الرئيسية / بحوث اسلامية / فضل إحياء مراسم عاشوراء

فضل إحياء مراسم عاشوراء

بسم الله الرحمن الرحيم

 

فضل إحياء مراسم عاشوراء

 

إن مراسم عزاء الإمام الحسين (ع) وفضل إحياء ذكرى عاشوراء، من أهم ما يميز الشيعة عن سائر اخوتهم المسلمين، فمنذ أن أصبحت ذكرى مصيبة الإمام الحسين (ع) سنة يعمل بها، تفجرت فيوضات ومعنويات في قلوب وأذهان محبي أهل البيت (ع)، وما زالت تتفجر إلى يومنا هذه وستبقى كذلك بفعل ذكرى عاشوراء.

 

إن الهدف من عاشوراء ليس مجرد الحديث عن الذكرى وحسب، بل تبيانها بكل أبعادها وجزئياتها التي لا عدّ لها ولا حصر، إذن إحياء هذه الذكرى هو في الحقيقة عمل ذو فضل عظيم، ومن هنا كانت مسألة البكاء والإبكاء على مصاب الحسين (ع) سائدة حتى زمن أئمتنا عليهم السلام، وينبغي أن لا يفكر أحد بعدم جدوى البكاء، وما إلى ذلك من العادات القديمة، في زمن الفكر والمنطق والاستدلال، فهذا فكر خاطئ، لأن لكل شيء مكانه، ولكل سهمه في بناء شخصية الإنسان، العاطفة من جهة والمنطق والاستدلال من جهة أخرى، أمور كثيرة لا تحل إلا عن طريق العاطفة والمحبة، ولن يؤثر فيها المنطق والاستدلال.

 

إذا ما نظرنا إلى حركة الأنبياء والرسل لوجدنا أن المنطق والاستدلال لم يكن لهما أي دور في التفاف عدد من الناس حول أي نبي مرسل، وليس هناك في التاريخ وبالتحديد تاريخ الرسول الأكرم (ع)، وهو تاريخ مدون وواضح، ما يشير إلى أن النبي الأكرم (ص) كان يخاطب كفار قريش بمنطق الاستدلال، فلم يكن يستدل لهم على وجود الله أو على وحدانية الله أو على بطلان الأصنام والأوثان، فهذه مرحلة تأتي فيما بعد عندما تمضي النهضة قدماً في طريقها، أما بداية فإن الحركة لن تقوم إلا على العواطف والأحاسيس، لذا كان النبي الأكرم (ص) يؤكد في مخاطبته الكفار أول الأمر على عجز أصنامهم وآلهتهم، ويدعوهم إلى الإيمان بوحدانية الله تعالى، “قولوا لا إله إلاّ الله تفلحوا”، فعلى أي دليل استند بـ (لا إله إلاّ الله)، وعلام يفلح من يقول (لا إله إلاّ الله)، وهل هناك في هذه المقولة استدلال عقلاني أو فلسفي؟.

 

طبعاً لا ننكر أن في كل إحساس صادق يكمن برهان فلسفي، ولكن المسألة هي أن النبي (ص) عندما يهمّ بنشر دعوته لا يستند في ذلك بداية إلى الاستدلال المنطقي، بل يدخل من باب العواطف والأحاسيس الصادقة التي لا تخلو من المنطق بحد ذاتها وهي تحمل استدلالاً بين جنباتها، فاهتمامه (ص) انصبّ بداية على الظلم الذي كان يسود المجتمع وما يعانيه هذه المجتمع من اختلاف بين الطبقات وضغوط يمارسها أعداء الله من البشر وشياطين الإنس بحق الناس، وهذا ما يدخل في إطار العواطف والأحاسيس، وعندما تستقر دعوته يحين دور المنطق والاستدلال الذي يستوعبه من يمتلك عقلاً نيّراً وفكراً متفتحاً، فيما يبقى البعض في درجات أدنى من ذلك، ولكن ليس من الواضح والمؤكد من يمتلك مستوى عالياً في مجال الاستدلال يمتلك مستوى مماثلاً في مجال المعنويات ودرجاتها؛ فقد تجد أحياناً أناساً ذوي مستويات متدنية في المنطق والاستدلال، لكنهم يملكون عواطف وأحاسيس جياشة، ويرتبطون في بواطنهم بالمبدأ الغيبي أكثر من غيرهم ويهيمون في حبهم للنبي الأكرم (ص)، مثل هؤلاء يحققون درجات عليا.

 

إذن، فللعاطفة مكانها ودورها ولكنها لا تستطيع أن تحل محل الاستدلال ولا الاستدلال يمكن أن يحل محلها.

 

 

لا يوم كيومك يا أبا عبدالله الحسين عليه السلام 

 

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...