بسم الله الرحمن الرحيم معرفة الحلال والحرام : قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ (151) الأنعام إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ (173)البقرة
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ … (3)المائدة
قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ……(33)……. وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ….(157) الأعراف.
التحذير من أكل الحرام:
نهى الشرع المطهر أتباعه عن أكل الحرام، سواء كان هذا المأكول أموالاً وحقوقًا للناس، وفي ذلك يقول الله عز وجل: (وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة:188]… أو طعامًا حرم الله تناوله كلحم الخنزير، والدم، والميتة، والخمر ، ولهذا كان من الضروري للمسلم تحري حالات الطعام والشراب من حيث الحلال والحرام .
يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ (4) المائدة .
يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51) المؤمنون
يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) البقرة
والحلال : ما أباحه الله ورسوله.
والحرام : ما حرّمه الله ورسوله.
والمشبوه : الملتبس الذي لا يعرف حكمه هل هو حلال أم حرام …ويشبه الحق.
وفي المصطلح السائد ,الطعام الحلال (halal food) (eat halal ): الطعام أو المواد الغذائية التي أباح دين الإسلام تناولها للمسلمين.
تأثيره على القلب !
ومما لا شك فيه أن هناك علاقة بين صلاح القلب وفساده، وبين طعام العبد وكسبه، فإن الأكل والكسب إذا كان حراما بتجروء العبد على أكل الحرام، فإن القلب يفسد …
أكل الحرام في الأحاديث :
عن رسول الله صلى الله عليه وآله : ” تركُ دانقٍ ( وهو من الأوزان القليلة ) حرامٍ، أحبُّ إلى الله تعالى من مائة حجّةٍ من مالٍ حلال”.
وكذلك ورد عنه قوله: “إذا وقعت اللّقمة من حرامٍ في جوف العبد، لعنه كلّ ملكٍ في السّماوات والأرض”.
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله : كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به.
وفي حديث أن ملكا على بيت المقدس ينادي كل يوم وكل ليلة من أكل حراما لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلا الصرف النافلة والعدل الفريضة.
ويقول صلى الله عليه وآله : « لا يقدر رجل على حرام ثم يدعه ليس به إلاّ مخافة الله إلاّ أبدله الله في عاجل الدنيا قبل الآخرة »
وعن الإمام الصّادق(ع)، في قوله عزّ وجلّ: وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23)الفرقان : “أما والله، إن كانت أعمالهم أشدّ بياضاً من القباطيّ ( وهي ثيابٌ من الكتّان بيضاء رقيقة ) ولكن كانوا إذا عرض لهم الحرام لم يدعوه”.
وما نهى الله سبحانه عن شيء إلا وأغنى عنه.
أثره على الصلاة:
عن رسول الله صلى الله عليه وآله : من أكل لقمة حرام لم يقبل له صلاة أربعين ليلة .
عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال من اشترى ثوبا بعشرة دراهم وفي ثمنه درهم من حرام لم يقبل الله له صلاة ما دام عليه.
وورد : لا يقبل الله صلاة امرئ وفي جوفه حرام حتى يتوب.
والحج والعبادات المختلفة والمستحبات والجنة:
ومن آثار أكل الحرام أن العبد لا تقبل منه الطاعة قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا خرج الحاج حاجا بنفقة خبيثة (أي حرام) ووضع رجله في الغرز ونادى: لبيك اللهم لبيك، ناداه مناد من السماء: لا لبيك ولا سعديك زادك حرام وراحلتك حرام وحجك مأزور غير مبرور.
ويجد عاقبة الحرام في الدنيا قبل الآخرة وسيعذب به في الحياة قبل الموت يقول الله :فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا /التوبة 55
عن الإمام الباقر عليه السلام : من أصاب مالا من أربع لم يقبل منه في أربع : من أصاب مالا من غلول (الخيانة في الغنائم) أو ربا أو خيانة أو سرقة ، لم يقبل منه في زكاة ولا في صدقة ولا في حج ولا في عمرة .
