الرئيسية / من / طرائف الحكم / تذكرة المتقين – موعظة لقمان عليه السلام في السير نحو الجنـّة

تذكرة المتقين – موعظة لقمان عليه السلام في السير نحو الجنـّة

مفاهيم رئيسة

1- على طالب الموعظة أن يلتفت إلى أهمّية الواعظ وصفاته الخلقية وكذلك مضمون الموعظة، لكي ينفتح سمع القلب على المواعظ الربّانية.

2- يقول لقمان الحكيم في الموعظة الأولى: “أحكِم سَفينَتَكَ فَإِنَّ بَحرَكَ عَميقٌ” والسفينة في هذه الدنيا هي التقوى، والتي ينبغي أن تكون ملكة متجذّرة في قلب الإنسان مهما علتْ أمواج الشهوات والإغراءات.

 

3- يقول لقمان الحكيم في الحكمة الثانية: “وخَفِّف حِملَكَ فَإِنَّ العَقَبَةَ كَؤودٌ” فالدُّنيا عبارة عن ميدان سباق، وفي الطريق قد تعترض الإنسان عقبةٌ صعبة، وهي عبارة عن الذُّنوب التي تشدُّ الإنسان نحو الهاوية وتمنعه من الوصول إلى الله.

 

4- يقول لقمان الحكيم في الحكمة الثالثة: “وأكثِرِ الزّادَ فَإِنَّ السَّفَرَ بَعيدٌ” والزاد هو بمعنى التقوى على مستوى العمل، في القيام بالواجبات وترك المحرّمات.

5- يقول لقمان الحكيم في الحكمة الرابعة: “وأخلِصِ العَمَلَ فَإِنَّ الناقِدَ بَصيرٌ” فالميزان في الحسابات الرَّبانية ليس كثرة العمل، بل الإخلاص في أصل العمل.

المعصية سبيل الخسران

مفاهيم محورية

– خصال طالب الموعظة.

– عدم اتخاذ المعاصي سبيلاً لنيل الأهداف.

– أسباب اختيار الإنسان للوسائل المحرّمة.

– نماذج لاتخاذ المعصية ذريعة لقضاء الحوائج.

– طاعة الله أسرع الطرق للوصول.

تصدير الموضوع

روى الكلينيّ قدس سره في الكافي عن عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَن شَرِيفِ بْنِ سَابِقٍ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ أَبِي قُرَّةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام، قَالَ: “كَتَبَ رَجُلٌ إِلَى الْحُسَيْنِ عليه السلام: عِظْنِي بِحَرْفَيْنِ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ: مَنْ حَاوَلَ أَمْراً بِمَعْصِيَةِ الله كَانَ أَفْوَتَ لِمَا يَرْجُو وَأَسْرَعَ لِمَجِي‏ءِ مَا يَحْذَر”1.

 

خصال طالب الموعظة

من الملاحظ في الرَّجل الَّذِي أُلقيت إليه هذه الموعظة أنَّه يتميّز بخصلتين:

 

الخصلة الأُولى: أنَّه طلب الموعظة وسعى نحوها:

فإنَّ هناك صنفاً من النّاس تأتيه الموعظة ولا يتّعظ بها، وصنفاً آخر منهم يسعى بنفسه نحو الموعظة. وهذا الرجل من الصِّنف الثاني, حيث كتب هو إِلَى المولى أبي عبد الله الحسين عليه السلام يطلب منه أنْ يعظه، فكانت الموعظة. ولا شكّ أنَّ الصِّنف الثاني هو الأفضل، خصوصاً إذا عمل بمقتضى الموعظة التي يطلبها.

 

1- الكُلَيْني، مُحَمَّد بن يعقوب، الكافي، ج 2، ص 273، تصحيح وتعليق على أكبر غفاري، الطَّبعة الثّالثة 1367ش، دار الكتب الإسلاميَّة، طهران.

