دراسة لحياة صحابي روى عن رسول الله صلى الله عليه واله – أبو هريرة
22 أكتوبر,2017
بحوث اسلامية
1,160 زيارة
تأليف: الامام السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي15
فكان مما أدلت به يومئذ أن قالت: أعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم؟ إذ يقول (وورث سليمان داود) وقال فيما اقتص من خبرلا ترد ولا تكابر.
زكريا: (فهب لي من لدنك ولياً يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله ربى رضياً) وقال: (واولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) وقال: (يوصيكم الله في أولادكم الذكر مثل حظ الانثيين) وقال: (كتب عليكم ـ اذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً ـ الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقاً على المتقين).
ثم قالت: أخصكم الله بآية أخرج بها أبي؟: أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي؟! أم يقولون: أهل ملتين لا يتوارثان؟ الخطبة…
فانظر كيف اجتجت أولا على توريث الأنبياء بآيتي داود وزكريا الصريحتين بتوريثهما ولعمرى انها عليها السلام اعلم بمفاد القرآن ممن جاؤوا متأخرين عن تنزيله فصرفوا الارث هاهنا الى وراثة الحكمة والنبوة دون الأموال تقديماً للمجاز على الحقيقة بلا قرينة تصرف اللفظ عن معناه الحقيقي المتبادر منه بمجرد الاطلاق وهذا مما لايجوز؛ ولو صح هذا التكلف لعارضها به أبو بكر يومئذ أو غيره ممن كان في ذلك الحشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم (1) على ان هناك قرائن تعين وراثة الأموال كما أفاده سيدنا علم الهدى
____________
(1) لكنهم لم يعارضوها يومئذ به ولا بشئ سوى المصادرة اذ اجابها ابو بكر بقوله: يا ابنة رسول الله وما خلق الله خلقاً احب الي من رسول الله ابيك صلى الله عليه واله وسلم ولوددت أن السماء وقعت على الارض يوم مات ابوك صلى الله عليه واله وسلم والله لان تفتقر عائشة احب الي من ان تفتقرى اتريننى اعطى الابيض والاحمر حقه واظلمك حقك؟ وانت بنت رسول الله وان هذا المال لم يكن للنبي وانما كان مالا من اموال المسلمين يحمل به النبي الرجال وينفقه في سبيل الله فلما توفي وليته كما كان يليه. قالت والله لا كلمتك ابداً، قال: والله لاهجرنك ابداً قالت: والله لأدعون الله عليك، قال: لأدعون الله لك. فلما حضرتها الوفاء اوصت ان لا يصلي عليها. الحديث أخرجه أبو بكر الجوهري بهذه الالفاظ في كتاب السقيفة وفدك (كما في ص80 من المجلد الرابع من شرح النهج) وتراه ما عارضها فيما فهمته من التوريث في آيتي داود وزكريا وإنما عارضها بدعواه ان هذا المال لم يكن للنبي فلم تقنع منه إذ هي علم بشؤون أبيها ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
في كتابه الشافي (1).
واحتجت ثانياً على استحقافها الارث من أبيها صلى الله عليه واله وسلم بعموم آيات المواريث وعموم آية الوصية منكرة عليهم تخصيص تلك العمومات بلا مخصص شرعي من كتاب أوسنة، وما اشد انكارها على وجود المخصص في الكتاب إذ قالت: اخصكم الله بآية أخرج بها أبي ثم قالت. ام أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي؟ فنفت بهذا الاستفهام التوبيخي وجود المخصص في السنة بل نفت وجوده مطلقاً، إذ لو كان ثمة مخصص لبينه لها النبي والوصي ويستحيل عليهما الجهل به لو كان في الواقع موجوداً ولا يجوز عليهما أن يهملا تبيينه لها لما في ذلك من التفريط في البلاغ والتسويف في الانذار والكتمان للحق والاغراء بالجهل والتعريض لطلب الباطل والتغرير بكرامتها والتهاون في صونها عن المجادلة والمجابهة والبغضاء والعداوة بغير حق وكل ذلك محال ممتنع على الانبياء واوصيائهم عليهم السلام.
