الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / أساليب الغزو الفكري للعالم الاسلامي 08

أساليب الغزو الفكري للعالم الاسلامي 08

المستشرقون المعتدلون
لا نكران أن طائفة من المستشرقين اتسموا بالاعتدال والإنصاف ،
على تفاوت فيما بينهم ، فمنهم من أخطأ وأصاب ومنهم من انتهى به
البحث الحر النزيه إلى الإيمان والاسلام ، ويعتبر من الفريق الأول :
( رينان ) الذي انتهى به بحثه عن المسيح عليه السلام إلى إثبات أنه
لم يكن إلها ولا ابن إله ، وإنما هو انسان يمتاز بالخلق السامي والروح
الكريمة ، وأن السير العربية للنبي محمد صلى الله عليه و ( آله ) وسلم كسيرة
ابن هشام لها ميزة تاريخية أكبر من الأناجيل المتداولة بين النصارى .
ومنهم ( كارلايل ) الذي عد محمدا صلى الله عليه و ( آله ) وسلم في الأبطال وخصه بصفحات كثيرة من كتابه ( الأبطال ) يقول فيه :
” من العار أن يصغى أي انسان متدين من أبناء هذا الجيل إلى وهم
القائلين : أن دين الاسلام كذب ، وأن محمدا لم يكن على حق ،
فالرسالة التي دعا إليها كثيرة من الناس ، وما الرسالة التي أداها محمد
صلى الله عليه و ( آله ) وسلم إلا الصدق والحق ، وما كلمته إلا صوت حق
صادق صادر من العالم المجهول ، وما هو إلا شبهات أضاء العالم
أجمع ، ذلك أمر الله ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .
ومنهم ( تولستوى ) أكبر كتاب روسيا ، فإنه لما رأى الحملة
الظالمة على الاسلام ورسوله كتب رأيه معربا عن الاعجاب بالاسلام ،
وتحدث عن المسيحية ، فأنكر على المسيحيين اعتقادهم بألوهية المسيح ،
وخلص إلى أن بولس لم يفهم تعاليم المسيح بل طمسها ، والكنيسة .
زادت تعاليم المسيح في العقيدة غموضا ويقول : إن المسيحيين
واليهود والمسلمين يعتقد جميعهم بالوحي الإلهي ، فالمسلمون يعتقدون
نبوة موسى وعيسى ولكنهم يعتقدون كما اعتقد بأنه دخل التحريف
والتشويه على كتب الديانتين ، وهم يعتقدون بأن محمدا خاتم الأنبياء ،
وأنه أوضح في القرآن تعاليم موسى وعيسى كما قالاها دون زيادة
ولا نقص وينتهي بالحديث عن رسول الله صلى الله عليه و ( آله ) وسلم
حديث الإكبار والتعظيم ، وكان مما قاله تولستوى : ” لا ريب أن هذا
النبي من كبار الرجال المصلحين الذين خدموا الهيئة الاجتماعية خدمة
جليلة ، ويكفيه فخرا أنه هدى أمة برمتها إلى نور الحق ، وجعلها تجنح
للسلام ، وتكف عن سفك الدماء ، وتقديم الضحايا ، ويكفيه فخرا أنه
فتح طريق الرقي والتقدم ، وهذا عمل عظيم لا يفوز به إلا شخص
أولي قوة وحكمة وعلما ، ورجل مثله جدير بالاحترام والاجلال ” ،
وقد كان جزاؤه على كلمة الحق التي قالها أن حرمه البابا من
الرحمة ( 1 ) .
ومن المستشرقين الذين انتهى بهم البحث عن الحق إلى الاسلام
اللورد هيدلي ، واتيين دينيه ( ناصر الدين ) والشاعر الألماني الكبير
جوتيه ، والدكتور جرينييه الذي كان عضوا في مجلس النواب الفرنسي ،
وقد سئل عن سبب إسلامه فقال : ” إني تتبعت كل الآيات القرآنية
التي لها ارتباط بالعلوم الطبية والصحية والطبيعية والتي درستها من
صغري ، وأعلمها جيدا ، فوجدت هذه الآيات منطبقة كل الانطباق على
معارفنا الحديثة ، فأسلمت لأني تيقنت أن محمدا صلى الله عليه و ( آله ) وسلم
أتى بالحق الصراح من قبل ألف سنة ، من قبل أن يكون له معلم أو
مدرس من البشر ، ولو أن كل صاحب فن من الفنون ، أو علم من
العلوم قارن كل الآيات القرآنية المرتبطة بما تعلم جيدا كما قارنت
أيضا ، لأسلم بلا شك إن كان عاقلا خاليا من الأغراض ” ( 2 ) .
وصدق الله العظيم ” سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى
يتبين لهم أنه الحق ( 3 ) ” .

شاهد أيضاً

اليمن – رمز الشرف والتضامن العربي مع غزة فتحي الذاري

  ان الحشد المليوني للشعب اليمني بكافة قواه الفاعلة والاصطفاف الرشيد بقيادة السيد القائد عبدالملك ...