صلة الأرحام
جاء في خطبة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: “وصلوا أرحامكم،… ومن وصل فيه رحمه وصله الله برحمته يوم يلقاه، ومن قطع فيه رحمه قطع الله عنه رحمته يوم يلقاه،…”.
1- صلة الرحم واجبة:
إنّ صلة الرحم من الواجبات في الشريعة الإسلامية، وقطع الرحم من الذنوب
24- كنز العمال، ج6، ص348.
25- وسائل الشيعة، ج9، ص311.
26- م.ن، ص380.
27- بحار الأنوار، ج 93، ص 147.
الكبيرة. وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت عليهم السلام إلى صلة الأرحام في جميع الأحوال، وأن تقابل القطيعة بالصلة حفاظاً على الأواصر والعلاقات، وترسيخاً لمبادىء الحب والتعاون والوئام. روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “إنّ الرحم معلّقة بالعرش، وليس الواصل بالمكافىء، ولكن الواصل من الذي إذا انقطعت رحمه وصلها”28. وصلة الرحم من خير أخلاق أهل الدنيا كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “ألا أدلكم على خير أخلاق أهل الدنيا والآخرة؟ من عفا عمن ظلمه، ووصل من قطعه، وأعطى من حرمه“29.
2- كيفية صلة الرحم:
تتجلّى مظاهر الصلة بالاحترام والتقدير والزيارات المستمرة وتفقّد أوضاعهم الروحية والمادية، وتوفير مستلزمات العيش الكريم لهم، وكفّ الأذى عنهم. وأدنى الصلة الصلة بالسلام، روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “صلوا أرحامكم ولو بالسلام”30. وأدنى الصلة المادية السقاء، روي عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام: “صل رحمك ولو بشربة ماء…”31. ومن مصاديق صلة الأرحام كفّ الأذى عنهم. روي عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام: “عظّموا كباركم، وصلوا أرحامكم، وليس تصلونهم بشيء أفضل من كفّ الأذى عنهم“32.
3- قطيعة الأرحام موجبة لدخول النار:
الإسلام دين التآزر والتعاون والوئام، لذا حرّم جميع الممارسات التي تؤدّي إلى التقاطع والتدابر، فحرّم قطيعة الرحم، وجعلها موجبة لدخول النار والحرمان من الجنّة. روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ” ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن خمر، ومدمن
28- الكافي، ج 2، ص 151.
29- المتقي الهندي، كنز العمال، ج15، ص835.
30- بحار الأنوار، ج 10، ص 92.
31- الكافي، ج2، ص151.
32- م.ن، ص165.
سحر، وقاطع رحم” 33 وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: “اثنان لا ينظر الله إليهما يوم القيامة: قاطع رحم، وجار السوء”. وقطيعة الرحم موجبة للحرمان من البركات الالهية، كنزول الملائكة وقبول الأعمال. روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “إنّ الملائكة لا تنزل على قوم فيهم قاطع رحم“34.
4- مقابلة القطيعة بالقطيعة ظاهرة سلبية في العلاقات:
من الظواهر الاجتماعية التي تسود بعض المجتمعات أن يقاطع الإنسان من قاطعه من الأرحام، وسائر المسلمين، وهي ظاهرة سلبية وموجبة لعدم رضا الله تعالى عن الجميع، ففي رواية أنّ رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: “يا رسول الله، أهل بيتي أبوا إلاّ توثّباً عليَّ وقطيعة لي وشتيمة، فأرفضهم؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: إذن يرفضكم الله جميعاً قال: كيف أصنع؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمَّن ظلمك، فإنّك إذا فعلت ذلك، كان لك من الله عليهم ظهير”35.
5- الآثار الروحية والمادية لصلة الأرحام وقطيعتها:
لصلة الأرحام آثار إيجابية في الحياة الإنسانية بجميع مقوِّماتها الروحية والخلقية والمادية، روي عن الإمام محمد الباقر عليه السلام: “صلة الأرحام تزكي الأعمال، وتنمي الأموال، وتدفع البلوى، وتيسّر الحساب، وتنسء في الأجل“36.
