكون بذلك خارجا عن ولايتنا 4 .
161 ـ عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال علي عليه
____________
الوسائل : 11 / 147 ح 16 وج 1 / 64 ح 8 عن الكافي ، وروى صدره في مشكاة الانوار : ص 62 مرسلا مثله .
( 1 ) أخرجه في البحار : 93 / 151 ح 5 عن الخصال : 1 / 128 ح 13 ومعاني الاخبار : ص 192 ح 1 وفي البحار : 75 / 35 ح 30 عن الكافي : 2 / 145 ح 9 وفي الوسائل : 11 / 202 ح 9 عن المعاني والكافي بأسانيدهما عن أبي عبد الله ( ع ) باختلاف يسير ، وفي البحار : 93 / 164 عن مشكاة الانوار : ص 57 عن أبي عبد الله ( ع ) .
( 2 ) عنه في البحار : 67 / 295 ح 19 وعن أمالي ابن الشيخ : 1 / 43 والكافي : 2 / 99 ح 3 مسندا عن أبي عبد الله ( ع ) وأخرجه في البحار : 71 / 374 ح 3 والوسائل : 8 / 503 ح 2 عن الكافي ، وفي الوسائل : 13 / 220 ح 9 عن التهذيب : 6 / 350 ح 11 مسندا عن أبي عبد الله ( ع ) مثله .
( 3 ) عنه في المستدرك : 1 / 139 ح 20 وج 2 / 92 ح 5 .
( 4 ) عنه في البحار : 68 / 176 ح 33 والمستدرك ـ>
________________________________________
( 68 )

السلام : إن لاهل الدين علامات يعرفون بها : صدق الحديث ، وأداء الامانة ، والوفاء بالعهد ، وصلة للارحام ، ورحمة للضعفاء ، وقلة موافاة 1 النساء ، وبذل المعروف ، وحسن الخلق ، وسعة الحلم ، واتباع العلم ، وما يقرب إلى الله زلفي ، وطوبى لهم وحسن مآب 2 .
162 ـ عن ابن بكير 3 ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إنا لنحب من كان عاقلا ، فهما ، فقيها حليما ، مداريا ، صبورا ، صدوقا ، وفيا .
إن الله خص الانبياء بمكارم الاخلاق ، فمن كان فيه فليحمد الله على ذلك ومن لم يكن فيه فليفزع 4 إلى الله ، وليسأله إياها .
قال : قلت : جعلت فداك ماهي ؟ قال : الورع والقناعة والصبر والشكر والحلم والحياء والسخاء والشجاعة والغيرة وصدق الحديث والبر وأداء الامانة 5 .
163 ـ عن أبي عبد الله عليه السلام ، قيل له : من أكرم الخلق على الله ؟ قال : من إذا اعطي شكر ، وإذا ابتلي صبر 6 .
164 ـ وعن أبي عبد الله عليه السلام قال : لا يصلح المؤمن إلا على ثلاث خصال : التفقة في الدين ، وحسن التقدير في المعيشة ، والصبر على النائبة 7 .
165 ـ وعن أبي عبد الله عليه السلام قال : المؤمن لا يغلبه فرجه ، ولا يفضحه بطنه 8 .
166 ـ عن الحلبي قال : قلت لابي عبد الله عليه السلام : أي الخصال بالبر 9
____________
<ـ : 1 / 6 ح 10 .
( 1 ) ( مواتاة / خ ) ، وفي جميع المصادر الاخرى : وصلة الارحام ( أو الرحم ) ورحمة الضعفاء .
( 2 ) أخرج في البحار : 67 / 289 ح 11 و 12 عن أمالي الصدوق : ص 183 ح 7 مثله والخصال : 483 ح 56 وعن مشكاة الانوار : ص 45 نحوه وفي البحار : 69 / 364 ح 1 عن الكافي : 2 / 239 ح 30 والبحار : 103 / 223 ح 2 عن أمالي الصدوق والوسائل : 11 / 148 ح 21 عن الكافي وصفات الشيعة : ص 88 ح 66 كل بأسانيدهم عن أبي بصير مثله وفي البحار : 70 / 282 ح 2 عن روضة الواعظين : ص 500 والعياشي : 2 / 213 ح 5 عن أبي بصير مثله .
( 3 ) ( أبي بكير / خ )
( 4 ) ( فليتضرع / خ ) .
( 5 ) عنه في البحار : 69 / 397 ح 86 وعن أمالي المفيد : ص 121 بإسناده عن بكير مثله .
( 6 ) عنه في البحار : 71 / 53 ح 82 وأورد في مشكاة الانوار : ص 22 مرسلا مثله .
( 7 ) عنه في المستدرك : 2 / 283 ح 8 وأخرج في البحار : 1 / 221 ح 62 عن كتاب حسين بن عثمان : ص 108 عمن ذكره وغير واحد عنه ( ع ) مثله .
( 8 ) عنه في البحار : 67 / 310 ح 44 .
( 9 ) في بقية المصادر : بالمرء أجمل .
________________________________________
( 69 )

