الوقت – انتهى يوم الثلاثاء الماضي اجتماع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي عُقد لمناقشة برنامج إيران الصاروخي، بطلب من فرنسا وبريطانيا من دون إصدار بيان نهائي، ولقد عُقد هذا الاجتماع عقب إطلاق وزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو” الكثير من الأكاذيب الباطلة واتهامه لإيران بأنها قامت بانتهاك قرار مجلس الأمن رقم “2231” وأجرت اختباراً صاروخياً لصاروخ لديه القدرة على حمل رأس نووي، وردّاً على تصريح وزير الخارجية الأمريكي هذا، قال “بهرام قاسمي” المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية : “لم يصدر مجلس الأمن أي قرار يفرض قيوداً على برنامج إيران الصاروخي أو يحظر قيامها باختبارات صاروخية”.
وفي هذا الصدد، ومن أجل تسليط الضوء أكثر على هذه القضية قام موقع “الوقت” بإجراء لقاءات صحفية مع الخبيرين الدوليين، الدكتور “مهدي مطهرنيا” المحاضر الجامعي و”حسين شيخ الإسلام”، الدبلوماسي والمستشار السابق في وزارة الخارجية الإيرانية.
التفسيرات المختلفة للقرار “2231”، هي العامل الرئيسي لوجود الاختلافات
ذكر المحاضر الجامعي الدكتور “مطهرنيا”، بأنه يُنظر إلى العديد من القرارات المختلفة على أنها مقترحات قانونية من جانب أصحاب المصلحة وهنا سعى مجلس الأمن بالقرار “2231” الذي يتعلّق بأنشطة الدفاع الصاروخية الإيرانية، إلى فرض العديد من العقبات أمام الجانب الإيراني، وتقديم ضمانات للدول الغربية التي تدّعي بأنها سوف ترفع دعوى قضائية ضد إيران فيما يخص بعض القضايا الصاروخية ومن هذا المنطلق زعمت واشنطن بأن إيران قد قامت بانتهاك هذا القرار عندما قامت هذه الأخيرة بإجراء تجربة صاروخية الأسبوع الماضي، ومن جهة أخرى ردّت طهران بأنها لم تقم بارتكاب أي انتهاكات لهذا القرار ولذلك، فإن هذه الأدبيات الكلامية ترجع إلى نوع المنفعة والتفسير لكلا الطرفين، حيث نرى بأن تفسير واشنطن للاتفاق النووي والقرار “2231” ما هو إلا تفسير محدود، لكن تفسير طهران لهذا القرار، هو تفسير واسع وغير محدود، حيث تسعى أمريكا من تفسيرها ذلك إلى تقليص التعاون الدولي مع إيران وفرض عزلة دولية وحصار إقليمي عليها، بينما تسعى إيران إلى زيادة قوتها الصاروخية في شكل تفسير يوفر حلاً للعديد من المشكلات التي تمرّ بها ولهذا فإننا نرى بأن هناك صراعاً بين هاتين الرؤيتين.
حاجة إيران إلى زيادة قوتها الصاروخية هي نتيجة للمعطيات الجيوسياسية الفريدة التي تمتلكها
وفي جزء آخر من خطابه، أعرب المحاضر الجامعي الدكتور “مطهرنيا”، بأنه استناداً إلى المكانة الجيوسياسية التي تمتعت بها إيران منذ زمن طويل، فإنها كانت عُرضة لغزو العديد من القوى العظمى والإقليمية على مفترق الطرق لكسب المزيد من المنافع السياسية، لذلك لقد بذلت بلدان الشرق والغرب والشمال والجنوب كل الجهد الممكن للاستفادة من هذه المكانة الجيوسياسية التي تتمتع بها إيران وهذا الأمر يُظهر بأن طهران في وقتنا الحالي، يجب أن تتمتع بقدرة عسكرية ودفاعية عالية، خاصة وأن القوة العسكرية تعتبر حالياً العامل الخامس من عوامل تعزيز الأمن في العديد من بلدان العالم التي اهتمت بهذا العامل جنباً إلى جنب مع عوامل مهمة أخرى مثل الحفاظ على الانسجام والتماسك الوطنيين والتقدم الاقتصادي والقضايا الثقافية.
الذعر الأمريكي من القوة الصاروخية الإيرانية
وفيما يخصّ هذا الأمر، أعرب الدبلوماسي “حسين شيخ الإسلام” بأن سياسة أمريكا تتمثل بالضغط على إيران بأي شكل من الأشكال وهنا يمكن القول بأنه من غير المعقول أن تدّعي حكومة أمريكا التي هي نفسها أول من انتهك القرار “2231” عبر انسحابها من معاهدة الاتفاق النووية، بأن إيران انتهكت ذلك القرار وقامت بإجراء تجارب صاروخية ولفت “شيخ الإسلام” إلى أن إيران أحرزت تقدماً كبيراً في المجالات البحثية المتعلقة بأنظمة الصواريخ، سواء أكان ذلك في قطاع وقود الصواريخ، أم كان فيما يخص المتفجرات التي يحملها، أم فيما يخص دقة التصويب، وأضاف بأن هذه التطورات الإيرانية أرعبت أعداء طهران في المنطقة والعالم. لذلك، يجب القول بأن أمريكا تسعى إلى فرض العديد من القيود على المجال الصاروخي الإيراني، وهذا الأمر تؤكّده تصريحات “روبرت غيتس”، وزير الدفاع السابق لأمريكا في حكومة “جورج دبليو بوش”، عندما سُئل عن نتائج الهجوم المحتملة على إيران، حيث قال بصراحة: “سوف يؤدي ذلك الهجوم إلى إغراق سفننا الحربية في قاع الخليج”، في إشارة منه إلى القوة الصاروخية التي تتمتع بها طهران.
وبهذا كله، إذا أرادت أمريكا والكيان الصهيوني شنّ حرب على إيران، فإنهما سوف يسعيان إلى كسبها وهذا الأمر ليس ممكناً بأي حال من الأحوال خاصة مع تنامي القوة الصاروخية الإيرانية، لذلك فإن الهدف الرئيسي الذي تسعى واشنطن في وقتنا الحالي لتحقيقه، يتمثل في تقييد هذه القوة العسكرية الصاروخية المتنامية لإيران.
معايير الغرب المزدوجة في التعامل مع البرنامج الصاروخي الإيراني
في جزء آخر من حديثه، أعرب الخبير في الشؤون الدولية، الأستاذ “شيخ الاسلام”، بأن هناك تناقضاً غربياً في التعامل مع برنامج الصواريخ الإيراني والأسلحة النووية للكيان الصهيوني الذي لا يخضع لأي مراقبة دولية، حيث قال: “لطالما كانت المعايير والازدواجية جزءاً من السياسة الغربية، حيث نرى بأن البيت الأبيض يحاول الحفاظ على عقوده العسكرية مع الرياض ويحاول تبرئة “ابن سلمان” من جريمة قتل الصحفي السعودي المعارض “خاشقجي”، وفي نفس الوقت يلفّقون الكثير من الأكاذيب ضد الجيش واللجان الشعبية اليمنية ولإيران ويتهمونهم بأنهم يستهدفون المدنيين، لذا وعلى الرغم من وجود الكثير من الاختلافات القائمة بين أمريكا وأوروبا فيما يخص الاتفاق النووي، إلا أن تلك القوى الغربية متفقة في قضايا تتعلق بأمن “إسرائيل” والحدّ من القدرة العسكرية والصاروخية لإيران”.