الرئيسية / كلامكم نور / تتمة الاضطرار إلى الحجة

تتمة الاضطرار إلى الحجة

4 – علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عمن ذكره ، عن يونس بن يعقوب قال :
كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فورد عليه رجل من أهل الشام فقال : إني رجل صاحب
كلام وفقه وفرائض وقد جئت لمناظرة أصحابك ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : كلامك
من كلام رسول الله صلى الله عليه وآله أو من عندك ؟ فقال : من كلام رسول الله صلى الله عليه وآله ومن عندي
فقال أبو عبد الله : فأنت إذا شريك رسول الله ؟ قال : لا ، قال : فسمعت الوحي
عن الله عز وجل يخبرك ؟ قال : لا ، قال : فتجب طاعتك كما تجب طاعة رسول الله صلى الله عليه وآله ؟
قال : لا ، فالتفت أبو عبد الله عليه السلام إلي فقال : يا يونس بن يعقوب هذا قد خصم نفسه
قبل ان يتكلم ثم قال : يا يونس لو كنت تحسن الكلام كلمته ، قال يونس : فيالها
من حسرة ، فقلت : جعلت فداك انى سمعتك تنهى عن الكلام وتقول : ويل لأصحاب
الكلام يقولون ، هذا ينقاد وهذا لا ينقاد ( 1 ) ، وهذا ينساق وهذا لا ينساق ، وهذا
نعقله وهذا لا نعقله ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : إنما قلت : فويل لهم ان تركوا ما أقول
وذهبوا إلى ما يريدون ( 2 ) .

ثم قال لي : اخرج إلى الباب فانظر من ترى من المتكلمين فادخله ؟ قال :
فأدخلت حمران بن أعين وكان يحسن الكلام ، وأدخلت الأحول وكان يحسن الكلام
وأدخلت هشام بن سالم وكان يحسن الكلام ، وأدخلت قيس بن الماصر وكان عندي
أحسنهم كلاما ، وكان قد تعلم الكلام من علي بن الحسين عليهما السلام فلما استقر بنا المجلس
– وكان أبو عبد الله عليه السلام قبل الحج يستقر أياما في جبل في طرف الحرم في فازة له ( 3 )
مضروبة – فال : فأخرج أبو عبد الله رأسه من فازته فإذا هو ببعير يخب فقال :
هشام ورب الكعبة ( 4 ) ، قال : فظننا أن هشاما رجل من ولد عقيل كان شديد المحبة له .
قال : فورد هشام بن الحكم وهو أول ما اختطت لحيته وليس فينا الا من
هو أكبر سنا منه ، قال : فوسع له أبو عبد الله عليه السلام وقال : ناصرنا بقلبه ولسانه و
يده ، ثم قال : يا حمران كلم الرجل ، فكلمه فظهر عليه حمران ، ثم قال : يا طاقي كلمه
فكلمه فظهر عليه الأحول ، ثم قال : يا هشام بن سالم كلمه ، فتعارفا ( 2 ) ، ثم قال
أبو عبد الله عليه السلام لقيس الماصر : كلمه فكلمه فأقبل أبو عبد الله عليه السلام يضحك من كلامهما
مما قد أصاب الشامي .

فقال للشامي : كلم هذا الغلام – يعنى هشام بن الحكم – فقال : نعم فقال لهشام :
يا غلام سلني في امامة هذا ، فغضب هشام حتى ارتعد ثم قال للشامي : يا هذا أربك
أنظر لخلقه أم خلقه لأنفسهم ؟ فقال الشامي : بل ربي انظر لخلقه ، قال : ففعل
بنظره لهم ماذا ؟ قال ، أقام لهم حجة ودليلا كيلا يتشتتوا أو يختلفوا ، يتألفهم و
يقيم أودهم ويخبرهم بفرض ربهم قال : فمن هو ؟ قال : رسول الله صلى الله عليه وآله ، قال
هشام : فبعد رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قال : الكتاب والسنة ، قال هشام : فهل نفعنا اليوم
الكتاب والسنة في رفع الاختلاف عنا ؟ قال الشامي : نعم ، قال : فلم اختلفنا انا و
أنت وصرت إلينا من الشام في مخالفتنا إياك ؟ قال : فسكت الشامي ، فقال أبو عبد الله
عليه السلام للشامي : ما لك لا تتكلم ؟ قال الشامي : إن قلت : لم نختلف كذبت ، وإن
قلت : ان الكتاب والسنة يرفعان عنا الاختلاف أبطلت ، لأنهما يحتملان الوجوه
وان قلت : قد اختلفنا وكل واحد منا يدعي الحق فلم ينفعنا إذن الكتاب والسنة
الا ان لي عليه هذه الحجة ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : سله تجده مليا .

