ولدت عام 1939م في مشهد، وقبل انتهاء المرحلة الابتدائية بدأت دراسة العلوم الدينية، وبعد إكمال المراحل المتعارفة والحضور في دروس أساتذة السطح والخارج في مشهد مثل المرحوم الحاج الشيخ هاشم القزويني والمرحوم آية الله الميلاني تشرفت بالذهاب إلى النجف الأشرف في سنة 1957م.
وعلى الرغم من جاذبية الدروس الكبيرة والمعروفة للآيات العظام الحكيم والخوئي والشاهرودي والزنجاني والبجنوردي الذين استفدت منهم مدة إقامتي القصيرة في تلك الحوزة القديمة، إلاّ أنني اضطررت إلى الرجوع بسبب ضرورات عائلية.
وفي أوائل سنة 1958م تركت مشهد عازماً على السكن في قم, وكان درس المرحوم آية الله العظمى البروجردي ودرس سماحة آية الله العظمى الخميني وآية الله الحائري أول الدروس التي حضرتها، وتتلمذت لدى الأساتذة المعروفين في قم في الفقه والأصول والفلسفة حتى سنة 1964، إذ عدت إلى مشهد.
وفي سنة 1962م حين بدأت النهضة الإسلامية العظيمة من الحوزة العلمية حملني التيار السريع والجذاب لها بشكل طبيعي حيث كانت الأفكار الناصعة والثورية قد استقرت في ذهني وقلبي، وكنت أنظر إليها بعين الهدف والأمنية العزيزة, وبدأ من هنا فصل جديد في حياتي.
وبغض النظر عن الجهود المستمرة والعادية التي كانت تشكل في ذلك الوقت أكثر فعالية العناصر الشابة والثورية في الحوزة، كانت أول مهمة خاصة لي هي حمل رسالة الإمام إلى آية الله الميلاني وعلماء خراسان حول برنامج المواجهة في محرم 1963م ثم السفر إلى بيرجند لتنفيذ ذلك البرنامج الذي كان يجري في وقت واحد في كل نقاط الوطن، وحصل أول اعتقال لي في هذا السفر.
اعتقلت في بيرجند أيام الحوادث 10 و13 محرم 1963م (15 خرداد الدامية) وأخذوني إلى مشهد وسجنوني في معتقل (لشكر), وبعد إطلاق سراحي عدت إلى قم.
وفي أواخر السنة نفسها (بهمن 63) ذهبت إلى زاهدان في مهمة مشابهة فتكررت حادثة السفر السابقة نفسها, وتوقف برنامج المحاضرات الحماسية عند منتصف الشهر بسبب اعتقالي, وبعد اعتقالي نُقلت إلى طهران وسجنت في (قزل قلعة).
وفي سنة 1964م خططنا مشروعاً لإحداث تجمع جديد في الحوزة وتشكيل منظمة سياسية سريّة مع عدد من المدرسين والفضلاء المعروفين في قم, وبعد فترة اكتشفت هذه التشكيلات وأعتقل عدة أشخاص من وجوهها المعروفة ومنهم السادة المنتظري والرباني و… وكنت أنا وعدد من الأشخاص قد اختفينا قرابة سنة واحدة.
وفي سنة 1964 عدت إلى مشهد، وضمن استمرار المشاركة في الدروس العالية في الحوزة قمت بتدريس السطوح العالية والتفسير, وكان أهم عمل لي في هذه السنوات (64 حتى 67) هو نشاطات أساسية (آيديولوجية وسياسية) على صعيد الحوزة والجامعة, وبعد ذلك اتسعت رقعتها بالتدريج في المستوى العام للمجتمع في مشهد، لتكون المصدر الأساس لأكثر الحركات الثورية الحماسيّة في تلك السنوات والسنوات اللاحقة, ولم تكن هناك نظائر كثيرة لجلسات تدريسي الكبيرة التي تضج بالمستمعين في التفسير والحديث والفكر الإسلامي في بقية المدن وفي طهران، وهذه النشاطات بالإضافة إلى جهود تأليفية هي التي أدت إلى اعتقالات متوالية لي في سنوات 67 و70.
ومنذ سنة 69 حيث كانت أرضية الحركة المسلحة محسوسة في إيران، تصاعدت حساسية وشدة عمل أجهزة النظام السابق تجاهي حيث أدركوا من خلال القرائن أن هذه القضية لا يمكن أن تكون غير ذات صلةٍ بأشخاص مثلي.
وفي سنة 71 سُجنت للمرة الخامسة، وقد دلت المعاملة القاسية للسافاك في السجن أن الجهاز خائف جداً من ارتباط التيارات الثورية المسلحة بمراكز الفكر الإسلامي، ولم يستطع أن يقبل أن فعالياتي الفكرية والإعلامية في مشهد وطهران لا ترتبط بهذه التيارات.
وبعد إطلاق سراحي اتسعت رقعة الدروس العامة في التفسير والدروس الآيديولوجية السرية, وفي السنوات بين 71 و74 كانت النشاطات الإسلامية والكفاح السري وكذلك الكفاح الثوري الأساسي في مشهد يدور حول محور الجهود التي كانت تبذل في ثلاثة مساجد وهي: الكرامة، الإمام الحسن وميرزا جعفر، وكانت دروسي في التفسير والآيديولوجية تُعقد في هذه المساجد الثلاثة، وكان آلاف الأشخاص يتعرفون على الفكر الثوري للإسلام في كل أسبوع وتحثهم المحاضرات على التضحية والثورة.
ولهذا السبب عطلت هذه المراكز للمقاومة والوعي بهجمات السافاك الوحشية، وتعرض كثيرون إلى الاعتقال أو الاستجواب بجرم المشاركة في عقد اجتماعاتها.
