من اول وهلة قد يتبادر الى ذهن القارىء ان عنوان المقال يندرج في اطار الحرب النفسية الدائرة بين المحور الطائفي التفتيتي الانبطاحي الذي تقوده السعودية ، وبين المحور الاسلامي الوحدوي المقاوم الذي تقوده ايران.
الا ان الحقيقة ليست كذلك وان العنوان لايندرج في خانة الحرب النفسية ، بل هو محاكاة حقيقية للواقع المأساوي الذي تعيشه المنطقة بسبب المحور الوهابي المشرذم للامتين العربية والاسلامية ، الذي تقوده السعودية ، عملا بوظيفتها الوجودية ، في اشغال واضعاف واستنزاف القوى التحررية والثورية والمقاومة والممانعة في الامة ، لحماية الكيان الصهيوني اللقيط .
لسنا هنا في وارد تناول التاريخ المخزي والطافح بالعمالة لاسرة آل سعود ، التي غرزت خنجرها المسموم دوما في ظهر الامة ، في اصعب مراحل نضالها ضد الاستعمار والصهيونية ، وهذا التاريخ اصبح واضحا للجميع ولا حاجة لتصفح اوراقه ، الا ان اشهار السعودية لسلاحها القذر ، المتمثل بالطائفية ، خلال السنوات العشر الماضية وخاصة بعد الثورات العربية ، وبشكل علني ، واشعال حروب “شيعية سنية” و “اسلامية مسيحية” في الوطن العربي والاسلامي ، بالاستعانة بمجاميع تكفيرية متخلفة ، ربتها على مدى عقود على الفكر الوهابي الهمجي الدموي العبثي الفوضوي ، ادخل المنطقة في نفق في غاية العتمة.
المتتبع لظهور وانتشار المجموعات التكفيرية التي عاثت وتعيث في منطقتنا العربية والاسلامية فسادا ، وتعمل على ضرب النسيج الاجتماعي لشعوب المنطقة ، واشعال صراعات مذهبية ودينية وقومية ، واضعاف وانهاك الجيوش العربية ، وسوق الدول العربية نحو التجزئة والتقسيم ، وشعوبها نحو التشرذم والضياع ، يرى وبوضوح الدور السعودي الاجرامي في كل هذه المآسي ، ويمكن المرور على اهم الدلائل التي تؤكد وبقوة هذه الحقيقة ، حقيقة استخدام السعودية للمجموعات الوهابية الارهابية لتحقيق اهداف تصب في صالح اسيادها من الغربيين والصهاينة:
-التطورات العسكرية على الارض والتي تشهدها سوريا اليوم ، بعد سيطرة “داعش” و”جبهة النصرة” على بعض المناطق في سوريا ، ما كانت لتحصل لولا الدعم والتمويل الذي قدمته السعودية وقطر وتركيا ، لاسيما بعد تقارب الاولى مع الاخيرة ، لهاتين المجموعتين وغيرهما ، وهذه حقائق باتت بحكم البديهات حتى لدى حلفاء هذا الثلاثي الطائفي البغيض.
-يشكل السعوديون العمود الفقري للانتحاريين ورؤساء المحاكم الشرعية والذباحين ، داخل المجموعات التكفيرية منذ القاعدة وحتى “داعش”.
-يقف السعوديون وراء تاسيس كل الخلايا الاولى للتكفير والفتن والارهاب في سوريا والعراق ولبنان وليبيا وتونس واليمن ، وقبلها في افغانستان وباكستان .
-العدوان السعودي على اليمن كشف بدوره جانبا من الدعم الهائل واللامحدود للسعودية للقاعدة و”داعش” ، حيث يتم الاعلان وبشكل علني عن القاء اسلحة وعتاد من الجو لهذه المجموعات التكفيرية لمساعدتها على الانتقام من الشعب اليمني ، الذي انهى الهيمنة السعودية القاعدية “الداعشية” على اليمن.
