المرأة حقوق وحرية وحجاب
24 فبراير,2019
صوتي ومرئي متنوع, طرائف الحكم
872 زيارة
“إن مساحة حضور المرأة في ثلاث:
1- في حدود التكامل الإنساني
فإن نظر الإسلام هو: (إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين، والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين اللَّه كثيراً والذاكرات، أعدّ اللَّه لهم مغفرة وأجراً عظيم)4.
عشرة صفات أساسية للرجل والمرأة دون أي تمييز…
2- المساحة الثانية حضور المرأة اجتماعياً
من نشاطات سياسية واقتصادية واجتماعية وما شابه (فكرية)، أي حضور المرأة في المجتمع…
3- والثالث
دور المرأة في الأسرة… إذاً في الساحة الأولى: أي ساحة
4- الأحزاب:35.
الرشد المعنوي والسمو الروحي والنفسي للإنسان، لا يوجد فرق بين المرأة والرجل، فالمرأة كالرجل والرجل كالمرأة يمكنهما أن يرتقيا الدرجات المعنوية العليا ويصلا إلى القرب الإلهي…
الساحة الثانية: ساحة النشاطات الاجتماعية التي تشمل النشاط الاقتصادي والسياسي والاجتماعي بمعناه الخاص. والعلمي والدراسة والتدريس والكدح في سبيل اللَّه والجهاد وجميع ساحات الحياة الاجتماعية، في هذه الساحة أيضاً لا يوجد تفاوت بين الرجل والمرأة في مزاولة النشاطات المختلفة في شتى المجالات في نظر الإسلام، فمن يقول إن الرجل يمكنه أن يدرس والمرأة لا يمكنها ذلك، والرجل يمكنه أن يدرِّس والمرأة لا يمكنها ذلك، والرجل يمكنه أن يمارس نشاطاً اقتصادياً والمرأة لا يمكنها ذلك، والرجل يمكنه أن يمارس العمل السياسي والمرأة لا يمكنها ذلك، فإنه لا يبين المنطق الإسلامي، وكلامه مخالف لكلام الإسلام…
نعم هناك بعض الأعمال التي لا تناسب المرأة، ولا تتلاءم مع تركيبها الجسدي، كما أن هناك بعض الأعمال التي لا تناسب الرجل، ولا تتلاءم مع وضعه الأخلاقي والجسدي، لكن لا علاقة لذلك بقدرة المرأة على التواجد في ساحة النشاطات الاجتماعية أو عدم قدرتها، فإن تقسيم الأعمال يتم حسب الإمكانات والرغبة واقتضاء
كل عمل، فإذا تحققت الرغبة عند المرأة يمكنها أن تؤدي النشاطات الاجتماعية المختلفة، وكل ما هو متعلق بالمجتمع… القسم الثالث والمهم جداً هو الأسرة…5.
إن المراجع للأصول الإسلامية الشرعية (القرآن والسنّة) يرى بكل تأكيد المنطلقات التحريرية للنساء، وعدم التفريق بين الرجل والمرأة، (فيما عدا صور التخصيص القليلة لغرض معين) حقاً لو أخذنا الكتاب الكريم فإن أية سورة من سوره تكاد لا تخلو مما يدل على التسوية بين المرأة والرجل دون أي فرق في تقرير الحقوق والواجبات والتبعات. وليس أدل على ذلك من الأسلوب القرآني في توحيد الخطاب بصيغة التأنيث والتذكير فيما يتعلق بالحقوق والتبعات المتعلقة بجميع فروع النشاط البشري في حقول الحياة الخاصة والعامة، فإن الخطاب موجّه فيها دائماً إلى المرأة وإلى الرجل في صعيد واحد ودونما تفضيل مثل قوله تعالى:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)6.
