١٢٨ – القول في معاونة الظالمين والأعمال من قبلهم والمتابعة لهم
والاكتساب منهم والانتفاع بأموالهم
وأقول: إن معاونة الظالمين على الحق وتناول الواجب لهم جايز ومن أحوال واجب، وأما معونتهم على الظلم والعدوان فمحظور لا يجوز مع الاختيار.
وأما التصرف معهم في الأعمال فإنه لا يجوز إلا لمن أذن له إمام الزمان وعلى ما يشترطه عليه في الفعال، وذلك خاص لأهل الإمامة دون من سواهم لأسباب يطول بشرحها الكتاب. وأما المتابعة لهم فلا بأس. بها فيما لا يكون ظاهره تضرر (٢) أهل الإيمان واستعماله على الأغلب في العصيان. وأما الاكتساب
١٢٩ – القول في الإجماع
وأقول: إن إجماع الأمة حجة لتضمنه قول الحجة، وكذلك إجماع الشيعة حجة لمثل ذلك دون الإجماع (٢). والأصل في هذا الباب ثبوت الحق من جهته بقول الإمام القائم مقام النبي (ص)، فلو قال وحده قولا لم يوافقه عليه أحد من الأنام لكان كافيا في الحجة والبرهان. وإنما جعلنا الإجماع حجة به وذكرناه لاستحالة حصوله إلا وهو فيه إذ هو أعظم الأمة قدرا وهو المقدم على سائرها في الخيرات ومحاسن (٣) الأقوال والأعمال. وهذا مذهب أهل الإمامة خاصة، ويخالفهم فيه المعتزلة والمرجئة والخوارج وأصحاب الحديث من القدرية و أهل الاجبار.
٣ – الأحوال والأقوال والأعمال ألف.
١٣٠ – القول في أخبار الآحاد
وأقول: إنه لا يجب العلم ولا العمل بشئ من أخبار الآحاد، ولا يجوز لأحد أن يقطع بخبر الواحد في الدين إلا أن يقترن به ما يدل على صدق راويه على البيان. وهذا مذهب جمهور الشيعة وكثير من المعتزلة والمحكمة وطائفة من المرجئة وهو خلاف لما عليه متفقهة العامة وأصحاب الرأي.
١٣١ – القول في الحكاية والمحكي
وأقول: إن حكاية القرآن قد يطلق عليها اسم القرآن وإن كانت في المعنى غير المحكي على البيان، وكذلك حكاية كل كلام يسمى به على الإطلاق، فيقال لمن حكى شعر النابغة: (فلان أنشد شعر النابغة) و (سمعنا من فلان شعر زهيرا) كما يقال لمن امتثل أمر رسول الله (ص) في الدين وعمل به: (فلان يدين بدين رسول الله (ص) (فيطلقون هذا القول إطلاقا من دون تقييد وإن كان المعنى فيه مثل ما ذكرناه من الحكاية على التحقيق وهذا مذهب جمهور المعتزلة، و يخالف فيه أهل القدر من المجبرة.
١٣٢ – القول في ناسخ القرآن ومنسوخه
وأقول: إن في القرآن ناسخا ومنسوخا كما أن فيه محكما ومتشابها بحسب ما علمه الله من مصالح العباد. قال الله – عز اسمه -: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير، منها أو مثلها). والنسخ عندي في القرآن إنما هو نسخ متضمنه من الأحكام وليس هو رفع أعيان المنزل منه كما ذهب إليه كثير من
١٣٣ – القول في نسخ القرآن بالسنة
وأقول: إن القرآن ينسخ بعضه بعضا ولا ينسخ شيئا منه السنة بل تنسخ السنة به كما تنسخ السنة بمثلها من السنة قال الله عز وجل: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها) وليس يصح أن يماثل كتاب الله تعالى غيره، ولا يكون في كلام أحد من خلقه خير منه، ولا معنى لقول أهل الخلاف
١٣٤ – القول في خلق الجنة والنار
وأقول: إن الجنة والنار في هذا الوقت مخلوقتان، وبذلك جاءت الأخبار وعليه إجماع أهل الشرع والآثار، وقد خالف في هذا القول المعتزلة والخوارج و طائفة من الزيدية، فزعم أكثر من سميناه أن ما ذكرناه من خلقهما من قسم الجايز دون الواجب، ووقفوا في الوارد به من الآثار وقال من بقي (١) منهم بإحالة خلقهما.
