الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / أعْلامُ النِّساءِ المُؤمِنَاتِ

أعْلامُ النِّساءِ المُؤمِنَاتِ

قالت : نعم ، فأخبر بعضهم أبالهب فقال لها : عجباً لك ولإتّباعك محمّداً وترك دين عبدالمطلب .
فقالت : قد كان ذلك ، فقم دون ابن أخيك واعضده وامنعه ، فإنْ يظهر أمره فأنت بالخيار أنْ تدخل معه أو تكون على دينك ، فإنْ يصب كنت قد أعذرت في ابن أخيك .
فقال أبولهب : ولنا طاقة بالعرب قاطبة جاء بدين وحدث ثم انصرف .
فقالت أروى يومئذٍ :
إنّ طليباً نصرَ ابنَ خالِهِ * آساه في ذي ذِمّة ومالِهِ
وفي الاستيعاب : أروى بنت عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف ، عمّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ذكرها أبوجعفر العقيلي في الصحابة ، وذكر أيضاً عاتكة بنت عبدالمطلب ، وهما مختلف في اسلامهما ، وأمّا محمّد بن اسحاق ومَن قال بقوله فذكر أنّه لم يسلم من عمّات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلاّ صفيّة ، وغيره يقول : إن أروى وصفيّة أسلمتا جميعاً ، ثم حكى عن محمّد بن عمر الواقدي أنّه روى بسنده : أنّه لما أسلم طليب بن عمير ودخل على اُمه أروى بنت عبدالمطلب ، وذكر نحواً مما مرّ عن الطبقات .
وفي الاستيعاب أيضاً : كان لعبدالمطلب ست بنات عمّات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
1 ـ اُم حكيم يقال لها البيضاء ، ويقال إنّها توأمة عبدالله ، وقد اُختلف في ذلكَ ولم يختلف أنّها شقيقته وشقيقة أبي طالب والزبير ، كانت عند بكر بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبدمناف ، فولدت له عامراً وبنات ، وهي القائلة ، إنّي لحصان فما أتكلم ، وصناع فما أعلم .
2 ـ عاتكة بنت عبدالمطلب ، كانت عند اُميّة بن المغيرة المخزومي ، فولدت له عبدالله وزهيراً وقريبة ، وهي التي رأتْ قبل بدر راكباً أخذ صخرة من بني قبيس فرمى بها إلى الركن فتفلّقت الصخرة ، فما بقيت دار من دور قريش إلاّ دخلتها منها كسرة غير دور بنيزهرة ، فقال أبوجهل : ما رضيت رجالكم أن تتنبّأ يا بني هاشم حتى تنبّأت نساؤكم .
3 ـ برة ، كانت عند أبي رهم بن عبدالعزى العامري ، ثم خلّف عليها بعده عبدالأسد بن هلال المخزومي ، وقيل : كان عليها قبل أبي رهم .

(129)

4 ـ اُميّمة ، كانت عند جحش بن رئاب ، أخي بني غنم بن داود بن أسد بن خزيمة ، وهي اُم عبدالله وعبيدالله و أبي أحمد وزينب .
5 ـ أروى ، كانت تحت عمير بن وهب بن مناف بن قصي فولدت له طليباً ، ثم خلف عليها كلدة بن عبدمناف بن عبدالدار بن قصي فولدت له أروى .
6 ـ صفية اُم الزبير .
وكانت أروى شاعرة كأخواتها ، ومن شعرها ما رثت به أباها عبدالمطلب في حياته ، وذلك أنّه جمع بناته في مرضه وأمرهنّ بأن يقلْنَ في حياته ما يردنَ أنْ يرثينه بعد وفاته ، ليسمع ما تريد أن تقول كلّ واحدةٍ منهنّ ، فأنشأت كلّ واحدةٍ منهنّ أبياتاً في رثائه ، فقالت أروى وهي تبكي أباها :
بَكَـتْ عَيْني وَحَقَّ لَها الْبكـاء * علـى سَمِـحٍ سَجِيَّتَهُ الحيـاءُ
علـى سَهْـلِ الخَلِيقةِ أبْطَحـيٍّ * كـريمِ الخيـم نِيَّتـهُ الـعلاءُ
على الفَيّاضِ شَيبةَ ذي المعالي * أبـوه الخيـر ليسَ لَـهُ كفـاءُ
طويـلَ البـاعِ أمْلَسَ شَيْظَميّ * أغَـرَّ كـأنّ غُـرَّتَـهُ ضِيـاءُ
أَقَبَّ الكشحِ أورعَ ذي فضـولٍ * لَـهُ المجـدُ المُقـدّمُ والسنـاءُ
أبـيّ الضَيـم أبْلَـجَ هَبـرزيٍّ * قـديمَ المجـدِ ليسَ بِـه خفاءُ
ومعقَـلَ مـالكٍ وربيـعَ فهـرٍ * وفاصلهـا إذا إلتمس القضـاءُ
وَكَانَ هُوَ الفَتى كَرمـاً وجـوداً * وَبَأسـاً حيـنَ تَنْسَكِبُ الدمـاءُ
إذا هـابَ الكُماةُ المـوتَ حتّى * كـأَنَّ قلـوبَ أكْثَـرهُم هـواءُ
مَضى قُدمـاً بذي رِبـدٍ خشيبٍ * عليـهِ حِيْـنَ تَبْصِـرَهُ البهـاءُ
وفي الإصابة : ذكر محمّد بن سعد : أنّ أروى هذه رثت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وأنشد لها أبيات :
ألا يا رسول الله كنت رجاً لنـا * وكنتَ بنـا بـرّاً ولـم تك جافيا
كأنّ على قـلبي لذكرِ مُحمّـدٍ * وما خفت من بعد النبيّ المكاويا