كما أن هناك من الأحاديث النبوية الشريفة ما يدعم ذلك. والمؤسف أن هناك مقولات تنطلق في المجتمع الإسلامي دون دراسة، كالمقولة التي تقول إن النساء نواقص العقول، فيأخذها الناس ويبنون عليها ويتناقلونها وكأنها مسلَّمة دينية.
5- صدر كتاب يتحدث عن هذا الموضوع عن مركز الإمام الخميني رحمه الله بعنوان “دور المرأة في الأسرة” لذا لم نفصِّل هنا.
6- الحجرات:13.
ولقد أشار سماحة القائد حفظه الله إلى التركيبة العقلية للمرأة قائلاً:
“المرأة لا تقل عن الرجل من حيث تركيبها العقلي، وأحياناً تكون أقوى منه، لكن فهم المرأة يختلف عن فهم الرجل، ونوع أحاسيس المرأة يختلف عن أحاسيس الرجل، فكل واحد منهما قد أوجد لمهمة تناسبه، وقد أودع ذلك في وجود الأفراد. فعند مواجهة بعض المسائل العلمية ليس هناك تفاوت بين فكر المرأة والرجل، لكن هناك تفاوتاً بينهما في طريقة الحياة…”.
فالمقولة السالفة إذا صحَّت، فليست على إطلاقها، إنما لها معنى لا ينقص من قيمة المرأة وكمالها وعقلها وعلمها.
الحجاب
حرب على الحجاب ودعوة إلى الثبات
إن مسألة الحجاب، وسائر المسائل المتعلقة بالمرأة أضحت أداة بيد جمع من المغرضين المتآمرين، للهجوم الإعلامي ضد الإسلام.
وبديهي أن هذا الإعلام السيئ سيترك آثاره السلبية على الشباب، إذا لم يتم تحصينهم فكرياً بشكل كاف.
يقول القائد حفظه الله حول الهجوم على الحجاب:
“… عندما ترين بعض الدول الغربية وبعض الدول الإسلامية التي تحكمها حكومات غير إسلامية، تجدن كيف يهاجم أعداء الدين الحجاب الإسلامي هكذا، فإن ذلك يبيّن مدى اهتمام نساء تلك الدول بالحجاب…”.
ولقد مرّ معك مثالان عن دولتين إسلاميتين، كان قد مُنع الحجاب في مؤسساتها التعليمية والإعلامية، ولقد كان نظام الشاه الطاغوتي يعمل على تنفير المسلمات من الحجاب وعلى إشاعة السفور.
“خلال عهد النظام الطاغوتي كان البعض يتعامل مع الحجاب بسخرية واستهزاء، في ذلك العهد كان هناك عدد محدود من السيدات والفتيات الجامعيات المحجبّات، وكنَّ يتعرضن للسخرية والاستهزاء، إن ذلك التعامل كان تعاملاً غير إنساني وجلف وخاطىء، وهذا هو عين ما تقوم به وسائل الإعلام الغربية اليوم…”.
وكم نسمع من أقوال الاستهزاء بالمحجبات في بعض مجتمعاتنا، الحجاب للعجائز! الحجاب تخلّف! الحجاب يمنعك من اظهار جمالك! الحجاب يقيِّد الحركة! الحجاب عادة قديمة! إلى اخر اللائحة… وإزاء هذا الكم من الاستهزاء والاتهامات تسقط الشَّابّة الضعيفة أمامها، ولا تعرف أن كل هذه الاتهامات ما هي إلا أباطيل يراد من خلالها اسقاط قيمة المرأة وإنسانيتها. وقد دعا سماحة القائد حفظه الله إلى الثبات وعدم التأثر بالاستهزاء والاستهتار يقول:
“على نساء إيران العالمات والواعيات أن يكملن طريقهن الواضح هذا، وأن يخطين فيه خطوات ثابتة وراسخة. وعلى الجيل الثوري والنساء المؤمنات أن يجتنبن ما يفعله السطحيون والغافلون، وأن يحذرن من العودة إلى الاستهلاك والتجمل الخاوي والميول غير الثورية، والعيش الجاهلي بالاختلاط غير المحمود…”.
بين الحجاب الجاهلي والإسلامي
لا يعني الحجاب في الإسلام، حبس المرأة في البيت، بحيث لا ترى الشمس، ولا تشم ريح الحياة، كلا، إن الحجاب الإسلامي حجاب مبني على أسس عقلية منطقية حكيمة.
يقول القائد حفظه الله:
“… فالحجاب لا يعني انزواء المرأة، وإذا كان هناك من يستنتج أن الحجاب انزواء، فإن استنتاجه هذا خطأ محض وانحراف.
إن الحجاب يعني الحد من الاختلاط والتهتك بين المرأة والرجل في المجتمع، فإن هذا الاختلاط مضر للمجتمع، ومضر للمرأة والرجل، وخاصة للمرأة، فالحجاب لا يؤثر على النشاطات السياسية والاجتماعية والعلمية ولا يمنعها مطلقاً…”.
إذاً الحجاب الإسلامي انفتاح وحركة، لا انغلاق وموت.
بعض غايات الحجاب
أ- الحجاب مقدِّمة لأمور أسمى
يقول القائد حفظه الله: “يجب أن تحيا قيم الإسلام في مجتمعنا، فمسألة الحجاب مثلاً هي مسألة ذات قيمة، ورغم أن الحجاب هو مقدّمة لأمور أسمى، لكنه بحد ذاته مسألة ذات قيمة. ونحن إذ نؤكد كثيراً على الحجاب، ذلك لأن حفظ
الحجاب يساعد المرأة على الوصول إلى مستويات معنوية عالية، ويصونها من الإنزلاق في منزلقات الطريق”.
فالحجاب يساعد على الوصول إلى الجمال الحقيقي والكمال الأبقى، يقول سماحته حفظه الله:
“أقول إن الميل نحو الزينة والتجمل، كان قد خبا في مجتمعنا تدريجياً لسنوات… إني لا أعارض التظاهر بالتجمّل بحدِّه المعتدل والقليل، لكن إذا كان سيأخذ شكلاً إفراطياً، ليصبح تبرّجاً في الملابس والزينة والمساحيق والذهب والمجوهرات، فعلى النساء أن يمسكن عن ذلك، وأن يدركن أهمية الأمر، وأن يزهدن في ذلك لينصرف اهتمامهن نحو الجمال الحقيقي أكثر من الاهتمام بالجمال الظاهري…”.
ب- الحجاب للحفاظ على عفة المرأة
“… كل حركة تسعى للدفاع عن المرأة يجب أن يكون ركنها الأساس هو عفّة المرأة، فكما قلت إن الغرب لم يهتم بقضية عفة المرأة ولم يعتنِ بها، فانتهى الأمر بهم إلى التهتك”.
عفة المرأة هي أهم عنصر في شخصيتها… وهي وسيلة لسمو شخصية المرأة ورفعتها وتكريمها في أعين الاخرين، حتى في أعين الرجال المتهتكين، فعفة المرأة علة احترام شخصيتها.
“فقضية الحجاب والمحارم وغير المحارم والنظر وعدم النظر، إن كل تلك الأمور والأحكام إنما وضعت
للمحافظة على بقاء العفّة سالمة. فالإسلام يولي مسألة عفاف المرأة الأهمية، طبعاً فإن عفاف الرجل مهم أيضاً، فالعفة ليست مختصة بالمرأة، بل على الرجال أيضاً أن يلتزموا العفة، كل ما في الأمر أن الرجل في المجتمع يمتلك قدرة وقوة جسمية أكبر، ويمكنه بذلك أن يظلم المرأة،… لذلك طلب من المرأة الاحتياط أكثر. عندما تنظرن إلى العالم ترين أن أحد مشاكل المرأة في العالم الغربي وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية هي استغلال الرجال لقوتهم والاعتداء على عفة النساء.
