في أسبوع الوحدة الإسلاميّة: المشكلة والحلّ
4 ديسمبر,2017
تقاريـــر
1,001 زيارة
الوقت- يعد شعار الصراع بين الإسلام والكفر الذي ترفعه العديد من التيارات الإسلاميّة تحت مظلّة الوحدة أحد أبرز نقاط الضعف التي يجب معالجتها، فالصراع هو بين المستضعفين والمستكبرين.
يُجمع علماء السنّة والشيعة على أهميّة الوحدة الإسلاميّة وضروراتها وينطلق جميع الداعيمن لخيارها من قوله تعالى”ولا تنازعوا فتفشلوا”.
ورغم انّ الوحدة قضيّة استراتيجية ترتكز على مصالح ثابتة لا تتغيّر مع الزمن، إلا أن الخطوات التي أُنجزت في سبيلها تبدو غير كافيّة، ولا تتناسب مع تطلّعات أغلب قيادات العالم الإسلامي في الوصول إلى جسد إسلامي واحد إذا اشتكى منه عضو واحد تداعت له جميع الأعضاء.
يدرك الجميع أن الطريق إلى الوحدة ليس سهلاً ويتطلب عدداً من الشروط والأحكام، ولعلّ أهمّ هذه الشروط تتمثّل في معرفة المشاكل التي تتعلّق بالوحدة، أو نقاط الضعف، بغية معالجتها والوصول إلى ما تصبوا إليه الأمّة.
المشكلة
يعدّ الفهم الخاطئ لمفهوم الوحدة أحد أبرز المشاكل التي تتعلّق بها. فقد اعتقد البعض أن الوحدة الإسلاميّة هي الغلبة وتوحيد جميع الطوائف والمذاهب، في حين اعتقد آخرون أن الأخوّة الإسلاميّة تعني رعاية البقيّة كأشقاء صغار ما أنتج تعالي قومي وعنصري، بل ذهب البعض إلى طرح شبهات تدّعي أن الوحدة الإسلامية تعني تخلّي المسلمين عن عقائدهم، وهنا يأتي دور المثقّفين في توعية جميع الأطياف على حقيقة الوحدة الإسلاميّة.
من المشاكل الأخرى التي تتعلّق بالوحدة هي الهجمة الغربيّة والعمل على تفريق الأمة باستخدام سياسية “فرّق تسد” كون التقارب الإسلامي سينعكس سلباً على مصالح هذه الدول سياسياً عسكرياً أو أمنيّاً. لم تقدّم صحيفة “ناشيونال انترست” الأمريكية مؤخراً الصراع بين السعوديّة وايران على أنّه صراع بين يزيد والإمام الحسين عبثاً، بل لإضفاء البعد الطائفي والمذهبي على هذه الصراع. كذلك، ما يجري في فلسطين من سياسة التفريق التي تثيرها “اسرائيل” بين ابناء البلد الواحد والدين الواحد والمذهب الواحد أحد هذه المظاهر التي باتت تُدّمر القضيّة الفلسطينية عبر توزيعهم بين رام الله وغزّة.
لا تتوقّف المشاكل عن هذا الحد، بل يحاول البعض، من حسن نيّة أو سوئها، التأكيد على موراد الاختلاف بغية معالجتها، رغم أنّ الوحدة تعني التأكيد على المشتركات التي تعدّ أكثر من موارد الاختلاف. إن معالجة موارد الاختلاف يجب أن تحصل في الغرف المغلقة وبين الجهات المختصّة دون إطلاع الرأي العام عليها، إلا في حال الحصول على نتيجة إيجابيّة وحدويّة، وما عدا ذلك يجب التركيز على المشتركات وتعزيزها.
المشكلة “العويصة” حول قضيّة الوحدة الملحّة التي يجب أن تتربّع على سلّم أولويات العالم الإسلامي تتعلّق ببعض الشعارات التي لا تبدو متعارضة مع حقيقة الوحدة، إلا أنّها في الواقع ليست كذلك، والأهم من ذلك أن كثيرين لا يرون صلة مباشرة بينها وبين الوحدة رغم أنّ الحقيقة ليست كذلك. هذه المشكلة تتمثّل في إظهار العديد من التيارات الإسلاميّة، حتى تلك الداعمة للوحدة، الصراع القائم في المنطقة والعالم على أنّه “صراع بين الإسلام والكفر”، فما المشكلة في هذا الشعار البرّاق؟
تكمن المشكلة في كون هذا الشعار يفتح الأبواب على تكفير بعض الجماعات أو إخراجها من الملّة، فترى كل جهة تدخل في تصنيف بقيّة الفئات الأمر الذي يرسم صورة ضبابيّة يستغلّها الأعداء عبر بعض النصوص الشرعيّة لتفتيت الأمّة الإسلاميّة، فعندما يصنّف الوهابي الشيعي بالغير مسلم أو غيره، فهذا يعني تفتيت الإسلام.
الحلّ
وأما بالنسبة للحلول الممكنة وما أكثرها، تنطلق من معالجة نقاط الضعف الموجودة التي تحول دون الوصول إلى الأهداف المرجوّة، اوبرزها إعادة صياغة الصراع على حقيقته، أي تصويب البوصلة، فنحن (الإسلام والمسلمين) مع المظلوم المسيحي ضدّ الظالم المسلم، مع المظلوم السنّي ضدّ الظالم الشيعي والعكس صحيح، أي أن حقيقة الصراع أنه صراع بين المستكبرين والمستضعفين، وهو الشعار الذي رفعه الإمام الخميني منذ انتصار الثورة الإسلاميّة الإيرانيّة عام 1979. هذا الشعار سيفوّت على الأعداء و الجهلة الغوص في نفق تكفير هذه الجهة أو تلك، أو إخراجها من الملّة استناداً إلى نصوص غير ثابتة على أقلّ تقدير.
إن شعار الوحد هو شعار استراتيجي وليست تكتيكا يرتكز على مصلحة معينة، وبالتالي على النخب الفكرية والمثقفين والجهات المؤثرة في دول العالم الاسلامي ان تقوم بتحقيق هذه المهمة . من أبرز الحلول ايضاً التمسّك بالمشتركات وأهمّها أهل البيت (ع).
لا بدّ من ترجمة هذه الوحدة على الأرض كي لا تبقى أسيرة الصالات والمؤتمرات والشاشات، ولعل القضيّة الفلسطينية اليوم هي الفرصة الأكبر لتحقيق هذه الوحدة، ومن هنا فإن المتآمرين على القضيّة الفلسطينية هم في الوقت عينه متآمرين على الوحدة الإسلاميّة.
2017-12-04