(130)

23 إرياسة آل عمر
إرياسة بنت خنجر ، زوجة إمهيدي آل صالح ، من رؤساء عشيرة آل عمر .
مجاهدة ، شاعرة باللهجة العاميّة العراقيّة ، خاطبت عطيّة آل دخيل ، وقد أمسكت بزمام فرسه عندما عاد من وقعة له مع الأتراك في منطقة الديوانيّة ، وكانت أكبر منه سنّاً ، فقالت :
عفـرين يبـن أخـوي عفـرين * يشيّـــال راسـي للميـازيـن
يــروض الگفيعـة للممحليـن * يـدعـدوش يـمسكّت الصوبين
يرمضـان يمبلم (1) الشيـاطين * يل ذابـح البـاشات صوبين (2)

24 الأسديّة
زوجة علي بن مظاهر الأسدي .
مؤمنة ، موالية لأهل البيت عليهم السلام ، حضرت واقعة الطف مع زوجها ، وأبت أن تترك عيال الحسين عليه السلام وحدهم ، بل واستهم بكلّ ما جرى عليهم ، ولها محاورة لطيفة مع زوجها تدلّ علىّ عمق إيمانها وحبّها للإمام الحسين عليه السلام .
ففي ليلة عاشوراء ، وحينما جمع الحسين عليه السلام أصحابه ليستعلم حالهم ، وبعد أن تكلّموا ما تكلّموا ، وخطب هو عليه السلام فيهم ، وكان ممّا قال : « ومَن كان في رحله امرأة فلينصرف بها إلى بني أسد » .
فقام علي بن مظاهر وقال : لماذا يا سيّدي ؟
فقال عليه السلام : « إنّ نسائي تُسبى بعد قتلي ، وأخاف على نسائكم من السبي » .
فمضى علي بن مظاهر إلى خيمته ، فقامت زوجته اجلالاً له ، فاستقبلته وتبسّمت في وجهه ، فقال لها : دعيني والتبسّم .
____________
1 ـ البلام : حبل يشدّ به عيدان ، يوضع داخل فم الحيوان الأهلي الرضيع لئلا يمتص حليب اُمّه .
2 ـ معلومات ومشاهدات في الثورة العراقيّة الكبرى ( شاعرات في ثورة العشرين ) : 353 .
(131)

