شاب خاض المعارك، وهو لم يبلغ الحلم، عشق الجهاد في سبيل الله، تاركًا ملذات الدنيا لأهلها، محجمًا عن شهوات النفس وأهوائها، فتوشم جسمه بجراحات أصابته في بعض المعارك مع أزلام صدام المجرم، فما كانت تلك الجراحات إلا دافعًا وحافزًا على الإصرار ومواصلة طريق الأحرار والمجاهدين، من أجل خلاص الشعب من العصابة المجرمة التي عاثت في الأرض جورًا وفسادًا، فهكذا كان الشهيد قحطان حتى لاقى ربه بنفس مطمئنة.
في عام 1969م وفي قضاء الكحلاء التابع لمحافظة ميسان، ولد وتربى في أحضان أسرة مؤمنة تربية صالحة، أعطت للإسلام أعز ما تملك قرابين على مذبح العزة والحرية، فشقيقه عبدالرحمن( ) قد سبقه في نيل وسام الشهادة، ووالده الحاج عدنان كان له محل في سوق الكحلاء، كان ملتقى المؤمنين يتداولون فيه ما يدور حولهم وما يحاك ضدهم، وقد كان ضياء جواد محمود( ) لولب ذلك التحرك والمسؤول التنظيمي لحزب الدعوة الإسلامية في الكحلاء، فلم يكن أمام الحاج عدنان إلا التخفي عن أنظار السلطة المجرمة، بعد أن سجن وطورد معظم إخوته المؤمنين، فبحث عن طريق للهجرة إلى الجمهورية الإسلامية، وتم له ذلك عن طريق كردستان بواسطة المجاهد الحاج أبوسلامات( )، فقد كانت رحلة شاقة على قحطان وإخوته الصغار، وذلك في عام 1981م، فبعد مسير مضن وصلوا مقر حزب الدعوة الإسلامية في منطقة حياة التابعة لمحافظة السليمانية، وبعد فترة قضوها هناك، واصلوا المسير حتى أراضي الجمهورية الإسلامية، وانتقلوا من هناك إلى مدينة قم المقدسة واستقروا فيها.
بتاريخ 06/08/1983م، التحق قحطان بالدورة الرابعة من دورات مجاهدي بدر — دورة الشهيد أبيرحيم دلو،، وبعد إتمام الدورة التدريبية المكثفة بدروسها العسكرية والثقافية، نسّب إلى فوج الشهيد الصدر، وخاض معه عدة عمليات ومهام جهادية.
بتاريخ 23/07/1985م، اشترك في عمليات القدس التي نفذها المجاهدون للسيطرة على النصف الجنوبي لبحيرة أم النعاج، وامتاز فيها بشجاعته وإقدامه.
اشترك مع فوج الإمام موسى الكاظم في عمليات عاشوراء التي نفذها المجاهدون الساعة الثانية بعد منتصف ليلة 23/10/1985م للسيطرة على النصف الشمالي لبحيرة أم النعاج والمناطق والممرات المائية المحيطة بها، وكانت عمليات نوعية من حيث الدقة في الاستطلاع وسرعة العمل والمباغة، حيث استطاع المجاهدون فيها وبزمن قياسي السيطرة على مناطق المطر والطرارة وأبوعذبه وأم مسحاة وبرگة السواعد على الجانب الشرقي، ومناطق أبوسيان والمچري والولد( ) على الجانب الغربي، كما غنموا جميع زوارق وأسلحة العدو الخفيفة منها والمتوسطة.
امتاز بطيب القلب وحسن السلوك والأخلاق الفاضلة والالتزام الديني، ويتحدث عنه والده وعيناه تذرفان قائلا « إني لا أتحسر على ولدي لأنه ذهب إلى ربه شهيدًا وهذه مفخرة، ولكني أتحسر لأني فقدت ولدًا مؤمنًا غيورًا ومؤدبًا للغاية وطيب النفس وطاهر القلب..
استعرض مجاهدو فوج الإمام موسى الكاظم في معسكر الشهيد الصدر استعراضا عسكريا استعدادا لخوض عمليات جهادية شرق مدينة البصرة، ثم انطلقوا باتجاه منطقة العمليات بعد أن تعانقوا وفاضت منهم الدموع، فودّع أبوباسم والده وأخاه عبدالرحمن — الذين كانا يرافقانه في تلك العمليات — وبقية المجاهدين وداعا حارا، ولم تفارق الدموع عينيه، وهو يضمهم ويقبلهم لعله لن يراهم مرة آخرى.
بتاريخ 21/01/1987م، دخل الفوج منطقة العمليات بإمرة أبيطارق البصري، الذي ألقى آخر إرشاداته للمجاهدين، وحثهم على القتال وشحذ فيهم الهمم، فتقدموا بخطى ثابتة واشتبكوا مع العدو الذي فر أمامهم، وكان أبوباسم يحمل سلاح البيكيسي، وفي أثناء الاشتباك جرح إثر إصابته بإطلاقة في كتفه، وأصيب أيضا بالسلاح الكيمياوي الذي كان يستخدمه العدو بعد كل هزيمة يمنى بها، فتم إخلائه من ساحة المعركة بطلب من والده الذي رآه وسمع بعد ذلك باستشهاد ولده الآخر — عبدالرحمن( ).
أخذت الغازات السامة تسري في جسم قحطان شيئًا فشيئًا، حتى مزقت رئتيه، فرحل إلى ربه شهيدًا بتاريخ 03/01/1989م شاكيًا إلى الله جرائم البعثيين الكفرة.
تم تشييع جثمانه الطاهر تشييعًا مهيبًا ودفن في مدينة قم المقدسة.
سلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيًّا
https://t.me/wilayahinfo