الرئيسية / تقاريـــر / عودة “داعش” الإرهابي.. هل هناك مؤشرات حقيقة أم إنها ضرب من الخيال ؟

عودة “داعش” الإرهابي.. هل هناك مؤشرات حقيقة أم إنها ضرب من الخيال ؟

الوقت- يختلف الوضع الأمني في الشرق الأوسط اليوم، خاصة في العراق وسوريا، عن تلك الفترة الزمنية التي كان فيها تنظيم “داعش الإرهابي يصول ويجول بحرّية في المنطقة ولقد تمكّنت الحكومتان العراقية والسورية وبدعمِ من إيران خلال السنوات القليلة الماضية، من اكتساب العديد من التجارب الناجحة أثناء محاربتهما لتلك الجماعات الإرهابية، والأهم من ذلك أن الحرب ضد تلك الجماعات الإرهابية، وخاصة تنظيم “داعش”، أدت إلى خلق بيئة يسودها النظام بين قوات محور المقاومة في المنطقة. وفي وقتنا الحالي نرى حضور قوات محور المقاومة في عدد كبير من المناطق داخل العراق وسوريا، بينما حضورها بين عامي 2011 و 2014 لم يكن بهذه الصورة التي هي عليها اليوم.

وفي سياق متصل، ذكرت العديد من التقارير الإخبارية بأن تنظيم “داعش” الإرهابي يعيش هذه الأيام في حالة يرثى لها بعدما مُني بالكثير من الهزائم على أيدي أبطال محور المقاومة في سوريا والعراق وفي حين كثفت القوات الكردية هجماتها على ما تبقى من مواقع هذا التنظيم الإرهابي في جزء صغير من منطقة “الباغوز” السورية باعتبارها الجزء المحتل الأخير من قبل هذه الجماعة الإرهابية، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو، هل تم القضاء كلياً على جميع التهديدات التي شكلتها هذه الجماعة الإرهابية في المنطقة؟

ظهور وسقوط “داعش”

لقد ولد تنظيم “داعش” من رحم تنظيم القاعدة في العراق الذي أسسه وبناه أبو مصعب الزرقاوي عام 2006، عندما كان مشاركاً في العمليات العسكرية ضد القوات التي تقودها أمريكا والحكومات العراقية المتعاقبة في أعقاب غزو العراق عام 2003 وذلك جنباً إلى جنب مع العديد من الجماعات المتطرفة المسلحة، وبعد مرور عدة سنوات تمكّنت “داعش” من الوصول إلى أوج قوتها والسيطرة على مناطق واسعة في المحافظات العراقية من “الأنبار و”نينوى”، وفي محافظة “كركوك” وكان أكثر وجودها في محافظة صلاح الدين، وأجزاء من بابل و”ديالي” وبغداد، وفي تلك الأثناء أعلن قادة تنظيم “داعش” بأن مدينة “بعقوبة” عاصمة لدولتهم المزعومة.

ومع ذلك، فإن محاولات تنظيم الدولة الإسلامية لإحكام السيطرة على أراضي جديدة أدت إلى رد فعل عنيف من قبل القوات العراقية التي قامت وبدعم من إيران بشنّ هجمات عسكرية مضادة أسفرت عن دحر هذه الجماعة الإرهابية واسترجاع الكثير من المناطق التي كانت قابعة تحت سيطرتها.

يذكر أن ذلك التنظيم الإرهابي ابتداءً من عام 2014، وتحت قيادة زعيمه “أبو بكر البغدادي”، انتشر بشكل ملحوظ، وحصل على الدعم في العراق وسوريا بسبب تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية والسياسية وفي عدد كبير من المحافظات العراقية والسورية، وكان لها وجود كبير في المحافظات السورية من الرقة وإدلب و”دير الزور” و”حلب” وتمكّنت تلك الجماعة الإرهابية من الانتشار بشكل واسع داخل الأراضي السورية.

إلا أن هذا التقدم توقف بعدما تم إنشاء تحالف من عدة دول لمحاربة التنظيم يشمل إيران والعراق وسوريا وحزب الله اللبناني، وما بين أغسطس 2014 وأبريل 2015، خسر تنظيم الدولة “داعش” ما بين 25% إلى 30% من الأراضي التي كان يُسيطر عليها في العراق.

وكان لتنظيم “داعش” الإرهابي صلات وثيقة مع تنظيم القاعدة حتى شباط/ فبراير عام 2014، حيث إنه بعد صراع طويل على السلطة استمر لمدة ثمانية أشهر، قطع تنظيم القاعدة كل العلاقات مع جماعة داعش، حيث تعتبر القاعدة داعش تنظيماً “وحشياً”.

في حزيران/ يونيو عام 2014، كان يمتلك تنظيم داعش الإرهابي على الأقل 4000 من المقاتلين في داخل العراق، كانوا يقومون بشنّ العديد من الهجمات على أهداف حكومية وعسكرية ومدنية، حيث إن هذا التنظيم الإرهابي أعلن في تلك الفترة مسؤوليته عن الهجمات التي أسفرت عن مقتل الآلاف من المدنيين.

وفي عام 2014، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن تنظيم داعش الإرهابي قد زادت قوته إلى 50،000 مقاتل في سوريا و30000 في العراق.

وفي عام 2017 فقد التنظيم الإرهابي مساحات شاسعة من الأراضي التي كان يسيطر عليها في العراق وسوريا بعدما مُني بالكثير من الهزائم على أيدي أبطال القوات العراقية والسورية وبعدها بدأ هذا التنظيم الإرهابي بالانهيار بشكل متسارع حيث فقد عدداً من قواعده العسكرية في العراق وسوريا في وقت قصير جداً وفي وقتنا الحالي لا يزال هنالك عدد قليل من أعضاء هذا التنظيم الإرهابي يختبئون في منطقة “الباغوز” السورية.

داعش بعد هزيمته في العراق وسوريا

إن زيادة قوة محور المقاومة إلى جانب التجارب التي اكتسبتها الحكومتان العراقية والسورية، هما سببان مهمان يجعلان عودة تنظيم “داعش” الإرهابي إلى ما كان عليه في الماضي أمراً شبه مستحيل.
ومع ذلك، يعتقد البعض أن “داعش” سينتقل إلى أفغانستان أو حتى إلى دول جنوب شرق آسيا بعد العراق وسوريا، وفي هذا الصدد، يمكن القول بأنه على الرغم من ضعف الحكومة الأفغانية والتي تُعدّ فرصة أمام “داعش” لإحياء نفسه، إلا أن البيئة الداخلية لأفغانستان لن تستقبل “داعش”، وذلك لأن هنالك العديد من الجماعات والأحزاب لا تتوافق مع هذا التنظيم الإرهابي مثل حركة “طالبان”.

ومن ناحية أخرى، يبدو أن حكومات جنوب شرق آسيا عملت في الفترة الماضية على محاربة جميع الجماعات الإرهابية وبهذا سيواجه “داعش” مقاومة كبيرة من جانب الحكومات المركزية في تلك المنطقة ولن تتاح له الفرصة للبقاء ولهذا فإنه يمكن القول هنا بأن هذا التنظيم الإرهابي ليس لديه الفرصة أو الظروف الملائمة للعودة إلى ما كان عليه في السابق والخيار الوحيد الذي أمام أعضائه هو العودة إلى بلدانهم الأوروبية.

شاهد أيضاً

الحجاب النوراني والحجاب الظلماني

لكن أنواع ذلك الجلال هو اشراقاتي وهو لفرط العظمة والنورانية واللانهائية، يبعد عنها العاشق بعتاب ...