واختلفوا في الاعتلال، فقال أبو هاشم بن الجبائي إن ذلك محال لأنه لا بد من فناء العالم قبل نشره وفناء بعض الأجسام فناء لسايرها، وقد انعقد الإجماع على أن الله تعالى لا يفني الجنة والنار، وقال الآخرون وهم المتقدمون لأبي (٢) هاشم خلقهما في هذا الوقت عبث لا معنى له، والله تعالى لا يعبث في فعله ولا يقع منه الفساد.
١٣٥ – القول في كلام الجوارح ونطقها وشهادتها
وأقول: إن ما تضمنه القرآن من ذكر ذلك. إنما هو على الاستعارة دون الحقيقة، كما قال الله تعالى: (ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها و للأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين). ولم يكن منهما نطق على التحقيق. وهذا مذهب أبي القاسم البلخي وجماعة من أهل العدل ويخالف فيه كثير من المعتزلة وساير المشبهة والمجبرة.
١٣٦ – القول في تعذيب الميت ببكاء الحي عليه
وأقول: إن هذا جور لا يجوز في عدل الله تعالى وحكمته، وإنما الخبر فيه أن النبي (ص) مر بيهودي قد مات وأهله يبكون عليه، فقال إنهم يبكون عليه وإنه ليعذب ولم يقل إنه معذب من أجل بكائهم عليه. وهذا مذهب أهل العدل كافة ويخالف فيه أهل القدر والاجبار.
١٣٧ – القول في كلام عيسى – عليه السلام – في المهد
وأقول: إن كلام عيسى (ع) كان على كمال عقل وثبوت تكليف وبعد أداء واجب كان منه ونبوة حصلت له، وظاهر الذكر دليل على ذلك في قوله تعالى: (قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا)، وهذا مذهب أهل الإمامة بأسرها وجماعة من أهل الشيعة غيرها، قد ذهب إليه نفر من المعتزلة وكثير من أصحاب الحديث وخالف فيه الخوارج وبعض الزيدية وفرق من المعتزلة.
١٣٨ – القول في كلام المجنون والطفل
وهل يكون فيه كذب أو صدق أم لا؟
وأقول: إنه قد يكون ذلك فيما يتخصص في اللفظ باسم معين إذ هو معنى مخصوص كقول القائل: (رب العالمين واحد) و (خالق الخلق بأسرهم اثنان) أو (محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صادق، أو (موسى بن عمران المبعوث على بني إسرائيل كاذب) (١) وما أشبه ذلك. فأما المبهم من الأخبار في الألفاظ والمعاني فإنه لا يحكم عليه بالصدق والكذب حتى يعلم القصد من قائله والنية فيه. وهذا مذهب جماعة من أهل العدل منهم أبو القاسم البلخي، و يذهب إليه قوم من الشيعة العدلية وطائفة من المرجئة، وقد خالف فيه بعض المعتزلة وجماعة من الخوارج وأصحاب الحديث.
١٣٩ – القول في ماهية الكلام
وأقول: إن الكلام هو تقطيع الأموات ونظامها على وجه يفيد المعاني المعقولات والأصوات عندي ضرب من الأعراض وليس يصح على الكلام البقاء من حيث يستحيل ذلك على الأعراض كلها، ولأنه لو بقي الكلام لم يكن ما تقدم من حروف الكلمة أولى بالتأخر ولا المتأخر أولى بالتقدم وكان ذلك يؤدي إلى فساد الكلام وارتفاع التفاهم به على كل حال. وهذا مذهب جماعة من المعتزلة وخالف فيه بعضهم وساير المشبهة.