أكمل ، قال : وقار بلا مهابة ، وسماحة بلا طلب مكافاة ، وتشاغل بغير متاع الدينا . 1
167 ـ عن المفضل 2 ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال الله عزوجل : إفترضت على عبادي عشرة 3 فرائض ، إذا عرفوها أسكنتهم ملكوتي وأبحتهم جناني ، أولها : معرفتي ، والثانية : معرفة رسولي إلى خلفي ، والاقرار به ، والتصديق له ، والثالثة : معرفة أوليائي وأنهم الحجج على خلقي ، من والاهم فقد والاني ، ومن عاداهم فقد عاداني ، وهم العلم فيما بيني وبين خلقي ، ومن أنكرهم أصليته ( أدخلته / خ ) ناري وضاعفت عليه عذابي .
والرابعة : معرفة الاشخاص الذين اقيموا من ضياء قدسي ، وهم قوام قسطي .
والخامسة : معرفة القوام بفضلهم والتصديق لهم .
والسادسة : معرفة عدوي إبليس وما كان من ذاته وأعوانه .
والسابعة : قبول أمري والتصديق لرسلي .
والثامنة : كتمان سري وسر أوليائي .
والتاسعة : تعظيم أهل صفوتي والقبول عنهم والرد إليهم فيما اختلفتم فيه حتى يخرج الشرع 4 منهم .
والعاشرة : أن يكون هو وأخوه في الدين شرعا سواء ، فإذا كانوا كذلك أدخلتهم ملكوتي وآمنتهم من الفزع الاكبر وكانوا عندي 5 في عليين 6 .
168 ـ عن أبي المقدام قال : قال أبو جعفر عليه السلام : يا أبا المقدام إنما شيعة على المنازلون ( المتباذلون / خ ) في ولايتنا ، المتحابون في مودتنا ، المتزاورون لاحياء أمرنا ، الذين إذا غضبوا لم يظلموا ، وإذا رضوا لم يسرفوا ، بركة على من جاوروا ، سلم لمن خالطوا 7 .
____________
( 1 ) عنه في البحار : 69 / 369 ح 7 وعن أمالي الصدوق : ص 238 ح 8 والخصال : ص 92 ح 36 بإسناده عن أحمد بن عمر الحلبي عنه ( ع ) وعن فقه الرضا : ص 48 مرسلا وفي ص 367 ح 2 عن الكافي : 2 / 240 ح 33 بإسناده عن يحيى بن عمران الحلبي ، وأخرج في البحار : 71 / 337 ح 1 عن أمالي الصدوق والخصال مثله .
( 2 ) ( الفضل / خ ) .
( 3 ) هكذا في جميع النسخ والمصادر والظاهر انه : عشر .
( 4 ) ( الشرع / خ )
( 5 ) ( عبيدي / خ )
( 6 ) عنه في البحار : 69 / 13 ح 13 .
( 7 ) أخرج في البحار : 68 / 190 ح 46 عن الكافي : 2 / 236 ح 24 والخصال : ص 397 ح 104 بإسنادهما عن أبي المقدام ومشكاة الانوار : ص 61 مرسلا مثله وفي الوسائل : 11 / 147 ح 19 عن الكافي باختلاف يسير .
________________________________________
( 70 )

