نظرة تفسيريّة موضوعيّة في خصائص القرآن الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد للّه ربّ العالمين، وسلام على عباده الذين اصطفى، محمّد وآله الطاهرين عليهم السلام، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا﴾[1].
إنّ القرآن الكريم نور مبين في ذاته، يهدي من استنار به إلى صراط مستقيم، بما يحوي من تعاليم ومعارف وحقائق موصِلة للإنسان نحو مقصده الكماليّ الذي ينشده بفطرته، فتخرجه من الظلمات إلى النور، وتنجيه من سنّة الخسران.
لذا، لا بدّ للإنسان من معرفة القرآن الكريم وخصائصه، والاهتداء بنوره، لأنّه ضمانته للتحقّق بمقصده الفطريّ. وبالتأمّل في القرآن الكريم نجده يشتمل على مجموعة من الخصائص التي لا مثيل لها أو نظير في أيّ كتاب سماويّ سابق، أو في أيّ كتاب بشريّ. ومن هذه الخصائص: حقيقته وصفاته ولغته ورسالته وأهدافه ومقاصده…
ومن هذا المنطلق، سعى مركز المعارف للتأليف والتحقيق إلى تأليف كتاب بعنوان “بيّنات في معرفة القرآن الكريم – نظرة تفسيريّة في خصائص القرآن الكريم بأسلوب تعليمي”. وهو كتاب تفسيريّ موضوعيّ بأسلوب تعليميّ يتناول خصائص القرآن الكريم،
بالاعتماد على ما ورد من بيّنات دقيقة ولطيفة في القرآن الكريم، وبالاستفادة ممّا ورد في كلام العلّامة المفسّر السيّد محمّد حسين الطباطبائيّ قدس سره، في تفسيره القيّم “الميزان في تفسير القرآن”، من أبحاث موضوعيّة وإشارات ولمعات جرى العمل على شرحها وتفصيلها وتتميمها ودعمها بالشواهد القرآنيّة، وإضافة أبحاث موضوعيّة أخرى لم يتطرّق إليها العلّامة في تفسيره.
ويتوخّى هذا الكتاب تحقيق الأهداف الآتية:
1- تعزيز الارتباط الروحيّ والوجدانيّ والفكريّ بالقرآن الكريم.
2- معرفة خصائص القرآن الكريم، وموقعه بين الرسالات السماويّة.
3- معرفة موقع القرآن الكريم في حياة الإنسان.
4- معرفة خصائص الرؤية الكونيّة في القرآن الكريم.
5- معرفة دور القرآن الكريم في إيصال الإنسان إلى مقصده الكماليّ.
ولتحقيق هذه الأهداف اعتمدنا المنهجية الآتية في دروس الكتاب:
– عناوين الدرس: وهي تتضمّن ما سيتناوله الدرس بالبحث والدراسة.
– أهداف الدرس: وهي مستقاة من الأهداف العامّة للكتاب، ومرتبطة بها ارتباطاً توظيفياً، وتتوخّى تحقيق كفايات الدرس.
– محتوى الدرس: ويجري فيه دراسة العناوين المطروحة في أوّل الدرس، مع مراعاة تحقيق الأهداف المطلوبة منه.
– الأفكار الرئيسة: وتتضمّن خلاصة الأفكار المطروحة في الدرس.
– فكّر وأَجِبْ: ويحوي نمطاً واحداً من الأسئلة الاختباريّة.
– مطالعة: وتتضمّن فقرة أو عدّة فقرات متمِّمة للبحث المطروح في الدرس، تكميلاً للاستفادة، مع التركيز في ما ورد في الروايات المأثورة عن أهل البيت عليهم السلام، أو ما ورد في كلام علمائنا الأجلّاء في موضوع الدرس.
وقد حرص الكتاب – قدر الإمكان – على مراعاة مجموعة من السياسات العلميّة والمنهجيّة والفنّيّة، هي:
– الاستفادة من فكر علماء الإماميّة ومفسّريها، ولا سيّما العلّامة السيّد محمّد حسين الطباطبائيّ قدس سره في تفسيره الميزان، وتسييله داخل الدروس.
– محاولة إسناد الأقوال والروايات المنقولة في الكتاب إلى مصادرها الأساس على الأعمّ الأغلب.
– تقسيم الكتاب إلى اثنين وعشرين درساً.
– مراعاة التقارب – قدر الإمكان – في عدد صفحات كلّ درس، على أن لا يزيد حجم كلّ درس عن عشر صفحات.
وحتى نکون موضع عناية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “خياركم من تعلّم القرآن وعلّمه”[2]، نضع بين أيديكم هذا الجهد المتواضع، عسى أن يتقبّله الله – تعالى -، وينفع به، إنّه سميع مجيب.
والحمد لله ربّ العالمين
مركز المعارف للتأليف والتحقيق
[1] سورة النساء، الآيتان 174-175.
[2] الطوسيّ، محمّد بن الحسن: الأمالي، تحقيق: قسم الدراسات الإسلاميّة في مؤسّسة البعثة، ط1، قمّ المقدّسة، دار الثقافة، 1414هـ.ق، ح739، 740، ص357.