الرئيسية / القرآن الكريم / البسملـة – روح الله الموسوي الخميني قدس سره

البسملـة – روح الله الموسوي الخميني قدس سره

23
فبعدما خضع لربوبية
الحق تعالى وعبر هذه المنازل خاطب موسى ربّه قائلا: {أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ} طلب منه الرؤية، ومعلوم أن طلب منه الرؤية ومعلوم أن طلب الرؤية بالعين لا يمكن أن يصدر من نبي عظيم، بل المطلوبة هي الرؤية المتناسبة مع المرئي والرائي وهذه الرؤية لا نصلها نحن فموسى يطلبها بعد أن وصل إلى مرتبة “كليم الله” فيتكلم مع ربه قائلا {رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ} فيأتيه الجواب: {لَنْ تَرَانِي} يعني – على نحو الاحتمال – لا يمكن أن تكون هناك “رؤية” ما دمت موسى، مادمت “أنت” لكنه لم يجعله يرجع آيسا بل حوله إلى ” {انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ}، ما هو هذا الجبل الذي يقع عليه تجلي الحق في حين لا يقع لموسى؟! انه جبل طور؟! وهذا التجلي هل بإمكان أهل ذلك العصر أن يروه لو كانوا في جبل طور؟! كانت تلك هي الشمس { فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} أما {وَلَكِنْ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ} (الأعراف/143). ففيها موعد للقاء لن تراني: _ {وَلَكِنْ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنْ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي} (الأعراف/143). قد يكون معنى “استقر” هنا هو أن هذا الجبل أصبح “دكا” فيحتمل أن يكون معنى الجبل هو “أنانية” موسى التي كانت هناك بقايا منها لدى موسى إلى مقام “الموت” {وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا}.

كل ذلك هو بالنسبة لنا قصة فالذي أولئك بقدم الشهود هو قصة بالنسبة لنا فنحن نعيش في هذه الظلمات فلقد حدثونا عن ذاك الجبل وجبل الطور.

معنى التجلي لموسى (ع)

ذاك التجلي – يبدو في نظرنا – بأنه كان نوراً رآه موسى من جبل الطور والآخرون كانوا يرونه أيضاً فهل كان نوراً حسيّاً لكي يراه الجميع؟! كان جبرائيل الأمين يقرأ القرآن لرسول الله فهل كان الذين كانوا عنده كانوا يسمعون؟! بالنسبة لنا الأمر شجي أصله غير موجود ونحن غافلون عنه ونسمع من بعيد بالأمر.

حال الأنبياء كحال ذاك الإنسان الذي رأى رؤيا وشاهد لكن وفي لسانه عقدة عن البيان ومن حوله طرشان جميعاً، فهم لا يقدرون على البيان ونحن عاجزون عن الاستماع وقالوا ولكن ليس لنا!! فنحن نفهم القضايا التي يمكن لإدراكنا فهمها في القرآن تبيان كل شيء فيه أحكام شرعية، وله ظاهر، وفيه قصص لا نستطيع أن نفهم لبابها ما نفهمه هو ظواهرها والظواهر هي للجميع، لكن هناك شيئا آخر ينتفع منه الجميع أما الانتفاع الذي يجب أن يتحقق فهو إنتفاع “إنما يعرف القرآن من خوطب به ” (لتوضيح هذا المطلب ومعنى الحقيقة القرآنية وكيفية تنزلها تراجع إضافات العارف الكامل المولى الشيخ الشاه آبادي – أستاذ الإمام الخميني في العرفان – وقد أورد تحقيقات عرفانية دقيقة حول هذا الموضوع في كتابه “رشحات البخار” ص 12-34 طبعة طهران المذيلة بالترجمة الفارسية للمتن العربي) واستناداً لهذا النص، فهذا الانتفاع مختص برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والآخرون محرومون منه إلا بتعليمه والأولياء أيضا بتعليمه ولكن رغم هذه المنزلة فأنــه {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ، عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ}(الشعراء193-194). فهو – القرآن – قد نزل وتنزل أيضا بيد الروح

الأمين لكن رسول الله في مقام التنزل وذاك النزول كان بحيث يتلقى منه مباشرة {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}(القدر1). ففي ليلة القدر نزل جميعاً، يعني أنه تجلي بنفس ذاك التجلي في ليلة القدر، ولكن في مقام التنزل فالأعلى الروح الأمين.

يعني أن ما كان يرد على قلبه يجب أن يتنزل مراتب من هذا البطن إلى ذاك ومن هذا الحد إلى ذاك حتى يصل إلى الحد الذي يظهر على صورة ألفاظ.

شاهد أيضاً

قصيدة تلقى قبل أذان الصبح في حضرة الإمام الحسين عليه السلام في شهر رمضان المبارك

  أشرب الماءَ وعجّل قبل َأن يأتي الصباح  أشربَ الماءَ هنيئا أنهُ ماءٌ مباح أشربَ ...