الرئيسية / المرأة في الإسلام / قضية المرأة بين الفكر الغربي والفكر الإسلامي

قضية المرأة بين الفكر الغربي والفكر الإسلامي

الفصل الثاني:

دور المرأة في الحياة الاجتماعيّة والسياسية

النقاط المحوريّة

  • المرأة والعلم:

  • التعلّم تكليف وضرورة.

  • اقتران العلم بالأخلاق والقيم المعنوية.

  • ضرورة التقدّم العلميّ (الكمّيّ والكيفيّ).

  • المرأة والعمل:

  • مشروعية عمل المرأة.

  • شروط عمل المرأة.

  • الثقافة الإسلاميَّة هي ثقافة عدم الاختلاط.

 

  • الزينة والتجمّل والحجاب:

  • التجمّل أمر فطريّ ومشروع.

  • حدود التجمّل والتزيّن.

  • الحجاب مدعاة للحرية والعزّة.

  • الحجاب لا يمنع من تحقيق التقدّم الاجتماعيّ والعلميّ.

  • وجوب مراقبة وضع الحجاب والعفاف والضوابط والالتزام.

  • خلع الحجاب: ثقافة غربية.

 

  • المرأة والدور السياسيّ:

  • الدور السياسيّ للمرأة.

  • دور المرأة في التحوّلات الاجتماعيّة والثورات.

  • دور المرأة في الثورة عند الإمام الخمينيّ قدس سره .

  • أوّل حركة شعبية كانت نسائية.

  • دور أمّهات وزوجات الشهداء والجرحى.

  • الحركة النسوية في الثورة الإيرانية حركة زينبية.

المرأة والعلم

 

التعلّم تكليف وضرورة

ليست القراءة والتعلّم اليوم واجباً وطنياً فحسب بل هي واجب دينيّ أيضاً. وعلى الشباب واليافعين الإحساس بهـذا الواجـب المقدّس أكثر من أيّة شريحة اجتماعية أخرى. فإذا استأنس أحد بالكتاب حينها لا تكون القراءة واجباً شرعياً فحسب بل تكون عملاً جميلاً وعذباً وحاجة ماسّة وغير قابلة للتأخير ووسيلة لإصلاح الشخصية الإنسانية، وعندها ليس الشباب فقط، بل سائر الشرائح الاجتماعيّة، سوف تتّجه نحو قراءة الكتاب بكلّ رغبة وشوق[1].

(لذا) يجب أن تعتبر النساء أنفسهنّ مكلّفات اليوم كالرجال بالاهتمام بالكتب، والمطالعة، والتحقيق، والدراسة، والخوض في القضايا موضع الابتلاء اليوميّ، والاهتمام بالشؤون الدينية التي هي من جملة الواجبات الحتمية والبديهية. أنتنّ اللاتي تربّين الأولاد الصالحين، وأنتنّ اللاتي تشجعنّ أزواجكنّ على دخول الميادين

الصالحة، حيث إنَّ الكثير من النساء يجعلن أزواجهنّ من أهل الجنّة ويستنقذنهم من مشاكل الدنيا والآخرة[2].

(إنَّ) ظاهرة الدراسة الدينية والحوزوية للأخوات، هي ظاهرة عظيمة جداً ومباركة، فآلاف العالمات والمحقّقات والفقيهات والفيلسوفات يتمّ إعدادهنّ في الحوزات العلمية للنساء. فأيّة حركة عظيمة ستكون هذه؟ انظروا إلى نظرة العالَم المادّي إلى ظاهرة المرأة كم هي نظرة سيّئة واستحقارية ومنحرفة. فحضور العالمات الإسلاميات في الميادين المختلفة ـ كحضور العالمات الصالحات والواعيات الجامعيات اللواتي هنّ من أهل الدين والشرع ـ له آثارٌ عظيمة جداً في العالم وهو يُعدّ سُمعة حسنة للثورة. فعلى النساء أن يدرسن جيّداً. وبالطبع لا ينحصر الهدف النهائي لدراستهنّ في صيرورتهنّ مجتهدات أو فيلسوفات بل يمكن أن يكون الأمر في مجال المعارف الإسلامية والقرآنية التي يمكن أن تكون مفيدة لهنّ ولغيرهنّ[3].

 

اقتران العلم بالأخلاق والقيم المعنوية

إنّ المزج بين العلم والعاطفة الإنسانية أمر مهمّ وضروريّ في كلّ مكان. والسبب الذي جعل هذا العلم المتطور جداً في العالم الغربيّ

عاجزاً عن استنقاذ البشرية، يُعزى إلى عدم اقترانه بالبعد الإنسانيّ، فحيثما وجد علم مجرّد عن الضمير والأخلاق والبُعد المعنويّ والمشاعر الإنسانية، فإنّ البشرية لا تنتفع به. العلم إذا تجرّد عن الأخلاق والقيم المعنوية يصبح قنبلة ذرّية تفتك بالأبرياء، ويصبح سلاحاً يصوّب إلى صدور المدنيّين في لبنان وفلسطين المحتلّة ومناطق العالم الأُخرى، ويتحوّل إلى أسلحة كيمياوية تُلقى على (حلبجة)[4] وعلى نقاط أُخرى في العالم، لتقضي على النساء والأطفال والكبار والصغار، والإنسان والحيوان.

من أين جاءت هذه الأسلحة الفتّاكة؟ أنتجتها مراكز العلم. قد جاءت من هذه البلدان الأُوربية، فهم الذين صنعوا هذه الموادّ ووضعوها تحت تصرّف نظام لا يراعي ما ينبغي مراعاته! فكانت النتيجة هي ما شاهدتموه. إنّ الأسلحة وجميع أنواع المنتجات العلمية غير قادرة اليوم على إسعاد البشرية، أو إسعاد الأسرة أو أن تهب الفتيان والأطفال والنساء والرجال لذّة الحياة، لأنها لا تواكبها الاخلاق والقيم المعنوية.

نحن في ظلّ الحضارة الإسلامية، وفي ظلّ نظام الجمهورية الإسلامية المقدّس الذي يتّجه صوب تلك الحضارة، جعلنا نصب أعيننا أن نطوّر العلم جنباً إلى جنب مع القيم المعنوية. وما تلاحظونه من حساسية لدى الغرب إزاء تمسّكنا بالقيم المعنوية، ووصمه التزامنا

الدينيّ بالتعصّب والتحجّر، واعتباره توجّهاتنا نحو الأُسس الأخلاقية والإنسانية مناهضة منّا لحقوق الإنسان، إنّما يعود سببه إلى اختلاف مسارنا عن مسارهم. فهم قد طوّروا العلم ـ وقد كان بلا شكّ عملاً عظيماً وعلى درجة من الأهمّية ـ ولكن بمعزل عن الأخلاق والقيم المعنوية، فنتج عن ذلك ما نتج! أمّا نحن فنريد أن يتطوّر العلم إلى جانب الأخلاق. ومثلما تكون الجامعة مركز علم، يجب أن تكون أيضاً مركزاً للدين والقيم المعنوية، وأن يتحلّى خرّيج الجامعة بالتديّن مثل خرّيج الحوزة. وهذا ما لا يحبّذونه ولا يرغبون فيه.

ولهذا السبب استمرّوا سنوات طويلة يلفّقون التهمّ ضدّ الجمهورية الإسلامية ودأبوا على اجترار تلك التهم حتّى باتت تشمئزّ منها نفوس السامعين! هكذا يتّهمون الجمهورية الإسلامية بالتعصّب والتحجّر، وبالأصولية ـ على حدّ تعبيرهم ـ أي الجمود الذي لا مرونة فيه، هكذا يصفون الإسلام، في حين أنّ الجمود عندهم، وحياتهم هي البعيدة عن القيم المعنوية وعن الرحمة والشفقة والإنسانية، حتّى أنّ جوّ الأسرة عندهم غير قادر على احتضان الأطفال! لاحظوا كم يوجد اليوم في الدول المسماة بالدول المتقدّمة صناعياً صبيان وأطفال بلا معيل، أو قد يوجد المعيل إلاّ أنّهم يفرّون من بيوتهم ويتسكّعون في الشوارع ليلاً، ويرتكبون الجرائم ويقتلون، ويعتادون التدخين ويقعون فريسة لأنواع الاعتياد الضارّ. هذا بعض ما لديهم! وهذا هو الجمود الذي يدفع الشبّان هناك إلى العصيان.

الأعمال التي كان يمارسها قبل ثلاثين أو أربعين سنة شبّان بأسماء مختلفة ـ وما شابه ذلك ـ وحتّى هذا اليوم، يعود سببها إلى أنّ تلك المجتمعات غير قادرة على إشباع تلك العواطف الإنسانية، لأنّها مجتمعات جامدة ومتحجّرة وظالمة ومتشدّدة. أمّا الأجواء الإسلامية فهي على الضدّ من هذا، الجوّ الإسلاميّ تملؤه الرحمة والاعتدال، وتشيع فيه القيم المعنوية والتقوى، والتقوى تعني فيما تعنيه أن تكون القلوب منشرحة لجميع العواطف والمشاعر الإنسانية السليمة، ويتوفّر إلى جانبها التعايش والاستقرار المعنويّ وسكينة القلوب[5].

