مفاعيل الحوار… جنرال: اغتيال نصر الله في الحرب القادِمة سيحسِمها ومُستشرِق يؤكّد أنّ تهديداته خطيرةً جدًا وإسرائيل فشِلت إستراتيجيًا بسوريّة وحزب الله انتصر
ما زالت تداعيات المُقابلة التي أدلى بها سيّد المُقاومة أوّل من أمس السبت، تُشغِل الرأي العام الإسرائيليّ، بالإضافة إلى قادة تل أبيب السياسيين والأمنيين، وفي هذا السياق، نُقِل عن جنرالٍ رفيعٍ في جيش الاحتلال قوله إنّ نصر الله هو ألّد أعداء الدولة العبريّة، مُشدّدًا في الوقت عينه، بحسب موقع (روتر) الإخباريّ، على أنّه إذا تمكّنت دولة الاحتلال من اغتيال السيّد نصر الله في المُواجهة العسكريّة القادِمة، فإنّ ذلك سيحسِم المعركة مع حزب الله، الذي يُصّنفه التقدير الإستراتيجيّ الإسرائيليّ للسنة الثالثة على التوالي على أنّه العدوّ الأخطر على إسرائيل.
وعقّب قائد أركان جيش الاحتلال الإسرائيليّ السابق غادي آيزنكوط ردًّا على تصريحات الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، إنّ لا أساس لما قاله حول ما لا نعرفه، في إشارةٍ إلى أقوال نصر الله عندما قال إنّ إسرائيل لم تكتشف كلّ الأنفاق. وأشار آيزنكوط إلى أنّ صمت نصر الله الطويل جاء بعد أنْ تمّ إفشال 3 مشاريع للحزب، تمّ تدمير الأنفاق، تمّ تخريب مشروع حصوله على صواريخ دقيقة، وكذلك إفشال مشروع بناء جبهة ثانية في الجولان، على حدّ تعبيره.
وآيزنكوت أنهى مهامه قبل أسبوعين بعد فترة طويلة من الخدمة، وفيها قام بإعادة هيكلة الجيش بعد الحرب الأخيرة على قطاع غزة صيف عام 2014، كما خدم في فترة مواجهة إسرائيل لما تصفه ب”التموضع العسكريّ الإيرانيّ في سوريّة”، وقبل نهاية فترته أعلن عن انتهاء حملة “درع الشمال” لتدمير الأنفاق الهجومية من لبنان إلى داخل الأراضي الإسرائيليّة.
في السياق عينه، رأى المُستشرِق إيهود يعاري، الذي يعمل مُحلّلاً لشؤون الشرق الأوسط في شركة الأخبار الإسرائيليّة، والمعروف بارتباطاته الوثيقة مع المنظومة الأمنيّة في تل أبيب، رأى أنّه يجب التوقّف بجديّةٍ بالغةٍ عند عددٍ من النقاط التي طرحها السيّد نصر الله في مُقابلته مع فضائية (الميادين)، والتي قال إنّ أهّمها التحذير بأنّ إيران، سوريّة وحزب الله يُفكّرون بجديّةٍ الآن بالردّ وبقوّةٍ كبيرةٍ على الضربات الإسرائيليّة المُتكررة التي يقوم بتنفيذها سلاح الجوّ، على حدّ تعبيره.
عُلاوةً على ذلك، شدّدّ المُستشرِق الإسرائيليّ على أنّ الأمين العّام لحزب الله وضع خطوطًا حمراء جديدةً لما أسماها بـ”قواعد الاشتباك”، ومنها التهديد بالردّ العسكريّ على إصابة أوْ استهداف عناصر حزب الله على الأراضي السوريّة، تمامًا كما سيفعل في حال استهداف إسرائيل لعناصر من الحرس الثوريّ الإيرانيّ على الأراضي السوريّة، لافتًا إلى أنّ التهديد الأخطر والأهّم، الذي أطلقه نصر الله، يقضي بالردّ العسكريّ على عملياتٍ إسرائيليّةٍ-عسكريّةٍ ومُخابراتيّةٍ في الأراضي اللبنانيّة.
