الرئيسية / الاسلام والحياة / المرأة والأسرة في فكر الإمام الخامنئي

المرأة والأسرة في فكر الإمام الخامنئي

دور المرأة في الحياة الزوجية

إنّ الجنس هو أمر ثانويّ، هو أمر عارض يتجلّى عملياً في الحياة. في السير الأساس للبشر ليس له أيّ تأثير ولا معنى. حتّى

 

إنّ أعمالهم تختلف فيما بينها، “جهاد المرأة حسن التبعلّ[1] لكنّه جهاد، أي إنّ ثواب ذلك الشابّ المجاهد الذي وضع دمه على كفّه وذهب إلى ميدان الحرب يُعطى لهذه المرأة، لأنّ هذا العمل لا يقلّ تعباً عن الجهاد. بالتأكيد إنّ التبعّلَ أمرٌ صعبٌ جداً،… فأنْ تستطيع امرأة مع هذه الظروف المحيطة أن تحافظ على محيط المنزل دافئاً وهانئاً، وحنوناً وفيه سكينة وهدوء، ذلك فنّ كبير- هذا حقاً جهاد – هذا فرع من ذلك الجهاد الأكبر الذي تكلّموا عنه، الجهاد مع النفس.

 

بالنسبة لموضوع العائلة، يوجد كلام كثير، مسألة الزواج، مسألة الأمومة، كلّها مسائل ينبغي التفصيل فيها. لدى المرأة في الأسرة دورها كزوجة، هذا دور استثنائيّ، حتّى لو لم يكن هناك دور أمومة. افرضوا أنّ هناك امرأة، إمّا أنّها لم ترغب في الإنجاب، أو أنّها ولأيّ سبب آخر لم تنجب، ولكنّها زوجة، لا ينبغي الاستخفاف بدورها كزوجة. إذا أردنا أن يكون الرجل شخصاً مفيداً في المجتمع، ينبغي لهذه المرأة أن تكون امرأة جيّدة في المنزل، وإلّا فلن يحصل هذا. نحن اختبرنا (هذا الأمر) في زمن المقاومة وما بعدها في زمن انتصار الثورة. الرجال الذين كانت ترافقهم زوجاتهم في حركتهم استطاعوا أن يصمدوا في نضالهم، وكذلك استطاعوا أن يتابعوا استقامتهم على الطريق الصحيح. وبالطبع، كانت هناك حالات معاكسة. أحياناً عندما

 

كنتُ أقوم بعقد قران لأولئك الشابّات والشباب الذين كانوا يأتون – فيما مضى كنتُ أقوم بهذا ولكن حالياً لا أحظى بهذا التوفيق – كنتُ أقول لهم: إنّ الكثير من السيّدات يجعلن أزواجهنّ من أهل الجنّة، والكثير من السيّدات أيضاً يجعلن أزواجهنّ من أهل النار، هذا رهنٌ بهنّ. وبالتأكيد فإنّ للرجال هذا الدور أيضاً. في مجال الأسرة لا ينبغي تجاهل دور الرجال كذلك. بناءً على هذا، إنّ دور الزوجية هو دور بالغ الأهمّية[2].

المرأة والحياة الأسرية

 

الأسرة وموقعيّة المرأة فيها

إنّ نظرة الإسلام لما يختصّ بالأسرة وموقعية المرأة فيها هي رؤية واضحة جداً. “المرأة سيّدة بيتها”[3]، وهذا مرويّ عن النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم. إنّ موقعية المرأة في الأسرة هي ما ورد في العديد من الروايات عن الأئمّة عليهم السلام: “المرأة ريحانة وليست بقهرمانة[4]، وفي تعبير اللغة العربية القهرمان هو العامل، الخادم المحترم، يقولون: إنّ المرأة داخل البيت ليست قهرمانة بل هي ريحانة، هي وردة البيت. والخطاب للرجال: خيركم من يكون صاحب أفضل سلوك مع زوجته[5].

