الرئيسية / تقاريـــر / الخلفية التاريخية لفشل النفوذ الثقافي الأميركي

الخلفية التاريخية لفشل النفوذ الثقافي الأميركي

كانت المصادقة على لائحة المجالس المحلية في مهر عام 1341 في حكومة أسد الله علم، من أهم الممارسات الأمريكية في الهندسة الثقافية الإيرانية والنفوذ الثقافي.

تم إلغاء هذا العمل بذكاء الإمام والعلماء في نهاية المطاف في السابع من آذر عام 1341، كانت اللائحة جزءا من التغييرات التي كانت تنوي الحكومة الأمريكية الجديدة القيام بها تحت عنوان الإصلاحات الاجتماعية.

تشكل قضية الغزو الثقافي من أهم الهواجس عند سماحة قائد الثورة الإسلامية إذ حظيت باهتمامه دائما. أشار سماحته مؤخرا في كلمته ألقاها في لقاءه بحضور قادة وموظفي الحرس الثوري للثورة الإسلامية، إلى قضية النفوذ الثقافي والسياسي قائلا: “إن النفوذ الثقافي والأمني خطير ويحمل الكثير من التداعيات لكن النفوذ الثقافي والسياسي للعدو يحمل مخاطر كبيرة علينا جميعا أن نعي الأمر.

كما أشار في جانب آخر من كلمته إلى أننا لا نسمح بذريعة إعداد المفاوضات النووية الأمريكية أن تتغلغل أمريكا ثقافيا وسياسيا في بلادنا.

هذا وان النظرة التشاؤمية حول ممارسات أمريكا في بلدنا لها تاريخ طويل ونشاهد في قضية النفوذ الثقافي، خاصة، مساعي كثيرة بذلها المسئولون الأمريكيون، في هذا المجال يأتي إعداد لائحة المجالس المحلية في العهد البلهوي أبرز ما قام به الأمريكيون بغية التغلغل الثقافي.

كانت المصادقة على لائحة المجالس المحلية في مهر عام 1341 في حكومة أسد الله علم من أهم الممارسات الأمريكية في الهندسة الثقافية الإيرانية والنفوذ الثقافي.

تم إلغاء هذا العمل بذكاء الإمام والعلماء في نهاية المطاف في السابع من آذر عام 1341، كانت اللائحة جزءا من التغييرات التي كانت تنوي الحكومة الأمريكية الجديدة بالقيام بها تحت عنوان الإصلاحات الاجتماعية.

هذا وبعد المصادقة على اللائحة التي عرفت بالإصلاحات الأرضية في شهر دي عام 1340 أعربت الإدارة الأمريكية والصحف الأمريكية عن إعجابها بما قام به الشاه والذي عرف بالثورة البيضاء أو ثورة الشاه والناس.

إن قضية لائحة المجالس المحلية كانت تمثل مرحلة أخرى من تلك الإصلاحات، اتخذها الشاه بعد زيارة أمريكا في فروردين عام 1341. انه وبعد الرجوع والحصول على دعم أمريكا قام بإقالة أميني وتعيين أسد الله علم بعد ثلاثة أشهر.

كانت المصادقة على لائحة المجالس المحلية من أول الأعمال التي قام بها علم، بتوجيه من الإدارة الأمريكية.

الظروف الاجتماعية عند إعداد اللائحة جاءت المصادقة على اللائحة في ظل ظروف كانت تتصور الحكومة بعد وفاة آية الله بروجرودي في فروردين 1340 بان علماء الدين فقدوا قوتهم في الجانب السياسي. في اسفند عام 1340 رحل آية الله كاشاني عن الدنيا، ومن جهة أخرى لم يقم الإمام الخميني بعد وفاة آية الله البروجردي وبالرغم من ترحيب الحوزة العلمية والشعب، بأي عمل للمرجعية، وحتى أبدى مقاومة في قبول المقترحات التي قدمها أصدقائه له.

تلك الأحداث أدت إلى قيام الحكومة بالإصلاحات الأمريكية وحاولت في نفس الفترة بان تنقل المرجعية إلى خارج إيران.

على هذا صادقت حكومة أسد الله علم على لائحة المجالس المحلية في 14 مهر عام 1341 ونشرت تفاصيلها في الصحف بعد يومين. بموجب اللائحة التي تعتبر بمثابة القانون في غياب البرلمان، تم منح حق التصويت إلى النساء وتم حذف القسم بالقرآن من شروط المرشحين والمقترعين، وكان بإمكان الأشخاص القسم بأي كتاب سماوي. كان الإمام الخميني يقيم في قم آنذاك وعرف بان تلك اللائحة تعتبر مقدمة لمؤامرة خبيثة، ويريد النظام تقييم ردة فعل علماء الدين.