١٤٠ – القول في التوبة من المتولد قبل وجوده أو بعده
وأقول: إنه لا يصلح التوبة من شئ من الأفعال قبل وجودها سواء كانت مباشرة أو متولدة وإن (١) من فعل سببا أوجب به مسببا ثم ندم على فعل السبب قبل وجود المسبب فقد سقط عنه عقابه وعقاب المسبب وإن لم يكن نادما في الحقيقة على المسبب ليس لأنه مصر عليه أو متهاون به لكن (٢) لأنه لا يصح له الندم مما لم يخرج إلى الوجود والتوبة مما لم يفعله بعد، غير إنه متى خرج إلى الوجود ولم يمنعه مانع من ذلك فإن التوبة منه واجبة إذا كان فاعله متمكنا، وهذا مذهب جمهور أصحاب التولد وقد خالفهم فيه نفر من أهله، و زعموا أن التوبة من السبب توبة من المسبب. وقال بعضهم إنه بفعله المسبب يكون كالفاعل للمسبب، ولذلك (٣) يجب عليه التوبة منه، والقولان جميعا باطلان لأن التوبة من الشئ لا يكون توبة من غيره، وقد ثبت أن السبب غير المسبب ولأن السبب قد يوجد ولا يخرج المسبب إلى الوجود بمانع يمنعه منه.
١٤١ – القول في الزيادات في اللطيف
القول في الأجسام
هل تدرك ذواتها أو أعراضها أو هما معا؟
وأقول: إن الادراك واقع بذوات الأجسام وأعيان الألوان والأكوان، و
٣ – وكذلك د و ج.
١٤٢ – القول في الأجسام هل يصح أن يتحرك جميعها بحركة بعضها؟
وأقول: إنه لا يصح ذلك كما لا يصح أن يسود جميعها بسواد بعضها و لا يبيض ولا يجتمع ولا يتفرق، ولأن المتحرك هو ما قطع المكانين، ومحال أن يكون اللابث قاطعا. وهذا مذهب جماعة كثيرة من أهل النظر، وقد خالف فيه كثير أيضا منهم وهو مذهب أبي القاسم البلخي وغيره من المتقدمين.
١٤٣ – القول في الثقيل
هل يصح وقوفه (١) في الهواء الرقيق بغير علاقة ولا عماد؟
وأقول: إن ذلك محال لا يصح ولا يثبت، والقول به مؤد إلى اجتماع المضادات، وهذا مذهب أبي القاسم البلخي وجماعة من المعتزلة وأكثر الأوائل، وخالفهم فيه البصريون من المعتزلة، وقد حكي أنه لم يخالف فيه أحد من المعتزلة إلا الجبائي وابنه وأتباعهما.
١٤٤ – القول في الجزء الواحد
هل يصح أن توجد فيه حركتان (٢) في وقت واحد؟
وأقول: إن ذلك محال لا يصح من قبل أن وجود الحركة الواحدة يوجب خروج الجسم من مكانه إلى ما يليه، فلو وجدت فيه الحركتان لم يخل القول في ذلك من أحد وجهين: إما أن يقطع بهما (٣) مكانين في حالة واحدة وذلك محال، أو أن يقطع بإحديهما ولا يكون للأخرى تأثير وذلك أيضا فاسد محال، ولا معنى لقول من قال إن تأثيرها سرعة قطعه للمكان لأن السرعة إنما تكون في توالي قطع الأماكن دون القطع الواحد للمكان الواحد. وهذا مذهب أبي القاسم وجماعة كثيرة من أهل النظر، وقد خالف فيه فريق من المعتزلة و جماعة من أصحاب الجهالات.
٣ – منهما ألف و ب.
١٤٥ – القول في الجسم
هل يصح أن يتحرك بغير دافع؟
وأقول: إنه لو صح ذلك بأن توجد فيه الحركة اختراعا كما يزعم المخالف لصح وقوف جبل أبي قبيس (١) في الهواء بأن يخترع فيه السكون من غير دعامة ولا علاقة، ولو صح ذلك لصح أن يعتمد الحجر الصلب الثقيل على الزجاج الرقيق وهما بحالهما فلا ينكسر الزجاج وتتخلل النار أجزاء القطن وهما على حالهما فلا تحرقه، وهذا كله تجاهل يؤدي إلى كل محال فاسد، وإلى هذا القول كان يذهب أبو القاسم وجماعة الأوائل وكثير من المعتزلة، وإنما خالف فيه أبو علي الجبائي وأبو هاشم ابنه ومن تبعهما.