وأشار يعاري أيضًا في سياق تحليله لما بعد المُقابلة إلى أنّ نصر الله شدّدّ على التذكير بأنّ ردّ الفعل من قبل حزب الله لا يعني بالضرورة نشوب حربٍ شاملةٍ مع إسرائيل، بل إلى مناوشةٍ محدودةٍ، إنْ كان من جهة الزمن أوْ من ناحية حجم المُواجهة، وتابع قائلاً إنّ نصر الله تعمّد منح المصداقية لتهديداته إذْ أنّه قام وبشكلٍ مُفصّلٍ خلال الحوار بالتوضيح بأنّ حزب الله يملك ما يكفي من الصواريخ الدقيقة لضرب منشآت حيويّةٍ وإستراتيجيّةٍ إسرائيليّةٍ، بالإضافة إلى ذلك، أضاف المُحلّل يعاري، أوضح نصر الله في ردّه على سؤالٍ بأنّ الحاجز الذي يقوم الجيش الإسرائيليّ بتشييده على الحدود مع لبنان لن ينفع إسرائيل، وأنّ المُقاومة بحوزتها الطرق لاجتيازه، لافتًا إلى أنّ نصر الله أكّد أيضًا وجود أنفاقٍ لا يعرف عنها جيش الاحتلال، الأمر الذي يُير الشكوك بأنّ حزب الله ما زال يملك أنفاقًا، طبقًا لأقواله.
وأوضح المُستشرِق يعاري أنّ نصر الله كشف النقاب لأوّل مرّة، ويجب أنْ يأخذ صُنّاع القرار أقواله على محملٍ كبيرٍ من الجدّ، أنّه قبل حوالي نصف السنّة اقترح مبعوثون أمريكيون على الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتن صفقةً بموجبها تقوم واشنطن بسحب قوّاتها من سوريّة مُابِل انسحاب عناصر حزب الله والحرس الثوريّ الإيرانيّ من هذه الدولة العربيّة، لافتًا إلى أنّ الأمين العّام أكّد رفض الصفقة باستهتارٍ من قبل الأطراف، وتحديدًا من قبل الرئيس السوريّ، د. بشّار الأسد ومنه أيضًا. كما كشف نصر الله، وفقًا ليعاري، النقاب عن أنّ الروس لم يُمارِسوا الضغوطات على إيران لفحص الصفقة، إنمّا اكتفوا بلعب دور الوسيط، الذي ينقل الاقتراح، الذي تمّ رفضه، قال المُستشرِق الإسرائيليّ.
وكان لافِتًا للغاية إقرار يعاري بأنّه يُوافِق تمامًا مع نصر الله، الذي وصف التدّخل الإسرائيليّ في سوريّة بالفشل الإستراتيجيّ، وقال المُحلّل إنّه يتحتّم على صُنّاع القرار في تل أبيب أنْ يتطرّقوا بجديّةٍ إلى هذه المقولة لدى تلخيصهم الحرب الأهليّة في بلاد الشام، وأضاف يعاري أنّه منذ اندلاع الأزمة في سوريّة انتقد بصورةٍ لاذعةٍ السياسة الإسرائيليّة، وشدّدّ على أنّ كيان الاحتلال كان بمقدوره العمل أكثر من أجل إسقاط نظام الرئيس الأسد، وخلُص إلى القول إنّه صحيح ما قاله نصر الله بأنّه والحُلفاء، إيران، سوريّة وروسيا انتصروا في سوريّة، على حدّ تعبيره.
نصرالله يؤكد هزيمة اميركا بإنسحابها ويضخ في الشعوب املاً بالمقاومة والنهوض
د. عصام نعمان
انتظرتُ بقلقٍ وشوق ، كما ملايين غيري ، مقابلةٌ مرتقبة للسيد حسن نصرالله بعد طول صمت. مبعثُ القلق حملة تقوّلات وتكهنّات وإشاعات حول صحة سيد المقاومة شوّشت الاذهان . لكن ، ما ان ظهر السيد على شاشات التلفزة بوجهٍ صبوح ونبرة قوية وكلام وازن موزون حتى تبدّدت الشكوك وعادت الثقة تملأ النفوس المتعطشة للحقيقة والامل.
ما سرّ هذا الشوق الى إستماع السيد ؟
إنه الجوع المزمن للصدق ومعرفة الحقيقة ، إفتقدهما العرب مع غياب جمال عبد الناصر ، وأحسوا بأنهم إستعادوهما مع بزوغ حسن نصرالله . أليس لافتاً ، بشهادة وسائل إعلام عدّة، ان الجمهور في كيان العدو الصهيوني يصدّق نصرالله اكثر مما يصدق زعماءه ؟ وان عدة أقنية تلفزيونية اسرائيلية كانت تنقل المقابلة مباشرةً بعد دقائق من بدء بثّها في بيروت ؟
في نحو 200 دقيقة كشف سيد المقاومة للناس حقائق كثيرة، وبعث للحكام والمسؤولين برسائل رادعة ، واستشرف احداثاً وتطورات مرجّحة في عالم العرب والعالم الاكبر.