فقالت : يا ابن مظاهر انّي سمعتُ غريب فاطمة خطب فيكم ، وسمعتُ في آخرها همهمة ودمدمة فما علمت ما يقول .
قال : يا هذه إنّ الحسين عليه السلام قال لنا : « ألا ومَن كان في رحله امرأة فليذهب بها إلى بني عمّها ؛ لأنّي غداً اُقتل ونسائي تُسبى » .
فقالت : وما أنت صانع ؟
قال : قومي حتى الحقك ببني عمّك بني أسد .
فقامت ونطحت رأسها في عمود الخيمة وقالت : والله ما أنصفتني يا ابن مظاهر ، أيسرّك أن تُسبى بنات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا آمنة من السبي .
أيسرّك أن تُسلب زينب عليها السلام ازارها من رأسها وأنا أستتر بازاري .
أيسرّك أن تذهب من بنات الزهراء عليها السلام أقراطها وأنا أتزيّن بقرطي .
أيسرّك أن يبيّض وجهك عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويسوّد وجهي عند فاطمة الزهراء عليها السلام ، والله أنتم تواسون الرجال ونحن نواسي النساء .
فرجع علي بن مظاهر إلى الحسين عليه السلام وهو يبكي ، فقال له الحسين عليه السلام : « ما يبكيك ؟ » .
فقال : يا سيّدي أبت الأسديّة إلاّ مواساتكم .
فبكى الحسين عليه السلام ، وقال : « جُزيتم منا خيراً » (1) .

25 أسماء
صحابية جليلة ، رواية للحديث ، روت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وروى عنها جماعة منهم ثابت .
أخرج لها الشيخ الكليني في اُصول الكافي حديثاً ، قال عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عبدالرحمن بن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن ثابت ، عن أسماء قالت : قال
____________
1 ـ معالي السبطين 1 : 340 .
(132)

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « من أصابه همّ أو غمّ أو كرب أو بلاء أو لأواء فليقل : الله ربّي ولا أشرك به شيئاً ، توكّلت على الحيّ الذي لا يموت » (1) .

26 أسماء القزوينيّة
أسماء بنت العلاّمة الكبير السيّد ميرزا صالح ابن العلاّمة الفقيه السيّد مهدي القزويني الحلّي .
تُدعى بـ « سومة » وتُعرف بـ « الحبّابة » ؛ تكريماً لمقامها الرفيع ومنزلتها الاجتماعيّة العالية .
تزوّجت ابن عمّها الميرزا موسى ابن الميرزا جعفر القزويني ، وأنجبت منه ابنتها ملوك ، والتي كانت أديبة فاضلة ، تأتي ترجمتها في حرف الميم .
كانت أسماء عالمة ، فاضلة ، أديبة ، شاعرة باللغتين الفُصحى والدارجة ، من ربّات النفوذ الاجتماعي ، ذات عقل راجح ، ولها منزلة اجتماعيّة مرموقة ، يحترمها الجميع ، وكلمتها مسموعة وأمرها مطاع عند العشائر العراقيّة .
ذكر لها السيّد جواد شبر في كتابه أدب الطف بيتين من الشعر في رثاء الإمام الحسين عليه السلام ، هما :
وإنّ قَتيلاً قَدْ قَضى حَقَّ دينهُ * وزاحَـمَ فـي سَماء همّتهِ نِسْرا
فَذاكَ لَعَمْري لا تُوفّيه أعْيُني * وإن أصْبَحتُ للرزءِ باكيةً عَبْرى
ثم قال : ولدت في الحلّة الفيحاء حدود سنة 1283هـ ، ونشأت في كنف والدها ، وكانت للبيئة في نفسها أثر في بلورة ذهنيّتها ، فالأجواء العلميّة التي كانت تعيشها والمجالس الأدبيّة التي تُعقد في مناسبات كانت تؤثّر أثرها وتدفع بهذه الحرّة للشعر والأدب . فلا تفوتها النادرة الأدبيّة ، أو الشاردة المستملحة ، فهي تكتب هذه ، وتحفظ تلك ، وتحدّث بالكثير منها .
____________
ـ الكافي 2 : 404|2 باب الدعاء للكرب والهم والحزن والخوف ، معجم رجال الحديث 23 : 170 .

(133)

