الرئيسية / بحوث اسلامية / محرم الحرام شهر ملاحم البطولة والتضحية والفداء

محرم الحرام شهر ملاحم البطولة والتضحية والفداء

يعد شهر محرم الحرام ، شهر ملاحم البطولة والتضحية والفداء الذي رسم تاريخا خالدا و فريدا ، جسد انتصار الدم على السيف ، بعدما شهد سفك دماء افضل خلق الله في ذلك التاريخ ، على الارض ليحفظ الدين الاسلامي المحمدي الاصيل ، ويه انتصر سيّد الشهداء في ثورته الخالدة ، وانتصرت أهدافه ومبادئه العظيمة ، وظلّ مثلاً و انموذجا أوحدا للكفاح المقدس وشبحا يطارد الظالمين و يؤرق الطغاة علي مدى العصور و الأزمان ، كما يمدّ الثوار و اباة الضيم بالعزيمة والارادة والرؤية و البصيرة الثاقبة والموقف الوضاء .

 

 

ها هو شهر محرم الحرام ، اقبل علینا من جدید لیعید ذکرى اوسع و اکبر ملحمة فی الوجود و سطرتها الدماء الزاکیات بأحرف من نور تضاهی سعة التاریخ .

 

شهر نشر بظلاله الحزین و المؤلم ، وتجددت معه المأساة فی قلوب المحبین ،

 

شهر شهد الملحمة التاریخیة التی لازالت اصداؤها تختلج فی النفوس لتشکل مدرسة للاباء و لتعبر الانسانیة بذکرها إلى هناک ، حیث الطریق الاقصر إلى الحریة والشهادة والکرامة والسعادة الابدیة . شهر نراه حاضرا کل عاما بکل مأسایه وعلى مر السنین ، لیهب للانسانیة دروسا فی التفانی و الشجاعة والتضحیة و البطولة فی هذا العالم الفانی .

 
محرم فی الثقافة الاسلامیة ، هو تاریخ خالد و لیس عابرا ولا تاریخا لحیاة عادیة بل انه تحول عمیق و ثورة صنعت التاریخ و بدایة لملحمة عاشوراء ، و التی هی من اهم الاحداث التاریخیة بل و من اهم ما حققته البشریة من انجازات رائعة فی میادین الکفاح ضد الظلم والطغیان .

 
لقد غیرت عاشوراء مجرى التاریخ ، و فتحت آفاقا مشرقة للوقوف بوجه الظلم والطغیان . ولاشک ان الامام الحسین علیه السلام ، هو حامل رایة الاسلام المحمدی الاصیل الذی اظهر بان الانسان الحقیقی لن یطأطأ هامته امام الظالم . انه قمة من قمم اهل بیت النبوة علیهم السلام السامیة ، الذی لم یتوان لحظة واحدة فی جهاده امام الیزدیین والذی ادهش العالم بمواقفه المبدئیة وتضحیاته وتفانیه .

 
حقا ان شهر محرم الحرام هو شهر الملحمة والشجاعة والشهامة ورمز لمقارعة الظلم و الاستکبار . و لقد ألهبت ملحمة عاشوراء الخالدة عواطف الاَحرار فی کل مکان ، و دفعتهم إلى النضال فی سبیل تحریر المجتمعات من نیر العبودیة والذلّ ، وإنقاذها من الحکم اللامشروع .
لقد اقبل محرم لیستمطر السماء دما و دموعا على فراق العترة الطاهرة .. وستظل البشریة تذرف دموعها دما ، حزنا على هذه المأساة الخالدة بخلود التاریخ . ورغم ان الإمام الحسین علیه السلام ثار على الظلم وحارب یزید ، الا ان ثورته الکبرى کانت ضد الجهل والتضلیل ، و من هنا ظلت ملحمة کربلاء منارا ینیر طریق الجهاد ضد المتسکبرین على مر التاریخ الاسلامی . نعم ان شهر محرم الحرام هو شهر انتصار الدم على السیف، شهر دفع الباطل الى هاویة السقوط ، وهو شهر ثأر الله و شهید کربلاء .

 
ان ثورة اولیاء الله ، خلقت عظمة بعظمة تاریخ المسلمین حیرت الانسان بشتى انتماءاته وعقائده الدینیة ، وتحولت هذه الثورة إلى اسوة فی کثیر من الحروب الکبیرة للانسانیة جمعاء ، و هی ثورة اراد رائدها العظیم علیه السلام منها تغییر الواقع المریر الذی تعیشه الامة و تقویم الانحراف الذی اصاب مسیرتها ، جراء الحکم الاموی المنحرف عن جمیع المبادىء الاسلامیة والاعراف الدینیة .