فقال الشامي : يا هذا من انظر للخلق اربهم أو أنفسهم ؟ فقال هشام : ربهم
أنظر لهم منهم لأنفسهم ، فقال الشامي : فهل أقام من يجمع لهم كلمتهم ويقيم
أودهم ويخبرهم بحقهم من باطلهم ؟ قال هشام : في وقت رسول الله صلى الله عليه وآله أو الساعة ؟
قال الشامي : في وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم والساعة من ؟ فقال هشام : هذا
القاعد الذي تشد إليه الرحال ، ويخبرنا باخبار السماء [ والأرض ] وراثة عن أب
عن جد ، قال الشامي : فكيف لي ان اعلم ذلك ؟ قال هشام : سله عما بدا لك ، قال
الشامي ، قطعت عذري فعلي السؤال .

فقال أبو عبد الله عليه السلام يا شامي : أخبرك كيف كان سفرك ؟ وكيف كان
طريقك ؟ كان كذا وكذا ، فاقبل الشامي يقول : صدقت ، أسلمت لله الساعة ، فقال
أبو عبد الله عليه السلام : بل آمنت بالله الساعة ، ان الاسلام قبل الايمان وعليه يتوارثون
ويتناكحون ، والايمان عليه يثابون ، فقال الشامي : صدقت فأنا الساعة أشهد أن
لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وانك وصى الأوصياء .

ثم التفت أبو عبد الله عليه السلام إلى حمران ، فقال : تجري الكلام على الأثر
فتصيب ( 1 ) والتفت إلى هشام بن سالم ، فقال : تريد الأثر ولا تعرفه ، ثم التفت
إلى الأحول ، فقال : قياس رواغ ( 2 ) ، تكسر باطلا بباطل الا ان باطلك أظهر ،
ثم التفت إلى قيس بن الماصر ، فقال : تتكلم وأقرب ما تكون من الخبر عن رسول الله
صلى الله عليه وآله أبعد ما تكون منه ( 3 ) ، تمزج الحق مع الباطل وقليل الحق يكفي عن كثير
الباطل ، أنت والأحول قفازان حاذقان ( 4 ) ، قال يونس : فظننت والله انه يقول
لهشام قريبا مما قال لهما ، ثم قال : يا هشام لا تكاد تقع ، تلوي رجليك إذا هممت
بالأرض طرت ( 5 ) مثلك فليكلم الناس ، فاتق الزلة ، والشفاعة من ورائها إن شاء الله . .

5 – عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن
أبان قال : أخبرني الأحول أن زيد بن علي بن الحسين عليهما السلام بعث إليه وهو مستخف
قال : فأتيته فقال لي : يا أبا جعفر ما تقول ان طرقك طارق منا أتخرج معه ؟ قال :
فقلت له : إن كان أباك أو أخاك ، خرجت معه قال : فقال لي : فأنا أريد أن أخرج
أجاهد هؤلاء القوم فأخرج معي قال : قلت : لا ما افعل جعلت فداك ، قال : فقال
لي : أترغب بنفسك عني ؟ قال : قلت له : إنما هي نفس واحدة فإن كان لله في
الأرض حجة فالمتخلف عنك ناج والخارج معك هالك وان لا تكن لله حجة في
الأرض فالمتخلف عنك والخارج معك سواء .

قال : فقال لي : يا أبا جعفر كنت أجلس مع أبي على الخوان فيلقمني البضعة
السمينة ويبرد لي اللقمة الحارة حتى تبرد ، شفقة علي ، ولم يشفق علي من حر
النار ، إذا أخبرك بالدين ولم يخبرني به ؟ فقلت له : جعلت فداك شفقته عليك
من حر النار لم يخبرك ، خاف عليك : أن لا تقبله فتدخل النار ، وأخبرني أنا ، فإن
قبلت نجوت ، وإن لم أقبل لم يبال أن أدخل النار ، ثم قلت له : جعلت فداك أنتم
أفضل أم الأنبياء ؟ قال : بل الأنبياء قلت : يقول يعقوب ليوسف : يا بني لا تقصص
رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا ، لم لم يخبرهم حتى كانوا لا يكيدونه ولكن كتمهم
ذلك فكذا أبوك كتمك لأنه خاف عليك ، قال : فقال : أما والله لئن قلت ذلك لقد
حدثني صاحبك بالمدينة أني اقتل واصلب بالكناسة وأن عنده لصحيفة فيها قتلي وصلبي .
فحججت فحدثت أبا عبد الله عليه السلام بمقالة زيد وما قلت له ، فقال : لي : أخذته
من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوق رأسه ومن تحت قدميه ، ولم
تترك له مسلكا يسلكه .

شاهد أيضاً

كلام أميركي عن “ربط لبنان بسورية الجولاني”.. وثوابت لم ترد في “ورقة برّاك”

حسان الحسن أتت زيارة الموفد الأميركي توم برّاك، لبيروت، لتدحض كلّ ما سبقها من تهويلٍ ...