إن الاحصاءات التي نشرها المسؤولون الرسميون في أمريكا نفسها… إحصاءات مرعبة حقاً، ففي كل ستة ثوان يقع اعتداء عنف في أمريكا! انظرن إلى مدى أهمية العفة، عندما أهملوا العفة بلغ بهم الأمر هكذا، كل ستة ثوان يقع اعتداء بالعنف، خلافاً لميل المرأة يستخدم رجل قوته، رجل ظالم متهتك غير عفيف يعتدي على عفة المرأة. إن الإسلام يلاحظ ذلك، إن قضية الحجاب التي أكد عليها الإسلام إلى هذا الحد، تأكيده من أجل هذا…”.
ج- الحجاب للحفاظ على أمن المرأة
لقد مر في المقطع السابق الحديث عن أهمية الحجاب في أمن المرأة ولمزيد توسعة لمفهوم الأمن، نقول إن الأمن لا يقتصر على الأمن الجسدي بل يعمّ الأمن الروحي والفكري يقول القائد حفظه الله:
“ومن أجل أن لا يقع الاختلاط… وتحفظ الحدود
الأخلاقية، قام الإسلام بتعيين الحجاب للمرأة. وهذا الحجاب وسيلة من وسائل الأمن، فبحجاب المرأة تجد المرأة المسلمة أمنها، ويجد الرجل المسلم أمنه. وعندما يبعد الحجاب عن النساء وتقترب من العري والتهتك يسلب أمنها هي بالدرجة الأولى ويسلب الأمن من الرجال والشبّان ثانياً. لهذا فإن الإسلام عيّن الحجاب من أجل أن يكون الجو سالماً وامناً، ولتتمكن المرأة من مزاولة عملها في المجتمع، وليتمكن الرجل أيضاً من أداء مسؤولياته، وهذا الحجاب من الأحكام الإسلامية البارزة، وأحد فوائده هو ما ذكرته، وله فوائد أخرى…”.
إذن الحجاب يحفظ أمن المجتمع الجسدي والمعنوي، وليس صحيحاً أن يقال إن أمن المرأة متوفر بشكل كامل في عصرنا، فكما مرّ معك من كلام القائد أن هناك إحصاءات مذهلة حول الاعتداءات الجنسية، التي تقع في العالم الذي يقال عنه متمدِّن!
أما الأمن المعنوي، فلأن الإنسان أعم من الرجل والمرأة كما أنه لا يشبع من الثروة والجاه، كذلك الأمر بالنسبة لأمور الشهوة الجنسية، والطلب اللامحدود لا يمكن تلبيته سواء أردنا أم لم نرد، وهو توأم مع لون من الإحساس بالحرمان. وعدم نيل الأماني بدوره يؤدي إلى اضطرابات وأمراض روحية ونفسية.
ومن أسباب ازدياد نسبة الأمراض النفسية في الغرب، التفلت الحاصل في الصحف والمجلات والحفلات والسينما والشارع…
فحصر التمتع الجنسي من وجهة نظر الإسلام في محيط الأسرة،
وبالأزواج المشروعين يساعد على الحفاظ على الأمن الروحي والعقلي، والتوازن العام للمجتمع، ويؤدي إلى تعميق العلاقات الصادقة والحميمة بين أفراد العائلة، كما يفضي اجتماعياً إلى حفظ واستثمار الطاقات باتجاه العمل والانتاج، وينتهي إلى رفع قيمة واعتبار المرأة أمام الرجل.
فالحجاب يعني حصر ألوان المتعة الجنسية سواء كانت بصرية أو سمعية أو لمسية في محيط الأسرة والزواج القانوني، ويبقى المحيط الاجتماعي والشخصي آمن، فالشخص يترقّى فكراً وروحاً، وبالتالي المجتمع يترقى ويتقدم ويتطور.
2019-02-24