 

ضرورة التقدّم العلميّ

الكيفية مهمّة للغاية. وأنا أرى أيضاً أنّ طالباتنا في المرحلة الجامعية يجب أن يعملن ويدرسن ويطالعن، إذ بدون المشقّة والعمل لا تتحقّق الغاية المرجوّة، وإنّما يتخرّج من الجامعة حفنة من أنصاف المتعلّمين ـ سواء من الذكور أم من الاناث ـ ولكن في الوقت ذاته هناك حقيقة أخرى، وهي أنّ دخول الشباب إلى الجامعة ـ وخاصة دخول الفتيات في أيامنا هذه إلى الجامعة ـ يعدّ بحدّ ذاته شيئاً ايجابياً، وذلك لأنّ الجامعة تمثّل بالنتيجة مكاناً للدرس والمطالعة والثقافة والوعي.

صحيح أنّ المرء خارج الجامعة قد يطالع ويقرأ في الكتب ويتعلّم ويصبح فاضلاً، إلا أنّ هذه الحالة نادراً ما تحدث.

ومن الطبيعيّ أنّ النساء في الجامعات ـ وأكثر ما ينطبق هذا الوصف على النساء ـ تتفتّح أذهانهنّ وتزدهر طاقاتهنّ ويصبحن أكثر جرأة على تناول المواضيع العلمية. كما وينطبق هذا الوصف على الذكور أيضاً ولا يقتصر على الإناث وحدهنّ.

ولهذا السبب كان دخول الجامعة بحدّ ذاته حالة مطلوبة، وكانت للكم والعدد أهمية خاصة لفترة من الزمن، حتّى أصبح عدد الطلبة في بلدنا لا يُستهان به. وهذه طبعاً ظاهرة إيجابية. وفي الوقت الحاضر أيضاً إذا تحوّلنا إلى شعار المناداة بتحسين الكيفية يجب أن لا نهمل الكمية إهمالاً تامّاً. حتّى وإن كنّا في وقت ما أعطينا الأهمّية للكميّة دون الكيفيّة ـ على حدّ تعبيركم ـ فأنا لا أؤيّد إهمال الكميّة، بل أميل إلى ان تصبح الجامعات أكثر سعة وتستوعب أكبر عدد من الطلبة، طبعاً بالحدّ الذي يتوفّر فيه الأساتذة والأجواء التعليمية والمختبرات وما شابه ذلك[6].

المرأة والعمل

 

 

مشروعيّة عمل المرأة

الإسلام يؤيّد عمل المرأة، بل لعلّه يعتبره لازماً عندما لا يزاحم عملها الأساس، والذي هو أمّ أعمالها، أي تربية الأولاد والمحافظة على الأسرة. ولا يمكن للبلد أن يستغني عن طاقة العمل عند النساء في المجالات المختلفة. ولكنّ هذا العمل يجب أن لا يتنافى مع كرامة المرأة وقيمتها المعنوية والإنسانية.. المعجزة العظيمة التي تصنعها المرأة المسلمة عندما تعود الى فطرتها وأصلها، كما حصل في الثورة والنظام الإسلاميّ، ولله الحمد[7].

بالتأكيد نحن لا نخالف عمل المرأة، أنا العبد لله، لا أعارض عمل النساء ولا إدارتهنّ، طالما لم تتعارض وتتنافَ مع المسائل الأصليّة[8]، إذا تعارضت فالمسائل الأساسيّة مقدّمة[9].

شروط عمل المرأة

من جملة المسائل التي تُطرح، مسألة عمل السيّدات. إنّ عمل السيّدات هو من جملة الأدوار التي نوافق عليها. إنّني موافق على أنواع المشاركة، سواء كان من نوع العمل الاقتصاديّ أو من نوع العمل السياسيّ والاجتماعيّ والأنشطة الخيرية وأمثالها، فهي جيدة أيضاً. النساء نصف المجتمع، وأمر جيّد جداً أن نتمكّن من الاستفادة من نصف المجتمع هذا في المجالات المتنوّعة. ولكن خلاصة القول: إنّ هناك أصولاً ينبغي رعايتها وعدم تجاهلها.

 

1- أن لا يتنافى (عمل المرأة) مع كرامة المرأة وقيمتها الإنسانية والمعنوية:

هذا العمل يجب أن لا يتنافى مع كرامة المرأة وقيمتها المعنوية والإنسانية. ويجب أن لا يذلّوا المرأة ولا يدفعوها إلى التواضع والخضوع، فالتكبّر مذموم من جميع الناس إلاّ من النساء أمام الأجانب. فيجب أن تكون المرأة متكبّرة أمام الرجل الأجنبيّ (فلا تخضعن بالقول). وهذا من أجل المحافظة على كرامة المرأة، والإسلام يريد هذا.

 

2- أن لا يؤثّر عمل المرأة على الدور الأُسريّ:

أن لا يلقي هذا العمل بظلاله على العمل الأساس – والذي هو الدور الأسري والعلاقة الزوجية والأمومة والتدبير المنزليّ – وهذا أمر ممكن.

أعتقد أن لدينا نماذجَ من سيّدات كنّ يقمن بهذا، ولا شكّ بأنهنّ واجهن بعض الصعوبات، درسن وكذلك درَّسن، أنجزن أعمال البيت، أنجبن أطفالاً، قمنَ بتربيتهم والاهتمام بهم. فإذن نحن موافقون على العمل والمشاركة، على ألّا تؤثّر وتضرّ بهذه المسألة الأصلية، لأنّه لا بديل عنهنّ فيها. فإن لم تقمن بأنفسكنّ بتربية أبنائكنّ في المنزل أو لم تقمن بفكّ عقد خيوط عواطف الطفل الظريفة جداً – والتي هي أنعم من خيوط الحرير – حتّى لا يتعقّد عاطفياً، فلا يمكن لأيّ أحد آخر أن يقوم بهذا العمل، لا أبوه، ولا غيره بطريق أولى، إنّه عمل الأم فقط. أمّا ذلك العمل الذي لديكنّ في الخارج، فإن لم تقمن به أنتن فإنّ هناك عشرة أشخاص آخرين سيقومون به. بناءً على هذا، فإنّ الأولوية هي للعمل الذي لا بديل عنكنّ فيه، هذا هو المطلوب والمتعيّن.

وهنا تقع مسؤولية على عاتق الحكومة. ينبغي القيام بمساعدة تلك النساء اللواتي، ولأيّ سببٍ أو أي حيثية أو ضرورة، يقمن بعمل بدوامٍ كاملٍ أو جزئيّ، كي يتمكّنّ من الاهتمام بشؤون الأمومة وأمور المنزل، من خلال الإجازات وسنّ التقاعد وساعات الدوام اليوميّ، ينبغي للحكومة أن تساعد بشكلٍ ما كي تتمكّن هذه السيدة التي تقوم بالعمل، لأيّ سبب من الأسباب، من متابعة تلك الشؤون.

 

3- أن يتناسب العمل مع الطبيعة الأنثوية للمرأة:

من الأعمال التي يجب أن تتمّ في هذا المجال الثالث، الذي أشرت له، ملاحظة أيّ أعمال ومهن تتناسب مع هذه الخصوصيّات (للمرأة).

بعض المهن لا يتناسب مع تركيب المرأة، حسن، لا ينبغي للنساء أن يسعين خلفها.

من الأعمال اللّازمة في هذا المجال أن لا يُفرض على المرأة تلك التخصّصات التي تنتهي عمليًّا بتلك المهن (التي لا تتناسب مع المرأة). وإن ّما أثير حول التخصّصات الجامعية من ضوضاء، وافتعال الأزمات حولها وأنّ هناك تمييزًا (بين الشباب والفتيات في التخصّصات). مثل هذا التمييز ليس سيّئًا دائمًا، فالتمييز عندما يخالف العدالة يكون سيّئًا ومرفوضًا. ولكن افرضوا مثلًا، حين يكون هناك فريق كرة قدم، فيُجعل أحد اللّاعبين مهاجمًا والآخر مدافعًا والثالث حارس مرمى. حسن، إنّ هذا تمييز أيضًا. ولو وُضع المدافع مكان المهاجم، فإنّ الفريق سيخسر المباراة. إذا وُضع المهاجم مكان حارس المرمى وهو لا يتقن هذه المهمّة، فالفريق حينها سيخسر. هذا تمييز، ولكن هذا التمييز هو عين العدالة. يوضع أحدهم هنا، والآخر هناك، وكلٌّ في مكانه.