169 ـ وعن مهزم الاسدي ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن من شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه ولا ( شحمة اذنه ) 1 ولا يمتدح بنا معلنا ، ولا يواصل لنا مبغضا ، ولا يخاصم لنا وليا ، ولا يجالس لنا عائبا ، قال : قلت : فكيف أصنع بهؤلاء المتشيعة ؟ قال : فيهم التمحيص وفيهم التمييز وفيهم التبديل ، تأتي 2 عليهم سنون تفنيهم ، وطاعون يقتلهم ، واختلاف يبددهم .
شيعتنا من لا يهر هرير الكلب ، ولا يطمع طمع الغراب ، ولا يسأل وإن مات جوعا ، قلت : وأين أطلب هؤلاء ؟ قال : اطلبهم في أطراف الارض ، أولئك الخفيض 3 عيشهم ، المنتقل دارهم ، إذا شهدوا لم يعرفوا ، وإذا غابوا لم يفتقدوا ، وإن مرضوا لم يعادوا 4 ، وإن خطبوا لم يزوجوا ، وإن رأوا منكرا ينكروا ، وإن يخاطبهم جاهل سلموا ، وإن لجأ إليهم ذو حاجة منهم رحموا ، وعند الموت هم لا يحزنون ، وفي القبور يتزاورون ، لم تختلف قلوبهم وإن رأيتهم اختلف بهم البلدان 5 .
170 ـ وروي أن صاحبا لامير المؤمنين عليه السلام يقال له همام وكان رجلا عابدا ، فقام إليه وقال له : يا أمير المؤمنين صف لي المتقين كأني أنظر إليهم . فتثاقل 6 عليه السلام عن جوابه ، ثم قال :
يا همام اتق الله وأحسن ، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ، فلم يقنع همام بذلك القول حتى عزم عليه ، فقال له : أسألك بالذي أكرمك وخصك وحباك وفضلك بما آتاك لما وصفتهم لي .
فقام أمير المؤمنين : فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله ، ثم قال :
أما بعد فإن الله سبحانه خلق الخلق حين خلقهم غنيا عن طاعتهم ، آمنا عن 7 معصيتهم ، لانه لا يضره معصية من عصاه منهم ، ولا ينفعه طاعة من أطاعه منهم ، فقسم
____________
( 1 ) ( سحناءة يديه / خ )
( 2 ) ( التنزيل مالي / خ ) .
( 3 ) ( الحضيض ، الخفي / خ ) .
( 4 ) ( يعودوا / خ ) ، وفي البحار : يعادوا .
( 5 ) عنه في البحار : 69 / 402 ح 104 وفي 68 / 180 ح 39 عن الكافي : 2 / 239 ح 27 وفي ص 179 ح 37 عن المشكاة ص 61 نحوه .
( 6 ) ( فتشاغل / خ ) .
( 7 ) ( من / خ ) .
________________________________________
( 71 )

بينهم معيشتهم ، ووضعهم في الدنيا مواضعهم ، فالمتقون فيها هم أهل الفضائل ، منطقهم الصواب ، وملبسهم الاقتصاد ، ومشيهم التواضع ، خصوا الله عزوجل بالطاعة فخصوا ، غاضين أبصارهم عما حرم الله عليهم ، واقفين أسماعهم على العلم النافع لهم ، نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالذي نزل في الرخاء ، رضا عن الله بالقضاء [ و ] 1 لولا الآجال التي كتب الله لهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقا إلى الثواب وخوفا من العقاب ، عظم الخالق في أنفسهم فصغر ما دونه في أعينهم ، فهم والجنة كمن قد رآها فهم فيها منعمون ، هم والنار كمن قد رآها فهم فيها معذبون ، قلوبهم محزونة ، وشرورهم مأمونة ، وأجسادهم نحيفة ، وحوائجهم خفيفة ، وأنفسهم عفيفة ، ومعونتهم في الاسلام عظيمة ، صبروا إياما قصيرة ، أعقبتهم راحة طويلة ، وتجارة مربحة يسرها لهم رب كريم ، أرادتهم الدنيا فلم يريدوها ، وطلبتهم فأعجزوها ، وأسرتهم ففدوا أنفسهم منها ،

 

 

أما الليل فصافون أقدامهم تالين 2 لاجزاء القرآن يرتلون 3 به ترتيلا ، يحزنون به أنفسهم ، ويستثيرون 4 به دواء دائهم ويهيج أحزانهم بكاء على ذنوبهم ووجع 5 كلوم حوائجهم 6 ، فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا ، وتطلعت إليها أنفسهم شوقا ، و ظنوا أنها نصب أعينهم ، وإذ مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم وأبصارهم ، واقشعرت منها جلودهم ، ووجلت منا قلوبهم ، وظنوا أن صهيل جهنم وزفيرها وشهيقها في اصول آذانهم ، فهم حانون 7 على أوساطهم ، يمجدون جبارا عظيما ، مفترشون جباههم وأكفهم وركبهم وأطراف أقدامهم ، تجري دموعهم على خدودهم ، يجأرون إلى الله في فكاك رقابهم .
وأما النهار فحلماء علماء بررة أتقياء ، قد براهم الخوف بري القداح ، ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى وما بالقوم من مرض ، ويقول : قد خولطوا ، ولقد خالطهم أمر عظيم إذا هم ذكروا عظمة الله وشدة سلطانه مع ما يخالطهم من ذكر الموت وأهوال
____________
( 1 ) هكذا في نهج البلاغة .
( 2 ) قارين / خ .
( 3 ) ( يرتلونه / خ )
( 4 ) ( يسترون ، يستبشرون / خ )
( 5 ) ورجع / خ
( 6 ) ( جرائحهم / خ )
( 7 ) ( حافون ، حافظون / خ )
________________________________________
( 72 )

