الرئيسية / الاسلام والحياة / الطريق إلى الله تعالى للشيخ البحراني20

الطريق إلى الله تعالى للشيخ البحراني20

20

وإن كان إحسانهم الذي وقع مكأفاة مجرد تعارف ، ويتوقعون منك أن تردهّا عليهم ، فاقبلها منهم ثم ردّها عليهم من باب الهدية الجديدة كما هو وفق إرادتهم.

وإن كان مرادهم أن تقبلها منهم وتكافيهم عنها بعوض آخر أزيد منها فاقبلها منهم وكافئهم بالأزيد ، وهو الإحسان إليهم ، ولا تظهر لهم أنك فهمت أنهم أتوا بها لأجل العوض ، بل أجْرِ الأمر على ظاهره ، فهو إحسان منك إليهم.

والحاصل يا أخي !.. أنّ الله يأمر بالعدل والإحسان وكما تدين تدان.
واعلم أن عمدة الإحسان إلى الناس ليس ببذل المال ، فإنا رأينا كثيرا من الناس يبذلون المال ولا يكون ذلك إحسانا ، بل يستتبع إساءة ، وتكدير خاطر ، ويكون من قبيل صدقة يتبعها أذى بحسب الخارج ، وإن كان أصل قصدهم الإحسان ، لأنهم لا يعرفون وجهه ، وكلّ ذلك من إهمال قواعد أهل البيت (ع) ، وعدم الالتفات إلى طريقتهم.

فإذا أردت أن تقضي حاجة لأخيك المؤمن على وفق طريقة أهل البيت (ع) ، فاعلم أنهم قالوا : إن قضاء الحاجة تتم بأمور : تصغيرها لتكبُر ، وتعجيلها لتهنأ ، وكتمانها لتظهر. [ تحف العقول : 403قريب منه ] ..
وما لم تجتمع هذه الأمور لا تكون الحاجة تامة ، بــل تكون ناقصة مكدّرة ، بل ربما كانت أذية على صاحب الحاجة.

وعادة الخلق أنهم إذا قضوا حاجة يُخلّون بهذه الأمور كلها ، فلا يتم في أعمالهم قضاء حاجة على وجهها ، وهذا هو العظيم حيث أنهم يتجرّعون مرارة إنفاق المال ، ولا يترتب عليه الثمرة المطلوبة الذي هو إدخال السرور في قلب المؤمن.

وتراهم إذا قضوا حاجة يوعدونه بها أولاً ، ثم يماطلونه ، فيبقى يتجرّع مرارة الانتظار الذي هو أشدّ من القتل ، ثم يتجرّع مرارة اليأس من الحاجة مراراً معددة ، ثم بعد حين تقضى الحاجة وقد تحمّل مرارة المطالبة ، ومرارة الخجل ، مع مرارة الانتظار ، ومرارة اليأس ، ومرارة الفشل من الناس الذين وعدهم ، معتمداً على وعدهم الذي وعدوه فأخلفوه ، فأي لذة تبقى بعد هذا ، بل كان إثمها أكبر من نفعها.
وكذا عادتهم في الحاجة أنهم لا يصغرونها ، ويقولون : هذا أمر جزئي بالنظر إلى قدر المؤمن الذي في بعض الروايات : أنّ حرمته أعظم من حرمة الكعبة . [ البحار : 64/71] .. بل يظهرون أنا قد فعلنا معك إحساناً عظيماً ، بحيث يتوقعون أن يترك العبودية لله عزّ وجلّ ويصير عبداً لهم !..

وكذلك لا يخفونها على الناس حتى تقرب من الإخلاص وتبعد عن الرياء ، وتكون من قبيل العمل الخالص الذي في الحديث: عليك إخفاؤه وعليّ إظهاره.
بل يظهرونها لجميع الخلق ، ويذلونه في جميع العالم ، فهذه عادة الخلق المنحوسة، والعيان فيها يغني عن البيان.

فعلم مما ذكرناه أن الإحسان ليس عمدته بذل المال ، بل عمدته ملاحظة الأمور التي ذكرناها.
والإحسان إلى كل شخص إجراء الأمر على وفق مراده ، والتحذير من تكدير خاطره….. (4)

(4) إنّ مسألة تحاشي تكدير الخواطر – وخاصةً ذوي النفوس البريئة – من الأمور التي ينبغي أن يلتفت إليها السالك ، فلطالما كان سببا لأنواع من الخذلان ، وكلما صفا العبد وازدادت درجة قربه من الرب ، كلما عظمت الخطورة بتكدير خاطره ، فإنّ الله تعالى عند المنكسرة قلوبهم ( دعوات الراوندي –120) ، وهو سريع إلى نصرة عبده المؤمن .. وقد روى أنّ امرأةً دخلت النار في هرةٍ ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من حشاش الأرض ( الحدائق 7-271 ) ، فكيف بمن آذى من تجلى الله تعالى في قلبه فصار شأنا من شؤونه ؟..( المحقق )

شاهد أيضاً

مقاطع مهمه من كلام الامام الخامنئي دامت بركاته تم أختيارها بمناسبة شهر رمضان المبارك .

أذكّر أعزائي المضحين من جرحى الحرب المفروضة الحاضرين في هذا المحفل بهذه النقطة وهي: أن ...