١ ربيع الاول
(١) هجرة الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله إلى يثرب (المدينة المنورة)
(٢) ليلة المبيت
(٣) وفاة زوجة النبي محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم ) زينب بنت خزيمة في المدينة.
(٤) مراحل تجهيز النبي محمد صلى الله عليه وآله
(٥) شهادة الامام الحسن العسكري عليه السلام
(1) هجرة الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله إلى يثرب (المدينة المنوّرة)
في مثل هذا اليوم خرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم بعد منتصف الليل من داره تحيط به العناية الإلهية مخترقاً طوق قوات الشرك المحيطة بداره تاركاً علياً عليه السلام في فراشه.
وكم كانت خيبة أعداء الله حين اقتحموا دار النبي صلّى الله عليه وآله وسلم صباحاً شاهرين سيوفهم تفوح منها رائحة الموت، ويفيض الحقد من وجوههم يتقدمهم خالد بن الوليد ، فوثب علي عليه السلام من مضجعه في شجاعة فائقة فارتد القوم على أدبارهم وتملّكتهم دهشة وذهول وهم يرون كيف خيّب الله سعيهم وأنقذ نبيّه صلّى الله عليه وآله وسلم .
وتوسّلت قريش بطغيانها بكل حيلة لتردّ هيبتها الضائعة لعلّها تدرك محمداً صلّى الله عليه وآله وسلم فأرسلت العيون، وركبت في طلبه الصعب والذلول حتّى وضعت مئة ناقة جائزة لمن يأتي بمحمد حياً أو ميتاً. وقادهم الدليل الحاذق مقتفياً أثر قدم الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم إلى باب غار ثور ـ حيث كان قد اختبأ فيه النبي صلّى الله عليه وآله وسلم ومعه أبوبكر ـ فانقطع عنه الأثر فقال: ما جاوز محمد ومن معه هذا المكان، إما أن يكونا صعدا إلى السماء أو دخلا في الأرض.
وفي داخل الغار كان أبوبكر قد غلبه خوف كبير وهو يسمع صوت قريش تنادي: اُخرج يا محمد، ويرى أقدامهم تقترب من باب الغار ورسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يقول : (لا تحزن إن الله معنا).
وبعد ثلاثة أيام حين عرف النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم أنّه قد سكن الناس عن طلبه، تحرّك نحو يثرب مسرعاً، لا يعبأ بمشقة مستعيناً بالله واثقاً من نصره.
وحينما وصل منطقة (قباء) تريّث فيها أياماً ينتظر قدوم ابن عمّه علي ابن أبي طالب والفواطم عليه ليدخلوا جميعاً يثرب التي كانت تموج بالفرح والبهجة لقدوم النبي صلّى الله عليه وآله وسلم في حين دخل صاحب النبي ورفيق سفره إلى يثرب تاركاً الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم في قباء!
وما إن وصل علي بن أبي طالب عليه السلام منهكاً من تعب الطريق ومخاطره ـ حيث كانت قريش قد تعقّبهم حين علمت بخروجه بالفواطم ـ اعتنقه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم وبكى رحمةً لما به.
وأقام رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم بـ (قباء) عدة أيام وكان أوّل عمل قام به هو كسر الأصنام ثم أسس مسجدهم ثم خرج يوم الجمعة فأدركته صلاة الظهر في بطن وادي (رانوناء) فكانت أول صلاة جمعة في الإسلام وخرج مسلمو يثرب بزينتهم وسلاحهم يستقبلون رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم ويحيطون بركبه وكلٌ يريد أن يتطلع إليه ويملأ عينيه من هذا الرجل الذي آمن به وأحبه.
وما كان يمر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم بمنزل أحد من المسلمين إلاّ ويأخذ بزمام ناقته ويعرض عليه المقام عنده وهو يقابلهم بطلاقة الوجه والبشر وتجنباً من إحراج أحدٍ منهم كان صلّى الله عليه وآله وسلم يقول : خلّوا الناقة إنّها مأمورة.
وأخيراً بركت الناقة عند مربد يعود لغلامين يتيمين من بني النجار أمام دار أبي أيوب الأنصاري فأسرعت زوجته فأدخلت رحل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم في دارها فنزل عندهم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم إلى أن تمّ بناء المسجد النبوي وبيته صلّى الله عليه وآله وسلم .
وقد غيّر النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم اسم يثرب الى (طيبة) واعتبر هجرته اليها مبدءاً للتأريخ الاسلامي.
أعلام الهداية : ج1 ، ص 120 ـ 122
(2) ليلة المبيت:
لقد كان علي بن أبي طالب عليه السلام ذلك العنصر الفذّ الذي قال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم : (يا علي إنّ قريشاً اجتمعت على المكر بي وقتلي وإنه أوحي إليّ عن ربي أن أهجر دار قومي، فنُم على فراشي والتحف ببردي الحضرمي لتخفي بمبيتك عليهم أثري فما أنت قائل وصانع؟).
فقال علي عليه السلام : أَوَ تَسلَمنَّ بمبيتي هناك يا نبي الله ؟
قال: نعم، فتبسم علي عليه السلام ضاحكاً مسروراً وأهوى إلى الأرض ساجداً شاكراً لله تعالى لما أنبأه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم من سلامته وقال صلّى الله عليه وآله وسلم : إمض لما اُمرت فداك سمعي وبصري وسويداء قلبي.