١٤٦ – القول في الحركات
هل يكون بعضها أخف من بعض؟
وأقول: إن ذلك محال لما قدمت من القول في استحالة وجود الحركتين في جزء واحد في حال واحد، وإنما يصح القول في المتحرك بأنه (٢) أخف من متحرك غيره وأسرع، ولا يستحيل في ذلك في الأجسام. وهذا أيضا بذهب أبي القاسم وأكثر أهل النظر، وقد خالف فيه فريق من الدهرية. وغيرهم.
١٤٧ – القول في ترك الانسان ما لم يخطر بباله
وأقول: إن ذلك جايز كجواز إقدامه على ما لا يخطر بباله، ولو كان لا يصح ترك شئ إلا بعد خطوره بالبال ما جاز فعله إلا بعد ذلك، وليس للفعل تعلق بالعلم ولا بخطور البال من حيث كان فعلا. وهذا مذهب جمهور أهل العدل، وقد خالف فيه فريق منهم وجماعة أهل الجبر.
١٤٨ – القول في ترك الكون في المكان العاشر
والانسان في المكان الأول
وأقول: إن ذلك محال باستحالة كونه في العاشر وهو في الأول، ولو صح أن يترك في الوقت ما لا يصح (١) فعله فيه لصح أن يقدر في الوقت على ما لا يصح قدرته على ضده فيه وهذا باطل بإجماع أهل العدل، وليس بين جمهور من سميناه خلاف فيما ذكرناه وإن خالف فيه شذاذ منهم على ما وصفناه.
١٤٩ – القول في العلم والألم
هل يصح حلولهما في الأموات أم لا؟
وأقول: إن ذلك مستحيل غير جايز، والعلم باستحالته يقرب من بداية العقول، ولو جاز وجود ميت عالم (٢) آلم لجاز وجوده قادرا ملتذا مختارا، ولو
١٥٠ – القول في العلم بالألوان
هل يصح خلقه في قلب الأعمى أم لا؟
وأقول: إن ذلك محال لا يصح كما يستحيل خلو (١) العاقل من العلم بالجسم وهو موجود قد اتصل به شعاع بصره من غير مانع بينهما، وكما أنه لا يصح وجود العلم بالمستنبطات في قلب من لا يمكنه الاستنباط لعدم الدلائل وفقدها، كذلك يستحيل وجود العلم بالألوان لمن قد فقد ما يتوسط بين العاقل وبين معرفة الألوان من الحواس. وهذا مذهب أبي القاسم (٢) وكثير من أهل التوحيد، وقد خالفهم فيه جماعة من المعتزلة وسائر أهل التشبيه.
١٥١ – القول فيمن نظر وراء العالم أو مد يده
وأقول: إنه لا يصح خروج يد ولا غيرها وراء العالم إذ كان الخارج لا يكون خارجا إلا (٣) بحركة والمتحرك لا يصح تحركه إلا في مكان، وليس وراء العالم
٣ – كلمة إلا سقطت عن ب.
هذه الزيادة كان خرجها (١) وسأل (٢) الشيخ المفيد أبا عبد الله محمد بن النعمان – تغمده الله برحمته – السيد الشريف الرضي ذو الحسبين أبو الحسن محمد (٣) بن الشريف الأجل الطاهر الأوحد أبي أحمد الموسوي – قدس الله روحه – ليضاف (٤) إلى (أوائل المقالات) |
١٥٣ – القول في العصمة ما هي؟
أقول: إن العصمة في أصل اللغة هي ما اعتصم به الانسان من الشئ كأنه امتنع به عن الوقوع فيما يكره، وليس هو (٥) جنسا من أجناس الفعل، ومنه قولهم: (اعتصم فلان بالجبل) إذا امتنع به، ومنه سميت (العصم) وهي وعول (٦) الجبال لامتناعها بها.
والعصمة من الله تعالى هي التوفيق الذي يسلم به الانسان مما يكره إذا
٣ – كلمة محمد غير موجودة في هـ.