لعل اهم مفاصل ما كشفه نصرالله ويستوجب الإنتباه والتعليق هي الآتية :
على صعيد الصراع مع “اسرائيل” سخر سيد المقاومة من ادعاء بنيامين نتنياهو ورئيس اركان حربه السابق الجنرال غادي ايزنكوت انه أمكن كشف وتعطيل كل الأنفاق على الحدود مع لبنان . قال نصرالله ان احد الأنفاق قديم ، عمره نحو 13 عاماً ، وربما يكون هناك انفاق اخرى كثيرة مثله . أكّد ان ثمة طرائق اخرى لإجتياح الجليل غير الأنفاق متوافرة على طول الحدود الممتدة بمسافةٍ تصل الى 100 كيلومتر.
الى ذلك اكد نصرالله ان غزة لن تموت جوعاً . مؤدّى ذلك ان إنفجاراً في وجه “اسرائيل” ينتظرها هناك اذا ما تمادت في خطة الحصار والتجويع والتعطيش ، واوحى بأن المقاومة في لبنان لن تكون مكتوفة الايدي في حال حصول الإنفحار.
سخر سيد المقاومة من ادعاء نتنياهو بأن سلاحه الجوي يضرب في سوريا لمنع قوافل الصواريخ من الوصول الى لبنان. ذكّر العدو بأنه سبق له ان اعلن في منتصف شهر ايلول/ سبتمبر الماضي ان “انتهى الامر ، تمّ الامر ، اُنجز الامر”. معنى ذلك ان المقاومة اصبح لديها ما تحتاجه من الصواريخ الدقيقة ، او بات في مقدورها تصنيعها محلياً ، وان مداها يصل الى اي موقع للعدو في فلسطين المحتلة ، ولاسيما تل ابيب. العدو يدرك ذلك ، وما يدّعيه نتنياهو من ذرائع ردعية يقوم بها في الساحة السورية هو من قبيل الترويج لشخصه في الإنتخابات.
الأهم من ذلك ، ان المقاومة تمتلك من الصواريخ الدقيقة عدداً كافياً للمواجهة في اي حرب قادمة.
على صعيد الصراع في سوريا وعليها ، يجزم نصرالله بأن سوريا انتصرت وانها في سبيلها الى استكمال الانتصار في شرق الفرات وفي ادلب. ليس ادل على ذلك من تراجع رجب طيب اردوغان عن تهديداته الهجومية دعوته الى تطبيق اتفاق اضنه. هذا الاتفاق ينص على تعاون البلدين لضبط امن الحدود بينهما ما يستدعي عودة الجيش السوري الى الإنتشار على طول حدود سوريا الشمالية ليصبح تطبيق الاتفاق ممكناً.
الأهم من ذلك كله – ولعله أهم ما ركّز عليه نصر الله في المقابلة – ان الولايات المتحدة ستنسحب بالتأكيد من سوريا ، وان دونالد ترامب صادق في ما يقوله بهذا الصدد. مردّ التأخير في الإنسحاب ان واشنطن حاولت ، عبر موسكو ، اقناع دمشق وطهران بأن يكون إنسحاب قواتها من سوريا مقروناً بإنسحاب قوات ايران. لا دمشق وافقت على هذه الصفقة الملغومة ولا طهران . لدى نصرالله اقتناع راسخ بأن الولايات المتحدة ستسحب قواتها من مجمل الشرق الاوسط بدليل اعلان طالبان انها توصلت الى اتفاق معها على الإنسحاب من افغانستان في مهلة اقصاها 18 شهراً لقاء فك طالبان تعاونها مع سائر التنظيمات الإرهابية ولاسيما “القاعدة”.
إنسحاب اميركا الأكيد من مختلف انحاء الشرق الاوسط هو التطور الابرز والأهم في نظر نصرالله ، وان دول الخليج التي تدركه وتتحسب لتداعياته السياسية والامنية هي الآن في صدد إعادة نظر واسعة بسياساتها وحتى بتحالفاتها الاقليمية.
