أساليب الغزو الفكري للعالم الاسلامي 09
26 مارس,2019
صوتي ومرئي متنوع, طرائف الحكم
958 زيارة
ثالثا : التبشير :
أيقن أعداء الاسلام أنه لا سبيل إليه ، وعقيدته حية في قلوب
المسلمين فكان بداية التبشير مع نهاية الحروب الصليبية فشلا في
مهمتها وهو ما صرح به ” ملخص تاريخ التبشير ( 1 ) ”
ويقول القسيس المبشر زويمر أن جزيرة العرب التي هي مهد
الاسلام لم تزل نذير خطر للمسيحية ( 2 ) ويكمل وليم جيفورد بالكراف
المعنى فيقول متى توارى القرآن ومدينة مكة عن بلاد العرب ، يمكننا
حينئذ أن نرى العربي يتدرج في سبيل الحضارة التي لم يبعده عنها
إلا محمد وكتابه ( 3 ) .
واتخذ التبشير لدعوة المسلمين أساليب عديدة أظهرها لنا :
( أ ) المدارس المختلفة التي فتحت في أرجاء العالم الاسلامي ،
ولم تنج منها حتى عاصمة الخلافة الاسلامية نفسها ( 4 ) وباشرت تلك
المدارس التأثير على الطفولة البريئة والشبيبة الغضة من أبناء
المسلمين وكانت لها نتائج إيجابية محدودة لكنها إن لم تمح في
المجموع عقائد التلاميذ فيكفي أنها بذرت فيها بذور الشك أو الانحراف ( 1 )
ولا تزال من آثار تلك المدارس الجامعة الأمريكية في مصر ، والجامعة
الأمريكية في بيروت الأمر الذي لا ينكره رجالات الغرب أنفسهم .
ويلحق بهذه الوسيلة تغريب التعليم أو علمانيته وهو ما فعلته
إنجلترا في مصر والهند وما سوف تعرض له بمشيئة الله عند الكلام
عن وسائل التبشير الحديثة .
( ب ) ومن أخطر وسائل البعثات إلى الدول المسيحية الغربية
وأول مثل لأثر البعثات ما حدث لرفاعة الطهطاوي الذي أقام
في باريس من سنة 1242 ه ( 1826 م ) إلى سنة 1247 ه ( 1831 م )
فقد عاد ذلك الشيخ بغير العقل الذي ذهب به
– اختلت موازين الشيخ فعاد يتحدث عن الرقص الذي رآه
في باريس بأنه نوع من العياقة والشلبنة ( أي نوع من الأناقة والفتوة ) لا الفسق
الرقص وتلاصق الأجساد ليس فسقا
ورسول الله صلى الله عليه و ( آله ) وسلم يقول : ” لكل بني آدم حظ من
الزنا : فالعينان تزنيان ، وزناهما النظر ، واليدان تزنيان وزناهما البطش
والرجلان تزنيان ، وزناهما المشي ، والفم يزني وزناه القبل ، والقلب
يهوى ويتمنى ، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه ( 2 ) ” صدق رسول الله
عليه و ( آله ) الصلاة والسلام وكذب الشيخ الطهطاوي .
– وتحدث عن المشاعر الوطنية ليحلها محل المشاعر الدينية وراح
يثير الجاهلية القديمة فيتحدث عن مصر الفرعونية وينسى مصر الاسلامية وأعجب الطهطاوي بالحرية لكنه لم يفهمها الفهم
الاسلامي الذي تتحقق به عبودية المسلم لله وحده ، ويتحقق تحرره
من كل عبودية لسوى الله لكنه فهمها الفهم الغربي الذي قد يؤدي
إلى التحرر من الأخلاق ومن الدين نفسه !
وقس على الشيخ رفاعة ( 1 ) من ذهبوا بعده .
( ج ) ثم تأتي سائر وسائل التبشير فتح المستشفيات وبعث
الإرساليات الطبية التي يقرر كثير من المبشرين في مؤتمراتهم
وكتاباتهم أنها أدت إلى نتائج أسرع وأفضل من عمل القسس
التبشيرية ( 2 ) .
( د ) ثم المحاضرات والندوات والكتب والمجلات والصحف
والنشرات الخ .
مؤتمرات التبشير :
أما مؤتمر التبشير فقد تعددت نذكر منها :
1 – مؤتمر القاهرة سنة 1324 ه ( 1906 م ) المنعقد في منزل
زعيم الثورة العرابية المسلم في باب اللوق تحت سمع الحكومة وبصرها !
2 – مؤتمر ادنبرج سنة 1328 ه ( 1910 م ) في إنجلترا .
3 – مؤتمر لكنؤ سنة 1329 ه ( 1911 م ) بالهند .
4 – مؤتمر القدس سنة 1343 ه ( 1924 م ) .
5 – مؤتمر القدس سنة 1354 ه ( 1935 م ) .
مؤتمر القدس سنة 1380 ه ( 1961 م ) .
وما بلغنا عنها إلا القليل : وأشهره ما نشرته مجلة : ( العالم
الاسلامي ) .
ولا نعتقد أن ما نشر هو كل ما قيل وحدث
ومع ذلك فإننا نشير إلى نماذج من المؤتمرين الأول والثالث تبعا
لما بلغنا عنهما .
في مؤتمر القاهرة – المنعقد في بيت الزعيم المصري المسلم أحمد عرابي :
تناول المؤتمر وسائل تبشير المسلمين بالنصرانية في كتاب خاص كتب
عليه نشرة خاصة ليكون قاصرا على فئة من المبشرين – وهو من إعداد
القسيس الأمريكي فليمنج .
ثم تعرض المؤتمر للأزهر : فنعى أن باب التعليم مفتوح للجميع ،
خصوصا وأن أوقاف الأزهر الكثيرة تساعد على التعليم فيه مجانا ( 1 ) .
وطالب سكرتير المؤتمر في مواجهة ذلك بإنشاء معهد مسيحي
لتنصير الممالك الاسلامية ( 2 ) ( قيل أن أساس تكوين الجامعة الأمريكية في
مصر كان تنفيذا لتلك الوصية ) .
ثم عرض المؤتمر لخريطة تنصير العالم الاسلامي في هذا العصر .
وقدم القسيس زويمر ” رئيس المؤتمر ” بمعاونة بعض زملائه
كتابا تحت عنوان العالم الاسلامي اليوم أشار إلى صلابة عقيدة
المسلمين ( وهو ما يقتضي الاشتداد في حربها ) وقال ما نصه ” لم يسبق
وجود عقيدة مبنية على التوحيد أعظم من عقيدة الدين الاسلامي الذي اقتحم قارتي آسيا وأفريقيا وبث في مائتي مليون من البشر عقائده
وشرائعه وتقاليده ، وأحكم عروة ارتباطهم باللغة العربية ” .
ثم قدم القسيس زويمر بعض النصائح من بينها :
( أ ) وجوب إقناع المسلمين أن النصارى ليسوا أعداءهم .
( ب ) وأخطرها يجب تبشير المسلمين بواسطة رسول من أنفسهم
ومن بين صفوفهم لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أعضائها .
وأخيرا بشر المبشرين ألا يقنطوا إذ من المحقق أن المسلمين قد نما في
قلوبهم الميل الشديد إلى علوم الأوروبيين وإلى تحرير النساء ( 1 ) .
وفي مؤتمر لكنؤ في الهند سنة 1329 ه ( 1911 م ) :
* النظر في حركة الجامعة الاسلامية ومقاصدها وطرقها والتأليف
بينها وبين تنصير المسلمين .
2019-03-26