فلنرَ، والحال هذه، وبالتوجّه إلى الأهداف العليا، ما هي الدروس والتخصّصات المناسبة للسيّدات، ولنقدّم لهنّ هذه الدروس والتخصّصات، ولا نجبرهنّ هكذا: ولأنّكنّ اشتركتنّ في الامتحانات الرسميّة بهذا الشكل وحصلتنّ على هذه العلامات يجب عليكنّ حتمًا أن تدرسن الاختصاص الفلانيّ، بينما هذا الاختصاص لا يتناسب مع طبيعة المرأة الأنثويّة، وكذلك لا ينسجم مع أهدافها العليا، ولا المهنة

التي يفرضها هذا التخصّص تتناسب معها. برأيي، إنّ هذه الأمور يجب أن تراعى في مجال عمل المرأة.

وخلاصة القول، علينا أن لا نعتبر أنّ عدم قيام المرأة بجميع المهن التي يقوم بها الرجل عيبًا أو نقصًا…[10]

 

4- أن لا يتنافى العمل مع مراعاة ضوابط الشرعية:

(ينبغي مراعاة) الحدّ الفاصل بين الرجل والمرأة، ولا يعني هذا عدم العمل في محيط واحد وعدم التعامل (بيع وشراء) في محيط واحد، كلاّ، فالجميع يشاهدون ذلك، بل معناه أنّ هناك حدوداً وضوابط للتعامل بينهما[11].

 

الثقافة الإسلاميَّة هي ثقافة عدم الاختلاط

إنّ الثقافة الإسلامية هي ثقافة عدم الاختلاط بين الرجل والمرأة، ومثل هذه الحياة تستطيع ـ برعاية الموازين العقلية ـ أن تحقّق السعادة وأن تتقدّم بصورة صحيحة، وقد شدّد الإسلام عليها.

وهذه الثقافة الإسلامية – بخلاف القضية التي أرادها وعمل لها طلّاب الشهوة وأصحاب السلطة والمال والقدرة من رجالهم ونسائهم ومن تحت سلطتهم – (فقد) رغبوا في إزالة هذا الحاجز الموجود بين

الرجل والمرأة. وطبعاً هذا شيء يعود بالضرر على حياة المجتمع وعلى أخلاق المجتمع، وهدر لعفة المجتمع، والأسوأ من ذلك أنّه يهزّ أركان الأسرة. إنّ الإسلام يبدي اهتماماً بالأسرة، وهذه هي الثقافة الإسلامية[12].

الزينة والتجمّل والحجاب

 

التجمّل أمر فطريّ ومشروع[13]

إنَّ غريزة النزوع نحو الجمال وحبّ الجمال والزينة تعتبر أمراً فطرياً، إلاّ أنّها قد تتفاوت إلى حدٍ ما مع مفهوم نزعة التجديد الذي يتّسم بطابع من الشمولية. أمّا ما أشرتم إليه في سؤالكم من تجميل وزينة وملبس وما إلى ذلك فله مفهوم خاصّ مؤدّاه أنّ الإنسان ـ والشابّ خاصّة ـ مجبول على حبِّ الجمال والزينة، ويرغب في أن يكون على هيئة جميلة. وهذا ميل طبيعيّ وفطريّ، ولا أعترض عليه ولم يحرّمه الإسلام، وإنّما حرّم الإسلام الفتنة والفساد.

لقد أعار الإسلام قضية الجمال أهمّيتها، وتناهى إلى أسماعنا كثيراً “أنَّ الله جميل يحبّ الجمال”[14]. ولدينا روايات كثيرة في كتبنا الحديثية حول تحسين الظاهر والهندام. وفي باب النكاح بحث مفصّل يؤكّد على وجوب اهتمام كلّ من الرجل والمرأة بوضعهما الظاهريّ. وقد يتبادر إلى أذهان بعض الناس أنّ الرجل يجب أن يقصّر شعر

الرأس. ولكن ليس كذلك، إذ يستحبّ للشباب إطلاق شعر الرأس، وجاء في حديث شريف: “الشعر الحسن من كسوة الله تعالى فأكرموه”[15]. ونُقل أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلمكان ينظر في إناء فيه ماء، حيث لم تتوفّر المرايا آنذاك كما هي عليه الآن، إضافة إلى فقر مجتمع المدينة آنذاك، ويرتّب ظاهره، عند خروجه من منزله. ولهذا كان ينظر في إناء فيه ماء بدلاً عن المرآة، ليرى وجهه ويرتّب هندامه. ويستشفّ من هذا أنّ الاعتناء بالوضع الظاهريّ والثياب الحسنة والميل إلى الجمال محبّذ شرعاً، إلّا أنّ القبيح والمضرّ فيه هو أن يتحوّل إلى أداة لإشاعة التبرّج والفتنة والفساد، حتّى أن أضرارها تنسحب ـ كما سبقت الإشارة ـ على الأسرة والأجيال اللاحقة[16].

 

حدود التجمّل والتزيّن

يجب أن لا يكون الجمال والزينة مدعاة لتفشّي الفساد والرذيلة في المجتمع، ولا يقود إلى إشاعة التحلّل الخُلقيّ. ولكن كيف يشيع التحلّل الخلقيّ؟ لا شكّ في أنّ أساليب شيوعه واضحة.

فإذا كانت علاقات الرجل والمرأة لا تخضع لحدود أو قيود، فهي تؤدّي تلقائياً إلى نشر الفساد.

وكذلك الغلوّ في الاندفاع نحو التجديد (الموضة) في الثياب والملابس ينتهي بإشاعة الفساد، إذا أصبح الاهتمام بالزينة والظاهر الجميل وأمثال ذلك هو الهاجس الأساس والهمّ الرئيس في الحياة، فهو عين الانحطاط والانحراف، كما كان حال النساء من طبقة الأشراف ممن كُنَّ يجلسن خلف طاولة التجميل في عهد النظام البائد. هل تتصوّرون كم ساعة كُنَّ يجلسن على تلك الهيئة؟ كُنَّ يجلسن ستّ ساعات. وهذه حقيقة كانت لدينا معلومات دقيقة عنها حيث كان بعض النساء يستهلك مثل هذا الوقت من أجل تجميل وجهها وتصفيف شعرها وإعداد نفسها للذهاب إلى حفلة زواج مثلاً. فإذا بلغت الأمور هذا الحدّ فهي عين الانحراف والانحطاط. ولكن لا إشكال في ترتيب المظهر والملبس بالشكل المناسب بعيداً عن مظاهر التبرّج والمباهاة[17].

لقد حرّم الإسلام التبرّج بما يعنيه من إظهار النساء زينتهنّ أمام الرجال. إنّه من أنواع إثارة الفتنة وعليه مؤاخذات كثيرة لا تقتصر إفرازاتها على وقوع الشابّ والشابّة في الإثم ـ فالإثم أوّلها ـ وإنّما تسري مخلّفاتها إلى كيان الأسرة أيضاً. لأنّ مثل هذه العلاقات المتحلّلة من كلّ القيود ذات أثر مدمّر على كيان الأسرة، فبناء الأسرة قائم أساساً على الحبّ، وإذا توفّر هذا الحبّ – حبّ الجمال وحبّ الجنس الآخر

في موضع آخر- لا تبقى ثمة دعامة قوية يرتكز عليها بناء الأسرة، ممّا ينتهي إلى ضعضعة كيانها وتصبح على غرار ما هي عليه في البلدان الغربية، وخاصّة في دول أوربا الشمالية وأمريكا.

أخذ الأمريكيون في الآونة الأخيرة يعانون الأمرّين من هذه المشكلة، فالعوائل أخذت تتلاشى حتّى أصبحت هذه الظاهرة معضلة مستعصية لديهم، وتنعكس أضرارها بالدرجة الأولى على النساء، إضافة إلى ما يعانيه الرجال بسببها من متاعب، إلّا أنّ ضررها يصيب النساء أكثر ثمّ يصيب الجيل الوليد. ألا تلاحظون هذا الجيل الضائع الفاسد الموجود في العالم عامّة وفي أمريكا خاصّة؟ فهذا كله نابع أساساً من ذاك. أي أنّ تلك هي المقدّمة والمنفذ الذي تأتي من خلاله بقية الشرور[18].

طالعت في إحدى المجلّات الأمريكية مؤخّراً خبراً نقلته عنها صحفنا أيضاً، جاء فيه أنّ تلميذين في العاشرة والثانية عشرة من عمريهما أطلقا النار على التلاميذ والمعلّمين في مدرستهما، وقتلا عدداً منهم.. وكانا أطلقا صفارة الانذار ليحتشد التلاميذ في مكان واحد ثمّ أطلقا النار. والحقيقة أنّ مثل هذا الوضع مؤلم ومدمّر للمجتمع. فمثل هذه الجريمة التي ترتكب بهذا البرود وعدم المبالاة جاءت كنتيجة لسوء التربية النابعة من ذلك التحلّل[19].

