الرئيسية / القرآن الكريم / جنة الخلد – والرحمة الخاصة بالمؤمنين أوسع

جنة الخلد – والرحمة الخاصة بالمؤمنين أوسع

والرحمة الخاصة بالمؤمنين أوسع:

أما القسم أو النوع الآخر من رحمة الخالق (تعالى) فهي الرحمة الخاصة بالمؤمنين، والتي يُعبر عنها بالرحمة الرحيمية، وهي اوسع من الرحمة الرحمانية بمراتب متعددة، فهي وان كانت محدودة بأهل الإيمان إلاّ انها من حيث الكم والمقدار تعدل مائة ضعف من الرحمة الرحمانية وهذا ما يؤكده قول النبي (ص) (ان لله عز وجل مائة رحمة، انزل منها واحدة إلى الأرض فقسمها بين خلقه، فبها يتعاطفون ويتراحمون،

وأخّر تسعاً وتسعين يرحم بها عباده يوم القيامة)[4] فما رحمة الله عز وجل الواسعة التي عمّت الخلائق أجمعين الاّ جزء من مائة جزءٍ من الرحمة الإلهية التي اودعها (جل جلاله) في قلوب وأرواح المؤمنين وأوليائه الصالحين وهذا يعني ان الرحمة الرحيمية هي رحمة اكتسابية لا تكوينية، أي انها تصل إلى متناول بني البشر من خلال السعي لها وطلبها فهي تختلف عن سنخ الرحمة العامة التي هي في واقع الحال قد صارت في متناول الجميع دون سعي لها أو طلب للحصول عليها،

فبالرحمة الرحيمية التي يحصل عليها العبد ينعم بآثارها المتجسدة بالمنازل الشامخة والمراتب المعنوية الرفيعة ونيل جنة الخلد والوصول إلى رضوان الله تعالى، وهذا لا يتحقق بالضرورة الاّ ان يرتفع الإنسان إلى منزلة الإنسانية التي ارادها الله له، وبعكس ذلك فان الانحدار نحو مرتبة الحيوانية لا تؤمن للمرء اكتساب هذا القسم من الرحمة كما قد سلّمنا بداهة إلى أنه ما من سبيل للحيوانات إلى الجنة والرضوان،

ولو قلنا جدلاً بأن الحيوانات يمكن أن يصار بها إلى الجنة فستبقى غير قادرة على الانتفاع من سنايا الجنة ومواهبها. وما يصدق على الحيوانات ذوات الاربع يصدق أيضاً على الحيوانات ذوات الرجلين، لأن العدل يأبى على الله عز وجل أن يساوي في النعيم بين المؤمن الكادح وبين الحيواني، اللاهي باعتبار التمايز بين القدرات المعنوية والبهيمية، ثم إن الجنة وما فيها محض أنوار،

وهذه الأنوار لا يستطيع الابصار بها من عمي عنها في دار الدنيا، ومن انعدمت لديه القدرة على رؤية الأنوار ستنعدم لديه القدرة على رؤية الألوان فلن يكون بمقدار الأعمى ان يبصر ألوان ازاهير واوراد الجنة وانعدام التمييز لديه فصارت الألوان كلها سوداء في ناظريه، ومن يفقد حاسة شمه لن يعد بمقدوره ان يشم طيب الروائح والعطور، بل وما فائدة انغام الجنة وصوت داود (ع)

لمن به صمم؟!، وبعد كل هذا وذاك أيحسن الادراك من عمي وصم وبكم عن الحق كما يقول المولى تعالى (صم بكم عمي فهم لا يعقلون) (سورة البقرة، الآية: 171). إذاً لا بد من توفر الاستعداد والصلاحية الذاتية الاختيارية لدى الافراد لنيل الرحمة الرحيمية، وعندما نقول اختيارية نعني ان يفتح المرء اذنيه لسماع دوي الحق وان يكشف عن بصره لرؤيته جلياً وأن ينزع الاغلال والاصفاد المادية التي يقيد بها يديه ورجليه.

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...