-شن العدوان السعودي المجرم على اليمن اكثر من 4000 غارة ، على الشعب اليمني المظلوم ، فاحرقت الاخضر واليابس وقتلت الاطفال والنساء واحرقت مخازن المساعدات الانسانية للشعب اليمني ، وعلى مدى نحو شهرين ، الا انه لم تُشن حتى غارة واحدة على قواعد ومقاتلي “القاعدة” و”داعش” الذي تفننوا في قتل ابناء الشعب اليمني المظلوم.
-المتتبع للتغطية الاعلامية السعودية والخليجية وفي مقدمة هذا الاعلام ، قناة “العربية” سيئة الصيت ، يرى وبوضوح ، ان هناك ارادة سياسية قوية في تسويق المجموعات التكفيرية امثال “داعش” وجبهة النصرة” وباقي الزمر التكفيرية ، للمخاطب العربي ، على انهم “ثوار” و “مقاومة” و”معارضة مسلحة” .
-الاعلام السعودي يعمل جاهدا على ابراز وتضخيم الاعمال العسكرية التي تقوم بها “داعش” ، في اطار الحرب النفسية التي تشنها على الحكومتين العراقية والسورية.
-جميع الاحزاب والشخصيات السائرة في الفلك السعودي في لبنان ، تتخذ مواقف مؤيدة وبشكل علني للمجموعات التكفيرية مثل “جبهة النصرة” و “داعش” ، حتى بعد ذبح التكفيريين لجنود لبنانيين اختطفوهم لدى دخولهم بلدة عرسال اللبنانية ، ويوفرون كل الدعم التسليحي والمادي والاعلامي والسياسي لهذه المجموعات رغم انها تهدد وحدة وسلامة وشعب لبنان.
– جميع الجهات والاحزاب والتنظيمات والشخصيات والاعلام الدائر في فلك السعودية في العالم العربي والاسلامي يناصبون العداء لكل الجهات التي تقاتل “داعش” و”جبهة النصرة” والمجموعات التكفيرية الاخرى ، في العراق وسوريا واليمن ولبنان امثال حزب الله والجيش العراقي والجيش السوري والحشد الشعبي العراقي وانصارالله والجيش اليمني.
-آخر استخدامات السعودية ل “داعش” كان التفجيران الارهابيان اللذان استهدفا المصلين الامنين في مسجدين في القطيف وصنعاء في وقت واحد خلال اداء صلاة الجمعة 22 ايار / مايو ، وذهب ضحيتهما العشرات من الشهداء ومئات الجرحى ، حيث تبنت “داعش” الهجومين الارهابيين واصفة الشهداء بانهم “روافض” .
-استخدام السعودية ل”داعش” داخل اراضيها جاء لجعل اتباع اهل البيت (عليهم السلام) تحت رحمة التكفيريين دائما ، بهدف التضييق عليهم والقبول بواقعهم المر والماساوي تحت حكم ال سعود الطائفي الوهابي.
الملفت ان السعودية تذهب بعيدا في تسليحها ودعمها للمجموعات الوهابية التكفيرية في المنطقة ، الى الحد المسموح به اميركيا ، الامر الذي يفسد على اسيادها مخططاتهم ، وهو مايدفع الاميركيين في بعض الاحيان للاعتراض ، كما شهدنا نائب الرئيس الاميركي جو بايدن ، الذي انتقد وبشكل علني الدعم السعودي والتركي والاماراتي ، الزائد ل”داعش” و “جبهة النصرة” في سوريا والعراق ، وهو تصريح ايدته التقارير الامنية والتسريبات الاعلامية وتصريحات كبار المسؤولين الامنيين والعسكريين ، في امريكا والغرب.
اخيرا لقد فات السعودية حقيقة في غاية الوضوح ، وهي ان طاعتها العمياء في تنفيذ المخططات الصهيونية الغربية لاشعال فتن طائفية ترمي الى تقسيم المنطقة وانهاك جيوشها وشرذمة شعوبها ، سيرتد عليها عاجلا ام آجلا ، وما عدوانها على الشعب اليمني ، الا مقدمة لتوريطها من قبل الصهيونية والغرب ، بهدف انهاك جيشها وتشتيت شعبها وصلا الى تقسيمها.