اكثر من ذلك ، اوحى نصرالله بل أشّر في المقابلة الى ان هزيمة اميركا في الشرق الاوسط هي الحدث الأهم والأبرز. هي الجائزة الكبرى التي استحقها محور المقاومة بمختلف اطرافه ، وانه سيكون للهزيمة المدوّية انعكاسات سلبية على “اسرائيل”.
الى ذلك كله ، ارى ان المقابلة-الحدث قدّمت الى شعوب المنطقة الرازحة في قاع اليأس والضياع جائزة اخرى اكبر وأثمن . إنها جرعة وافرة من الامل والرجاء ، الامل في القدرة على النهوض والفعل بإعتماد خيار المقاومة ونهجها ، والرجاء المستجاب بضرورة التغيّر والتغيير.
السيد نصر الله: دمشق ومحور المقاومة سيردون على اعتداءات “إسرائيل” وعلى نتنياهو ألا يخطئ التقدير
أمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يطل في حوار العام على شاشة الميادين، ويدحض الشائعات التي تتناوله منذ مدة، ويؤكد أنه بصحة جيدة وأن انكفاءه عن الظهور الإعلامي لا صلة له بالوضع الصحي، ويتوعد الاحتلال الإسرائيلي بالرد على اعتداءاته على سوريا من قبل دمشق ومحور المقاومة.
الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في مقابلة مباشرة على الهواء مع قناة الميادين، حيث أكد أنه بصحة جيدة وأن الانكفاء عن الظهور الإعلامي خلال الفترة الماضية “لا صلة له بالوضع الصحي أبداً وكل ما قيل هو أكاذيب”.
وشدد السيد على أنه لم يتعرض لأي مشكلة صحية أبداً رغم دخوله عامه الستين.
وأردف نصر الله “ارتأينا أن ما يتردد عن شائعات بشأن صحتي هو استدراجي للتكلم وهو ما لا نريده.. فلسنا ملزمين بالرد على الشائعات والذي يريد الآخرون تحديد توقيته”… “سأتحدث في الشهر المقبل 3 مرات لأن هناك 3 مناسبات”، ختم نصر الله في هذا الشأن.
نتنياهو خدمنا عبر إدخال الرعب في قلوب المستوطنين عبر عملية “درع الشمال”
تأخر الإسرائيلي في كشف الأنفاق هو فشل استخباري
السيد نصر الله تطرق إلى العملية التي أطلقتها “إسرائيل” على الحدود مع لبنان تحت عنوان “درع شمالي”، مشيراً إلى أنه “ارتأينا في حزب الله أن ندع الإسرائيليين يتكلمون عن عملية درع الشمال حتى انتهائها”، مضيفاً أن “العملية لم تنته رغم إعلان الإسرائيليين أنها انتهت، لأن الحفارات ما زالت تعمل”.
وكشف السيد نصر الله عن أن هناك أنفاقاً في الجنوب اللبناني، ولكنه أضاف “لسنا ملزمين بأن نعلن عمن حفرها أو متى لأننا نعتمد الغموض البناء”، واعتبر أن المفاجئ بالنسبة للحزب أن “الإسرائيلي تأخر في اكتشاف هذه الأنفاق”، وأن هناك أنفاق قديمة بعضها يعود إلى 13 عاماً، وهو ما يؤكد فشل الاستخبارات الإسرائيلية.
“مسألة استمرار وجود أنفاق يجب أن تبقى غامضة”، شدد أمين عام حزب الله الذي توجه بكلامه صوب المستوطنين قائلاً إن عليهم التأكد “مما إذا كان مسؤولوهم يقولون الحقيقة بشأن الأنفاق”.
واعتبر السيد نصر الله أن “إعلان نتنياهو وطاقمه بأن الأنفاق كانت تمهد لعملية الجليل خدمنا وأكد أننا صادقون”، وأضاف أن “نتنياهو خدمنا عبر إدخال الرعب والخوف والهلع إلى قلوب كل المستوطنين في الشمال”.
ورغم أن الأنفاق لم تكن تستحق هذه الدعاية وفق نصر الله، أشار السيد إلى أن عملية درع الشمال “خدمتنا في الحرب النفسية”.
بالإضافة، أوضح نصر الله أن اجراءات الاحتلال على الحدود تعكس “الخشية الإسرائيلية من عملية الجليل المحتملة.. فالمناورات الإسرائيلية الضخمة حصلت تحسباً للعملية”.