ومن الثابت في العديد من الأخبار أن صلة الرحم تزيد في العمر، فقد ورد عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام أنّه قال: “ما تعلم شيئاً يزيد في العمر إلاّ صلة الرحم، حتّى أنّ الرجل يكون أجله ثلاث سنين فيكون وصولاً للرحم فيزيده الله في عمره ثلاثين سنة فيجعلها ثلاثاً وثلاثين سنة، ويكون أجله ثلاثاً وثلاثين سنة، فيكون قاطعاً للرحم فينقصه الله ثلاثين سنة
33- وسائل الشيعة، ج15، ص346.
34- مستدرك الوسائل، ج9، ص107.
35- الكافي، ج2، ص150.
36- م.ن، ص150.
ويجعل أجله إلى ثلاث سنين”37.
تكريم الأيتام
جاء في خطبة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: “وتحنّنوا على أيتام الناس يتحنّن على أيتامكم ومن أكرم فيه يتيماً أكرمه الله يوم يلقاه”38.
لقد أولت الشريعة الإسلامية اليتيم عناية فائقة، وحثّت على رعايته والمحافظة على أمواله، وحذّرت من التجاوز على حقوقه. ومن جهة أخرى فقد أهابت بالمحسنين أن يقوموا بتهذيبه وتأديبه كما يراعي الوالد أبناءه. ويمكن اختصار أهم الواجبات التي يجب على المجتمع المسلم مراعاتها والاهتمام بها في رعاية الأيتام بالآتي:
1- رعاية شؤونه المادية وحفظ حقوقه وممتلكاته حتّى يبلغ. قال تعالى: ﴿وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا﴾39.
2- تربيته على متطلّبات الحياة وتأهيله لخوض غمارها بثبات ونجاح وسعادة.
3- احتضانه معنوياً وحفظ حقوقه المعنوية.
وتقع هذه المسؤوليات على المجتمع بمختلف شرائحه ومستوياته الاجتماعية كلاً بحسب ما يملك من طاقات وامكانيات.
37- الكافي، ج2، ص152.
38- الشيخ الصدوق، الامالي، ص155.
39- النساء، 2.
مفاهيم رئيسة
1- الصّوم عبادة عظيمة في الإسلام ولها أبعاد وآثار إيمانية وروحيّة مهمة في العلاقة مع الله تعالى، إضافة إلى العديد من الآثار والقيم الاجتماعية والتربوية التي تنعكس على الفرد والمجتمع.
2- يتعلّم المسلم في صومه النظام والانضباط، ويتعلّم أنّ الصوم أمانة في عنق المكلّف استودعه الله إيّاها، فأمره أن يحفظ نفسه وجوارحه من الآثام.
3- لقد تحدّث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في خطبته في استقبال شهر رمضان عن أهم الأمور إلتي تشكّل عنصراً معِيّناً للصائم وتفتح له آفاق العلاقة بالآخر، وهي:
أ- حسن الخلق: وهي معاشرة الناس بمعروف ومداراة ولطف.
ب- الصدقة: وهي من الأمور التي حثّ عليها الإسلام ضمن أعمال شهر رمضان. ومن آثارها, أنّ الصدقة تقع في يد الله، وأنّها تطفئ غضب الرب، وأنّها تدفع البلاء، وتزيد في العمر وتدفع ميتة السوء.
ج- صلة الرحم: من الأمور المهمة التي ينبغي التركيز عليها في شهر رمضان صلة الرحم، لأنّها تترك في النفس والمجتمع بركات كثيرة جداً، وأما قطيعة الرحم فإنّها من الأمور التي توجب دخول النار.
د- إكرام اليتيم: إنَّ الاهتمام بالأيتام من الأمور التي أولتها الشريعة اهتماماً بالغاً وخاصة في شهر رمضان الكريم، تكريم الأيتام وحسن رعايتهم، إضافة إلى التحذير من التعدّي على أموالهم، وحذّرت من التجاوز على حقوقهم. وأهابت بالمحسنين أن يقوموا بتهذيبهم وتأديبهم كما يراعي الوالد أبناءه.
الولاية الاخبارية