ثم ذكر بنتها ملوك قائلاً : كانت تتحدّث عن امّها ، وكيف كانت واسطة لحلّ النزاعات العائليّة ، فكثيراً ما قَصدتْ العوائل المتنافرة ولطّفت الجوّ ، وأماتت النزاع والخصام حتى ساد الوئام .
وتتحدّث عن اُمّها ومكانتها الأدبيّة ، وتروي شعرها باللغتين الفصحى والدارجة .
واشتهر عن أسماء أنّها تميّزت بشخصيّة قويّة ، وبأسلوب جميل في الحديث ، وكان مجلسها في الحلّة عامراً بالمتأدّبات وذوات المعرفة .
اُصيبت بمرض لازمها شهوراً متعدّدة ، وتوفّيت بعد سنة 1342هـ ، ونُقلت بموكب كبير إلى النجف الأشرف لمقرّها الأخير ، واُقيمت الفاتحة على روحها الطاهرة صباح مساء ، وسارع الشعراء إلى رثائها .
وللتدليل على ما روينا نثبت نموذجاً من رسائلها الأدبيّة ، وهي كثيرة .
كتبت إلى صديقة لها تعزّيها بوفاة والدتها :
صَبراً على نوب الزمان وإنّما * شيم الكرام الصبر عند المعضل
لا تجزعـي ممّا رُزيت بفادحٍ * فـالله عـوّدكِ الجميـلِ فأجملي
خطبٌ نازل ، ومصاب هائل ، ورزيّة ترعد منها المفاصل ، وتذرف منها الدموع الهوامل ، وينفطر منها الصخر ، ولا يحمد عندها الصبر ، ويشيب منها الوليد ، ولا يفتدى بها بالطارف والتليد ، وعمّت كلَّ قريب وبعيد . غير أنّ الذي أطفى لهيبها ، وسكّن وجيبها التسليم للقدر والقضاء ، وانّك الخلف عمّن مضى . فلم تُفتقد مَن أنتِ البقيّة ، ولم تذهب مَن فيك شمائلها ، فذكراها بكِ لم تزل مذكورة ، وكأنّها حيّة غير مقبورة . فلا طرقت بيتكِ الطوارق ، ولا حلّت بساحة ربعكِ البوائق ، ودمت برغم أنف حقود ، لا نرى فيكِ إلاّ ما يغيظ الحسود .
الداعية العلويّة أسماء
1 رجب المرجّب 1332 هـ

الرسالة الثانية التي كتبتها إلى شقيقها السيّد هادي ، لنجاته من حادثة رعناء سنة

(134)

1328هـ ، وكانت يومئذٍ في الحلّة وهو في الهنديّة :
أ ( هادي ) دجى الظلماء بنور جبينه * وأحسابـه يجلـوه إن أظلـم الخطب
لقد أضـرم الأعـداء نـار حقـودهم * ومـا عملوا في رشح جودك قد يخبو
غمام جود الوافدين إذا أمحل النادي ، وشمس صباح السّارين وبدرها ( الهادى ) ، حفظك الرحمن من طوارق الأسواء بمحمّد صلى الله عليه وآله وسلم وآله النجباء .
أمّا بعد ، فنحن بحمد الله المتعال ما زلنا في السرور ، وما نزال ـ سيما بورود حديث فرح من ذوي شرف قديم وخصوص مسرود ـ من ذوي فضل عميم ، يشعر أنّ الله قد حباك بنعمته الوافية ، وخصّك بسلامته الكافية ، ونجّاك من هذه الرائعة ، فيالها من قارعة ، فحمدنا الله على ذلك ، وشكرناه على ما هذا لك ، وإلاّ لتركت مقلة المجد عبرى ، ومهجة الفخر حرّا ، وأحنيت على وجدٍ منا الضلوع ، ومنعت من عيوننا طيب الهجود والهجوع ، وتمثلنا بقول من قال :
فديت بـ ( المحصول ) كي يغتدي * أصلـك محفـوظاً بـآل الـرسول
***

ثم قال السيّد جواد شبّر معلّقاً على هذه الحادثة :
وسبب كتابة هذه الرسالة ( كما روى الخطيب السيّد محمّد رضا في مؤلّفه : الخبر والعيان في أحوال الأفاضل والأعيان ص64 في ترجمة السيّد باقر ابن السيّد هادي المذكور ما نصّه ) :
إنّ السيّد هادي دعاه بعض رؤساء العشائر إلى وليمة ليلاً ، فخرج على فرسه ، تحدق به جريدة من الخيل ، منهم ولده السيّد باقر وجماعة من خاصته وخدمه ، وأخوه المرحوم السيّد حسن ، وكان الوقت صيفاً ، فانعقد المجلس في الفضاء بجنب مضيف من قصب .
فبينما الناس قد شغلوا بنصب الموائد ، وإذا بصوت الرصاصُ يلعلع من فئة لها ثأر مع صاحب المضيف ، ففزع القوم واضطربوا ، وكان على رأس السيّد هادي خادم واقف يقال له ( محصول ) ، فأصابته رصاصة فسقط على أثرها قتيلاً ، كما قتل ساقي الماء واُصيب آخرون ، ثم ثار الحيّ ومن كان مدعواً للوليمة ، فانهزم الغزاة راجعين . أما السيّد هادي فقد ثبت في مكانه لم يتحرّك ولم ينذعر .