وسأل نصر الله “هل حزب الله سيعتمد على 4 أنفاق لإدخال الآلاف من مقاتليه من أجل عملية الجليل”، موضحاً أن أي عملية باتجاه الجليل “تحتاج إلى كل الحدود ونحن نقررها في حال حصول حرب علينا”.
وأضاف السيد “عملية الجليل لن تتوقف على الأنفاق وكيف لنتنياهو أن يعلم أنه دمرها كلها”.
وربط السيد نصر الله عملية الدخول إلى الجليل بحصول عدوان على لبنان وقال إنهم (الإسرائيليون) “لن يعلموا من أين سندخل إلى الجليل وهي لن تحصل إلا في حال العدوان على لبنان.. فجزء من خطتنا هو الدخول إلى الجليل، ونحن قادرون على ذلك ونقرر وفق مجريات الحرب”.
“نحن منذ سنوات نملك القدرة على تنفيذ العملية وأصبح الأمر أسهل بعد تجربتنا في سوريا”، أكد السيد، وجزم بأنه للدفاع عن لبنان “فمن حقنا اتخاذ كل الإجراءات الدفاعية بعيداً عما يعتقده الآخرون”.
وأكد السيد نصر الله أن “عملية الأنفاق لا تلغي عملية الجليل المحضر لها ولو بنسبة 10% وهي لم تستحق هذه الدعاية”.
ثمن الاعتداء على لبنان سيكون أكبر بكثير مما تتوقعه “إسرائيل”
السيد نصر الله توعد “إسرائيل” بأنها “إذا اعتدت على لبنان فستندم لأن ثمن الاعتداء سيكون أكبر بكثير مما يتوقعه.. خياراتنا مفتوحة لفعل كل ما يلزم بعقل وحكمة وشجاعة”.
وأكد السيد أن “أي اعتداء إسرائيلي؛ حرباً أو اغتيالاً، لعناصر حزب الله في لبنان وحتى سوريا سنرد عليه”، محدداً “أي عملية ضرب أهداف محددة هي محاولة لتغيير قواعد الاشتباك سنتعامل معها على هذا الأساس”.
كذلك أوضح نصر الله أن “أي عملية واسعة يشنها العدو سنتعامل معها على أنها حرب”، محذراً الإسرائيليين من أن “نتنياهو قد يرتكب الأخطاء نتيجة طموحاته”، وتابع “المقاومة وكل محور المقاومة جاهزون للرد في حال حصول أي عدوان”، ولكنه استبعد في الوقت ذاته أن “يشن العدو حرباً على لبنان”، ولم ينفي أنه من الممكن أن يخطئ في سوريا وغزة.
وفي السياق، لفت نصر الله إلى أن “المقاومة لم تتدخل في مسألة ترسيم الحدود وهي من شأن الدولة.. فنحن نقف خلف الدولة والجيش في موضوع الجدار وعلينا انتظار تصرفها ليبنى على الشيء مقتضاه”.
ورأى السيد أن “هناك شبه انسجام لبنانياً في عدم حصول أي نزاع بشأن عملية الأنفاق.. فقد حصل فشل استخباري إسرائيلي في زعزعة الموقف اللبناني الرسمي ككل عبر عملية الأنفاق”.
“الموقف الرسمي اللبناني في مجلس الأمن وموقف الكويت هما فشل استخباري إسرائيلي أيضاً”، أضاف الأمين العام لحزب الله وأكد “نحن نقف خلف الجيش اللبناني ولا نريد جر الدولة إلى أي حرب”.
السيد نصر الله حثّ الدولة اللبنانية على “مراجعة ما يفعله الإسرائيلي على الحدود من اجراءات”، مشيراً إلى أنه “نحن وبلا شروط وفي أي زمان ومكان مستعدون لتلبية الدعوة إلى وضع استراتيجية دفاعية”.
السيد نصر الله أكد أن نتنياهو في عملية درع الشمال “سجل انجازاً كبيراً في الأوهام وهي أقل من عملية”، لكنه لفت إلى أنه “علينا توقع تصرف غير حكيم من قبل نتنياهو عشية الانتخابات”.
إلى ذلك، أكد نصر الله أن “مخاوف إسرائيل في سوريا كبيرة جداً لأن هناك فشلاً استخبارياً إسرائيلياً ذريعاً هناك”.
وإلى غزة انتقل نصر الله مؤكداً أن “الجهوزية النفسية في غزة وخصوصاً بعد انتصارها الأخير تؤكد أن أهلها لن يتسامحوا.. والقطاع مستعد للرد عسكرياً على أي عدوان”.
نمتلك العدد الكافي من الصواريخ الدقيقة من أجل أي مواجهة مقبلة
نصر الله ممازحاً الإسرائيليين: من مصلحتكم أن نحصل على صواريخ دقيقة
وأكد السيد نصر الله أن “المقاومة كانت تمتلك في عدوان تموز 2006 صواريخ كانت قادرة على ضرب تل أبيب”، مشيراً في هذا السياق امتلاك الحزب لصواريخ دقيقة “وبالعدد الكافي للمواجهة في أي حرب مقبلة وضرب أي هدف نريده”.
السيد أوضح أن “بعض جنرالات الاحتلال يقرون بأن الحروب المقبلة لن تكون كالحروب السابقة”، مشيراً إلى أنه “في أي حرب مقبلة علينا ستكون كل فلسطين المحتلة ميدان قتال وحرب”.
وتوجه السيد نصر الله للإسرائيليين بالقول إن عليهم أن ينصحوا نتنياهو “بتسهيل حصول حزب الله على صواريخ دقيقة من أجل مصلحتهم”، وأكد “تم إنجاز حصولنا على الصواريخ الدقيقة ومحاولة نتنياهو منعها عبر قصف سوريا غير مجدية”، وتابع “لم نعد بحاجة لنقل أي صواريخ دقيقة لأننا نمتلك العدد الكافي من أجل أي مواجهة مقبلة”.
القيادة السورية لن تترك أرضها للإرهابيين والأولوية في إدلب للحل السياسي
وفي الشأن السوري، أكد نصر الله أن الوضع في سوريا اليوم “في أفضل حال مقارنة بالعام 2011، لكن لا يمكن الحديث عن إنجاز شامل” حيث أن هناك مأزق كردي تركي أميركي فيما يتعلق بشرق الفرات.
وأكد نصر الله أن الفصائل الكردية المدعومة أميركياً في شرق الفرات هي “ممولة خليجياً”، وكشف أن “خطوط التفاوض مفتوحة بين الجيش السوري والقوات الكردية”.
وحول إعلان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان رغبته في تطبيق اتفاق “اضنة” مع الحكومة السورية، اعتبر السيد نصر الله أن ذلك يشير إلى أنه يجب التسليم بأن الحل الوحيد هو انتشار الجيش السوري.
ورأى نصر الله أن الجيش السوري وحلفاؤه قادرون على حسم المعركة في الشمال السوري، وأردف أنه “عند الانتهاء من داعش في شرق الفرات فإن الجيش السوري وحلفاؤه سيرتاحون”، ووفق السيد نصر الله فقد تم استكمال التعزيزات لتحرير إدلب، لكن “تركيا منعت ذلك تحت أسباب إنسانية”، معتبراً أن “الخيارات مفتوحة بالنسبة لإدلب لكن الأولوية هي للحل السياسي”.
وتطرق الأمين العام إلى الإقتتال فيما بين فصائل المعارضة في إدلب الذي “أظهر تجاوزها للقيم التي تدعيها بنفسها”، فسيطرة جبهة النصرة على إدلب “تحرج تركيا لأنها مصنفة عالمياً بأنها إرهابية”، وتابع “على تركيا إيجاد حل لإدلب أو ترك الأمر للقيادة السورية التي لن تترك أرضها للإرهابيين”.
وعلاوة على ذلك، كشف نصر الله أن ما منع الجيش السوري وحلفاءه من استكمال معركة البوكمال هو “الولايات المتحدة”.
السوريون والإيرانيون رفضوا الطلب الأميركي بخروج القوات الإيرانية من سوريا
وحول الإنسحاب الأميركي من سوريا، رأى السيد نصر الله أن ترامب كان “صادقاً بوعوده الانتخابية وحقق جزءاً منها، بينها مسألة إرسال القوات الأميركية للخارج”، فقد طلبت جهات أميركية منه مهلة لسحب القوات من سوريا و”قد أمهلهم لذلك 6 أشهر”، وفق نصر الله.
وكشف نصر الله أن الأميركيين “أبلغوا الروس أنهم مستعدون للخروج بالكامل من سوريا مقابل خروج الإيرانيين”، وأردف أن “بوتين أبلغ روحاني بالمطلب الأميركي الذي أبلغني بذلك والروس أبلغوا السوريين أيضاً”.