وبعد تعطيل هذه المراكز أصبحت لديّ إمكانية توسيع الجلسات الخاصة نتيجة الاستياء العام للمثقفين والجيل الثائر في مشهد، وأثير الحماس الثوري في الشباب في محيط أكثر أمناً وحرية وصراحة، وأوسع نشاطاتي لتشمل مدن خراسان الأخرى وسائر نقاط البلد.
وفي هذه السنوات العديدة كان الطلاب والفضلاء الشباب الذين ثقفتهم يتحركون في المدن، وشملت النار المقدسة دائرة أوسع، وبالاستفادة من فرصة استثنائية بدأت إحدى الجلسات الكبيرة السابقة مرة أخرى باسم درس في نهج البلاغة أسبوعياً, وهذه الجلسة التي كانت تقام في مسجد الإمام الحسين في مشهد أصبحت مرة أخرى محوراً لأكثر الجهود الإسلامية للثوار في مشهد، وأصبح كلام علي (ع) يتداول من يد إلى يد مشروحاً وموضحاً، وطبعت كراسات مستنسخة تسمى (أشعة من نهج البلاغة) وكانت تضيء فضاء مدينة الشهادة وكأنها برق الصواعق.
وسنة 74م تذكرني بهذه الحركة العلوية الضاربة, وقد استدعاني سافاك مشهد (الذي لم يستطع أن يتحمل ذلك المركز العظيم للإعلام الثوري الإسلامي) مراراً وهددني، وكان يصفّون جواسيسهم عند أطراف منزلي وطريقي, وقد اعتقلوا أشخاصاً كثيرين من أقربائي والمسؤولين عن نشاطاتي السياسية والإعلامية.
وكانوا قد شعروا بأن هذه الجهود الإعلامية الكبيرة لا يمكن أن تكون منفصلة عن النشاطات السياسية السرية, فسعوا إلى كشف علاقاتي، وأخيراً اضطروا في شهر كانون الثاني/74 إلى اقتحام منزلي واعتقالي والاستيلاء على كثير من ملاحظاتي وكتاباتي وكانت هذه المرة السادسة لاعتقالي وأصعبها. أرسلت إلى طهران وإلى (سجن اللجنة المشتركة) في الشرطة ومكثت فترة طويلة في زنزانة، متعرضاً لأصعب الظروف والاستجوابات الشديدة، ووضع لا يفهمه إلا الذين عايشوا تلك الظروف.
وكان هذا الاعتقال مشابهاً لاعتقال 71؛ فقد عاملني السافاك ببالغ العنف والقسوة، وأخذ بنظر الجدّ ارتباطي بالجهود السرية، ودوري في جمع القوى المعادية للنظام وتعبئتها.
في خريف سنة 75 أطلق سراحي وعدت إلى مشهد، وقمت مرة أخرى بنفس الجهود ونفس البرنامج, وطبعاً لم أعط أبداً بعد ذلك إمكانية تشكل دروس وبرامج عامة، كما أنه لم يسمح لي أبداً بالخروج من البلد مدة عشر سنوات من ذلك التاريخ، ومن بين الفعاليات التي يرضيني ذكرها العمل المستمر مع عدد من الطلاب والفضلاء الشباب في سنتي 67 و68 في الحوزة العلمية في مشهد.
إن الدروس الخاصة والسرية في معرفة الإسلام التي شكلتها لعددٍ من هؤلاء الشباب ذوي القابلية والحماس، ووسعتها بالتدريج، كانت من بين أهم العوامل التي أدت إلى تعميق قضية الثورة الإسلامية وتوسيع دائرتها.
في سنة 77 خططنا بالاتفاق مع جمع من الأخوة العلماء والفضلاء الكبار في طهران وقم مشروع جماعة العلماء المجاهدين في جميع أنحاء البلد, والذي يعد من أول أسس الحزب الجمهوري الإسلامي.
وفي أواخر سنة 77 بعد اعتقال ليلي وقاسٍ جداً قام به عملاء السافاك، نفيت إلى ايرانشهر لمدة ثلاث سنوات وانتهت في أواسط 78م مع تصاعد الثورة العارمة, وبعد العودة من المنفى ذهبت إلى مشهد وأصبحت في الصفوف الأمامية للشعب المجاهد.
وفي أواخر شهر كانون الثاني/78 جئت إلى طهران بأمر الإمام الذي أُبلغ بواسطة المرحوم الشهيد المطهري وآية الله المنتظري، وعرفت أنني انتخبت من قبله لعضوية مجلس الثورة.
وفي أوائل اسفند 78م أعلنت بالاشتراك مع 4 أشخاص من الأخوة تشكل الحزب الجمهوري الإسلامي، وبعد ذلك قمت بإدارة الوظائف التالية بالترتيب في مسؤوليات الشورى المركزية للحزب: معاونية وزارة الدفاع، وممثل مجلس الثورة في تلك الوزارة، وإدارة قوات الحرس، وإمامة صلاة الجمعة طهران.
ومنذ سنوات 63 و64 قمت بالتأليف ولَدَيَّ عدة نتاجات في التأليف والترجمة، بعضها طبع مثل:
ـ صلح الإمام الحسن (ع).
ـ المسلمون في نهضة تحرير الهند.
ـ مقالة في الصبر.
ـ المستقبل في إطار الإسلام.
ـ رسالة إدانة للحضارة الغربية.
ـ من أعماق الصلاة.
ـ مشروع عام للفكر الإسلامي في القرآن.
ـ الحياة السياسية للإمام الصادق.
ـ مشروع عام للفكر الإسلامي في القرآن.
ـ الفهم الصحيح للإسلام.
وغير ذلك وعدد لم ينشر حتى الآن.