وعنه صلى الله عليه وآله: من اكتسب مالا حراما لم يقبل الله منه صدقة ولا عتقا ولا حجا ولا اعتمارا ، وكتب الله جل وعز بعدد أجر ذلك أوزارا ، وما بقي منه بعد موته كان زاده إلى النار ، ومن قدر عليها فتركها مخافة الله عز وجل دخل في محبة الله عز وجل ورحمته ، ويؤمر به إلى الجنة .
ويقول صلى الله عليه وآله : إنّ الله حرم الجنة جسدًا غُذي بحرام.
وعنه صلى الله عليه وآله : العبادة مع أكل الحرام كالبناء على الرمل.
أكل الحرام والدعاء :
إن لطيب المطعم أو خبثه أثرًا مباشرًا في قبول الدعاء، فإن كان العبد يتحرى أكل الحلال الطيب فإن دعاءه أقرب إلى الإجابة والقبول ، أما إن تجرأ على أكل الحرام فإن دعاءه أبعد إلى الإجابة والقبول.
وعن أنس رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله أدع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة فقال يا أنس أطب كسبك تجب دعوتك فإن الرجل ليرفع اللقمة من الحرام إلى فيه , فلا يستجاب له دعوة أربعين يوما.
وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وآله: “إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا) [المؤمنون: 51]
وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) [البقرة 127]. ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنَّى يستجاب لذلك؟”
وجاء عن النبي أنه قال من حج بمال حرام فقال لبيك قال ملك لا لبيك ولا سعديك حجك مردود عليك.
ومن آثار أكل الحرام أنه سبب لضعف الدين، وعمي البصيرة ، ومحق البركة من الأرزاق، وسبب لحلول المصائب والنكبات وإنتشار الشحناء والعداء والبغضاء بين الناس .
آخر الزمان :
أصبحنا في زمن لا يتحاش الناس عن اكتساب المال الحرام وتحصيله من أي طريق وعبر أي وسيلة.
عن رسول الله صلى الله عليه وآله : يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ منه أمن الحلال أم من الحرام .
قرين داود ولقمة الحلال وراحة البال :
عن علي بن الحكم عمن رفعه إلى أبي عبد الله (ع) قال إن داود النبي قال:
” يا رب أخبرني بقريني في الجنة ونظيري في منازلي فأوحى الله تبارك وتعالى إليه أن ذلك متى أبا يونس قال فاستأذن اللهَ في زيارته فأذن له فخرج هو وسليمان ابنه (ع) حتى أتيا موضعه فإذا هما ببيت من سعف فقيل لهما هو في السوق فسألا عنه فقيل لهما اطلباه في الحطابين فسألا عنه فقال لهما جماعةٌ من الناس ننتظره الآن حتى يجيء، فجلسا ينتظرانه إذ أقبل وعلى رأسه وقر من حطب فقام إليه الناس فألقى عنه الحطب فحمد الله وقال من يشتري طيـِّبا بطيب، فساومه واحد وزاده آخر حتى باعه من بعضهم، قال فسلما عليه فقال انطلقا بنا إلى المنزل واشترى طعاما بما كان معه ثم طحنه وعجنه في نقير له ثم أجج نارا وأوقدها ثم جعل العجين في تلك النار وجلس معهما يتحدث ثم قال وقد نضجت خبيزتُه فوضعها في النقير فلفها وذر عليها ملحا ووضع إلى جنبه مطهرةً مليئة ماء وجلس على ركبتيه فأخذ لقمة، فلما رفعها إلى فيه، قال بسم الله فلما ازدردها قال الحمد لله ثم فعل ذلك بأخرى وأخرى ثم أخذ الماء فشرب منه فذكر اسم الله فلما وضعه قال الحمد لله يا رب من ذا الذي أنعمتَ عليه وأوليتَه مثل ما أوليتـني قد صححتَ بصري وسمعي وبدني وقويتـني حتى ذهبتُ إلى شجر لم أغرسه ولم أهتمَّ لحفظه جعلتَه لي رزقا وسقتَ لي من اشتراه مني فاشتريتُ بثمنه طعاما لم أزرعه وسخرتَ لي النار فأنضجَتْه وجعلتني آكلُه بشهوة أقوى بها على طاعتك فلك الحمد قال ثم بكى فقال داود لسليمان يا بني قم فانصرف بنا فإني لم أر عبدا قط أشكرُ لله من هذا، صلى الله عليه وعليهما .