(135)

وعندما رجع السيّد هادي إلى بلاده سجد ولده السيد باقر شكراً لله على سلامة والده ، وكتب من فوره إلى عمّ أبيه في الفيحاء أبي المعزّ السيّد محمّد هذين البيتين :
بُشراك فـي فـاجعة أخطأت * ومتـا سوى جدّك خطّاها
فَـدت مقاديـر إله الـورى * أبي و ( محصول ) تلقّاها
فأجابه السيّد يخاطب السيّد هادي :
فُديـت بـ ( المحصـول ) كــي يَغتدي * أصلـك محفـوظــاً بـآل الرسـول
والمثـل السـائتــر بيــن الـورى * خير مـن المحصول حفظ الأصول (1)

27 أسماء العامريّة الأشبيليّة
قال الشيخ الحائري في كتابه « تراجم أعلام النساء » نقلاً عن « لسان الميزان » : كانت أسمات حسنة شيعية ، من شعرها :
عَرَضْنَا النَصْرَ والفَتْـحَ المُبينـا * لِسيّدِنــا أميـرالمــؤمنينـا
إذا كـانَ الحديثُ عَـنْ المعـالي * رأيتُ حَـديثَكُم فِينـا شجـونا
رَوَيْتُـمْ عِلْمَــهُ فَـعَلِمْتُمــوهُ * وَصِنْتُمْ عَهْدَهُ وغَدا مَصُونا (2)

28 أسماء العقيليّة
أسماء بنت عقيل بن أبي طالب .
قال ابن الأثير في تأريخه : لما دخلَ البشير على عمرو بن سعيد ، فقال : ما وراءَك ؟
قال : ما سرّ الأمير ، قُتِلَ الحسين بن علي!!!
فقال : نادِ بقتله ، فنادى ، فصاح نساء بني هاشم ، وخرجتْ ابنة عقيل بن أبي طالب ومعها نساؤها حاسرة تلوي ثوبها وهي تقول :
____________
1 ـ أدب الطف 9 : 86 ، وانظر مستدركات أعيان الشيعة 3 : 32 ، مجلّة الموسم العدد12 صفحة373 .
2 ـ تراجم أعلام النساء 1 : 225 ، ولم نجد لها ذكراً في الطبعة المتوفّرة لدينا من لسان الميزان .
(136)

ماذا تَقولـونَ إنْ قـالَ النبيُّ لَكُمْ * مـاذا فَعَلْتُـمْ وأنْتُـمْ آخـرَ الاُمَـمِ
بِعِتْرَتي وبأهلـي بعـدَ مُفْتَقَـدي * مِنْهُم أسـارى وقتلـى ضُرِّجُوا بدمِ
ما كانَ هذا جزائي إذْ نَصَحْتُ لَكُمْ * أنْ تخلفوني بسوءٍ في ذوي رحمي