 
لقد امتزج اسم محرم دائما بشهامة و بطولة الاشخاص العظماء ، الذین لم یبخلوا فی تلک الظروف الحساسة ، طرفة عین عن الوفاء والتضحیة بارواحهم وکبروا فی ظلال الخوف من الله والوفاء لدینه وخلقوا ملحمة لا مثیل لها . عظماء امثال ابی الفضل العباس علیه السلام الذی تقلد بشجاعته وتضحیاته وسام ساقی عطاشى کربلاء ،

 

 

الذی ذهب لیجلب الماء للاطفال .. لکنه لم یعد .. وقضى شهیدا مظلوما بعد ان قدم عظیم الخدمات لامامه اخیه الحسین و للدین الاسلامی الحنیف بالاضافة إلى مواقفه البطولیة الرائعة . اما علی الاکبر علیه السلام ذلك الشاب الذی کان اشبه الناس بجده رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم ، فقد قال الإمام الحسین علیه السلام حینما استأذنه للنزال : ((اللهم أشهد على هؤلاء القوم ،

 

 

فقد برز إلیهم غلام أشبه الناس خَلقاً وخُلقاً ومنطقاً برسولک محمد صلى الله علیه وآله وسلم وکنا إذا اشتقنا إلى وجه رسولک نظرنا إلى وجهه…)) والذی قضى هو الاخر شهیدا فی سبیل اعلاء کلمة الحق . کما ان القاسم بن الامام الحسن علیه السلام نزل لساحة الحرب بکل بسالة وشجاعة وهو لایزال فتى یافعا فی الـ 14 من عمره وجاهد ببطولة لا نظیر لها حتى ارتقى هو الاخر شهیدا .

 

 

اما عبد الله الرضیع “علی الاصغر” ذلک البرعم الزکی للامام الحسین الذی کان یبلغ 6 اشهر فقط و الذی بکى من شدة العطش ، فأخذه الامام الحسین على یده وکان یقول علیه السلام : إذا کان ذنب للکبار .. ارحموا هذا الطفل”.. فرماه فجأة حرملة بن کاهل ، بسهم ، فذبحه من الورید إلى الورید .

 

 

اما الحر بن یزید الریاحی کان من ابطال کربلاء فی یوم عاشوراء بعد ان ترک معسکر الاعداء وانضم الى الإمام الحسین علیه السلام بعد ان انقلب الى جبهة الحق وقال للامام الحسین : انی تائب الى الله تعالى مما صنعت .. فهل ترى لی من ذلک توبة ؟ فقال له الحسین علیه السلام : نعم، یتوب الله علیک .. واستأذن الحر الامام الحسین بقتال اعداء الاسلام وقاتل حتى قُتل شهیدا فی سبیل الله. ولما وصل الامام الحسین علیه السلام مصرع الحر قال قوله المشهور : “بخ بخ لک یا حر، انت حر کما سمتک أمک وانت الحر فی الدنیا والاخرة” .

 

 

اما الإمام السجاد علی بن الحسین و السیدة زینب بنت امیر المؤمنین علی بن ابی طالب علیهم السلام الذین حضروا واقعة الطف ایضا ، ضربوا بعد الواقعة اروع المواقف البطولیة الشجاعة و البسالة واماطوا اللثام عن الوجه البغیض للیزیدیین وفضحوا حقیقة امرهم للمسلمین و کشفوا جانبا اخر من واقعة کربلاء بخطبهم الثوریة الخالدة .
لقد قال مفجر الثورة الاسلامیة الامام الخمینی الراحل بشان محرم الحرام : “محرم هو الشهر الذی انتفضت فیه العدالة لمواجهة الظلم ،

 

 

وقام فیه الحق لمواجهة الباطل ، فأثبت أن الحق منتصر على الباطل على مرّ التاریخ” . وقال ایضا فی کلمة اخرى : “محرم هو الشهر الذی أوحی فیه سید المجاهدین والمظلومین الإسلام ، و أنقذه من مؤامرة عناصر بنی أمیّة الفاسدین ، الذین کانوا قد ساروا بالإسلام إلى حافة الهاویة” .

 
و فی السیاق ذاته قال قائد الثورة الاسلامیة آیة الله العظمى سماحة الامام السید علی الخامنئی حول شهر محرم الحرام : “ینبغی أن أقول إن سر هذا الاهتمام بأبی عبد الله علیه السلام ، هو ان عاشوراء هی روح نهضتنا و اتجاهها العام وضمانة انتصارها . وربما یبدو هذا ثقیلاً نوعاً ما بنظر البعض .. لکن هذه هی الحقیقة” . ان هذا الشهر لیس له شیء سوى الحسین و کربلاء ،

 

 

و هو شهر الدموع و الدم وشهر التضحیة لعشاق طریق الحق ، و ان العیون لتنهمر بدل الدموع دما فی ذکرى فراق الکوکب الثالث من انوار اهل بیت الوحی والرسالة علیه السلام، وهو ذکرى انتصار ثورة کربلاء ، التی ستظل رایتها خفاقة على مر التاریخ والى الابد .

شاهد أيضاً

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر العربيّ

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر ...