الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / قصص و خواطر من اخلاقيات علماء الدين

قصص و خواطر من اخلاقيات علماء الدين

كل الناس أعلم منك حتى…!..

الاستخارة هي طلب الخير من الله تعالى عند الحيرة، ولها وسائل متعددة لكشف الأمر والنهي فيها، ولكن روايات أهل البيت (ع) تؤكد على أخذها بصلاة ركعتين أو بالقرآن الحكيم أو سُبحة الزهراء (ع) – ولكل تفاصيله – وفي عصرنا الحاضر فإن سماحة آية الله السيد عبد الكريم الكشميري (دام ظله) – المقيم حالياً في قم المقدسة – يعتبر من أشهر عجائب رجال الاستخارة، فهو يخبر عن نية المستخير ويكشف عن المصلحة أو المفسدة فيها.

نقل لي سماحة آية الله السيد أحمد المددي (دام ظله) عن هذا السيد الجليل قوله:
حينما كنت في النجف الأشرف كان يزدحم الناس في بيتنا طلباً للاستخارة، وكان ذات مرة في الحاضرين واحد من طلبة العلوم الدينية اسمه الشيخ الشيرازي، فلما كنت متعباً لكثرة الاستخارات في ذلك اليوم قلت للشيخ: أجّل استخارتك وقم لنمشي معاً إلى الحرم الشريف، ونحن نمشي داخلتني حالة عُجب، وحينما وضعت قدمي في الصحن خطر ببالي أن لا أحد على وجه الأرض غيري بعد الإمام الحجة (ع) بهذا المستوى من القدرة على استكشاف حقائق نوايا أصحاب الإستخارة،

وبينما كنت بهذا الخيال جلسنا جانباً في الصحن، وبعد قليل جلست في جانبٍ آخر امرأة فاجتمعت حولها النساء، تطلب كل واحدة منهن استخارةً وهي تمسك بسُبحة الزهراء (ع) وتقرأ الصلوات على محمد وآله ثلاث مرات، فتخبرها عن نواياها بشكل عجيب وتقول لها أن تُقْدم أو تحجم!..

هنا قلت في نفسي: هكذا يريد الله أن ينبّهك أيها السيد كي لا يأخذك العُجب..فطلبتها أن تأتي بالقرب منا لأسألها كيف حصلت على هذه القدرة وهي لا تبدو أنها عالمة دارسة.

.فلما سألتها أجابتني قائلة: إن زوجي لما طلّقني – ربما لعدم الإنجاب، الترديد من ناقل القصة – صرت في ضائقةٍ ماليةٍ شديدة، فجئت إلى النجف وتوسلت بأمير المؤمنين (ع) فرأيت الإمام في المنام يقول لي: حاجتك مقضية عند ابني أبي الفضل العباس (ع)، فاذهبي إلى كربلاء.

فذهبت فوراً وهناك رأيت العباس (ع) في المنام قال لي: درّي معاشكِ من عمل الاستخارة للناس، فقلت له: أنا أمّية لا أعرف شيئاً، فقال: خذي قبضةً من السُبحة واقرئي الصلوات ثلاث مرات وأنا أُلقي في قلب ماذا تقولين..وهكذا كان.

هنا انبرى الشيخ الشيرازي الذي كان معي فطلب منها استخارةً، فأخذت له وقالت: يا شيخ لحيتك بيد الظلاّم لا تذهب إليهم!..فوقع الشيخ في تعجب وشغل باله ولم يقل شيئاً.. فطلبت منها استخارةً لنفسي، فأخذتها وقالت لي: يا سيد أنت تريد أن تسافر ولكن الذين من حولك يمنعوك؟..

وأخيراً بعد أن ذهبت المرأة سألت الشيخ: لأي شيء كانت استخارتك حتى هكذا انقلب حالك؟..
قال: إن جواز سفري عند الشرطة، كنت أريد أن أراجعهم لأسافر إلى إيران، فالخيرة تنهاني عن الذهاب والمراجعة، فلربما هناك مشكلة تنتظرني على أيدي الظلمة.

وأما استخارتي أنا فقد كانت لأجل أن أنتقل لأعيش في إيران، فتبيّن حقاً أن قراري هذا لا يوافقني عليه مَن حولي.. وهكذا راجعت نفسي فبدأت استغفر الله على العُجب الذي داخلني وكاد أن يسقطني من توفيقاتي التي وفّقني الله لها..

فقلت لنفسي: يا سيد كل الناس أعلم منك حتى النساء المخدرات!..

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...