الحجاب مدعاة للحرية والعزة

الحجاب مدعاة لرفعة شخصيّة المرأة وحرّيتها، خلافاً للدعايات البلهاء والسطحية للماديين. ليس الحجاب مدعاة لأسر المرأة. المرأة بتركها حجابها وبتعرية الشيء الذي أراد الله تعالى والطبيعة أن تستره، إنمّا تصغّر نفسها وتحطّ من قدرها وتهين نفسها. الحجاب وقار ورصانة وقيمة للمرأة. إنّه رجحان كفّة سمعتها واحترامها. ينبغي معرفة قدر ذلك حقّ المعرفة، ويجب تقديم الشكر للإسلام على نعمة الحجاب هذه، فهذا من النعم الإلهية[20].

إنّ عظمة المرأة لا تكمن في جذب أنظار الرجال وهوس المهووسين إلى نفسها، وليس هذا فخراً للمرأة، وليس هذا تعظيماً لها بل هو تحقير للمرأة. إنّ عظمة المرأة في تمكّنها من الحفاظ على الحجاب والحياء والعفاف الأنثويّ الذي أودعه الله في جبلّتها، فتقوم بجعل هذا كلّه مع العزّة الإيمانية، وتضيف إليه الشعور بالتكليف والمسؤولية، فتُعمل تلك اللطافة في محلّها وذاك الحزم الإيمانيّ في محلّه. فمثل هذا التركيب الدقيق مختصٌّ بالنساء فقط، ومثل هذا العمل الدقيق، من اللطف والحزم، من خصائص النساء[21].

الحجاب لا يمنع تحقيق التقدّم الاجتماعيّ والعلميّ

يثير بعض الناس أن النساء لا يمكنهنّ كسب العلم إذا حافظن على الحجاب والعفّة وإدارة البيت وتربية الأولاد، ولكنّ الواقع بخلاف هذا الكلام، فكم من النساء العالمات لدينا في مختلف المجالات في مجتمعنا؟ فهناك عدد كبير من الطالبات الجامعيات المجدّات ومن ذوات الأهلية والجدارة، وكذلك من الخرّيجات في مستويات عالية وطبيبات ممتازات من النمط العالي في مجالات علمية متنوّعة[22]، وقد حافظن على الحجاب والعفة.

واليوم، فإنّ صراع الأبواق الإعلامية الغربية مع المسلمين هو حول هذه النقطة. انظروا إلى مدى حساسيّتهم إزاء الحجاب الإسلاميّ، فإن كان هذا الحجاب يراعى في الجمهورية الإسلامية يعتبرونه قبيحاً، وإن كان في جامعات الدول العربية، والذي اختارته الشابّات والجامعيات الواعيات وذوات المعرفة عن ميل ورغبة، أبدوا حساسيتهم تجاهه، وإن كان بين الأهداف السياسية أبدوا حساسية أيضاً، وإن كان في مدارسهم التي هي تحت سيطرتهم حتّى الابتدائية منها أبدوا حساسيّتهم.

إذاً، هنا تكمن نقطة الصراع، فتراهم يطبّلون في إعلامهم دائماً – وإن كانوا لا يؤمنون به – أنّ حقّ المرأة في الإسلام أو الجمهورية

الإسلامية ينتهك. كلاّ، فحقّ المرأة في الجمهورية الإسلامية لم يُنتهك بل يحترم أكثر من ذي قبل، فهل أنّ عدد الجامعيات والطالبات في المعاهد العليا اليوم أكثر أم في عهد الطواغيت؟ وهل أنّ عدد طالبات الجامعات البارزات والممتازات في العلم اليوم أكثر أم ذاك الزمان؟ وهل عدد العاملات في مجال العمل والتحقيق في المراكز الطبيّة والعلمية المختلفة في أنحاء البلاد اليوم أكثر أم في ذاك الزمان؟ تشاهدون أنّ العدد اليوم أكبر ـ وهل عدد النساء في ميادين سياسة الدولة، وفي ميادين المؤتمرات الدولية، حيث يتواجدن بكلّ قوّة ويدافعن عن حقوق ومعتقدات هذا الوطن وهذا الشعب اليوم أكثر أم سابقاً؟ نعم كانت النساء تسافر في السابق مع الوفود المختلفة لكن كان حضورهنَّ صورياً ولأجل اللهو واللعب، ولإظهار أجسامهنّ للرجال. أمّا المرأة المسلمة اليوم فلها حضور علميّ وسياسيّ وخدماتيّ في المجامع الإسلامية وفي المؤتمرات الدولية المختلفة وفي المراكز العلمية والجامعات. نعم كانوا في السابق ينتزعون الفتيات من حمى وعفاف اُسرهم ليدخلوهنَّ في مستنقع الفساد ويرسموهنَّ في لوحات فنية تحت عنوان المرأة المثالية، طبعاً هذا لا وجود له اليوم[23].

وهذا فخر للنظام الإسلاميّ أن تشاهد فيه الكثير من النساء المسلمات المؤمنات الحزب اللهيات ـ بما للكلمة من معنى ـ

مشغولات بالدراسة أو التدريس في الجامعات في أرقى أنواع العلوم وأعلى مدارج العلم، نساء في أعلى التخصّصات في الطبّ والعلوم المختلفة الإنسانية والتجريبية، نساء قد بلغن في العلوم الدينية أعلى المراتب، فإن كانت في يوم ما أمرأة عظيمة الشأن مجتهدة عارفة فقيهة في أصفهان اسمها (بانو اصفهاني)[24] ، فاليوم يوجد الكثير من الفتيات اللائي سيبلغن في المستقبل القريب المدارج العلمية والفقهية والفلسفية العليا، وهذا معنى تقدّم المرأة[25].

وجوب مراقبة وضع الحجاب والعفاف والضوابط والالتزام

طبعاً الإنسان معرّض للزلل، الرجال معرّضون للزلل، والنساء معرّضات للزلل، والشباب عرضة للزلل، وكذلك الشيوخ، والعالم والجاهل والكلّ معرضون للزلل… “والمخلصون في خطر عظيم[26]. أين المخلص الآن؟ كلّنا سيجري علينا هذا المعيار. حتى لو حقّقنا هذا المعيار وكنّا من المخلصين، فإنّ المخلصين في خطر عظيم أيضاً! لذلك علينا أن نراقب، أعداء دنيانا وأعداء آخرتنا وأعداء عزّتنا وأعداء نظام الجمهورية الإسلامية يستغلّون نقاط ضعفنا: كالميل للشهوات، ومشاعر الغضب، وسعينا للسلطة، وحبّنا للتباهي والتظاهر. لذا يجب أن نراقب أنفسنا، والسيدات العزيزات أيضاً يجب أن يراقبن أنفسهنّ، والفتيات الشابّات أيضاً يجب أن يراقبن أنفسهنّ.

هذه الحياة تنقضي، ملذاتها وصعابها تنقضي بطرفة عين. إنّكم في فترة الشباب لا تدركون هذا الكلام جيداً. الإنسان في فترة الشباب يتصوّر أنّ الدنيا ثابتة وساكنة، وأنّه هكذا هو الأمر دائماً. لكن حينما تصلون إلى أعمارنا وتلقون نظرة تجدون كم الدنيا سريعة الانقضاء، تنقضي بطرفة عين، وفي ذلك الجانب: ﴿وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ﴾[27], الحياة هناك، ﴿ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ[28] وهناك

البشارات الإلهية. لذا على النساء أن يراقبن وضع الحجاب والعفاف والضوابط والالتزام، هذا واجب، فالاستعراض والتمظهر بالزينة (يدوم) لحظة واحدة، وآثاره السيئة على البلاد وعلى المجتمع وعلى الأخلاق، وحتى على السياسة، آثار تخريبية دائمة. والحال أنّ مراعاة العفاف والحدود الشرعية في سلوك السيّدات وتحرّكاتهنّ حتّى لو كان فيها صعوبة فهي صعوبة قصيرة الأمد، لكن آثارها عميقة باقية. السيّدات أنفسهنّ يجب أن يراقبن بدقّة قضيّة الحجاب والعفاف. فهذا من واجبهنّ وفخر لهنّ، ويمثّل شخصيتهنّ[29].

 

خلع الحجاب ثقافة غربية

إنّ عالم الغرب الفاسد أراد أن يحشو أذهان العالم حول تعرّي المرأة وشخصيّتها من خلال الأساليب الخاطئة والمنحرفة التي تتلازم مع تحقير جنس المرأة: فلأجل أن تظهر المرأة شخصيتها ينبغي أن تمتّع أنظار الرجال. فهل هذه هي شخصية المرأة؟! وأن تضع حجاب العفاف جانباً وتتظاهر لكي يستمتع الرجال. فهل هذا تعظيمٌ أم تحقيرٌ للمرأة؟ هذا الغرب المستغرق في سكرته وخباله لا يعرف شيئاً ممّا يجري، وتحت تأثير الأيادي الصهيونية رفع ذلك كعنوان لإجلال

المرأة، وقد صدّق بعض الناس هذا الأمر[30].

