الرئيسية / القرآن الكريم / مواعظ قرآنية -قصص في السخاء

مواعظ قرآنية -قصص في السخاء

 

1- مع الراعي الّذي أضافه

 

خرج الحسن عليه السلام إلى سفر فأضلّ طريقه ليلاً، فمرّ براعي غنم فنزل عنده فألطفه وبات عنده، فلمّا أصبح دلّه على الطريق، فقال له الحسن عليه السلام:

 

“إنّى ماضٍ إلى ضيعتي ثمّ أعود إلى المدينة” ووقّت له وقتاً وقال له:

 

“تأتيني به”.

 

فلمّا جاء الوقت شُغل الحسن عليه السلام بشيء من أموره عند قدوم المدينة، فجاء الراعي وكان عبداً لرجل من أهل المدينة فصار إلى الحسين عليه السلام وهو يظنّه الحسن عليه السلام، فقال: أنا العبد الّذي بتّ عندي ليلة كذا، ووعدتني أن أصير إليك في هذا الوقت، وأراه علامات.

 

عرف الحسين عليه السلام أنّه الحسن، فقال الحسين عليه السلام له:

“لمن أنت يا غلام”؟

 

فقال: لفلان.

 

فقال عليه السلام: “كم غنمك”؟

 

قال: ثلاثمائة، فأرسل إلى الرجل فرغّبه حتّى باعه الغنم والعبد فأعتقه، ووهب له الغنم مكافأة لما صنع مع أخيه، وقال عليه السلام: “إنّ الّذي بات عندك أخي وقد كافأتك بفعلك معه”23.

 

 

22- جامع أحاديث الشيعة، السيّد البروجردي، ج 16، ص 184.

23- مقتل الحسين عليه السلام، الخوارزمي، ج1، ص 153.

 

2- الحسين عليه السلام مع الأعرابيّ

 

عن الحسن البصريّ: إنّ الحسين عليه السلام ذهب ذات يوم مع أصحابه إلى بستانه، وكان في ذلك البستان غلام للحسين عليه السلام اسمه صافي، فلمّا قرب من البستان رأى الغلام قاعداً يأكل الخبز، فجلس الحسين عليه السلام عند بعض النخل بحيث لا يراه الغلام، فنظر إليه الحسين عليه السلام وهو يرفع الرغيف فيرمي نصفه إلى الكلب ويأكل نصفه، فتعجّب الحسين عليه السلام من فعل الغلام، فلمّا فرغ من الأكل قال: الحمد لله ربّ العالمين، اللهم اغفر لي واغفر لسيّدي كما باركت لأبويه برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

فقام الحسين عليه السلام وقال: “يا صافي”، فقام الغلام فزعاً وقال:

 

يا سيّدي وسيّد المؤمنين إلى يوم القيامة، إنّي ما رأيتك فاعف عنّي.

 

فقال الحسين عليه السلام: “اجعلني في حلٍّ يا صافي، لأنّي دخلت بستانك بغير إذنك”

 

فقال صافي: بفضلك يا سيّدي وكرمك وسؤددك تقول هذا.

 

فقال الحسين عليه السلام: “إنّي رأيتك ترمي نصف الرغيف إلى الكلب تأكل نصفه، فما معنى ذلك”؟

 

فقال الغلام: إنّ هذا الكلب نظر إليّ وأنا آكل فاستحييت منه، وهو كلبك يحرس بستانك وأنا عبدك نأكل رزقك معاً، فبكى الحسين عليه السلام وقال:

 

“إن كان كذلك فأنت عتيق لله تعالى ووهبت لك ألفي دينار”.

 

فقال الغلام: إن أعتقتني فأنا أُريد القيام ببستانك.

 

فقال الحسين عليه السلام: “إنّ الكريم ينبغي له أن يصدق قوله بالفعل، أوَ ما قلت لك اجعلني في حلٍّ فقد دخلت بستانك بغير إذنك، فصدقت قولي ووهبت البستان وما فيه لك، فاجعل أصحابي الّذين جاؤوا معي أضيافاً وأكرمهم من أجلي أكرمك

 

الله تعالى يوم القيامة وبارك لك في حسن خلقك وأدبك”.

 

فقال الغلام: إن وهبتني بستانك فإنّي قد سبّلته لأصحابك وشيعتك24.

 

3ـ سخاء أبي ذرّ رضي الله عنه

 

أضاف أبو ذرّ الغفاريّ ضيفاً، فقال للضيف: إنّي مشغول، وإنّ لي إبلاً، فاخرج وأتني بخيرها. فذهب فجاء بناقة مهزولة، فقال له أبو ذرّ: خنتني بهذه.

 

فقال: وجدت خير الإبل فحلها، فذكرت يوم حاجتكم إليه.

فقال أبو ذرّ: إنّ يوم حاجتي إليه ليوم أوضع في حفرتي مع أنّ الله يقول:﴿ لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ 25 وقال أبو ذرّ: في المال ثلاثة شركاء: القدر لا يستأمرك أن يذهب بخيرها أو شرّها من هلك أو موت، والوارث ينتظرك أن تضع رأسك، ثمّ يستاقها، وأنت ذميم، وأنت الثالث: فإن استطعت أن لا تكون أعجز الثلاثة فلا تكن، إن الله يقول:﴿ لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾  وإنّ هذا الجمل كان مما أحبّ من مالي، فأحببت أن أقدّمه لنفسي26.

 

 

24- كلمات الإمام الحسين عليه السلام، الشيخ الشريفي، ص 625.

25- سورة آل عمران، الآية: 92.

26- تفسير مجمع البيان، الشيخ الطبرسي، ج 2، ص 343.

 

 

 

– وفد أعرابيّ المدينة فسأل عن أكرم الناس بها، فَدُلَّ على الحسين عليه السلام، فدخل المسجد فوجده مصلياً فوقف بأزائه وأنشأ:

 

لم يخب الآن من رجاك         ومن حرّك من دون بابك الحلقة

أنت جواد وأنت معتمد         أبوك قد كان قاتل الفسقة

لولا الّذي كان من أوائلكم      كانت علينا الجحيم منطبقة

 

قال: فسلّم الحسين عليه السلام وقال: “يا قنبر هل بقي من مال الحجاز شيء”؟

 

قال: نعم، أربعة آلاف دينار.

 

فقال عليه السلام: “هاتها قد جاء من هو أحقّ بها منّا”، ثمّ نزع برديه ولفّ الدنانير فيها وأخرج يده من شقّ الباب حياء من الأعرابيّ، وأنشأ:

 

خذها فإنّي إليك معتذر            واعلم بأنّي عليك ذو شفقة

لو كان في سيرنا الغداة عصا        أمست سماناً عليك مندفقة

لكنّ ريب الزمان ذو غير           والكفّ منّي قليلة النفقة.

 

قال: فأخذها الأعرابيّ وبكى فقال عليه السلام له: “لعلّك استقللت ما أعطيناك”.

 

قال: لا، ولكن كيف يأكل التراب جودك27.

 

 

27- كلمات الإمام الحسين عليه السلام، الشيخ الشريفي، ص623.

 

 

 

 

شاهد أيضاً

التقوى في القرآن – أهمّية التقوى في القرآن الكريم – مراتب التقوى

من الحقائق التي أشار إليها القرآن الكريم، أنّ التقوى لها مراتب متعدّدة، قال تعالى: (اتَّقُوا ...