أعلام الهداية : ج1، ص 119
وبات عليّ بن أبي طالب عليه السلام على فراش رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم فأوحى الله تعالى إلى جبرئيل وميكائيل أنّي آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر، فأيّكما يؤثر صاحبه بحياته؟ فاختار كلّ منهما الحياة وأحبّاها، فأوحى الله تعالى إليهما : أفلا كنتما مثل عليّ بن أبي طالب عليه السلام، آخيت بينه وبين محمّد، فبات على فراشه يفديه بنفسه، ويؤثره بالحياة، اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوّه ، فكان جبرئيل عند رأسه ، وميكائيل عند رجليه، وجبرئيل عليه السلام ينادي: بخّ بخّ، من مثلك يا بن أبي طالب يباهي الله بك الملائكة، فأنزل الله عزّوجلّ: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ)(البقرة:207).
بحار الانوار: ج19 ، ص 39 و40
(3) وفاة زوجة النبي محمد صلّى الله عليه وآله وسلم زينب بنت خزيمة:
هي زينب اُمّ المؤمنين بنت خزيمة بن الحارث بن عبدالله الهلالية، وتُدعى اُم المساكين ، قُتِل زوجُها عبدالله بن جحش يوم اُحد، فتزوّجها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم ولكن لم تمكث عندهإلاّ شهرين، أو أكثر ، وتوفّيت في سنة (3 هـ) ونُقل أن وفاتها كان في اليوم الاول من ربيع الاوّل سنة (4 هـ).
سير أعلام النبلاء : ج3 ، ص 484/118
(4) دفن البدن الطاهر للنبي المصطفى محمد صلّى الله عليه وآله وسلم ومراحل تجهيزه النبي صلى الله عليه وآله :
اولاً: غسل النبي صلّى الله عليه وآله وسلم .
ثانياً: الصلاة على النبي صلّى الله عليه وآله وسلم.
ثالثاً: دفن البدن الطاهر للنبي صلّى الله عليه وآله وسلم.
1. غسل النبي صلّى الله عليه وآله وسلم:
ولمّا أراد عليّ عليه السلام غسله استدعى الفضل بن عبّاس، فأمره أن يناوله الماء، بعد أن عصب عينيه، فشقّ قميصه من قبل جيبه حتّى بلغ به إلى سرّته، وتولّى غسله وتحنيطه وتكفينه والفضل يناوله الماء، فلمّا فرغ من غسله وتجهيزه تقدّم فصلّى عليه.
أعلام الورى: ج1، ص 269
2. الصلاة على النبي صلّى الله عليه وآله وسلم:
عن أبي جعفر عليه السلام قال: (قال الناس: كيف الصلاة عليه؟ فقال عليّ صلوات الله وسلامه عليه: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم إمامنا حيّاً وميّتاً، فدخل عليه عشرة عشرة فصلّوا عليه يوم الاثنين وليلة الثلاثاء، حتّى الصباح ويوم الثلاثاء، حتّى صلّى عليه صغيرهم وكبيرهم، وذكرهم وانثاهم، وضواحي المدينة، بغير إمام.
وخاض المسلمون في موضع دفنه ، فقال عليّ عليه السلام : (إنّ الله سبحانه لم يقبض نبيّاً في مكان إلاّ وارتضاه لرمسه فيه، وإنّي دافنه في حجرته التي قبض فيها) فرضي المسلمون بذلك.
فلمّا صلّى المسلمون عليه أنفذ العبّاس رجلاً إلى أبي عبيدة بن الجرّاح، وكان يحفر لأهل مكّة ويضرّح، وأنفذ إلى زيد بن سهل أبي طلحة، وكان يحفر لأهل المدينة ويلحد، فاستدعاهما وقال: اللّهمّ خر لنبيّك.
فوجد أبوطلحة فقيل له: اُحفر لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، فحفر له لحداً.
أعلام الورى: ج1، ص 270
3. دفن البدن الطاهر للنبي صلّى الله عليه وآله وسلم:
دخل أميرالمؤمنين علي صلوات الله وسلامه عليه والعبّاس والفضل واُسامة بن زيد ليتولّوا دفن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم ، فنادت الأنصار من وراء البيت: يا عليّ إنّا نذكرك الله وحقّنا اليوم من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم أن يذهب، أدخِل منّا رجلاً يكون لنا به حظ من مواراة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم ، فقال: (ليدخل أوس بن خولي) رجل من بني عوف بن الخزرج وكان بدريّاً، فدخل البيت وقال له عليّ صلوات الله وسلامه عليه: (انزل القبر) فنزل، ووضع عليّ عليه السلام رسول الله على يديه ثمّ دلاه في حفرته ثمّ قال له: (اخرج) فخرج ونزل عليّ عليه السلام فكشف عن وجهه ووضع خدَّه على الأرض موجّهاً إلى القبلة على يمينه، ثمّ وضع عليه اللبن وهال عليه التراب.
(5) شهادة الامام الحسن العسكري عليه السلام
ورد عن بعض الرواة ومنهم الشيخ الطوسي ، حيث قال في مصباحه استشهد الامام الحسن في اليوم الاوّل من هذا الشهر.
وهناك أخبار جلّها تدلّ على إنَّ استشهاده سلام الله عليه يوم الثامن من الربيع الاوّل كما سيأتي.
—–