إنّ الغرب بصدد تصدير ثقافته إلى كلّ البلاد، وإنّ الثقافة الغربية تعني ثقافة الفساد والعُري. هذه الصورة الفظيعة لحياة بعض النساء في المجتمعات الغربية، ليست شاملة ـ وللّه الحمد ـ لجميع النساء هناك، بل إنّ هذه الحالة هي نتيجة للإعلام الخاطئ والمتزايد يوماً بعد يوم. فقبل 40 ـ 50 سنة لم يكن الفساد في المجتمعات الغربية بالصورة التي هو عليها اليوم، والغرب ينوي تصدير هذا الفساد الواقع فيه إلى الدول الإسلامية. إنّنا لا نريد ذلك، فهذا يعود بالضرر على حياتنا الاجتماعيّة وعلى حياتهم الاجتماعيّة أيضاً. إنّ الحياة الإسلامية هي أفضل أسلوب حياة لنا[31].

لقد مرّ زمن أغمض (فيه) المبهورون بالغرب عيونهم داعين لاستلهام كلّ شيء من الغرب. فما الذي تعلّمه هؤلاء من الغرب؟ ومن المزايا الجديدة لدى الأوربيين؟، وهي كانت منطلق نجاحاتهم، فهل تعلّم المبهورون بالغرب تلك الميزة وجلبوها إلى إيران؟ هل أصبحت لدى الإيرانيين قابلية المخاطرة؟ ومن مزايا الأوربيين الجيدة أيضاً مثابرتهم وعدم التهرّب من العمل، فهل جاء “المتغرّبون” بذلك إلى إيران؟ لقد كان أكابر العلماء والمخترعين في الغرب وأكثرهم

مهارة من أولئك الذين عاشوا حياة قاسية، وانهمكوا سنوات طوالاً في حُجَرهم حتّى أفلحوا في تحقيق الاختراعات. وحينما يتصفّح المرء حياتهم تتّضح أمامه الطريقة التي عاشوا فيها. فهل جاؤوا بهذه الروحية التي لا تعرف الكلل من أجل أن يعرفها الشعب الإيرانيّ فقط؟ هذه جوانب صالحة من الثقافة الغربية لم يأت بها هؤلاء، فما الذي جاؤوا به يا ترى؟! لقد جاؤوا بالاختلاط بين الرجل والمرأة، والحرية الجنسية، والتربّع وراء طاولات العمل، والاهتمام باللذات والشهوات!

لمّا أراد الطاغية رضا خان المجيء لنا بهدايا الغرب كان أوّل ما جلبه خلع الحجاب وفرضه (المنع) بقوّة حرابه وعنجهيته، وفرض أن يكون اللباس قصيراً وأن يكون ارتداء القبّعة وفق طريقة معينة، ثمّ تغيّرت فيما بعد، بل لا بدّ من أن تكون القبّعة على الطريقة الـ”شاپو”! وكل من يتجرّأ ويرتدي غير القبعة البهلوية التي اشتهرت وقتذاك أو يرتدي الملابس الطويلة (من النساء) فإنّه يواجه الضرب والطرد، ولم يكن مسموحاً للنساء بارتداء الحجاب، ليس فقط العباءة التي مُنعت يومذاك، بل حتّى لو غطّت النسوة رؤوسهنّ بالخمار وأخفين مقدّمة شعورهنّ فإنّهن يتعرّضن للضرب، فلم ذاك؟! إنّه نتيجة السفور الذي ظهرت به المرأة في الغرب! وهذا ما جلبوه لنا من الغرب، إنّهم لم يأتوا بما هو ضروريّ للشعب الإيرانيّ، فلم يجلبوا العلم والخبرة والجدّ والاجتهاد والمثابرة والمخاطرة – وبطبيعة الحال فإنّ لكلّ شعب

خصالاً جيدة – إنّهم لم يأتوا بكلّ تلك الخصال، وما جاؤوا به من فكر وعلم تقبّلوه دون تردد بعيداً عن التحليل، قائلين بوجوب تقبّله لأنّه صادر عن الغرب، فلا بدّ من القبول بطريقة الملبس والطعام والتكلّم والمشي لأنّها وصفة غربية ولا مجال في ذلك للنقاش! وهذا بمثابة أخطر سمّ يتناوله أيّ شعب[32].

المرأة والدور السياسيّ

 

 

الدور السياسيّ للمرأة[33]

إنّ الإسلام يعتبر بيعة المرأة أمراً ضرورياً وقضية حيوية على صعيد القضايا السياسية والاجتماعيّة.

وبإلقاء نظرة على العالم الغربيّ وتلك البلدان الأوربية التي تدّعي جميعها الدفاع عن حقوق المرأة ـ وهي أكاذيب في مجملها ـ فإنّنا نجد أنّ المرأة، وحتّى العقود الأولى من هذا القرن، لم يكن لها حقّ في إبداء الرأي، ولا في الانتخاب، بل وحتّى لم يكن لها حقّ في الملكية، أي أنّها لم تكن أيضاً مالكة لأموالها الموروثة، وإنّما كان المالك هو زوجها! ولكن الإسلام يقرّ بيعة المرأة ومالكيتها ومشاركتها في الساحات الأساسية السياسية والاجتماعيّة، فيقول القرآن الكريم ﴿إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ﴾[34], فالنساء كنّ يأتين أيضاً لمبايعة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ولم يقل رسول الإسلام الرجال ينوبون عن النساء فيخترن من اختاروا ويقبلن بمن قبلوا، بل قال إنّ النساء

يبايعن أيضاً ولهنّ أن يشاركن في القبول بهذه الحكومة وهذا النظام الاجتماعيّ والسياسيّ. فالغربيّون متأخّرون عن الإسلام ألفاً وثلاثمائة سنة في هذا المجال، ولكنّهم يتشدّقون بهذه المزاعم!

ولقد كانت فاطمة الزهراء عليها السلام، هي نفسها، أسوة في ذلك، سواء في مرحلة الطفولة أو في المدينة المنوّرة بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إليها، وكذلك في الشؤون العامّة كافّة، في ذلك الزمان الذي كان فيه أبوها محوراً لجميع الأحداث السياسية والاجتماعيّة، حيث كان لها عليها السلام حضور واسع، وكانت مظهراً لدور المرأة في النظام الإسلاميّ. وبالطبع فإنّ فاطمة الزهراء عليها السلام كانت قمّة في هذه الأمور، ولكنّ سيّدات أخريات كنّ في صدر الإسلام على قدر كبير من المعرفة والحكمة والعلم، وكان لهنّ حضور في ميادين الحرب، لدرجة أنّ بعض مَن كُنّ يتمتّعن بقوّة بدنية كانت لهنّ صولات وبطولات في المعارك والضرب بالسيف وسوح التضحية. ولكنّ الإسلام لم يوجب ذلك طبعاً على النساء، بل أسقطه عنهنّ لعدم ملاءمته لطبيعتهنّ الجسدية وكذلك لعواطفهنّ.

 

دور المرأة في التحوّلات الاجتماعيّة والثورات

فيما يتعلّق بدور النساء في التحوّلات الاجتماعيّة وفي الثورات، في هذه الحركة العظيمة للصحوة الإسلامية، لو أنّ النساء لم يشاركن في الحركة الاجتماعيّة لأيّ شعبٍ فإنّ تلك الحركة لن تصل إلى أيّ مكان ولن تنجح. ولو ساهمت النسوة في أيّة حركة مساهمة جادّة

وواعية وعن بصيرة فإنّ تلك الحركة ستتقدّم بنحوٍ مضاعف. وفي هذه الحركة العظيمة للصحوة الإسلامية فإنّ دور النساء هو دورٌ لا بديل عنه، ويجب أن يستمرّ. فالنساء هنّ اللواتي يهيّئن أزواجهنّ وأبناءهنّ ويدفعنهم للمشاركة في أخطر الميادين والجبهات.

نحن، وفي زمن النضال ضدّ الطاغوت في إيران، وكذلك بعد انتصار الثورة وإلى اليوم، كنّا نشاهد عظمة الدور النسائيّ بشكلٍ واضحٍ وملموس. فلو لم يكن لنسائنا في هذا البلد أثناء الحرب، التي فُرضت علينا طيلة ثماني سنوات، حضور في ميادين الحرب وفي الساحات الوطنية العظيمة لما انتصرنا في هذا الاختبار الصعب والمليء بالمحن. فالنساء هنّ اللواتي نصرننا، أمّهات الشهداء وزوجاتهم وزوجات المعوّقين والأسرى والأحرار، فبصبرهنّ أشاعت الأمّهات مناخاً في نطاقٍ محدودٍ كان يدفع بالشباب والرجال للحضور بشوق ورغبة عارمة. وقد انتشر هذا في سائر البلد واتّسع. وكانت النتيجة أنّ الجوّ العامّ لبلدنا أضحى دفعةً واحدةً مناخ الجهاد والتضحية والإيثار وبذل النفوس، وانتصرنا. واليوم الوضع هو كذلك في العالم الإسلاميّ، في تونس وفي مصر والبحرين وليبيا واليمن، وفي كلّ منطقة أخرى. لو أنّ النساء استطعن تقوية حضورهنّ في الصفوف الأمامية واستمررن على ذلك ستكون الانتصارات المتلاحقة من نصيبهنّ. ولا شكّ في ذلك[35].