فلمّا سمع عمرو أصواتهن ضحكَ وقال :
عجّت نساءُ بني زيادٍ عجّةً * كعجيجِ نسوتنا غداة الأرنبِ
والأرنب : وقعة كانت لبني زبيد على بني زياد بن الحارث بن كعب ، وهذا البيت لعمر ابن معدي كرب .
ثم قال : واعية كواعية عثمان (1) .
وذكر ذلك الطبري في تأريخه ، إلاّ أنّه ذكر البيتين الأوّلين فقط (2) .
وقال ابن شهر آشوب في المناقب : لما قُتلَ الحسين عليه السلام خرجت أسماء بنت عقيل تنوح وتقول :
ماذا تَقولونَ إنْ قـالَ النبيُّ لَكُـمْ * يَومَ الحسابِ وَصِـدق القـولِ مَسْمُوعُ
خَذَلْتُمْ عِتْرتـي أو كُنْتُــمُ غيبـاً * والحـقّ عِنْـدَ ولـي الأمـرِ مَجْموعُ
أسْلَمتُموه بأيـدي الظالـمينَ فَمـا * مِنْكُـم لـَهُ اليـوم عنـدَ اللهِ مشفوعُ
ما كانَ عنه غداةَ الطفِ إذا حضروا * تِلْـكَ المَنايـا ولا عنهـنَّ مَدفوعُ (3)
وذكر ابن كثير في تأريخه عين الأبيات المذكورة أعلاه ، ثم قال : وقد روى أبومخنف عن سليمان بن أبي راشد ، عن عبدالرحمن بن عبيد أبي الكنود : أنّ بنت عقيل هي التي قالت هذا الشعر ، وهكذا حكى الزبير بن بكار : أنّ زينب الصغرى بنت عقيل بن أبي طالب هي التي قالت حين دخل آل الحسين المدينة النبويّة . وروى أبوبكر بن الأنباري بإسناده : أنّ زينب بنت علي بن أبي طالب من فاطمة ، وهي زوج عبدالله بن جعفر اُم بنيه ، رفعت خباءها يوم
____________
1 ـ الكامل في التأريخ 4 : 88 .
2 ـ تأريخ الطبري 5 : 466 .
3 ـ مناقب آل أبي طالب 4 : 116 .
(137)

كربلاء يوم قتل الحسين وقالت هذه الأبيات ، فالله أعلم (1) .
29 أسماء بنت عميس (2)
من المسلمات الأوائل ، ومن اللواتي هاجرن الهجرتين ، حيث أسلمت قبل دخول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم دار الأرقم بمكة ، وهاجرت إلى أرض الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب ، ثم هاجرت إلى المدينة المنوّره .
وهي من المؤمنات المواليات لأميرالمؤمنين الإمام علي بن أبي طالب سلام الله عليه ـ قبل أن تتزوّج منه ـ ولسيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء سلام الله عليها .
روت الحديث عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وروى عنها جماعة من الصحابة والتابعين .
وعَبر هذه الأسطر المتعدّدة والوريقات القليلة نُلقي الضوء على جوانبٍ من حياة هذه المرأة العظيمة ، راجين من الله الأجر والثواب ، ومن نساء هذه الاُمة الإقتداء بسيرة هذه المرأة الصالحة .
____________
1 ـ البداية والنهاية 8 : 198 . وانظر : مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي 2 : 76 ، مقتل الحسين عليه السلام للسيّد ابن طاووس : 71 ، أعيان الشيعة 3 : 305 ، رياحين الشريعة 3 : 346 .
2 ـ انظر ترجمتها في : إختيار معرفة الرجال ( رجال الكشي ) : 63 رقم 111 ، و 113 ، اُسد الغابة 5 : 395 ، إعلام الورى : 217 ، أعلام النساء 1 : 57 ، أعيان الشيعة 3 : 300 ، أعيان النساء : 36 ، التهذيب : 469 ، الخصال : 363 ، الأعلام للزِرِكِلي 1 : 306 ، الدر المنثور : 35 ، السيرة النبوية لابن هشام 1 : 275 و 346 ، السيرة النبوية لابن كثير 2 : 5 ، الإصابة 4 : 231 رقم51 ، الطبقات الكبرى 8 : 280 ، العقد الفريد 3 : 337 و 5 : 17 و 7 : 300 ، الكامل في التأريخ 2 : 78 ، الكاشف 3 : 420 ، المناقب لابن شهرآشوب 3 : 364 ، تأريخ الطبري 2 : 331 ، تقريب التهذيب 2 : 586 ، تنقيح المقال 3 : 400 ، جامع الرواة 2 : 455 ، رجال أبوعلي : 368 ، رجال الشيخ : 34 ، رياحين الشريعة 3 : 346 ، كشف الغمة 1 : 351 ، لسان الميزان 7 : 522 ، مجمع الرجال 7 : 170 ، مستدرك الحاكم النيسابوري 3 : 159 ، مشيخة الصدوق ( من لا يحضره الفقيه ) 4 : 28 ، معجم رجال الحديث 14 : 230 و 23 : 171 ، من لا يحضره الفقيه 1 : 116 و130 ، منهج المقال : 400 ، نقد الرجال : 412 .
(138)