وفي كُلِّ لحظةٍ من لحظات حياة الإنسان، هذا المخلوق الضعيف، نرى أنَّه يمرُّ بالمواعظ والعبر من دون أنْ يلتفت إليها، كيف والدُّنيا “دَارُ مَوْعِظَةٍ لِمَنِ اتَّعَظ2؟ وعن أمير المؤمنين عليه السلام: “إِنَّ فِي كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَعِبْرَةً لِذَوِي اللُّبِّ والاعْتِبَارِ”3 وعنه أيضاً: “مَنْ كَانَتْ لَهُ فِكْرَةٌ فَلَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ عِبْرَة”4، وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: كَتَبَ هَارُونُ الرَّشِيدُ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عليه السلام عِظْنِي وَأَوْجِزْ. قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ: “مَا مِنْ شَيْ‏ءٍ تَرَاهُ عَيْنُكَ إِلَّا وَفِيهِ مَوْعِظَة5.

 

فالطَّالِب للموعظة تارةً يكون طالباً لموعظةٍ عامّة تصلح لكلّ أحدٍ، نظير الأدوية الشائعة، والتي تكون في متناول يد الجميع، وتصلح للاستشفاء مِمّا شاع من الأمراض وعمّ، كأدوية الصداع والإسهال والإمساك ونحو ذلك من الأمراض الشائعة والعامة. وأخرى يكون طالباً للموعظة الخاصّة التي تتناسب مع ابتلاء ومرض خاصٍّ وقع فيه، أو الموعظة التي تتناسب مع نفسيّةٍ خاصّة لشخصٍ ما.

 

فالأوّل لا يحتاج إِلَى أكثر من أنْ يرى بعين بصيرته، فإنّه وإنْ كان “فِي كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَة”، لكنّ الأعمى لا يُبصِر الطريق وإنْ كان واسعاً وسهل العبور. فهو يحتاج إِلَى الطلب، ولكن طلبه يكون بالسعي نحو رفع الغشاوة وإزالة الحجب.

 

والثاني بحاجةٍ إِلَى البحث عن طبيبٍ يداوي له مرضه، ويصف له ما يلزمه في دنياه وآخرته.

 

2- الشريف الرضي، محمد بن الحسين الموسوي، نهج البلاغة، ص430، تحقيق وتصحيح، عزيز الله العطاردي، نشر، مؤسسة نهج البلاغة، الطبعة الأولى 1414هـ، قم المقدسة.

3- اللَّيثي الواسطي، علي بن مُحَمَّد، عيون الحكم والمواعظ، ص141، تحقيق الشَّيْخ حسين الحسني، الطَّبعة الأُولى 1376ش، دار الحديث، قم.

4- م.ن، ص 442.

5- الحرّ العاملي، محمّد بن الحسن، وسائل الشّيعة، ج 15، ص 196، تحقيق ونشر، مؤسسة آل البيت عليهم السلام، الطَّبعة الأُولى 1412، قم.

والطبيب، وإنْ كان يذهب أحياناً نحو المرضى، ولكن إنْ كان المرض خاصاً، مع ندرة الطبيب الخبير به، حينئذٍ يصبح لزاماً على المريض أنْ يسعى جهده للمثول بين يدي الطبيب للاستفادة منه، حتى لو أدّى ذلك إِلَى صرف الأموال الطائلة وطيّ المسافات الشاسعة للوصول إليه.

 

فالذي يظهر ـ إذاً ـ من هذه الخصلة الأُولى، أنَّ صاحبها من الَّذِين يسعون نحو المواعظ، ولا يكتفون بالمواعظ العامّة المتوفّرة لكُلِّ أحد, لذلك كتب للمولى أبي عبد الله الحسين عليه السلام. (عظني بحرفين).
IMG-20170320-WA0000

https://t.me/wilayahinfo

[email protected]

الولاية الاخبارية

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...