دور المرأة في الثورة عند الإمام الخمينيّ قدس سره

المرأة من بعد انتصار الثورة حظيت بالتكريم، وكان رائد هذا التكريم والسبّاق إليه هو الإمام القائد (الإمام الخمينيّ قدس سره) الذي كان يحترم المرأة الإيرانية المسلمة كل كمال الاحترام، وهذه النظرة هي التي استقطبت النساء لمناصرة الثورة الإسلامية بحيث يمكن القول إنّه لولا مشاركة النساء فيها لكان من المحتمل جداً أن لا يكتب لها النَّصر بتلك الكيفية، أو لا تنتصر أساساً، أو تعترضها مشاكل كبرى. وعلى هذا الأساس أدّى حضور النساء إلى سقوط المعوقات أمام طريق الثورة. وهكذا كان موقفها أيضاً طوال فترة الحرب، وفي قضايا الثورة الأخرى كافّة منذ انطلاقتها ولحدّ الآن[36].

لقد أدرك الإمام الخمينيّ قدس سره دور النساء، وأهميَّة مشاركتهنّ في التظاهرات، والحضور في الساحات، على الرغم من الموقف المعارض لبعض العلماء الكبار[37].

ذلك الحصن المنيع الذي كان الإنسان يعتمد عليه ويطمئنّ ليقدر على الوقوف في مواجهة مثل هذه الآراء الصادرة عن مراكز هامّة،

كان حصنّ رأي الإمام وفكر الإمام وعزمه. رحمة الله تعالى على هذا الرجل العظيم إلى أبد الآبدين[38].

 

أوّل حركة شعبية كانت نسائية

إنّ النساء كان لهنّ دور (مميّز) سواء أكان في بدايات النهضة أم في زمن الثورة، أي في تلك السنة والنصف من التحرّكات الجماهيرية الثورية، كان للنساء دور مؤثّر ولا بديل له حتّى أنّهنّ لو لم يشاركن فقط في هذه التحرّكات والتظاهرات الحاشدة والعظيمة، لما كان لهذه التحرّكات كل ذلك الأثر. بل إنّه في بعض الأماكن – مثلاً عندنا في مشهد – كان انطلاق التظاهرات بواسطة النساء، أي إنّ أوّل حركة شعبية كانت حركة نسائية، وقد تصدّت لهنّ الشرطة، وانطلقت فيما بعد التحرّكات من الرجال. هكذا كان الأمر في الثورة والمواجهات. وكذلك بالنسبة إلى دورهنّ في تشكيل النظام وما جرى بعده بشكل سريع، أي زمن الحرب، زمن المحنة، زمن الامتحان الصعب ﴿حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ﴾[39]. لقد كانت الأوضاع قاسية في زمن الحرب. والحال، فإنّ بعضهم شاهد الحرب عبر التلفاز والإذاعة وما شابه، وبعضهم كان في ميدان الحرب بجسده وروحه، ما يتمّ

عرضه من تقارير وأخبار مفعمة بالحماس والشوق في الحرب، كلّه صحيح وحقيقيّ، حيث إنّني أقرأ الكثير من الكتب المتعلّقة بذكريات المقاتلين وأعلم بأنّها صحيحة، كلّ ذلك الشوق والحرقة والعشق للجهاد والاشتياق للشهادة وعدم الرهبة من الموت وما شابه، هو ما يُعرض في التقارير وهو صحيح، لكنّ النظرة العامة للحرب كانت نظرة مثقلة بالمحنة والحزن…[40].

 

دور أمّهات وزوجات الشهداء والجرحى

لقد كان زمناً صعباً، وفي هذا الزمن الصعب كان دور النساء دوراً استثنائياً، دور أمّهات الشهداء، دور زوجات الشهداء، دور النساء المباشر المتّصل بساحة الحرب مباشرة في أعمال الدعم والمؤازرة، وأحياناً، وبشكل نادر، في الأعمال العسكرية والعمليات. ولقد شاهدتُ عن قرب أعمال الدعم الحربيّ للنساء في الأهواز حيث كان دوراً منقطع النظير. لقد كانت النساء فاعلات حتّى في الأقسام العسكرية. القصة “دا”[41] التي كتبتها السيدة حسيني تدلّ على هذا الأمر، لقد شكّلن فريق عمل لا يمكن قياسه بأيّ مقياس ولا ميزان. أن تكون أمّاً، أمّاً لشهيد، أمّاً لشهيدين، لثلاثة شهداء، لأربعة شهداء، ليس

الأمر بالطرفة التي يسهل ذكرها على اللسان. إذا تعرّض طفل للزكام وسعل عدّة مرات، كم نقلق عليه؟ فماذا لو ذهب الولد فقُتل، ثم قُتل الثاني، ثمّ الثالث، هل هذه طرفة؟ وهذه الأمّ بكل عواطفها الأمومية المرهفة والملتهبة تؤدّي دورها بشكل تتشجّع معه مئة أمّ أخرى لإرسال أولادهنّ إلى ساحة الحرب، لو أنّ تلك الأمهات – حين وصلتهنّ جثامين أبنائهن أو لم تصل – صدرت عنهنّ آهات وأنين، عتاب وشقّ للجيوب أو اعتراض على الإمام (الخمينيّ قدس سره) وعلى الحرب، فلا شكّ أنّ الحرب كانت ستُشلّ في تلك السنوات والمراحل الأولى للحرب. وهذا هو دور أمّهات الشهداء، وزوجات الشهداء الصابرات. نساء شابّات يفقدن أزواجهنّ في بداية الحياة الجميلة التي كنّ يتمنّينها، أن يرضين أولاً بأن يذهب أزواجهنّ الشباب إلى حيث من الممكن أن لا يرجعوا، ومن ثمّ يتحمّلن شهادتهم، ثمّ يفتخرن بهذا ويرفعن رؤوسهنّ شموخاً، هذه أدوار لا بديل لها ولا مثيل. ثمّ المعاناة المستمرّة حتّى الآن لزوجات المعوّقين من جرحى الحرب. سيّدات تزوّجن بمعوّق جسده ناقص، وفي بعض الأحيان يكون سيّئ الخُلُق بسبب وضعه الجسديّ أو العوارض الناشئة من حالات الصرع والتشنّج العصبيّ، أن تقوم سيّدة بملء إرادتها وبشكل ملتزم ومسؤول وتتحمّل هذا بشكل تطوّعي وبدون أي إجبار تكون قد قامت بعمل فدائيّ كبير. أحياناً قد تَقُلنَ (أيّتها السيّدات) إنّنا نجيء في اليوم لزيارة أحد الجرحى لمدة ساعتين، حسناً في كل مرة تذهبن تُشكرن على تعبكنّ، ولكن أحياناً

يكون العكس، أنتنّ تخترن أن تكنّ زوجات لهؤلاء الجرحى، تصبحن دائنات! أي إنّ طبيعة الحال أن تقمن أنتنّ بهذا العمل، لكنّ أولئك النسوة قمن بتلك التضحية. وفي الحقيقة إنّ دور النساء لا يمكن أن يُحدّ ويُحسب[42].

لقد قلتها مراراً!. إنّني في زياراتي لعوائل الشهداء غالباً ما أجد أمّهات الشهداء أشجع وأكثر مقاومة من آباء الشهداء. وهل يمكن مقارنة محبّة الأم وعاطفتها بعاطفة الأب؟ فالمشاعر النسوية الرقيقة، وخصوصاً تجاه فلذة كبدها بعد أن ربّته وكبّرته وأنشأته كباقة ورد، ثمّ ترضى بأن يتوجّه لساحات الحرب ويستشهد، ثمّ لا تبكي على جنازته من أجل أن لا يفرح أعداء الجمهورية الإسلامية! وقد قلت – أنا العبد – لعوائل الشهداء مراراً ابكوا! لماذا لا تبكون؟ لا عيب في البكاء. لكنّهم لا يبكون، ويقولون نخشى أن يفرح بذلك أعداء الجمهورية الإسلامية. لا تسمّها امرأة بل سمّها صانعة رجال العصر…[43]. هؤلاء هنّ نساء إيران، وقد خرجن من الامتحان مرفوعات الرؤوس[44].