نسبها :
هي أسماء بنت عميس بن مَعْد بن تيم بن الحارث بن كعب بن مالك بن قحافة بن عامر ابن ربيعة بن معاوية بن زيد بن مالك بن نَسْر بن وهب الله بن شهران بن عفرس بن أفتل وهو جماع خثعم ، هكذا ساق نسبها في الطبقات الكبرى .
وفي الاستيعاب قال : ( ابن الحارث بن تيم ) بدل ( ابن تيم بن الحارث ) ، و ( جماعة ) بدل ( جماع ) ، وزاد بعد خثعم : ابن أنمار ، وقال : على الإختلاف في أنمار ، ثم قال : وقيل أسماء بنت عميس بن مالك بن النعمان بن كعب بن قحافة بن عامر بن زيد بن بشير بن وهب الله الخثعمية من خثعم .
وفي اُسد الغابة عن ابن مندة : عميس بن مغنم بن نسيم بن مالك بن قحافة بن تمام بن ربيعة بن خثعم بن أنمار بن معد بن عدنان ، قال : وقد اختلف في أنمار : منهم من جعله من معد ، ومنهم من جعله من اليمن وهو أكثر ، قال : ولا شك أنّ ابن مندة قد أسقط من النسب شيئاً فإنّه جعل بينها وبين معد تسعة آباء ، ومن عاصرها من الصحابة بل من تزوجها بينه وبين معد عشرون أباً كجعفر و أبي بكر وعلي عليه السلام ، وقد يقع في النسب تعدّد بزيادة رجل أو رجلين ، أمّا إلى هذا الحد فلا .

اُمّها :
هند ، وهي خولة بنت عوف بن زهير بن الحارث بن حماطة بن جُرَش .

أخواتها :
في الاستيعاب : هي اُخت ميمونة زوجة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، واُخت لبابة اُم الفضل زوجة العباس ، واُخت أخواتها ، فأسماء واُختها سلمى واُختها سلامة الخثعميات هنّ أخوات ميمونة لاُم ، وهنّ تسع ، وقيل : عشر أخوات لاُم وست لاُم وأب .

(139)

أزواجها :
تزوّجها أوّلاً جعفر بن أبي طالب ، وهاجر وهي معه إلى أرض الحبشة ، فولدت له هناك عبدالله ومحمّداً وعوناً ، وقَدِمَ بها جعفر المدينة عام خيبر ، ثم قتل عنها بمعركة مؤتة شهيداً في جمادى الاُولى سنة 8 من الهجرة ، فتزوّجها أبوبكر ، فولدت له محمّداً ، نَفست به بذي الحليفة ، وفي رواية بالبيداء ، وهم يريدون حجّة الوداع ، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن تستثفر بثوب ثم تغتسل وتحرم وهي نفساء .
ثم توفّي عنها أبوبكر فتزوّجها علي بن أبي طالب سلام الله عليه ، فولدت له يحيى وعوناً .
وفي الإستيعاب : ولدت له يحيى ولا خلاف في ذلك ، وزعم ابن الكلبي أنّ عون بن علي اُمّه أسماء بنت عميس الخثعمية .
قال السيّد محسن الأمين في الأعيان : وإنّما لم يتزوّجها علي عليه السلام بعد قتل أخيه جعفر ؛ الله لأنّ فاطمة الزهراء كانت حيّة .
وفي اُسد الغابة : قيل : إنّ أسماء تزوّجها حمزة ، وليس بشيء ، إنّما التي تزوّجها حمزة اُختها سلمى بنت عميس . وكان لمحمّد بن أبي بكر يوم توفّي أبوه ثلاث سنين أو نحوها ، فربّاه أميرالمؤمنين عليه السلام ، فهو ربيبه في حجره ، ومن هنا جاءه التشيع وجاءه أيضاً من قبل اُمّه .

مع الحديث الشريف :
عدّها الشيخ الطوسي رحمه الله في رجاله من الصحابيات ، ونسب الميرزا في كتابيه إلى رجال الشيخ عدّها من أصحاب علي عليه السلام أيضاً ، ولكن سائر النسخ خالية عن ذكره .
روت عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ستين حديثاً .
وقال الدارقطني : انفرد بالإخراج عنها مسلم ، ولم يذكر عدد ما أخرج لها .
روى عنها ابناها عبدالله وعون ابنا جعفر بن أبي طالب ، وحفيدها القاسم بن محمّد بن أبي بكر ، وحفيدتها اُم عون بنت محمّد بن أبي جعفر ، وسعيد بن المسيب ، وعبيدالله بن رفاع ،

