الوقت- أعلنت وزارة الدفاع الروسية على لسان وزيرها أنها سلّمت الحكومة السورية منظومة صواريخ اس 300 المُضادة للطائرات في خطوة جاءت بعد قيام الكيان الإسرائيلي خلال الأشهر القليلة الماضية بشنّ هجمات جوية على الأجواء السورية وانتهاك سيادتها، الأمر الذي استدعى قيام الحكومة السورية بشراء منظومة الصواريخ الحديثة هذه، وفي هذا السياق وللاطلاع أكثر على تفاصيل هذه الصفقة وتبعاتها، أجرى موقع “الوقت” التحليلي والإخباري اتصالاً هاتفياً حصرياً مع العميد والمحلل العسكري اللبناني السيد أمين حطيط لمناقشة الموضوع وكان ما يلي:
الوقت: برأيكم ما هي تبعات شراء سوريا منظومة صواريخ 300-S وقدراتها على ردع الهجوم الجوي للكيان الصهيوني؟
العميد حطيط: إن منظومة صواريخ 300-S هي منظومة صواريخ متطورة وحديثة والإمكانيات التي تملكها هذه المنظومة تُمكّن من بناء حاجز فعّال بوجه الطائرات الإسرائيلية، وتستطيع أن تعترض بفعالية كبرى القنابل الذكية خاصة من طراز “39-GBU” التي استعملتها إسرائيل، وتشوش على الصواريخ، وبالتالي تؤمّن هذه المنظومة مناعة عالية المستوى تستفيد منها سوريا وتغلق أجواءها أمام الهجوم الإسرائيلي بشكل خاص وتتأثر بذلك أيضا أمريكا، فالحكومة السورية تعتبر وجودها في الأجواء السورية انتهاكاً لهذه الأجواء واعتداءً على سوريا وسيادتها.
الوقت: بالنظر إلى قدرة الجيش السوري، من وجهة نظركم كم تستطيع منظومة صواريخ 300-S التأثير على معادلة القوى في المنطقة؟
العميد حطيط: بكل تأكيد هذه المنظومة تعطي دفعاً مهماً للقدرات العسكرية للجيش العربي السوري لاستعمالها على الأرض السورية، فهي منظومة دفاعية وكما أصبح واضحاً، فإن إسرائيل التي سعت في بدء العدوان على سوريا إلى تدمير الغطاء الجوي السوري القديم، تجد نفسها مقيدة بوجود هذه المنظومة الأمر الذي يمنعها من تحويل سوريا لحقل رمي مفتوح لها، بعد أن أُغلقتْ الأجواء السورية بوجهها، وكما بات واضحاً منذ سقوط الطائرة الروسية والبدء بتسليم منظومة صواريخ 300-S لم تجرؤ إسرائيل على عدوان واحد على سوريا مع أنها في الفترة السابقة أي قبل شهر من الآن، كانت تقوم بمثل هذا العدوان مرة في الأسبوع أو مرتين في الشهر على الأقل.
الوقت: هل ستفقد الهجمات الجوية الإسرائيلية أداءها وعملها بعد استلام سوريا منظومة 300-S؟
العميد حطيط: بكل تأكيد ستتأثر منظومة الهجوم الإسرائيلية كلياً، سواء المنظومة الصاروخية أم سلاح الجو ولهذا السبب وجدنا الارتباك الإسرائيلي ومحاولة معالجة الوضع بطريقة ما مع روسيا، ولكن حتى الآن فشلت إسرائيل في ذلك وتبحث الآن عن أماكن أخرى لتُنفّس عملها ضمن ما يسمى عسكرياً باستراتيجية التنفيس الميداني لكن لا يبدو أن هذه الاستراتيجية ستُمكّن إسرائيل من التوجه نحو إيران لأن إيران بابها مقفل، أو التوجه نحو لبنان لأن الرد في لبنان عالي المستوى، وكما قال المؤرخ الإسرائيلي “اوري بار يوسف” إذا فزنا في مواجهة مع حزب الله فإن حزب الله بإمكانه أن يعيد إسرائيل إلى القرون الوسطى وهذا مؤشر على القدرة التدميرية لحزب الله، السؤال الذي يطرح هو هل ستبحث إسرائيل وسط هذا الصراع وهذا التغير في المشهد الميداني عن خاصرة بعيدة وتتجه نحو الجبهات الفلسطينية، وهذا السؤال حالياً هو قيد المراقبة والتحقق.
الوقت: بالنظر إلى التصريح الأخير أعلاه، وخاصة بعد سقوط الطائرة الروسية، أعلن الروس أن التنسيق مع إسرائيل لن يكون كما كان في السابق، باعتقادكم هل من الممكن أن تعود العلاقات الروسية الإسرائيلية إلى عهدها أم إنها ستتأزم أكثر وربما تتطور إلى توترات بينهما؟
العميد حطيط: لا أعتقد أن العلاقات ستتجه باتجاه طبيعة عدائية عدوانية ما بين الطرفين لأن روسيا لا تسعى إلى عداء مع إسرائيل وأيضا إسرائيل لا تحتمل فكرة عداء مع روسيا وبالتالي هذه الفكرة مستبعدة لكن أعتقد أن علاقة الصداقة الحميمة ما بين روسيا وإسرائيل ستتراجع بعض الشيء دون أن تفقد حرارتها، ولا أعتقد أن الأمور ستصل إلى توتر يقود إلى انفجار، بل ستكون علاقة قائمة بشكل بارد لفترة معينة وتسعى بعدها إسرائيل إلى إعادة العلاقة لحرارتها السابقة ولكن يستلزم ذلك بعض الوقت، مثلاً من خلال استفادة إسرائيل من وجود بعض اللوبيات الصهيونية داخل روسيا لتحقيق ما تسعى إليه.