الحركة النسوية في الثورة الإيرانية حركة زينبية

إنّ ثورتنا هي ثورة زينبية. منذ بداية الثورة قامت النسوة بأحد أبرز الأدوار فيها، سواء في واقعة الثورة الكبرى نفسها أو في تلك الواقعة العظيمة للدفاع المقدّس طيلة السنوات الثماني. ودور الأمهات، ودور الزوجات، وإذا لم يكن أكثر ثقلاً من دور المجاهدين وأكثر إيلاماً وتحمّلاً فهو يقيناً ليس بأقلّ. إنّ الأمّ التي ربّت ولدها وعزيزها طيلة ثماني عشرة أو عشرين سنة حتّى نضج بتلك العاطفة الأمومية، ها نحن نراها ترسله إلى ميدان الحرب حيث لا يَعلم أحد إذا كان جسده سيرجع أم لا، فأين هذا العمل من نفس ذهاب هذا الشابّ؟ إنّ هذا الشاب يتحرّك بحماس مع الإيمان والروحية الثورية. فلو لم يكن عمل هذه الأم أكبر من عمل هذا الشاب فهو ليس بأقلّ. وإذا أرجعوا جسده فإنّها تفتخر بأنّ ولدها شهيد. فهل أنّ هذه الأمور قليلة؟ إنّ هذه الحركة النسوية هي حركة زينبية في ثورتنا.

أعزائي، أخواتي، إخواني! إنّ ثورتنا قد مضت في هذا الطريق قُدُماً. وقدرتها وعظمتها إنّما كانت بهذه الأمور، بالتمسّك بالمعنويات المدعومة من اللطف الإلهيّ. وعندما أراد العدوّ أن يشمت بزينب الكبرى لما جرى عليها قالت: “ما رأيت إلا جميلاً”[45]،[46] فقد قطّعوا

إخوتها وأبناءها وأعزّاءها وأقرب أنصارها أمام ناظريها إرباً إرباً، وسفكوا دماءهم ورفعوا رؤوسهم فوق الرماح وهي تقول: جميل! فأيّ جميل هو هذا؟ لاحظوا هذا الجميل بما نُقل من أنّ زينب الكبرى لم تترك صلاة الليل حتّى في ليلة الحادي عشر. على طول مرحلة الأسر لم يضعف انقطاعها إلى الله وتوجّهها إليه وتعلّقها به، نعم، لم يقلّ بل ازداد. هذه المرأة هي القدوة.

إنّ تلك الرشحات الربانية التي تنزّلت من هذه الحقيقة في مجتمعنا وفي ثورتنا هي التي أعطت العظمة لهذه الثورة. فهذه الأمور هي التي جعلت شعب إيران في هذا الزمان ـ ورغم كل العداوات ـ ملهماً للشعوب ورغم أنف العدوّ. إنّ شعب إيران اليوم يعدّ شعباً ملهماً بين الشعوب المسلمة. ولا شك بأنّ الأعداء لا يعجبهم هذا الأمر ولهذا يسعون إلى خنق صوته، ولكنّ واقع القضية هو هذا[47].

إنّ نساءنا قد أظهرن طوال فترة أحداث الثورة وما تلتها إلى يومنا هذا أنهنّ بمستويات عالية في الأمور التي تعتبر معايير حقيقية للحياة والقيم والعظمة، فأمّ ضحّت بأبنائها للّه وفي سبيل هدف مقدّس، ولا تبالي لذلك، هي امرأة عظيمة حقاً، وهذا شيء عظيم وإن وزن بأيّ ميزان وفي أيّ مكان من هذا العالم، وزوجة شابّة تحافظ مع كامل العفّة والطهارة على حرمة زوجها الأسير لمدة عشر

أو إحدى عشرة سنة في سجون العدوّ، هذه هي القيم. حضرنَ في سوح الحرب، وفي ميادين البناء والإعمار، وحضرنَ في ميادين الحرب النفسية أكثر من غيرهنّ. فعندما حاولت الأبواق المعادية إضعاف روحية الشعب، واجهت النساء المؤمنات هذه الأبواق، وهنَّ الآن كذلك، فأنتم تشاهدون الإعلام المعادي بأشكاله المختلفة يطرح الانتقاد تلو الانتقاد، ويضخّم الأشياء الصغيرة عشرات الأضعاف، وينقلها في الإذاعات المختلفة وبواسطة الإجراء في الداخل في المنشورات والمنشورات الفلانية. بعضهم يروّج للإشاعات بالبيانات السريّة وبعضهم الآخر علناً في المنشورات المسموح بها قانوناً، يدفعون الأموال للأشخاص للذهاب في الصف الفلاني أو في وسائل النقل العام لتشويه سمعة الدولة، نعم يدفعون الأموال لبعض الناس لإثارة الإشاعات ولخلق البلبلة. إنّ أفضل أناس صمدوا في مثل هذه الأوضاع هم نساؤنا المؤمنات واللواتي أعدادهنَّ ـ وللّه الحمد ـ كبيرة جداً، بل إن أكثر نسائنا هكذا رغم أنف الأعداء، فهذا هو مجتمع المرأة الزينبية، ومجتمع المرأة الفاطمية، وهذه هي التربية الإسلامية وتربية النظام الإسلاميّ، وهذه هي قيمة وعظمة وحرّية المرأة[48].

إنّ السيّدات الفعّالات في جبهة الثورة، قمن بدور بارز في يومٍ من الأيّام ـ قبيل انتصار الثورة بقليل، وفي أوائل الثورة، وطوال الحرب

المفروضة – فكان لهنّ حضور فعّال. فلا تَدَعْنَ حضور السيّدات الفعّال في جبهة الثورة يَخْفت، فالآخرون يحاولون، في مواجهة الثورة ومعارضة الثورة، الإفادة من عنصر المرأة الفعّال. بينما للثورة عدد أكبر من النساء الفعّالات، البارزات، الكاتبات، والعالمات. وعلى السيّدات المِقدَامات، المفكّرات، من صاحبات القلم والتأليف والخطابة، من اللواتي يُقدّمنَ الأفكار، أن لا يدعْنَ ساحة الثورة والدفاع عن الثورة[49].

[1] بيان الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة افتتاح الحفل الخاص بأسبوع الكتاب، في طهران، بتاريخ ‍11/07/1414ه.ق.

[2] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة الاجتماع النسوي الكبير في محافظة آذربيجان، بحضور مختلف شرائح نساء محافظة آذربيجان، بتاريخ 04/05/1417ه.ق.

[3] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله في لقاء التعبويين من محافظة قم، بمناسبة الزيارة الخاصة لمدينة قم، في قم، بحضور حشد كبير من التعبويين في محافظة قم، بتاريخ 24/10/2010م.

[4] المنطقة الواقع شمال العراق.

[5] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة ذكرى ولادة السيدة زينب عليها السلام ويوم الممرضين، في طهران، بحضور حشود من العاملين في حقل التمريض وطلبة الجامعات الطبية في البلاد، بتاريخ 7/05/1418ه.ق.

[6] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة ميلاد الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام، في طهران، بحضور جمع من الأخوات المؤمنات العاملات في حقل الثقافة والإعلام، بتاريخ 19/06/1419ه.ق.

[7] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة مولد الصديقة الزهراء عليها السلام، في طهران، بحضور جموع من أعضاء المراكز والجامعات الثقافية والسياسة وأسر الشهداء، بتاريخ 21/06/1413هـ.ق.

[8] المقصود من المسائل الأصلية عدم تنافي العمل مع كرامة المرأة وطبيعتها الإنسانية الجسدية والمعنوية إضافة إلى عدم تنافيه مع دورها ومقامها الأُسري.

[9] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله في لقاء مجموعة من النساء النخبة، بمناسبة ذكرى ولادة السيّدة فاطمة الزهراء عليها السلام، في طهران، بحضور جمع من النساء النخبة في المجتمع، بتاريخ 19/04/2014م.

[10] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله في لقاء مجموعة من النساء النخبة، بمناسبة ذكرى ولادة السيّدة فاطمة الزهراء عليها السلام، في طهران، بحضور جمع من النساء النخبة في المجتمع، بتاريخ 19/04/2014م.

[11] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة ولادة السيدة زينب الكبرى عليها السلام، في طهران، بحضور حشود من الأخوات، بتاريخ 05/05/1415ه.ق.

[12] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة ولادة السيدة زينب الكبرى عليها السلام، في طهران، بحضور حشود من الأخوات، بتاريخ 05/05/1415ه.ق.

[13] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة أسبوع الشباب في الجمهورية الإسلامية, في طهران، بحضور جمع من الشباب من مختلف الشرائح الاجتماعيّة، بتاريخ 11/01/1419ه.ق.

[14] الشيخ الكليني، الكافي، ج6، ص438.

[15] الصدوق، الشيخ محمد بن علي بن بابويه، من لا يحضره الفقيه‏، تحقيق وتصحيح علي أكبر غفاري، قم‏، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم‏، 1413ه‏، ط2، ج1،ص129.

[16] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة أسبوع الشباب في الجمهورية الإسلامية، في طهران، بحضور جمع من الشباب من مختلف الشرائح الاجتماعيّة، بتاريخ 11/01/1419ه.ق.

[17] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة أسبوع الشباب في الجمهورية الإسلامية، في طهران، بحضور جمع من الشباب من مختلف الشرائح الاجتماعيّة، بتاريخ 11/01/1419ه.ق.