 

هذه هي رؤى الإسلام، ويوجد من هذا القبيل إلى ما شاء الله. لكن في الوقت نفسه إنّ تحقّق ما يريده الإسلام على صعيد الأسرة هو أمرٌ لا يتحقّق بمثل هذه الكلمات ولا يُحلّ، فهو يحتاج إلى دعامة قانونية وتنفيذية وضمانات إجرائية، وهذا العمل يجب أن يتحقّق. وهذا العمل لم يُنجز طيلة السنوات الماضية المديدة. فالأُسر التي كانت

 

متديّنة والرجال الذين تمتّعوا بأخلاقٍ جيّدة، والتزامات شرعية، قدّموا اعتراضات، لكن في الموارد التي لم تكن فيها هذه الخصوصيات، لم تُسجّل هذه الاعتراضات وتعرّضت المرأة داخل الأسرة للظلم.

 

بالطبع، هذا لا يعني أن نظنّ أنّ الغربيّين متقدّمون علينا في هذا المجال، أبداً. لدى هذا العبد إحصاءات كثيرة، وهذه السيّدة المحترمة أيضاً ذكرت إحصاءات[6]، وباليقين إنّ الوضع الداخليّ للأسرة الغربية من ناحية مظلومية المرأة وعدم رعاية حقوقها هو أسوأ من وضع الأسر الإسلامية والإيرانية والشرقية، وما لم تكن أسوأ، فهي ليست أفضل، وفي بعض الموارد هي أسوأ. نحن إذاً لا ننظر إليهم وهم ليسوا قدوتنا. نحن لدينا نقائص عديدة على مستوى الأسرة وهذا ما يحتاج إلى دعامات وضمانات قانونية وإجرائية يجب أن تتحقّق. فهذه القضيّة من جملة الميادين التي قليلاً ما تمّ العمل عليها داخل البلد حيث يجب ذلك.

 

أمّا من ناحية الرؤية الإسلامية والمتون الإسلامية فلا يوجد أيّ نقصٍ في هذا البعد من القضيّة. نحن نرى بعض الأشخاص الذين ينتقدون الأفكار الإسلامية، حيث يُشكِلُون على الإرث والديَة وأمثالهما، في حين أنّ هذه الإشكالات غير واردة، وتوجد عليها أجوبة منطقية وقويّة. أمّا في مجال السلوكيات داخل الأسرة فللأسف قد بقي مغفولاً عنها في الأغلب. في حين أنّه بنظر الإسلام توجد رؤية شديدة الوضوح.

 

يجب أن تكون بيئة الأسرة بالنسبة للمرأة بيئة آمنة عزيزة هادئة لكي تتمكّن من تأدية مسؤوليتها الأساس التي هي الحفاظ على الأسرة على أفضل وجه[7].

 

فرغم أنّ الأسرة تتشكّل من الرجل والمرأة، وكلاهما مؤثّر في تشكيل الأسرة، ولكن استقرار أجواء الأسرة هو ببركة المرأة وطبيعة النساء[8].

[1] الشيخ الكليني، الكافي، ج5، ص507، باب حق الزوج على المرأة، ح4.

[2] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله في لقاء المشاركين في الملتقى الثالث للأفكار الاستراتيجيّة في موضوع المرأة والأسرة، بمناسبة إقامة الملتقى الثالث للأفكار الاستراتيجيّة، في طهران، بحضور جمعٌ من العلماء والمفكّرين والمسؤولين والنخب، بتاريخ14/01/2012م.

[3] السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر، الجامع الصغير، بيروت ـ لبنان، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 1401هـ ـ 1981م، ط1، ج2، ص288.

[4] الشيخ الكليني، الكافي،ج5، ص510، باب إكرام الزوجة، ح3.

[5] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة ولادة بضعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة الزهراء عليها السلام، في طهران، بحضور جمع من السيدات، بتاريخ 22/05/2011م.

[6] إحدى السيدات التي عرضت في مستهل اللقاء تقريراً عن واقع المرأة في الغرب.

[7] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة ولادة بضعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة الزهراء عليها السلام، في طهران، بحضور جمع من السيدات، بتاريخ 22/05/2011م.

[8] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة مولد الصديقة الزهراء عليها السلام، في طهران، بحضور جموع من أعضاء المراكز والجامعات الثقافية والسياسة وأسر الشهداء، بتاريخ 21/06/1413هـ.ق.

شاهد أيضاً

    إقرأ المزيد .. الإمام الخامنئي: الشعوب المسلمة تتوقع من حكوماتها قطع العلاقات مع ...