القيامة ، فوضح ذلك قلوبهم ، وطاشت له حلومهم ، وذهلت عنه قولهم ، واقشعرت منها جلودهم .
وإذا استقالوا من ذلك بادروا إلى الله بالاعمال الزاكية ، لا يرضون لله من أعمالهم بالقليل ، ولا يستكثرون له الجزيل ، فهم لانفسهم متهمون ، ومن أعمالهم مشفقون ، إن زكي أحدهم خاف مما يقال له ، فيقول : أنا أعلم بنفسي من غيري ، وربي أعلم مني بنفسي ، اللهم لا تؤاخذني بما يقولون واجعلني خيرا مما يظنون ، واغفر لي ما لا يعلمون ، فإنك علام الغيوب ، وستار العيوب .
فمن علامة أحدهم أنك ترى له قوة في دين ، وحزما في لين ، وإيمانا في يقين وحرصا في علم ، وفهما في فقه ، وعلما في حلم ، وشفقة في نفقة ، وكسبا 1 في رفق ، وقصدا في غنى ، وخشوعا في عبادة ، وتجملا في فاقة ، وصبرا في شدة ، ورحمة للمجهود ، وإعطاء في حق ، ورفقا في كسب ، وطلبا في حلال ، ونشاطا في هدى ، وتحرجا عن طمع ، وبرا في استقامة ، واعتصاما عند شهوة ، لا يغتره 2 ثناء من جهله ، ولا يدع إحصاء عمله ، مستبطئ لنفسه في العمل ، يعمل الاعمال الصالحة وهو على وجل ، يمسي وهمه الشكر ، ويصبح وشغله الذكر ، يبيت حذرا ويصبح فرحا ، حذرا من الغفلة ، وفرحا لما أصاب من الفضل والرحمة ، إن استصعبت عليه نفسه فيما يذكره 3 ، لم يعطها سؤلها فيما يحب ، فرحه فيما يخلد ويطول وقرة عينه فيما لا يزول ، ورغبة فيما يبقى ، وزهادته فيما يفنى ، يمزج الحلم بالعلم ، والعلم بالعقل ، والقول بالعمل .
تراه بعيدا كسله ، دائما نشاطه ، قريبا أمله ، قليلا زلله ، متوقعا أجله ، خاشعا قلبه ، ذاكرا ربه ، قانعة نفسه ، منزورا أكله ، مستغيبا 4 جهله ، سهلا أمره ، حريزا دينه ، ميتة شهوته ، مكظوما غيظه ، صافيا خلقه ، آمنا فيه جاره ، ضعيفا كبره ، قانعا بالذي قدر له ، متينا صبره ، محكما أمره ، كثيرا ذكره ، لا يحدث بما يؤتمن عليه الاصدقاء ولا يكتم شهادة الاعداء ، ولا يعمل شيئا من الحق رياء ولا يتركه حياء .
الخير منه مأمول ، والشر منه مأمون ، إن كان في الغافلين كتب
____________
( 1 ) ( كيسا / خ )
( 2 ) ( يغره / خ ) .
( 3 ) ( نكره ، يكره / خ ) .
( 4 ) ( مغيبا ، متغيبا / خ ) .
________________________________________
( 73 )