[18] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة أسبوع الشباب في الجمهورية الإسلامية، في طهران، بحضور جمع من الشباب من مختلف الشرائح الاجتماعيّة، بتاريخ 11/01/1419ه.ق.

[19] م.ن.

[20] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله في لقاء مدّاحي أهل البيت عليهم السلام، بمناسبة ولادة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام، في طهران – حسينية الإمام الخميني قدس سره، بحضور جمعٌ من الشعراء والمدّاحين لأهل البيت عليهم السلام، بتاريخ 12/05/2012م.

[21] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة ذكرى ولادة السيدة زينب عليها السلام ويوم الممرضة، في طهران، بحضور جمع غفير من الممرضات النموذجيات، بتاريخ 21/04/2010م.

[22] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة مولد الصديقة الزهراء عليها السلام، في طهران، بحضور جموع من أعضاء المراكز والجامعات الثقافية والسياسة وأسر الشهداء، بتاريخ 21/06/1413هـ.ق.

[23] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة ولادة السيدة زينب الكبرى عليها السلام، في طهران، بحضور حشود من الأخوات، بتاريخ 05/05/1415ه.ق.

[24] السيدة بانو أمين هي بنت الحاج السيد محمد علي أمين التجار الأصفهاني أحد تجار أصفهان. ولدت سنة 1886م. كانت عالمة مجتهدة معروفة واشتهر اسمها بعد تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران، وكان من أشهر أساتذتها الشيخ علي اليزدي وبالأخص آية الله السيد علي النجف آبادي. ومنح السيدة بانو أمين مرتبة الاحتهاد عدة فقهاء مثل العلامة عبد الكريم الحائري مؤسس حوزة قم الحديثة والسيد أبو الحسن الأصفهاني. كما تتلمذ عندها العديد من الفقهاء ومنحت بعضهم أيضاً مرتبة الاحتهاد كالعلامة الأميني وابنة أخيها (أو أختها) عفة الزمان أمين (1912 – 1977م) التي نالت مرتبة الاجتهاد عند السيد محمود الهاشمي الشاهرودي. ألفت السيدة بانو أمين عدة كتب في العلوم الإسلامية منها مخزن العرفان، تفسير للقرآن الكريم في 15 مجلداً، وكتاب أربعين الهاشمية وهو عبارة عن شرح لأربعين حديثاً باللغة العربية، وكتاب جامع الشتات الذي يحتوي على أحكام فقهية باللغة العربية على طريقة السؤال والجواب والعديد من الكتب القيمة الأُخرى.

وأسست السيدة بانو أمين في أصفهان سنة 1965م معهد فاطمة الزهراء والذي أقبلت أكثر من 600 طالبة على دراسة الفقه والأصول والفقه والعرفان فيه.

أنجبت السيدة بانو أمين ثمانية أولاد لم يبق على قيد الحياة منهم إلا السيد محمد علي أمين ورغم ذلك تحلت بالصبر ولم يثنها ذلك عن متابعة علومها. ومن الجدير ذكره أن دراساتها كانت بيتية حيث كان الأساتذة يأتونها إلى البيت ويدرسونها من وراء حجاب. ولكن كانت عندما يصب الأمر في المصلحة الإسلامية تبرز للمجتمع لتؤدي دورها لا سيما في مجال التدريس والوعظ والمحاضرات تلبية لواجبها الإسلامي.

وأكثر ما كان يُعرف عن السيدة بانو أمين عفتها وأخلاقها الرفيعة وحشمتها. توفيت السيد الجليلة بانو أمين سنة 1982م ودفنت في مقبرة تخت فولاد في مسقط رأسها في أصفهان. وقد قال عنها الإمام الخامنئي إنها كانت فيلسوفة وفقيهة كبيرة وأثنى على خدماتها للإسلام ونشر القيم الإسلامية للمرأة.

[25] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة ولادة السيدة زينب الكبرى عليها السلام، في طهران، بحضور حشود من الأخوات، بتاريخ 05/05/1415ه.ق.

[26] ذكرها سماحته بالعربيّة في سياق خطبته.

[27] سورة العنكبوت، الآية 64.

[28] سورة الشورى، الآية 23.

[29] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله في لقاء مدّاحي أهل البيت عليهم السلام، بمناسبة ولادة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام، في طهران – حسينية الإمام الخميني قدس سره، بحضور جمعٌ من الشعراء والمدّاحين لأهل البيت عليهم السلام، بتاريخ 12/05/2012م.

[30] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة ذكرى ولادة السيدة زينب عليها السلام ويوم الممرضة، في طهران، بحضور جمع غفير من الممرضات النموذجيات، بتاريخ 21/04/2010م.

[31] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة ولادة السيدة زينب الكبرى عليها السلام، في طهران، بحضور حشود من الأخوات، بتاريخ 05/05/1415ه.ق.

[32] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة زيارة محافظة جيلان، في مدينة رشت، بحضور الآلاف من شباب محافظة جيلان، بتاريخ 08/02/ 1422ه.ق.

[33] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة ذكرى ولادة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام ويوم المرأة، في طهران، بحضور جمع غفير من الأخوات المسلمات، 20/06/1421ه.

[34] سورة الممتحنة، الآية 12.

[35] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله في لقاء المشاركات في المؤتمر العالمي للمرأة والصحوة الإسلامية، بمناسبة المؤتمر العالمي للمرأة والصحوة الإسلاميّة، في طهران، بحضور المشاركات في المؤتمر (من 84 دولة)، بتاريخ 11/07/2012م.

[36] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة ولادة الصديقة الطاهرة عليها السلام ويوم المرأة، في طهران – ملعب الحرية الرياضي، بحضور جموع غفيرة من النساء المؤمنات، بتاريخ 19/06/1418ه.ق.

[37] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله في لقاء المشاركين في الملتقى الثالث للأفكار الاستراتيجيّة في موضوع المرأة والأسرة، بمناسبة إقامة الملتقى الثالث للأفكار الاستراتيجيّة، في طهران، بحضور جمعٌ من العلماء والمفكّرين والمسؤولين والنخب، بتاريخ14/01/2012م.

[38] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله في لقاء المشاركين في الملتقى الثالث للأفكار الاستراتيجيّة في موضوع المرأة والأسرة، بمناسبة إقامة الملتقى الثالث للأفكار الاستراتيجيّة، في طهران، بحضور جمعٌ من العلماء والمفكّرين والمسؤولين والنخب، بتاريخ14/01/2012م.

[39] سورة التوبة، الآية 118.

[40] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله في لقاء المشاركين في الملتقى الثالث للأفكار الاستراتيجيّة في موضوع المرأة والأسرة، بمناسبة إقامة الملتقى الثالث للأفكار الاستراتيجيّة، في طهران، بحضور جمعٌ من العلماء والمفكّرين والمسؤولين والنخب، بتاريخ14/01/2012م.

[41] اسم سلسلة قصص أدبية كتبت حول الجبهة أثناء الحرب المفروضة على الجمهورية الإسلامية.

[42] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله في لقاء المشاركين في الملتقى الثالث للأفكار الاستراتيجيّة في موضوع المرأة والأسرة، بمناسبة إقامة الملتقى الثالث للأفكار الاستراتيجيّة، في طهران، بحضور جمعٌ من العلماء والمفكّرين والمسؤولين والنخب، بتاريخ14/01/2012م.

[43] عمان الساماني، ديوان الأشعار.

[44] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله في لقاء مدّاحي أهل البيت عليهم السلام، بمناسبة ولادة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام، في طهران – حسينية الإمام الخميني قدس سره، بحضور جمعٌ من الشعراء والمدّاحين لأهل البيت عليهم السلام، بتاريخ 12/05/2012م.

[45] ذكرها سماحته بالعربيّة في سياق خطبته.

[46] المجلسي، العلامة محمد باقر، بحار الأنوار، الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1403هـ، ط2، ج45، ص116.

[47] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة ذكرى ولادة السيدة زينب عليها السلام ويوم الممرضة، في طهران، بحضور جمع غفير من الممرضات النموذجيات، بتاريخ 21/04/2010م.

[48] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة ولادة السيدة زينب الكبرى عليها السلام، في طهران، بحضور حشود من الأخوات، بتاريخ 05/05/1415ه.ق.

[49] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله في لقاء جمع من السيّدات الحوزويّات والجامعيّات، بمناسبـة ولادة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام، في طهران، بحضور جمع من السيدات والحوزويات والجامعيات، بتاريخ 11/05/2013م.

0

المرأة والأسرة

في فكر الإمام الخامنئي دام ظله

شاهد أيضاً

20-21-22-23-24 صلوات الليالي ودعوات الايّام في شهر رمضان

صلوات اللّيلة العشرين والحادِية والعشرين والثّانِيَة والعِشرين والثّالِثَة والعِشرين والرّابعة والعِشرين: في كُل مِن هذه ...