الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / الباب الثالث :( في ذكر هود وصالح عليهما السلام )

الباب الثالث :( في ذكر هود وصالح عليهما السلام )

( في ذكر هود وصالح عليهما السلام )

81 ـ وبالاسناد المتقدم عن وهب بن منبّه أنّه قال : كان من أمر عاد أنّ كل رمل على ظهر الأرض وضعه الله لشيء من البلاد كان مساكن (1) في زمانها ، وقد كان الرّمل قبل ذلك في البلاد ، ولكن لم يكن كثيراً حتّى كان زمان عاد ، وأنّ ذلك الرّمل كان (2) قصوراً مشيّدة وحصوناً ومدائن ومصانع ومنازل وبساتين. 
وكانت بلاد عاد أخصب [ من ] (3) بلاد العرب ، وأكثرها أنهاراً وجنانا ، فلمّا غضب الله عليهم وعتوا على الله ، وكانوا أصحاب الأوثان يعبدونها من دون الله ، فارسل الله عليهم الريّح العقيم وانّما سميت « العقيم » لأنّها تلقحت بالعذاب ، وعقمت عن الرّحمة (4) ، وطحنت تلك القصور والحصون والمدائن والمصانع حتّى عاد ذلك كلّه رملاً دقيقاً تسفيه الرّيح ، وكان تلك الرّيح (5) ترفع الرّجال والنّساء ، فتهب بهم صعدا ، ثم ترمي بهم من الجوّ (6) فيقعون على رؤوسهم منكّسين . 
وكانت عاد ثلاثة عشر قبيلة وكان هود عليه السلام في حسب عاد وثروتها وكان أشبه ولد آدم بآدم صلوات الله عليهما ، وكان رجلاً أدم (7) ، كثير الشّعر ، حسن الوجه ، ولم يكن أحد من النّاس أشبه بآدم منه إلاّ ما كان من يوسف بن يعقوب صلوات الله عليهما ، فلبث هود عليه السلام فيهم زماناً طويلاً يدعوهم إلى الله ، ويبهاهم عن الشّرك بالله تعالى وظلم النّاس ، ويخوّفهم بالعذاب فلجّوا ، وكانوا يسكنون أحقاف الزّمان ، وأنّه لم يكن اُمّة أكثر من عاد ولا أشد منهم بطشاً . 
فلما رأوا الرّيح قد أقبلت عليهم قالوا لهود أتخوّفنا بالرّيح ، فجمعوا ذراريهم وأموالهم في شعب من تلك الشّعاب ، ثم قاموا على باب ذلك الشّعب يردّون الرّيح عن أموالهم وأهاليهم ، فدخلت الرّيح من تحت أرجلهم بينهم وبين الأرض حتّى قلعتهم ، فهبّت بهم صعدا ، ثم رمت بهم من الجوّ ثم رمت بهم الريح في البحر ، وسلّط الله عليهم الذّر فدخلت في مسامعهم ، وجاءهم من الذّر ما لا يطاق قبل أن يأخذهم الرّيح ، فسيّرهم ، من بلادهم ، وحال بينهم وبين مرادهم حتّى أتاهم الله (8) . 
وقد كان سخّر لهم من قطع الجبال والصّخور والعمد والقوّة على ذلك والعمل به شيئاً (9) لم يسخّره لأحد كان قبلهم ولا بعدهم ، وإنّما سمّيت « ذات العماد » من أجل أنهم يسلخون العمد من الجبال ، فيجعلون طول العمد مثل طول الجبل الّذي يسلخونه منه من أسفله إلى أعلاه ، ثمّ ينقلون تلك العمد فينصبونها ، ثم يبنون فوقها القصور ، وقد كانوا ينصبون تلك العمد أعلاماً في الأرض على قوارع الطّريق ، وكان كثرتهم بالدّهنا ويبرين وعالج إلى اليمن إلى حضرموت (10) . 

82 ـ وسئل وهب عن هود أكان أبا اليمن (11) ألّذي ولّدهم ؟ فقال لا ، ولكنّهم أخو اليمن الّذي في التّوراة تنسب إلى نوح عليه السلام ، فلمّا كانت العصبيّة بين العرب وفخرت مضر بأبيها اسماعيل ادّعت اليمن هوداً أباً ليكون لهم أباً ووالداً (12) من الانبياء ، وليس بأبيهم ولكنه أخوهم (13) . 
ولحق هود ومن آمن معه بمكّة ، فلم يزالوا بها حتّى ماتوا ، وكذلك فعل صالح عليه السلام بعده ، ولقد سلك فج الرّوحا سبعون ألف نبيّ حجاجاً عليهم ثياب الصّوف مخطمين أبلهم بحبال الصّوف ، يلبّون الله بتلبية شتّى ، منهم : هود وصالح وإبراهيم وموسى ، شعيب ويونس صلوات الله عليهم وكان هود رجلاً تاجراً (14) .
____________
(1) في ق 2 : وكان ساكن .
(2) في ق 3 وق 4 والبحار : كانت .
(3) الزيادة من ق 5 .
(4) في ق 2 وق 3 : من الرحمة .
(5) في ق 2 وق 4 : الرياح وكان تلك الرياح .
(6) في ق 2 : إلى الجو . 
(7) في ق 3 : أدماً .
(8) في ق 3 : حتى أبادهم الله ، وفي البحار : وحال بينهم وبين موادهم حتى أتاهم الله .
(9) في ق 3 : شيء .
(10) بحار الأنوار ( 11 | 357 ـ 358 ) ، برقم : ( 15 ) .
(11) في ق 1 وق 2 وق 4 وق 5 : أكان باليمن .
(12) في البحار : ليكون لهم أب وولد . 
(13) في ق 3 والبحار : ولكنه أخو اليمن .
(14) بحار الأنوار ( 11 | 358 ـ 359 ) ، برقم : ( 15 ) . 

شاهد أيضاً

الكلمة الكاملة للأمين العام لحزب الله في ذكرى أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) في بعلبك

كلام الأمين الكلمة الكاملة للأمين العام لحزب الله في ذكرى أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) ...