٤ – جملة (ليضاف إلى أوائل المقالات) غير موجودة في نسخة ج.
٥ – ليست هي.
٦ – وقوع الجبل هـ.
١٥٤ – القول في أن النبي – صلى الله عليه وآله – بعد أن خصه الله
بنبوته كان كاملا يحسن الكتابة
إن الله تعالى لما جعل نبيه (ص) جامعا لخصال الكمال كلها وخلال المناقب بأسرها لم تنقصه منزلة بتمامها يصح له الكمال ويجتمع فيه الفضل، و الكتابة فضيلة من منحها فضل ومن حرمها نقص، ومن الدليل على ذلك أن الله تعالى جعل النبي (ص) حاكما بين الخلق في جميع ما اختلفوا فيه فلا بد أن
وشئ آخر وهو قول الله سبحانه: (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن (٢) كانوا من قبل لفي ضلال مبين)، ومحال أن يعلمهم الكتاب وهو لا يحسنه كما (٣) يستحيل أن يعلمهم الحكمة وهو لا يعرفها، ولا معنى لقول من قال: (إن الكتاب هو القرآن خاصة) إذ اللفظ عام والعموم لا ينصرف عنه إلا بدليل، لا سيما على قول المعتزلة وأكثر أصحاب الحديث.
ويدل على ذلك أيضا قوله تعالى: (وما كنت تتلوا من قبله من كتاب و
٣ – جملة (كما يستحيل أن يعلمهم الحكمة وهو لا يعرفها) سقطت عن نسخة هـ.
١٥٥ – ومما يضاف إلى الكلام في اللطيف
القول في إحساس الحواس
وأقول: إن الحس كله بمماسة (٥) ما يحس به المحسوس واتصاله به أو بما
٣ – يتأتى منك د.
٤ – جملة (منعه منه نفاه عنه بلفظ يعم الأوقات فقال الله وما علمناه الشعر وما ينبغي له) سقطت عن نسخة هـ.
٥ – كله مماسة ألف و هـ.
قيل له: لا ولكنه يتصل بالشعاع المنفصل منهما فيصير كالشئ الواحد لتجانسهما وتشاكلهما. وأما الصوت فإنه إذا حدث في أول (١) الهواء الذي يلي الأجسام المصطكة وكذا فيما يليه من الهواء مثله ثم كذلك إلى أن يتولد في الهواء الذي يلي الصماخ فيدركه السامع.
ومما يدل على ذلك أن القصار يضرب بالثوب على الحجر فيرى مماسة الثوب الحجر ويصل الصوت بعد ذلك فهذا دال على ما قلناه من أنه يتولد في الهواء هواء بعد هواء إلى أن يتولد في الهواء الذي يلي الصماخ، وأما الرائحة فإنه تنفصل من جسم ذي الرائحة أجزاء لطاف وتتفرق في الهواء، فما (٢) صار منها في الخيشوم الذي يقرب من موضع ذي الرائحة أدركه، وأما الذوق فإنه إدراك ما ينحل من الجسم فيمازج رطوبة اللسان واللهوات، ولذلك لا يوجد طعم ما لا ينحل منه شئ كاليواقيت والزجاج ونحوها، والطعم والرائحة لا خلاف في أنهما لا يكونان إلا بمماسة (٣)، واللمس في الحقيقة هو الطلب (٤)
٣ – بحاسة د.
٤ – طلب للشئ يشعر به د.
١٥٦ – القول في الاجتهاد والقياس
أقول: إن الاجتهاد والقياس في الحوادث لا يسوغان للمجتهد ولا للقائس، وإن كل حادثة ترد فعليها نص من الصادقين – عليهم السلام – يحكم به فيها ولا يتعدى إلى غيرها، بذلك جاءت الأخبار الصحيحة والآثار الواضحة عنهم – صلوات الله عليهم – وهذا مذهب الإمامية خاصة، ويخالف فيه جمهور المتكلمين وفقهاء الأمصار.
وهذا آخر (١) ما تكلم به السيد الشريف الرضي – رضي الله عنه و أرضاه – وصلى الله على محمد النبي الأمي وعلى آله كثيرا طيبا.
|