وفي السياق، رفض الإيرانيون الطلب الأميركي “لأنهم موجودون في سوريا بناء على طلب دمشق”، وفق نصر الله الذي أشار إلى أن “الروس اكتفوا بنقل الرسالة الإيرانية إلى الأميركيين الذين عادوا ليكثفوا عملياتهم”.
كذلك وبحسب السيد نصر الله رفض السوريون المطلب الأميركي الذي نقله الروس بخروج الإيرانيين، ورأى السيد أن سحب القوات الأميركية هو “استراتيجية جديدة وهو النسخة الترامبية في المشروع الأميركي”، إلا أن القرار هو “بحد ذاته فشل وهزيمة”.
وفي هذا السياق، كشف السيد نصر الله أن ممثلي قوات سوريا الديمقراطية “قسد” بعد تخلي الأميركيين عنهم طلبوا “لقاءنا في بيروت وتوجهوا إلى روسيا والعراق للوساطة مع الدولة السورية”.
وتطرق السيد نصر الله إلى الانفتاح العربي الحاصل مؤخراً باتجاه سوريا، معتبراً أن سببه “قرار ترامب بالانسحاب من سوريا”، وكشف أن زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى دمشق حصلت “بضوء أخضر سعودي”.
وفي هذا التفصيل، قال نصر الله إن قرارات ترامب أخافت السعودية والإمارات اللتين اعتبرتا “أن تركيا هي الخطر الأكبر وليس إيران”، وعليه زار (وزير الخارجية الأميركي) بومبيو المنطقة “لطمأنة دولها بعد إحباطها من قرارات ترامب”.
وفي قضية عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، كشف نصر الله أنه جرى نقل رسالة لدمشق لتطلب بنفسها ذلك، لكن الرد السوري كان “بأن من أخرجها من جامعة الدول العربية عليه بنفسه إعادتها”، وأكد أن “هناك مسؤولين عرب كباراً بينهم أمنيون زاروا سوريا لا يمكنني الكشف عن هويتهم”.
وشدد نصرالله على أن الأميركيين “لن يستطيعوا أن يفعلوا أكثر مما فعلوا، وهم سيغادرون سوريا والمنطقة والمحبط الأكبر هو نتنياهو”، فهم “تركوا حتى أفغانستان لطالبان وهي هزيمة مدوية لهم في هذا البلد”.
ورأى السيد نصر الله أن “ترامب لن يشن حرباً من أجل أي كان وبلاده ليست في وضعية شن حرب جديدة على منطقتنا.. وهو شن حرب على إيران بواسطة دول المنطقة لإسقاطها”.
هناك احتمال بتعاطٍ مختلف مع الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا
رسالة نصر الله لنتنياهو: عليك أن تكون حذراً من التمادي في سوريا
وحول الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا، هدد السيد نصر الله بأن “هناك احتمالاً باتخاذ قرار بتعاطٍ مختلف مع الاعتداءات الإسرائيلية لأن ما حصل أخيراً خطير جداً”.
ولفت نصر الله في هذا السياق إلى أن الأولوية في الفترة السابقة كانت بإنهاء المعركة الداخلية في سوريا و”هذا تغير مهم.. فعلى نتنياهو أن يكون حذراً في التمادي فيما يقوم به في سوريا لأن محور المقاومة ودمشق سيردون”، وأردف أن “العامل الروسي لا يستطيع أن يفتح كل الهوامش للإسرائيلي”.
وعاد السيد نصر الله ليعتبر أن مشروع نتنياهو في سوريا “فشل وخسر كل رهاناته.. ونتنياهو وايزنكوت لم يتمكنا من منع وصول الإمكانات إلى لبنان وهذا فشل آخر”.. “كما فشل نتنياهو في تحقيق هدف إخراج إيران من سوريا”.
لم يعد بإمكان ابن سلمان فعل شيء لـ “صفقة القرن”
فلسطينياً، رأى السيد نصر الله أنه لا يمكن القول إن صفقة القرن انتهت وأن (ولي العهد السعودي) “محمد بن سلمان هو الضلع الأهم فيها ومهمته هي التسويق لها مقابل 50 عاماً من البقاء في العرش”، لكنه “لم يعد يستطيع فعل شيء لصفقة القرن”.
وأردف نصر الله مصرحاً أنه ليس هناك أي تنظيم فلسطيني يمكن أن يقبل بصفقة القرن، مؤكداً أنه لدى حزب الله علاقة مع جميع الفصائل الفلسطينية و”علاقتنا مع السلطة جيدة”.