وبالجملة: كان كلف النبي صلى الله عليه واله وسلم ببضعته الزهراء واشفاقه عليها فوق كلف
____________
(1) حيث اعتبر (اعلى الله مقامه) خوف زكريا من الموالي قرينة على انه انما اراد وراثة الاموال لان الموالي كانوا ورثته اذ لم يكن له ولد وكانوا من سفهاء الفسقة فلا يمكن ان يكونوا انبياء ولا حكماء ليخاف ان يرثوا مكانته من العلم والحكم والنبوة وإنما كان يخشى ان يرثوا امواله فيصرفوها في عيثهم وفسادهم فسأل ربه أن يهب له ولداً ليكون أحق بوراثه أمواله منهم ـ و اعتبر ايضا (قدس سره) شرط زكريا على ربه ان يجعل وارثه رضيا قرينة اخرى على ارادة ارث المال اذ لو اراد ارث النبوة لكان هذا الشرط لغواً وجهلا وكان جاريا فيه مجرى من يقول أللهم ابعث لنا نبيا واجعله صادقاً غير كاذب.
الآباء الرحيمة واشفاقهم على ابنائهم البررة يؤويها الى الوارف من ظلال رحمته ويفديها بنفسه (1) مسترسلا اليها بأنه، وكان يحرص بكل مالديه على تأديبها وتهذيبها وتعليمها وتكريمها حتى بلغ في ذلك كل غاية يزفها المعرفة بالله والعلم بشرائعه زقاً لا يألوا في ذلك جهداً ولا يدخر وسعاً حتى عرج بها إلى اوج كل فضل، ومستوى كل مكرمة فهل يمكن أن يكتم عليها أمراً يرجع إلى تكليفها الشرعي؟ حاشا لله وكيف يمكن أن يعرضها (بسبب الكتمان) لكل ما أصابها من بعده في سبيل الميراث بل يعرض الأمة للفتنة التي ترتبت على منع ارثها؟.
وما بال خليل النبوة، والمخصوص بالاخوة، يجهل حديث: نحن لا نورث (مع ما آتاه الله من العلم؛ والحكم، والسبق، والصهر؛ والقرابة والكرامة، والمنزلة، والخصيصة؛ والولاية، والوصاية، والنجوى) وما بال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يكتم ذلك عنه، وهو حافظ سره، وكاشف ضره، وباب مدينة علمه؛ وباب دار حكمته، واقضى أمته، وباب حطتها، وسفينة نجاتها وامانها من الاختلاف؟.. وما بال أبي الفضل العباس وهو صنو أبيه، وبقية السلف من أهليه، لم يسمع بذلك الحديث؟ وما بال الهاشميين كافة وهم عيبته وبيضته التي تفقأت عنه لم يبلغهم الحديث حتى فوجئوا به بعد النبي صلى الله عليه واله وسلم؟. وما بال أمهات المؤمنين يجهلنه فيرسلن عثمان يسأل لهن ميراثهن من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ (2) وكيف يجوز على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أن يبين هذا الحكم لغير الوارث
____________
(1) ذكرها صلى الله عليه واله وسلم مرة فقال: فداؤها أبوها فداؤها أبوها فداؤها أبوها (ثلاث مرات) في حديث أخرجه الامام أحمد بن حنبل ونقله عنه وعن غيره ابن حجر في الامر الثاني من الامور التي ذكرها في خاتمة الآية الرابعة عشر من الآيات التي اوردها في الفصل الاول من الباب الحادي عشر من صواعقه: 109.
(2) فيما أخرجه ابو بكر الجوهري في كتاب السقيفة وفدك كما في: ص83 من المجلد الرابع من شرح النهج الحميدي.
ويدع بيانه للوارث؟ ما هكذا كانت سيرته صلى الله عليه واله وسلم إذ يصدع بالأحكام فيبلغها عن الله عز وجل ولا هذا هو المعروف عنه في انذار عشيرته الاقربين، ولا مشبه لما كان يعاملهم به جميل الرعاية وجليل العناية.
بقى للطاهرة البتول كلمة استفزت بها حمية القوم؛ واستثارت حفائظهم بلغت بها ابعد الغايات، ألا وهي قولها: أم تقولون أهل ملتين لا يتوارثان تريد بهذا ان عمومات المواريث لا تتخصص بمثل ما زعمتم وإنما تتخصص بمثل قوله صلى الله عليه واله وسلم لا توارث بين أهل ملتين واذن فهل تقولون (إذ تمنعونني الارث من أبي): انى لست على ملته فتكونون (لو اثبتم خروجي من الملة) على حجة شرعية فيما تفعلون؟ فانا لله وانا اليه راجعون.