في ( من / خ ) الذاكرين ، وإن كان في الذاكرين لم يكتب من الغافلين ، يعفو عمن ظلمه ، ويعطي من حرمه ، ويصل من قطعه ، لا يعزب حلمه ، ولا يعجل فيما يريبه ، و يصفح عما قد تبين له ، بعيدا فحشه ، لينا قوله ، غائبا شكوه 1 ، حاضرا معروفه ، صادقا قوله ، حسنا فعله ، مقبلا خيره ، مدبرا شره ، فهو في الزلازل وقور ، وفي المكاره صبور ، وفي الرخاء شكور ، لا يحيف على من يبغض ، ولا يأثم فيمن يحب ، ولا يدعي ما ليس له ، ولا يجحد حقا هو عليه ، يعترف بالحق قبل أن يشهد به عليه ، لا يضيع ما استحفظ ، ولا ينسى ما ذكر ، ولا يتنابز 2 بالالقاب ، ولا يبغي على أحد ، ولايهم 3 بالحسد ، ولا يضار بالجار ، ولا يشمت بالمصاب ، مؤد للامانات ، سريع إلى الصلوات ، بطئ عن المنكرات ، يأمر بالمعروف ، وينهي عن المنكر ، لايدخل في الامور بجهل ، ولا يخرج من الحق بعجز .
إن صمت لم يغمه 4 الصمت ، وإن نطق لم يقل خطأ ، وإن ضحك لم يعل صوته ، قانع بالذي قدر له ، لا يجمع 5 به الغيظ ، ولا يغلبه الهوى ، ولا يقهره الشح ، ولا يطمع فيما ليس له ، يخالط الناس ليعلم ، ويصمت ليسلم ، ويسأل ليفهم ، ويتجر ليغنم ، لا ينتصب للخير ليفجر به ، ولا يتكلم به ليتجبر على من سواه ، نفسه منه في عناء والناس منه في راحة ، أتعب نفسه لآخرته ، وأراح الناس من نفسه .
إن بغي 6 عليه صبر حتى يكون الله هو المنتقم له ، بعده عمن يتباعد منه زهد ونزاهة ، ودنوه ممن دنا منه لين ورحمة ، ليس تباعده بكبر ولا عظمة ، ولا دنوه بمكر ولا خديعة .
قال : فصعق همام صعقة كانت نفسه فيها ، فقال أمير المؤمنين : أما والله لقد كنت أخافه عليه ، ثم قال : هكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها 7 .
____________
( 1 ) ( منكره / خ ) .
( 2 ) ( ينابز / خ ) .
( 3 ) ( يتهم / خ ) .
( 4 ) ( يفهه / خ ) .
( 5 ) الظاهر : يجمح .
( 6 ) ( نعي / خ ) .
( 7 ) أخرج في البحار : 67 / 315 ح 50 عن نهج البلاغة : ص 303 خطبة 193 مثله وتحف العقول : ص 159 مختصرا باختلاف يسير ، وفي ص 341 ح 51 عن أمالي الصدوق : ص 457 ح 2 مسندا وكتاب سليم بن قيس : ص 238 عنه ( ع ) ورواه في كتاب صفات الشيعة : ص 60 ح 35 مسندا وكنز الكراجكي : ص 31 باختلاف يسير .
________________________________________
( 74 )

171 ـ وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : لا يكمل المؤمن إيمانه حتى يحتوي على مائة وثلاث خصال : فعل وعمل ونية وباطن وظاهر .
فقال أمير المؤمنين علي عليه السلام : يا رسول الله ما يكون المائة وثلاث خصال ؟
فقال : يا علي من صفات المؤمن أن يكون جوال الفكر ، جوهري الذكر ، كثيرا علمه ، عظيما حلمه ، جميل المنازعة ، كريم المراجعة ، أوسع الناس صدرا ، وأذلهم نفسا ، ضحكه تبسما ، واجتماعه 1 تعلما ، مذكر الغافل ، معلم الجاهل ، لا يؤذي من يؤذيه ، ولا يخوض فيما لا يعنيه ، ولا يشمت بمصيبة ولا يذكر أحدا بغيبة ،

 

