الرئيسية / من / طرائف الحكم / وَزِدْنَاهُمْ هُدًى – الاختيار وعلاقته بقدرة الله المطلقة

وَزِدْنَاهُمْ هُدًى – الاختيار وعلاقته بقدرة الله المطلقة

الاختيار وعلاقته بقدرة الله المطلقة
ينبغي الالتفات إلى أنّنا حينما كنّا نقول بأنّنا نعتقد بكون الإنسان مختاراً لم يكن القصد عزله عن خالقه كلياً، وتفويض الأمر إليه من دون أن يكون لله دخل في خلقه، بل المقصود من قولنا بأنّا نؤمن بالاختيار: أَنَّ الله منحهم الاختيار، وهو المالك لما

ملّكهم والقادر على ما أقدرهم عليه، من دون أن يكون قد أجبرهم. فأفعالنا من جهة هي أفعالنا الحقيقية ونحن أسبابها الطبيعية، وهي تحت قدرتنا واختيارنا، ومن جهة أخرى هي مقدورة لله جل وعلا, لأنّه معطي الوجود، فنحن لم نجبر على أفعالنا حتى يكون قد ظلمنا في عقابنا على المعاصي, إذ لنا القدرة والاختيار فيما نفعل، ولم يفوّض خلق أفعالنا حتى تكون قد خرجت عن سلطانه بالكلية. وقد ورد هذا عن أئمّة الهدى عليهم السلام، وأكتفي بذكر نموذجين من ذلك:
أحدهما: الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ فَقُلْتُ: الله فَوَّضَ الْأَمْرَ إِلَى الْعِبَادِ؟ قَالَ: “اللهُ أَعَزُّ مِنْ ذَلِكَ” قُلْتُ: فَجَبَرَهُمْ عَلَى الْمَعَاصِي؟ قَالَ: “اللهُ أَعْدَلُ وَأَحْكَمُ مِنْ ذَلِكَ”، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: “قَالَ الله: يَا ابْنَ آدَمَ، أَنَا أَوْلَى بِحَسَنَاتِكَ مِنْكَ، وَأَنْتَ أَوْلَى بِسَيِّئَاتِكَ مِنِّي، عَمِلْتَ الْمَعَاصِيَ بِقُوَّتِيَ الَّتِي جَعَلْتُهَا فِيكَ” .

ثانيهما: ما روي عن الإمام الرضا عليه السلام: “أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَهُ الْجَبْرُ وَالتَّفْوِيضُ, فَقَالَ إِنَّ الله لَمْ يُطَعْ بِإِكْرَاهٍ وَلَمْ يُعْصَ بِغَلَبَةٍ وَلَمْ يُهْمِلِ الْعِبَادَ فِي مُلْكِهِ، هُوَ الْمَالِكُ لِمَا مَلَّكَهُمْ، وَالْقَادِرُ عَلَى مَا أَقْدَرَهُمْ عَلَيْهِ، فَإِنِ ائْتَمَرَ الْعِبَادُ بِطَاعَةٍ لَمْ يَكُنِ الله عَنْهَا صَادّاً وَلَا مِنْهَا مَانِعاً، وَإِنِ ائْتَمَرُوا بِمَعْصِيَةٍ فَشَاءَ أَنْ يَحُولَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ذَلِكَ فَعَلَ، وَإِنْ لَمْ يَحُلْ وَفَعَلُوهُ فَلَيْسَ هُوَ الَّذِي أَدْخَلَهُمْ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ عليه السلام: مَنْ يَضْبِطْ حُدُودَ هَذَا الْكَلَامِ فَقَدْ خَصَمَ مَنْ خَالَفَهُ” .

شاهد أيضاً

وَزِدْنَاهُمْ هُدًى – الرفق في القرآن الكريم

نصُّ الموعظة القرآنية: خاطب الله سبحانه نبيّه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم قائلاً: ﴿فَبِمَا ...