وبالجملة: أخفقت الزهراء يومئذ في طلبها بسبب هذا الحديث وقد انفرد الخليفة به فلم يروه على عهده احد سواه، وربما قيل بأنه قد رواه معه مالك بن أوس بن الحدثان (1).
نعم ذكروا أنه ترافع علي والعباس الى عمر أيام خلافته وكان عنده حينئذ عثمان وعبد الرحمن والزبير وسعد فقال لهم (2) هل تعلمون ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال: لا نورث ما تركنا صدقة، فاضطر الرهط إلى التصديق، ولم يسعهم في تلك الظروف سوى الاذعان للخليفتين.
اما أبو هريرة فلم يكن تلك الايام في غيرها ولا نفيرها، ولا كان ممن يصغي اليهم أو يؤبه بهم وكان متهما في لهجته لا يجرأ مع وجود اولئك الاعلام على الحديث، ولا يرى في نفسه أهلية الانضواء الى من ينتصر الخليفة بروايته
____________
(1) فيما نص عليه جماعة من الاثبات فراجع صفحة: 91 من المجلد الرابع من شرح النهج.
(2) فيما اخرجه البخاري: 2/124 من صحيحه في باب فرض الخمس.
لذلك لم ينبس في هذا الموضوع يومئذ ببنت شفة حتى ذهب معظم الصحابة وفتحت الامصار كالشام ومصر وافريقيا والعراق وفارس والهند وغيرها، واسلم اهلوها جميعاً، فدخل المسلمون في دور جديد قد نوه بنو أمية فيه باسم أبي هريرة، واشادوا بذكره، فاطلقوا عنه ربقة الخمول؛ وكسوه نضره بعد الذبول؛ فتسنى له حينئذ أن يقول ما شاء أن يقول، فكان هذا الحديث مما تزلف به إلى ساسة الامة وسوقتها، لما فيه من تأييد الخليفة المحبوب، تأييده لدى الرأي العام وجمهور المسلمين.
21 ـ أبو طالب أبى الشهادتين
قال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لعمه أبي طالب: قل لا إله إلا الله أشهد لك بها يوم القيامة، قال: لولا أن تعيرني قريش يقولون إنما حمله على ذلك الجزع لأفررت بها عينيك، فأنزل الله تعالى: (إنك لا تهدي من احببت ولكن يهدي من يشاء).
وقال في مقام آخر: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لعمه عند الموت: قل لا إله إلا الله أشهد لك بها يوم القيامة فأبى، قال: فانزل الله تعالى الحديث (1).
ان أبا طالب رضوان الله وبركاته ورحمته عليه قضى في مكة سنة عشر للبعثة قبل الهجرة بثلاث سنين؛ وقيل بل قضى سنة تسع؛ وقيل سنة ثمان قبل قدوم أبى هريرة إلى الحجاز بعشر سنين في أقل ما يفرض فأين كان أبو هريرة عن النبي وعمه عليه السلام؟ وهما يتبادلان الكلام الذي ارسله عنهما كأنه رآهما بعينيه وسمع كلامهما بأذنيه؟ نعوذ بالله ممن لم يكن لدينه ولا لعقله على لسانه رقيب
____________
(1) أخرجه والذي قبله مسلم في: 1/31 من صحيحه من طريقين عن يزيد بن كيسان عن ابي حازم عن ابي هريرة.
