الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / بداية الطريق 02

بداية الطريق 02

 إستنتاج

– وضوح الهدف يُسهِّل على الإنسان بلوغه والوصول إليه.

– الّذي لا هدف له كالتائه في صحراء فسيحة.

– الأنبياء عليهم السلام يشكِّلون النموذج الأكمل لمن هم على بصيرة ومعرفة بالهدف الّذي يريدون الوصول إليه.

 

كيف يُحدِّد الإنسان هدفه في الحياة؟

عن أيِّ نحو من الأهداف نتحدَّث في هذا الدرس؟ فالإنسان قد يقع في طريق حياته العديد من الأهداف، منها ما يتعلّق بمعاشه في هذه الدنيا، ومنها ما يتعلّق بعلاقاته الاجتماعيّة، وغير ذلك أيضاً. إنّ الهدف الّذي نرمي إليه ونودُّ التحدُّث عنه هو الهدف المتعلِّق بمجمل مصير الإنسان النهائيّ والأبديّ.

فأيُّ حديث عن هدف غير هذا الهدف هو حديث عن هدف ثانوي. ولذلك من المهمِّ أن نعلم أنّ الأهداف في حياة الإنسان لها تراتبيّات من حيث الأهميّة، وفي النهاية كلُّها تقع تحت ذاك الهدف الّذي يتوقّف عليه مصير وسعادة الإنسان الحقيقيّة والأبديّة.

 

وهناك سؤال حسّاس يواجهنا بعد هذه المقدّمة التوضيحيّة: 

إذا كان الهدف الّذي نبحث عنه هو هدف يتعلّق بمجمل مصير الإنسان وسعادته الحقيقيّة، فمن هو المخوَّل تحديد هذا الهدف؟ هل يُمكن للإنسان أنْ يُشخِّص ويُحدِّد هذا الهدف؟ إنّ نظرة سريعة على نتاجات العقول البشريّة تُبرز لنا تضارباً واختلافاً في تحديد هدف الإنسان النهائيّ خلال حياته القصيرة في هذه الدنيا. وبالتالي لا يُمكن أنْ نركن إلى هذه النظريّات الّتي تبيّن أنها حقّها أنّها قاصرة ومحدودة الرؤية.

 

ما هو الحلُّ إذاً؟ هل يوجد من هو قادر على إرواء عطشنا لهذه الحقيقة؟ نعم يوجد.. إنّ خالق الإنسان هو الّذي يملك الجواب الشافي والصحيح على هذا السؤال. 

 

إنّ الله عزَّ وجلَّ الّذي يملك العلم المطلق، والحكمة والعدل هو الّذي يعرف ما يصلح للإنسان وما ينفعه، وهو المخوّل لوضع الهدف اللائق والصحيح الّذي يُمكن للإنسان الوصول إليه. والله عزَّ وجلَّ لا تحكمه الغرائز والأهواء، ولا تحكمه العصبيّة العمياء كما هو عند بني البشر، والّذي يتّصف بهذه الصفات هو الّذي يجب أنْ نتوجّه إليه لنستقي منه الهدف النهائيّ لوجودنا في هذا الكون.

12

 إستنتاج

– الهدف الّذي نتحدّث عنه له علاقة بمجمل مصير الإنسان النهائيّ، والّذي تتوقّف عليه سعادته الأبديّة.

– الإنسان ليس مخوّلاً تحديد هذا الهدف لمحدوديّة رؤيته، خاصّة في هذا الأمر المصيريّ والحسّاس.

– الله عزَّ وجلَّ الّذي يتّصف بالعلم والحكمة هو المخوّل تحديد الهدف الّذي يصلح للإنسان.

 

ما هو الهدف من وجود الإنسان؟

لقد بعث الله عزَّ وجلَّ إلينا أنبياءه ورسله ليبيّنوا لنا الكثير من الحقائق والمعارف. وهؤلاء الكمّل هم وسيلتنا لنعرف الغاية الّتي خلقنا الله من أجلها. إنّ الرسول الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم قد نقل لنا كلمات الله عزَّ وجلَّ في هذا الخصوص، ثمّ فسّر لنا مراد الكلام الإلهي. يقول تعالى:

﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ * وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إلّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ﴾2. 