بريا من المحرمات ، واقفا عند الشبهات ، كثير العطاء ، قليل الاذى ، عونا للغريب ، وأبا لليتيم ، بشره في وجهه ، وخوفه 2 في قلبه ، مستبشرا بفقره ، أحلى من الشهد ، وأصلد من الصلد ، لا يشكف سرا ، ولا يهتك سترا ، لطيف الجهات ، 3 حلو المشاهدة ، كثير العبادة ، حسن الوقار ، لين الجانب ، طويل الصمت ، حليما إذا جهل عليه ، صبورا على من أساء إليه ، يجل الكبير ، ويرحم الصغير ، أمينا على الامانات ، بعيداً من الخيانات ، إلفه التقى ، وخلقه الحياء ، كثير الحذر ، قليل الزلل ، حركاته أدب ، وكلامه عجب ، مقيل العثرة ، ولا يتبع العورة ، وقورا ، صبورا ، رضيا ، شكورا ، قليل الكلام ، صدوق اللسان ، برا مصونا ، حليما ، رفيقا ، عفيفا ، شريفا .
لا لعّان ولا نمام ، ولا كذاب ولا مغتاب ، ولا سباب ، ولا حسود ، ولا بخيل ، هشاشا بشاشا ، لا حساس ولا جساس .
يطلب من الامور أعلاها ، ومن الاخلاق أسناها ، مشمولا لحفظ الله ، مؤيدا بتوفيق الله ، ذاقوة في لين ، وعزمه في يقين ، لا يحيف على من يبغض ، ولا يأثم فيمن يحب ، صبور في الشدائد ، لا يجور ولا يعتدي ، ولا يأتي بما يشتهي .
الفقر شعاره ، والصبر ثاره 4 ، قليل المؤونة ، كثير المعونة ، كثير الصيام ، طويل القيام ، قليل المنام ، قلبه تقي ، وعلمه زكي ، إذا قدر عفا ، وإذا وعد وفى ، يصوم رغبا ويصلي رهبا ، ويحسن في عمله كأنه ينظر 5 إليه ، غض المطوف 6 ، سخي الكف ، لا يرد
____________
( 1 ) كذا في البحار وفي الاصل : وأفهماه
( 2 ) ( حزنه / خ ) .
( 3 ) ( الحركات / خ ) .
( 4 ) ( دثاره / خ ) .
( 5 ) ( ناظره / خ ) .
( 6 ) ( الطرف / خ ) .
________________________________________
( 75 )

سائلا ولا يبخل بنائل ، متواصلا إلى الاخوان ، مترادفا للاحسان ، يزن كلامه ، ويخرس لسانه ، لا يغرق في بغضه ، ولا يهلك في محبته 1 ، لا يقبل الباطل من صديقه ، ولا يرد الحق من عدوه ، لا يتعلم إلا ليعلم ، ولا يعلم إلا ليعمل .
قليلا حقده ، كثيرا شكره ، يطلب النهار معيشته ، ويبكي الليل على خطيئته ، إن سلك مع أهل الدنيا كان أكيسهم ، وإن سلك مع أهل الآخرة كان أورعهم ، لا يرضى في كسبه بشبهة ، ولا يعمل في دينه برخصة ، لطيف ( يعطف / خ ) على أخيه بزلته ، ويرعى ما مضى من قديم صحبته 2 .
الحمد لله ، قد تم استنساخ كتاب ( التمحيص ) ومقابلته وتخريجاته مراعيا لا تحاد أحاديثه مع سائر الاصول والجوامع في 2 جمادى الاولى سنة 1403 .
وأمّا النسخ الثلاث النفسية التي اعتمدنا عليها في التصحيح والمقابلة :
ففي آخر نسخة ( أ ) بخط الفاضل الثقة السيد محمد بن المصطفى الموحد المحمدي الاصفهاني كتب في ربيع الثاني سنة 1382 في النجف الاشرف :
هذا تمام ما في النسخة التي نسخت منها وهي نسخة العالم الثقة الشيخ ( شيرمحمد ) الهمداني التي كتبها بيده الشريفة سنة 1353 بمشهد مولانا أبي عبد الله الحسين عليه السلام .
وفي آخر نسخة ( ب ) بخط آية الله الصفائي الخونساري : لقد تمت مقابلة هذا الكتاب المسمّى ( بالتمحيص ) مع نسخة شريفة كانت في آخرها بخط شريف خاتمة المحدثين العظام ثقة الاسلام والمسلمين الحاج ميرزا محمد حسين النوري الطبرسي ( ره ) وقد كتبه في محرم الحرام سنة 1280 ، وأنا الاحقر مصطفى الحسيني الصفائي الخونساري في جمادي الثانية من عام 1367 .
وفي آخر نسخة ( ج ) بخط العلامة الحجة السيد عبد العزيز الطباطبائي اليزدي : إنتهى استنساخه في يوم الثلاثاء الثاني عشر من ربيع الثاني سنة 1380 هـ في مكتبة الإمام المهديّ عليه السلام العامّة ، والحمد لله .
____________
( 1 ) حبه / خ .
( 2 ) عنه في البحار : 67 / 310 ح 45 والمستدرك : 2 / 280 ح 22 .

شاهد أيضاً

قال رسول الله علامة المخلص أربعة

وأما علامة المخلص فأربعة: يسلم قلبه وتسلم جوارحه، وبذل خيره، و كف شره. وأما علامة ...