ان هذا الحديث مما ارتجله المبطلون تزلفاً لأعداء آل أبى طالب، وعلمت الدولة الأموية في نشره أعمالها، وقد كفانا السلف الصالح من أعلامنا مؤنة الاهتمام بتزييفه وتلك مؤلفاتهم تثبت إيمانه بادلة لا تجحد، وحجج لا تكابر نحيل عليها من أراد الوقوف على الحقيقة (1) من شأن عم رسول اللة ومربيه وكافله وحاميه المنادي:
____________
(1) حسبك منها كتاب الحجة على الذاهب الى تكفير أبي طالب لمؤلفه الامام شمس الدين ابي على فخار بن الشريف معد الموسوي وهذا الكتاب طبع في المطبعة العلوية في النجف الأشرف سنة 1351 وعليه تعليقة شريفة للشريف العلامة البحاثة السيد الصادق الحسني الطباطبائي النجفي تصدى في آخرها لذكر المؤلفات في هذا الموضوع ومؤلفيها، فكان مما ذكره كتاب ولدي الأكبر ابي عبدالرؤوف عافاه الله وشافاه، قال الطباطبائي: وشيخ الأبطح أو ابو طالب للعلامة السيد محمد على آل شرف الدين الموسوي العاملي دام علاه طبع في بغداد سنة 1349 قال وهذا الكتاب خير كتاب الف في هذا الموضوع حلل فيه نفسيه شيخ الأبطح وبين ماله من الفضل وكبير القدر في جميع أدوار حياته وبحق ظهر للوجود وحيداً في بابه تأريخاً فلسفياً علمياً جيد التبويب والترتيب مفرغا في قالب بديع متين، واسلوب جذاب، والفاظ قوية بليغة اثبت ايمان ابي طالب عليه السلام واسلامه بادلة قطعت الخصام براهين سطعت فأماطت عن وجه الحقيقة ستر الظلام ولذا لم يمض على طبعه اكثر من شهر واحد حتى انتشر في الاقطار الاسلامية جمعاء وبعد مضي خمسة اشهرمن تاريخ طبعه ترجمة في لكنهور (احدى حواضر الهند الكبرى) العالم الفاضل السيد ظفر مهدي الى اللغة الهندية (الاوردية) ونشر بتلك اللغة ايضاً (اولا) في الجزء: 8, 9, 10 من المجلد الخامس من مجلة سهيل يمن ثم طبعه ثانياً مستقلا. وتقديراً لجهود مؤلفه الجليل أتيت بكلمتي هذه كما قدر جهوده قبلي جمهور من الاماثل فقد اطلعت على الكتب التي جاءت للمؤلف من الاقطار في اطراء كتابه وهي كثيرة وفيها التفاريظ القيمة من العلماء الاعلام ومن ملوك الاسلام (فمنهم) من آتاه الله من فضله العلم والملك وجمع له بين السلطتين الدينية والزمنية عاهل اليمن الامام يحيى خلد الله ملكه. وأما تفاريظ الصحف في العراق وسوريا ومصر، فقد كانت حافلة بالشكر والثناء والمدح والاطراء كثر الله في رجال العلم والعمل امثال السيد المؤلف ولا حرم العالم الاسلامي من ثمرات جهوده وجزاه عن جده أبي طالب وعن الحقيقة خير جزاء المحسنين.
يا شاهد الله علي فاشهد * أني على دين النبي أحمد
ذي الأيادي التي هي من المسلمين طوق الهوادي، شيخ الأباطح وبيضة البلد:ـ
لولاه ما شد أزر المسلمين ولا * عين الحنيفة سالت في مجاريها
آوي وحامي وساوي قيد طاقته * عن خير حاضرها طراً وباديها
ما كان ذاك الحفاظ المرأطة أر * حام وضرب عروق فارغاليها
بل للإله كما فاهت روائعه الـ * عصماء في كل شطر من قوافيها
ضاقت بما رحبت أم القرى برسو* ل الله من بعده واسود ضاحيها
فانصاع يدعو له بالخيرمبتهلا * بدعوة ليس بالمجبوه داعيها
لو لم تكن نفس عم المصطفى طهرت * ما فاه فوه بما فيه ينجيها
عاماً قضى عمه فيه وزوجته * قضاه بالحزن يبكيه ويبكيها
اعظم بايمان مبكي المصطفى سنة * أيامها البيض أدجى من لياليها
من صلبه انبثت الانوار قاطبة * فالمرتضى بدؤها والذخر تاليها (2)
22 ـ الانذار يوم الدار
أخرج الشيخان عن أبي هريرة (3) قال: قام رسول الله صلى الله عليه واله وسلم حين
____________
(1) ولأبي طالب اشعار كثيرة سائرة تثبت ايمانه.
(2) هذه الابيات من القصيدة العلوية العصماء ذات البروج لناظم عقودها سلطان العلماء وامير الشعراء الشيخ عبد الحسين الصادقي العاملي قدس سره.