ولفت نصر الله إلى أن علاقة سوريا مع الفلسطينيين جيدة “لكن مشلكتها الوحيدة هي مع حماس، ومحور المقاومة حريص على علاقة جيدة مع جميع الفصائل الفلسطينية”.
وفي الشأن البحريني، أوضح السيد أن المعارضة طلبت وساطات مع دول عربية بينها قطر وتركيا والكويت لحل الأزمة لكن السعودية “تمنع حصول حوار”.
وبالانتقال إلى اليمن، وصف نصر الله صمود اليمنيين في وجه حرب السعودية بـ “الأسطوري” وأن “التجربة اليمنية هي الأجدى بتدريسها”. وفي الوقت عينه، أكد نصر الله أنه “يجب إبقاء الحذر في اليمن لكن هناك قرار بضرورة التوجه إلى الحل السياسي”، وختم نصر الله هذا المحور بالقول “السعودية والإمارات اكتشفتا أنهما لا يستطيعان إخضاع الشعب اليمني رغم حربهما الشرسة”.
حزب الله لا يحكم لبنان ومعركته الأساسية هي ضد الفساد
وحول القمة الاقتصادية العربية التي عقدت في بيروت مؤخراً، اعتبر نصر الله أن “الكلام السياسي فيها عن القدس ممتاز كما أن كلام الرئيس اللبناني ووزير الخارجية عن إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية وحول مسألة إخفاء الإمام موسى الصدر مهم جداً”.
وفي الشأن الداخلي، أكد نصر الله أن العلاقة مع الرئيس ميشال عون “هي على ما هي عليه من المودة والتوافق”، مشيراً إلى أن “مواقف الرئيس عون صلبة ولم تتزعزع العلاقة بيننا رغم الاختلافات في أمور معينة وهناك تواصل بيني وبينه لحل أي التباس”.
وأكد نصر الله أن “ما عزز الصداقة مع رئيس الجمهورية ووزير الخارجية هو ما حصل في عدوان تموز 2006″، موضحاً أن “التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني ما زال قائماً وصامداً”، وطالب السيد القاعدتان الشعبيتان لحزب الله والتيار الوطني الحر بعدم التأثر بالاختلاف الحاصل أحياناً بينهما.
ونفى السيد نصر الله ما يتردد حول رغبة الحزب بتغيير اتفاق الطائف، وأنه أمر لا أساس له.
وأكد الأمين العام لحزب الله الإصرار على تشكيل حكومة في لبنان بأسرع وقت ممكن، مؤكداً أن إيران وسوريا “لم تتدخلا أبداً في مسألة تأليف الحكومة”.
وأكد السيد تمسك الحزب بتمثيل اللقاء التشاوري بوزير في الحكومة العتيدة، وأضاف “هناك مساعٍ جدية حالياً لتأليف الحكومة وهناك عقدتان تتعلق باللقاء التشاوري وتوزيع الحقائب”.
وفي الوضع الاقتصادي، جدد نصر الله التأكيد على جدية الحزب في حل الوضع الاقتصادي ومكافحة الفساد، مشدداً على أن المعركة ضد الفساد “طويلة وصعبة ومعقدة”، مشيراً في هذا الصدد إلى أنه “يجب ايجاد تغييرات في القوانين لحل مشكلة الفساد في لبنان”.
وفنّد نصر الله منافذ الفساد قائلاً إنه “يجب التخلي عن التلزيم بالتراضي والتوجه إلى المناقصات لحل بعض مشاكل الفساد”، وأكد أن الخطوة الأولى في مواجهة الفساد هي سد بابه عبر تشريعات وقوانين وآليات.. وأضاف “التدخل السياسي في القضاء هو من أسباب الفساد في لبنان”.
وفي العلاقة مع تيار المستقبل، تحدث السيد نصر الله قائلاً إن الرئيس سعد الحريري “يحاول تدوير الزوايا مع كل القوى السياسية في لبنان”، مؤكداً أن الحزب حريص على الانفتاح والتعاون مع الرئيس الحريري “رغم مهاجمتنا من قبل تيار المستقبل”.
وختم السيد نصر الله حوار العام بالقول إن حزب الله “لا يحكم لبنان ولا يريد ذلك ومعركته هي مكافحة الفساد.. لأننا نؤمن بأن لبنان لا يمكن أن يُدار إلا من قبل جميع مكوناته”.