الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / هل عرفنا الحسين عليه السلام حقّ معرفته؟

هل عرفنا الحسين عليه السلام حقّ معرفته؟

جاء عن ابن عباس: «فلما بلغ صلّى الله عليه وآله إلى سدرة المنتهى فانتهى إلى الحجب قال جبرئيل: تقدم يا رسول الله ليس لي أن أجوز هذا المكان ولو دنوت أنملة لاحترقت»(1).
وجاء في رواية أخرى أنه صلّى الله عليه وآله قال: «فلمّا انتهيت إلى حجب النور قال لي جبرئيل: تقدّم يا محمد، و تخلّفَ عني، فقلت: يا جبرئيل في مثل هذا الموضع تفارقني؟! فقال: يا محمد إن انتهاء حدّي الذي وضعني الله عزّ وجلّ فيه إلى هذا المكان، فإن تجاوزته احترقت أجنحتي بتعدّي حدود ربي جلّ جلاله. فزخَّ بي في النور زخّة حتى انتهيت إلى حيث ما شاء الله من علوّ ملكه»(2).
و هنا عندما بلغ الله تعالى بحبيبه هذه المرتبة جعل يريه آياته الكبرى، و تحقق قوله سبحانه: (لقد رأى من آيات ربه الكبرى)(3) وكان مما رآه صلى الله عليه وآله من الآيات الكبرى مكانة حفيده الإمام الحسين سلام الله عليه وعظمته في السماوات.
عن الإمام الحسين سلام الله عليه قال: «أتيت يوماً جدّي رسول الله صلى الله عليه وآله، فرأيت أُبَيّ بن كعب جالساً عنده، فقال جدّي: مرحباً بك يا زين السماوات والأرض! فقال أُبيّ: يا رسول الله! و هل أحد سواك زين السماوات والأرض؟ فقال النبي صلّى الله عليه وآله يا أُبَي بن كعب والذى بعثني بالحقّ نبياً، إنّ الحسين بن علي في السماوات أعظم مما هو في الأرض، و اسمه مكتوب عن يمين العرش: إن الحسين مصباح الهدى و سفينة النجاة»(4).
و من هنا كان على زائر الإمام الحسين سلام الله عليه أن يعرف أنّه بين يدي مَن، و يكلّم مَن، ولو كنّا كذلك و نحن في حرم الحسين سلام الله عليه و بين يديه و عندما نزوره لما شُغلنا بغيره أبداً.
يقول الإمام الصادق سلام الله عليه:«مَن أتى الحسين عارفاً بحقّه كتبه الله في أعلى علّيين»(5).
إنّ الله سبحانه و تعالى دعا أشرف أنبيائه و من خاطبه بقوله: «لولاك لما خلقت الأفلاك»(6)، دعاه في أعظم دعوة لأعظم وليمة يغذيه فيها بالتعاليم الروحية وليريه آياته الكبرى، و منها «أنّ الحسين مصباح هدى و سفينة نجاة». فهذا هو الحسين سلام الله عليه؛
 فهل عرفناه حقّ معرفته؟
فهل الوفد المليوني السائر لزيارة الحسين يعرفونه حق معرفته؟
 ذا كان كل هؤلاء يعرفونالحسين و يسيرون على خطى الحسين الثائر كما أراد هذا الثائر و ترك الصرخة المدوية التي مازالت: أما من ناصر ينصرنا.. إذا كان كل هؤلاء كذلك فقد فزنا والله، ولكن واقعنا أموي بل يزيدي بكل المقاييس، ترى لو عاد الحسين هذا اليوم و نادى بعالي الصوت قبل أن يشهر السيف هل سيحصل على كل هذه الملايين؟؟
تقول الروايات أن المهدي الموعود و هو مكمّل المسير الحسيني لا يخرج إلا في أولو قوة ولا يقلّ عددهم عن عشرة آلاف. و نحن نرى هذه الملايين فلو كان هناك عشرة آلاف من الخواص المؤمنة لظهر الإمام، و يتعلق بذمته حينذاك إنقاذ الناس مما هم فيه، كما بُنيت عقيدة الشيعية الإمامية على هذا، وكما هو معلوم و ثابت قطعا عند الشيعة الإمامية، نقول هذا مع أننا مع خلود الشعائر والمظاهر الحسينية و أهمها السير إلى كربلاء، لكن بعيدا عن الرتوش التي لحقتها.
لكن مهلا أين الصفوة(النخبة)و ماذا أخذت عن الحسين؟ لقد كان قائدا حقيقيا أبويا بمعنى الكلمة.. و مبدئيا بكل المقاييس حتى أنه كان مستعدا لأن يثور لأجل الناس ولو كان وحيدا و يقف بوجه الظلم، و وضع حجر الزاوية لتشييد البنيان الصحيح من الأساس.
لقد كان الإمام الحسين جهة شرعيّة تمثّل كل مظلوم و تستمد شرعيتها من الإيمان المطلق بأحقية الهدف و نصرة المسحوقين، فضلا عن العلاقة مع السماء، و تؤمن بوجوب دفع الظلم والظالمين الذين مثلوا الجهة التي إتكأت على جبروت القوة، و إرادة القهر، وسحق كل من يقف بوجهها حتى ولو كان سيد شباب أهل الجنة، ولكن يا تُرى كم من هذا عند قادتنا الغارقون في زينتهم و أموالهم التي تنوء بها ميزانياتنا الإنفجارية، ناهيك عن ولعهم بقطع الطرقات و إعلان حالة الطوارئ في أية لحظة و تشغيل صافرات الإنذار و نشر الضجيج تماما كما إنتشرت الفوضى في حقبتهم التي سيذكرها التاريخ بلا شك !!
كان الإمام الحسين يتحسس القاصي والداني بين كل الناس حتى في طريق الرحيل المضنيّ من مكة إلى كربلاء و يضع يده قبل أن يضع خده إلى الإبن و على الغلام التركي سواءاً بسواء، و يسقي حتى أعدائه الماء لئلا يهلكوا عطشا، لأنه حق لا باطل فيه و هداية لا غاية فيها غير حب العدالة و تمسكا بالقيم الانسانية السامية.
فكم عند قادتنا من ذلك وكم عندنا من ذلك فنحن الذي مكنّاهم من رقابنا!!
هذه الوفود هل حملت الإمام الحسين هدى وراية ومنهج؟ أم انها عرفت إسما ولم تعرف مسمى؟ فلماذا نأخذ ولا نعطي أبدا؟ ولماذا نتكلم ولا نطبّق؟ ولماذا نجوع في بلد السواد؟ ولم تجر دمعة من ملوك الخضراء على أقل التقادير إن لم يكن بوسعهم إشباع الجوعى؟ ولماذا خلال الثماني سنوات لم نتقّدم بل نتراجع القهقرى إلى الحضيض؟ هل يرضى الحسين أن يكون شعبه في كربلاء يفترش الرمال و ربما لا رمال بل أوحال!!

المصادر:
1) بحار الأنوار/ ج18/ ص286.
2) المصدر نفسه/ ص 346.
3) سورة النجم: الآية 18 .
4) مدينة المعاجز، للسيد هاشم البحراني، ج4، ص51.
5) بحار الأنوار/ ج98/ ص70.
6) بحار الأنوار/ ج16/ ص406.

 

0000

 

شاهد أيضاً

آداب الأسرة في الإسلام

رابعاً : حقوق الأبناء : للأبناء حقوق علىٰ الوالدين ، وقد لخّصها الإمام علي بن ...