(3) راجع من صحيح البخاري: 2/86 في باب هل يدخل النساء والولد في الاقارب من كتاب الوصايا حيث أخرجه ثمة من حديث الزهري عن سعيد بن المسيب وابي سلمة عن أبي هريرة، واخرجه مسلم من طريق عبد الملك بن عمير ومن طريق الزهري عن ابن المسيب وابي سلمة عن ابي هريرة، وله طرق اُخر عن ابي هريرة في مسند احمد وغيره.
أنزل الله عليه: (وانذر عشيرتك الأقربين) فقال: يا معشر قريش لا أغنى عنكم من الله شيئاً، يا بني عبدمناف لا أغنى من الله شيئاً، يا عباس لا أغنى عنك من الله شيئاً يا صفية لا أغنى عنك من الله شيئاً، يافاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغنى عنك من الله شيئاً.
(قلت): هذه الآية إنما نزلت في مبدأ البعثة قبل الاسلام بمكة حيث كان أبو هريرة في اليمن، وإنما كان قدومه إلى الحجاز، واسلامه بعد نزولها بعشرين سنة تقريباً، وقد بتر أبو هريرة هذا الحديث وحرفه عن مواضعه جرياً على مقتضيات السياسة السفيانية وموجبات دعايتها ضد الوصي وسائر آل النبي فانه صلى الله عليه واله وسلم جمع عشيرته الأقربين يوم نزول الآية وفيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس رضي الله عنهم، وأبو لهب تبت يداه. فدعاهم الى الله عز وجل وكان مما قاله يومئذ لهم: فأيكم يوازرني على أمري هذا على ان يكون أخي ووزيري ووصيي ووارثي وخليفتي؟ فقال عليّ وهو إذ ذاك أصغرهم: أنا يانبي الله أكون وزيرك عليه فأخذ رسول الله صلى الله عليه واله حينئذ برقبته فقال: ان هذا اخي ووزيري ووصيي ووارثي وخليفتي فيكم فاسمعوا له واطيعوا الحديث (1).
____________
(1) هذا الحديث من صحاح السنن كما بيناه في اول المبحث الثاني من المراجعات حيث فصلنا من أخرجه من اصحاب السنن والمسانيد وارباب السير والتواريخ من المسلمين وغيرهم فلا مندوحة لكل بحاثة عن (المراجعات) فان ثمة ما تشتهي الا نفس وتلذ الأعين.
23 ـ لعب الحبشة في المسجد عند النبي صلى الله عليه وآله
أخرج البخاري عن أبي هريرة قال: بنا الحبشة يلعبون في المسجد عند النبي صلى الله عليه وآله بحرابهم دخل عمر فأهوى الى الحصى فحصبهم بها فقال النبي صلى الله عليه وآله دعهم يا عمر الحديث (1).
«قلت»: ان رسول الله صلى الله عليه وآله أبعد عن اللعب، وأرفع عن العبث وأعرف بحرمات الله ورسوله من أن يوسع للجهال مجالا إلى اللهو في المسجد بمحضر منه، وأن أوقاته الشريفة المفعمة بالمهمات الأخروية والدنيوية لا تتسع للهو منها شيء، وحاشا لله أن يشغل مسجده الشريف بعبث أو لهو أو لغو «كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا».
24 ـ النسخ قبل حضور وقت العمل
أخرج البخاري (2) عن أبي هريرة قال: بعثنا رسول الله في بعث فقال صلى الله عليه واله وسلم: إن وجدتم فلاناً وفلاناً فاحرقوهما بالنار (قال): ثم قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لنا حين أردنا الخروج أني امرتكم ان تحرقوا فلاناً وفلاناً وان النار لا يعذب بها إلا الله تعالى فان وجدتموهما فاقتلوهما أ هـ.
(قلت): هذا الحديث باطل، لاشتماله على النسخ قبل حضور وقت العمل وذلك محال على الله تعالى وعلى رسوله صلى الله عليه واله وسلم كما هو مقرر في محله فان رسول الله حين قال: احرقوا فلاناً وفلاناً فانما قال ذلك عن الله عز وجل: (وما
____________
(1) في باب اللهو بالحراب: 2/120 من صحيحه في كتاب الجهاد والسير.
(2) في باب لا يعذب بعذاب الله: 2/114 من صحيحه في كتاب الجهاد والسير.
مركز الأبحاث العقائدية
https://t.me/wilayahinfo
[email protected]
2017-10-22