كان الإمام يرى بان منح حق التصويت إلى النساء ليس إلا خدعة، ذلك أن الرجال لم يكن لهم الحق في التصويت وتخرج من الصناديق أسماء يريدها النظام. وكانت تريد الحكومة في ظل تلك اللائحة خرق الحدود الإسلامية.

قال الإمام في هذا المجال: إننا لا نعارض تطور النساء، إننا نعارض الفحشاء ونعارض تلك الأعمال الخاطئة. هل يمتلك الرجال في هذا البلد الحرية حتى تتمتع بها النساء، هل يتم تنفيذ حرية المرأة وحرية الرجل في الكلام دون العمل.

أما حذف شرط الإسلام والقسم بالقرآن الكريم الذي ورد في اللائحة، كان يهدف إلى مواجهة القيم الإسلامية في المجتمع.

يرى بعض أصحاب الرأي بان دعم الشاه لإسرائيل يعتبر شرطا لدعم حكومة كينيدي للحكومة البهلوية، وان نفوذ البهائيين في السلطات الثلاثة وخاصة في مركز تشريع البلاد، كان يحقق هذا الهدف. ولتحقيق أرضية النفوذ كان من الضروري حذف القرآن وكون المرء مسلما. إن دور الإمام في فضح أهداف الشاه الحقيقية والتنويه برسالة العلماء الخطيرة والحوزات العلمية في تلك الظروف كان دورا فاعلا.

إن برقيات احتجاج العلماء ورسائلهم المفتوحة إلى الشاه وأسد الله علم أثارت موجة من دعم مختلف طبقات الناس، جدير بالذكر بان لهجة برقيات الإمام الخميني للشاه ورئيس الوزراء كانت حادة. قامت الحكومة بداية بتهديد علماء الدين وقال أسد الله علم في الخطاب الإذاعي: إن الدولة لا تتراجع عن الخطة الإصلاحية التي تقوم بتنفيذها. مع هذا زادت حدة الاحتجاجات.

في طهران وقم وبعض المدن الأخرى تم إغلاق الأسواق واجتمع الناس في المساجد دعما لحركة العلماء. بعد شهر ونصف من بداية الحادثة تراجعت الحكومة، وأرسلت في 22 آبان رسالة مكتوبة إلى العلماء لتبرير وإيضاح أعمالها، لكنها كانت تعرف صلابة الإمام وامتنعت عن إرسال الجواب إليه. قال بعض العلماء بان موقف الحكومة مقنعا وطالبوا بإنهاء النهضة.

لكن قاوم الإمام مقاومة شديدة، قال الإمام بان الحكومة عليها أن تلغي لائحة المجالس المحلية رسميا، وتنشر الخبر. انه في بيان صدره ردا على رسالة التجار وأصحاب المهن، اعتبر أهداف النظام من وراء المصادقة على اللائحة هو نفوذ العناصر البهائية والإسرائيلية في تنظيمات الحكومة وقال: لا يهدأ الشعب المسلم مادامت تلك المخاطر تلوح في الأفق، ولو اتخذ شخص ما الصمت فانه مسئول أمام الله ومصيره إلى الزوال في هذه الدنيا.

وحذر الإمام في البيان نواب المجلس والشورى من المصادقة على اللائحة وقال: إن الشعب المسلم وعلماء الإسلام إحياء ويقطعون كل يد خائنة تريد انتهاك الإسلام وأعراض المسلمين.

أخيرا امتثلت الحكومة للمطالب فاشلة وفي السابع من آذر عام 1341 قامت بإلغاء اللائحة السابقة وأعلنت الخبر إلى العلماء ومراجع طهران وقم. كتب علم في رسالة له مخاطبا العلماء وعلماء الدين: بعد العنوان وعطفا لكتابكم والعلماء الآخرين والمراجع الموقرين تم مناقشة قضية انتخابات لائحة المجالس المحلية في اجتماع الحكومة، وتمت المصادقة على عدم تنفيذ القرار المصادق عليه في تاريخ 14/7/1341.

أصر الإمام في اجتماع مع علماء قم على مواقفه السابقة ولم يعتبر إلغاء اللائحة خلف الأبواب المغلقة بكافي، وأعلن ما لم يتم إلغاءها في وسائل الإعلام، فان النهضة تستمر.

على هذا وفي العاشر من آذر عام 1341 نشرت الحكومة خبر إلغاء لائحة المجالس المحلية في الصحف الحكومية، لكن قال الإمام غداة إلغاء اللائحة في اجتماع أقيم في بيت أحد علماء قم كلاما لم يكن متوقعا، في هذا الاجتماع وعندما كان الجميع فرحين من تراجع الحكومة، قال الإمام: كل تلك الأعمال ليست إلا كذبا. يحملون خطط جوهرية لاستهداف بلادكم وان الأسلوب الذي تم من خلاله تنفيذ الأمور ليس إلا خدعة، علينا أن نتوقع مؤامرات كبرى، وإنني أحذركم منها.