(140)

وأبوبردة بن أبي موسى ، وفاطمة بنت علي بن أبي طالب عليه السلام ، وعبدالله بن عباس ، وعبدالله بن شدّاد بن الهاد وهو ابن اُختها ، وأبوزيد المدني ، وعمر بن الخطاب ، وعروة بن الزبير ، وأبوموسى الأشعري .
وأخرج لها الشيخ الصدوق في الفقيه رواية قال : فروي عن أسماء بنت عميس أنها قالت : فبينما رسول الله نائم ذات يوم ورأسه في حجر علي عليه السلام ، ففاته العصر حتى غابت الشمس ، فقال : « اللهم إنّ علياً كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس » ، قالت أسماء فرأيتها والله غربت ثم طلعت بعدما غربت ، ولم يبق جبل ولا أرض إلاّ طلعت عليه ، حتى قام علي عليه السلام وتوضأ وصلّى ، ثم غربت .

مع فاطمة الزهراء عليه السلام :
اختلف المؤرّخون في وجود أسماء بنت عميس في ليلة زفاف الزهراءسلام الله عليها .
فمنهم من قال بوجودها .
ومنهم مَن أنكر ذلك ، وقال : إنّ التي حضرت زفاف الزهراء عليها السلام هي أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصاري .
ومنهم مَن قال : إنّ سلمى بنت عميس زوجة حمزة هي التي حضرت زفاف الزهراءسلام الله عليها .
ونقل هذه الأقول مع أدلتها السيّد محسن الأمين في الأعيان حيث قال : وروى كثير من أهل الآثار في خبر تزويج فاطمة عليها السلام أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر النساء بالخروج فخرجْنَ مسرعات إلاّ أسماء بنت عميس ، فدخل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، قالت أسماء : فلما رأى سوادي قال : « مَن أنتِ ؟ » .
قلت : أسماء بنت عميس .
قال : « ألم آمرك أن تخرجي ؟ » .
قلت : بلى يا رسول الله وما قصدت خلافك ، ولكني كنتُ حاضرة وفاة خديجة ، فبكتْ

(141)

خديجة عند وفاتها ، فقلت لها : أتبكين وأنت سيّدة نساء العالمين ، وأنت زوجة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، ومبشّرة على لسانه بالجنة .
فقالت : ما لهذا بكيت ، ولكن المرأة ليلة زفافها لابدَّ لها من امرأة تفضي إليها سرّها وتستعين بها على حوائجها ، وفاطمة حديثة عهد بصبا وأخاف أن لا يكون لها من يتولّى أمرها حينئذٍ .
قالت أسماء بن عميس : فقلت لها : سيّدتي لك عهد الله عليّ إن بقيت إلى ذلك الوقت أن أقوم مقامك في ذلك الأمر .
فبكى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وقال : « أسأل الله أن يحرسك من فوقك ومن تحتك ومن بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك من الشيطان الرجيم » .
وممّن صرح بوجود أسماء بنت عميس في زفاف الزهراء عليها السلام الحاكم في المستدرك ، فإنّه روى فيه بسنده عن أسماء بنت عميس قالت : كنتُ في زفاف فاطمة الزهراءسلام الله عليها ـ إلى أن قالت ـ فرجع فرأى سواداً بين يديه ، فقال : « مَن هذه ؟ » .
فقلت : أنا أسماء .
قال : « أسماء بنت عميس ؟ » .
قلت : نعم .
قال : « جئت في زفاف ابنة رسول الله ؟ » .
قلت : نعم ، فدعا لي .
وفي كتاب كفاية الطالب في مناقب أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب تأليف محمّد بن يوسف بن محمّد الكنجي الشافعي المتوفى سنة 658هـ في خبر تزويج فاطمة عليها السلام في حديث قال : فأقبلا ـ علي وفاطمة ـ حتى جلسا مجلسهما ، وعندهما اُمهات المؤمنين ، وبينهن وبين علي حجاب ، وفاطمة مع النساء ، ثم أقبل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم حتّى دقّ الباب ، ففتحت له الباب أم أيمن فدخل ، وخرجت النساء مسرعات وبقيت أسماء بنت عميس ، فلمّا بصرت برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مقبلاً تهيأت لتخرج ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « على رسلك ، مَن أنتِ ؟ » .

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...