 

إنّ الله عزَّ وجلَّ يأمر نبيّه الكريم بأنْ يُذكّرنا بهذه الحقيقة الّتي أودعها في فطرتنا وجبل أرواحنا عليها، وهي أنّ الغاية من خلقتنا أنْ نعبد الله عزَّ وجلَّ. فالله عزَّ وجلَّ لا يُريد منّا رزقاً وما شاكل ذلك، وكيف يطلب رزقاً وهو الغنيُّ الّذي لا يفتقر. إنّ الغاية الّتي خلقنا الله عزَّ وجلَّ من أجلها ترجع بفائدتها إلينا، لأنّ الله عزَّ وجلَّ غنيٌّ أيضاً عن عبادتنا. وفي كلام الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم والعترة الطاهرة عليهم السلام ما يُبيّن أنّ موقع العبادة هو في الجانب المسلكيّ والعمليّ الّذي يؤمّن وصول الإنسان إلى الكمال والسعادة الّلذين أعدّهما الله عزَّ وجلَّ لأهل طاعته. فالعبادة غاية لأنّها توصل إلى هذا الهدف.

 

فتحصّل لنا أنّ الغاية النهائيّة الّتي يتوقّف عليها مصير الإنسان هو الوصول إلى الكمال الّذي أعدّه الله عزَّ وجلَّ لأهل طاعته، وفي الوصول إلى هذا النحو من الكمال سعادة الإنسان الحقيقيّة الّتي لا تُقاس بها أيّ سعادة في عالم الدنيا.

________________________________________

2- سورة الذاريات، الآيات: 55 – 57.

13 

 

 إستنتاج

– الله عزَّ وجلَّ أرسل لنا الأنبياء والرسل عليهم السلام ليُعرِّفونا على الهدف من وجودنا في هذه الحياة.

– الهدف الّذي خُلقنا لأجله هو الوصول إلى السعادة الحقيقيّة المتمثِّلة بالكمال الّذي يمنحه الله عزَّ وجلَّ لعبيده الّذين يُطيعونه ويعبدونه ولا يُشركون به شيئاً.

 

 

للمطالعة

قال بعضهم: انقطعتُ في البادية عن القافلة فوجدت امرأة فقلت لها: من أنت؟ فقالت: و

﴿قُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ فسلّمت عليها فقلت ما تصنعين ههنا؟ قالت

 ﴿مَن يَهْدِ اللهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ، فقلت: أمن الجنّ أنت أم من الإنس؟ قالت:

﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ﴾، فقلت: من أين أقبلت؟ قالت: 

﴿يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ﴾، فقلت: أين تقصدين؟ قالت:

﴿وَلِلهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ فقلت متى انقطعت؟ قالت: 

﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ فقلت: أتشتهين طعاماً؟ فقالت: 

﴿وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَّا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ فأطعمتها، ثمّ قلت: هرولي وتعجّلي، قالت: 

﴿لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إلّا وُسْعَهَا﴾، فقلت: أردفك، فقالت:

 ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلّا اللهُ لَفَسَدَتَا، فنزلتُ فأركبتها، فقالت:﴿سُبْحانَ الّذي سَخَّرَ لَنَا هَذَا، فلمّا أدركنا القافلة قُلتُ لها: ألك أحدٌ فيها؟ قالت:

 ﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ﴾، ﴿وَمَا محمّد إلّا رَسُولٌ﴾، ﴿يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ﴾ ﴿يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللهُ، فصحت بهذه الأسماء فإذا بأربعة شباب متوجّهين نحوها، فقُلت: من هؤلاء منك؟ قالت:

 ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾، فلمّا أتوها قالت:

 ﴿يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ، فكافوني بأشياء فقالت:

 ﴿وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء﴾، فزادوا عليّ، فسألتهم عنها فقالوا: هذه أمُّنا فضة جارية الزهراء عليها السلام ما تكلَّمت منذ عشرين سنة إلّا بالقرآن3.

________________________________________

3- مناقب آل أبي طالب، ابن شهر آشوب، ج 3 ، ص 121 – 122.

14

https://t.me/wilayahinfo
https://chat.whatsapp.com/CaA0Mqm7HSuFs24NRCgSQ0

ملاحظة: النشر سيكون 02 – 12- 22 من كل شهر.

شاهد أيضاً

الادب العربي – الأمثال العربية: محمد رضا المظفر

المقدمة من سنن الاسلام مراعاة النفس الانسانية،فهناك نفس مؤمنة قوية مطمئنة،ونفس كافرة قلقة هشة.نفسيات متباينة ...