أربعة عقود ونيّف والحرب الاقتصادية وفروع الحروب كلها باستثناء الاشتباك المباشر والصدامي العسكري بما في ذلك الحرب الناعمة والحرب بالاذرع والواسطة، دائرة بين ايران والولايات المتحدة الامريكية، تخللها الكثير من الهدن، ومحاولات التوصل الى توافقات وتنظيم العلاقات بما في ذلك قبول ايران قوة اقليمية بأبعاد وأذرع قوية بشرط قبولها قواعد عمل لا تخلّ بالتوازنات…
صمدت ايران أمام أنواع الضغوط والحصارات الظالمة والشديدة، ونجحت في بناء قاعدتها الصناعية وبلغت النووي والفضائي وأنتجت سلاحها وحلّت معضلة صناعة الطيران وتمكّنت من بناء أجيال متطورة من الجيل الثالث بطائرتها” الكوثر”، كما بلغت درجة متقدمة في صناعة الصواريخ بأنواعها المختلة وحقّقت تقدّما ملموسا في صناعة الطائرات المسيّرة والمذخّرة واختبرتها على نحوٍ مجزٍ في حرب اليمن…
وتحت وطأة هزيمة امريكا في العراق وافغانستان وحرب تموز في لبنان قبلت المؤسسة الحاكمة الامريكية واعلنت خياراتها الجديدة في تقرير بيكر – هاملتون وفوضت الديمقراطيين وعلى رأسهم باراك اوباما “الاسود ولأب مسلم” بإعادة تنظيم وهيكلة سيطرتها في الاقليم وقاعدتها الامتن التحالف مع الاخوان المسلمين، ومصالحة الجماعات الارهابية والوصول الى الاتفاق النووي الايراني في محاولة لاحتواء ايران واللعب في بنيتها الداخلية لتكييفها والقبض على قرارها والحدّ من قدراتها وتقييدها الى الحد الذي يعجزها عن ان تكون ندّاً مرّة ثانية…
سارت مياه التطورات في غير صالح المؤسسة الحاكمة الامريكية، فالحرب العالمية العظمى التي فرضت على سوريا، استدرجت تدخلات جعلتها عالمية بامتياز وأخذت تطوراتها تكشف امريكا وازماتها وعجزها وسقوط نظرياتها واستراتيجياتها بما في ذلك بيكر هاملتون… فغيّرت أمريكا مرّة ثانية من جلدها، ولونها وأنتجت رئيسا من خارج السياق متمردا على مؤسّستها الحاكمة ومتفردا في قراراته، ولحاجاته للوبيات الصهيونية وتحالفه مع نتنياهو المتمكن في لعبة الادارة الامريكية وتوازناتها، اعلن ترامب خطوات منفردة في محاولة لتغيير قواعد اللعبة، فألغى “بشحطة قلمه” الاتفاق النووي، ونقل السفارة الى القدس، وقبض على أرواح أسر مشيخات الخليج وأخذ يجردها من أموالها وقدراتها، واعلن الحرب على روسيا والصين وأشعل حربا اقتصادية عالمية وبسباق تسلّح غير مسبوق…
ولم يخف هدفه المحوري من كل تلك السياسات: السعي لإسقاط ايران وإنهاء دورها في الاقليم، فأعلن أشدّ العقوبات وأشرسها في التاريخ ضد ايران، وبدأ إنفاذها اعتبارا من صباح اليوم، مترافقا مع زياراتٍ علنية لنتنياهو لعُمان ويستعد لعواصم المستعربين الاخرى..
بهذا، يمكن القول إنّ الحرب الامريكية العدوانية والظالمة على ايران بلغت ذروتها وتستخدم فيها كل الوسائط والقدرات، والتحالفات…
إيران وقيادتها واثقة من نفسها وتقول وتكرر إنّها هزمت أمريكا وقادرة على هزيمتها مرة ثانية وإنها أكملت استعداداتها ..
إذاً، نحن أمام المعركة الفاصلة المقرّرة في مستقبل الاقليم ودور وحضور امريكا وادواتها وقدراتها…
هل تصمد إيران؟؟ ماذا تستطيع أن تفعل؟؟ هذا ما ستقوله لنا الايام القادمات، فالولايات المتحدة بذلت واستخدمت كل وآخر ما لديها…
أما ايران، فلم تكشف لنا عن قدراتها بعد، وإن كانت كل الظروف والتطورات وصعود حلفها المقاوم وانتصاراته وكسب روسيا والصين وتحوّلهما الى القوى الحاملة للتغيرات العالمية تصطف الى جانبها..
إيران ردّت على ألسنة قادتها أنّها قادرةٌ وستردّ بما يلجم أمريكا، وبدأت مناوراتها الشاملة للدفاع الجويّ وأعلنت عن بدء إنتاج طائرتها الخاصة..
الميادين ستقرّر، وغالب الظنّ أنّها ستكون بمثابةِ إعلان نهاية عصر الامبرياليات والاستعمار ودنوّ عصر الشعوب والمقاومات..
– هيئة تحرير موقع التجمع العربي والاسلامي لدعم خيار المقاومة