بمناسبة عيد الغدير – الحمد لله الذي جعلنا من المتمسكين بولاية علي عليه السلام
4 يوليو,2023
الاسلام والحياة, مناسبات
2,210 زيارة
الغدير وعُمْقه المعرفي – السيد ابو امين الحيدري
إن واقعة الغدير ليست واقعة ساذجة كباقي الوقائع التي تحمل حدثاً معيناً دون أن يكون لها مغزى، بل هي واقعة تنطوي على الكثير من المفاهيم الهامة والمعاني الرئيسة ذات العمق المعرفي، فهي واقعة تتضمن ضرورة الرجوع الى الإمام والاعتراف بقيادته المطلقة في جميع مناحي الحياة.
إن واقعة الغدير تعني تقرير المبدأ العقلائي القائل بضرورة رجوع الجاهل الى العالم.
إن واقعة الغدير تعني لزوم السير على خطى المعصوم والتزام منهجه في الحياة، كما كان يفعل علي عليه السلام تجاه النبي صلى الله عليه واله حيث يقول كنتُ اتبعه اتباع الفصيل أثر أمه.
إن واقعة الغدير تعني في أحد معطياتها المهمة ضرورة بقاء الإمامة مع الناس الى أبد الدهر لاستحالة إهمال الإنسان من دون إمامٍ، وفي حال غيبتهِ (ع) تقضي بالرجوع الى مَنْ ينوب عنه وهو – في عصر الغيبة الكبرى – الفقيه الجامع للشرائط والمرجع الديني الذي يرعى شؤون الناس ويدبّر أمر العباد، وذلك لئلا يزول الحقُ عن مقرّه و يغلبَ الباطلُ على أهله، و قد لمس أتباع أهل البيت عليهم السلام بركات هذا التحشّد والاصطفاف تحت لواء المرجعية على عمود التاريخ، والمفاجئات الناتجة عن إطاعة المرجعية والانقياد لها التي أدهشت الصديق و العدو و التي فاقت جميع التصورات. كما حصل في أروع صورها في استجابة الشعب الإيراني لنداء الإمام الخميني الذي أنتج سقوط النظام البهلوي العنيد، وطرد محمد رضا الصعلوك العميل من عرشه ليرفع قائده الحكيم ومرجعه المحبوب الى سدة الحكم وتتحقق المعجزة التي لم تكن بالحسبان.
وعلى ضوء هذا الاعتراف بواقعة الغدير وما تحمله من عمق معرفي وأثر نافذ لابد من إعادة النظر ومسائلة النفس كلما مرّت هذه الذكرى العطرة عن مقدار الإفادة من هذا المعين والاغتراف من هذا المنهل؟
– ما هو مقدار إدراكنا لضرورة الرجوع الى المعصوم واستكناه موروثه في مختلف مجالات الحياة، من سياسة و اقتصاد و اجتماع و غير ذلك؟
– كم هي معرفتنا بنظريات الأئمة عليهم السلام في مختلف مجالات الحياة؟
– وكم عَمِلْنا على اكتشافها؟ والتحرك باتجاه التنظير و الانتاج الفكري؟
– ما هو مقدار التزامنا العملي بتعاليمهم وأحكامهم؟
– ماهو مقدار الفاصلة التي تفصلنا عنهم على مستوى العقيدة والشريعة؟
أو ليس من الجفاء أن يكون أحَدُنا فخوراً بوقوفه على نظرية هذا وذاك من علماء الشرق و الغرب و هو يجهل ما عرضه المعصوم عليه السلام من حقائق علمية فيما يدخل في صميم حياته اليومية و واقعه العملي وهم”خزّان العلم” و “معادن حكمة الله” و قد ” آتاهم الله ما لم يؤتِ أحداً من العالمين”.
أو ليس من الجفاء والجهل بفلسفة الغدير أن ننقاد الى سياسات و رجال و أحزاب وحركات ما أنزل الله بها من سلطان، ولا تمتّ الى الغدير بأي صلة بعد الاعتراف بأنهم عليهم السلام “ساسة العباد و أركان البلاد”.
علينا أن نعلم أن إعراضنا عنهم عليهم السلام وابتعادنا عن تعاليمهم هو السبب الذي جعلنا نسقط في مستنقع الظلمات، وأن لجوءنا الى الشرق و الغرب وتهافتنا على الخطابات الهجينة و الغريبة عن واقعنا و كرامتنا وتغافلنا عن الخطاب الديني والصراط المستقيم الذي رسموه لنا هو الذي فتح علينا أبواب الويلات، وأن العلاج والخلاص لا سبيل إليه إلا بالتمسك بعروتهم والاعتصام بحبلهم، وأخيراً أقول بمقدار تمسكنا و اعتصامنا يصدق منّا (الحمد) ونقترب من حقيقة قولنا:
” الحمد لله الذي جعلنا من المتمسكين بولاية أمير المؤمنين و الأئمة عليهم السلام “.
والحمد لله أولاً و آخراً
2023-07-04