الستارة الرابعة
فيما كانت الأمور تسير على أحسن ما يُرام باتجاه تشكيل نظام عالميّ جديد قائم على أساس استكبار وهيمنة القوى العظمى، حدثت واقعة عطّلت كلّ المعادلات، وقلبت حسابات القوى العظمى رأسًا على عقب. ففي البلد الذي كانت تحكمه أطوع الحكومات وأكثرها تبعيّة، قامت ثورة على خلاف كلّ التوقّعات والحسابات. وفي عصر تُصوّر فيه أنّ الأديان قد انكفأت وباتت معزولة عن المشهد السياسيّ وشؤون الحكم، انتصرت ثورة دينيّة لتؤسّس لحكومة دينية. وفي زمن بات الجميع فيه وكأنّه مضطّر للارتباط بقوّة عظمى ليُحافظ على وجوده وقوّته، آتت ثورة ترفع شعار الاستقلال عن الشرق والغرب أُكُلها، فتَشكّل نظام ليس مستقلًّا عنهم فحسب، لا بل يواجههم وينقض مشروعيّتهم. لقد كانت هذه الثورة والنظام المنبثق عنها خطيرة على القوى العظمى إلى درجة أنّها وبشكل غير محسوس وحّدتهم بهدف إزالة خطرها. ولمّا لم تُجدِ الانقلابات والاغتيالات وإثارة الفوضى ومحاولات النفوذ نفعاً، لم يكن بدٌّ من العمل العسكري للقضاء على هذه الحكومة الوليدة واقتلاعها من الجذور. وكان منفّذ هذا الهجوم حاضراً ومستعدًّا، الانتهازي والتابع وقاسي القلب المدعوّ صدّام، الذي كان قد تولّى حديثاً حكومة العراق.
بدأت الحرب المفروضة على إيران. وكانت الأوضاع الداخليّة والعسكريّة، والّتي أنقذت للتو من براثن الشاه تتطلّب من الشعب موقفاً حاسماً. فما لم يُشمّر عن ساعد الهمّة ويصمد في وجه الغزو فإنّه سيذوق طعم الهزيمة النكراء وتذهب إنجازاته أدراج الرياح. وقد ثبت الشعب ودافع عن معتقده ووطنه وصمد في مواجهة كلّ القوى.
1- صحيفة الإمام، المجلد6، ص15ن5.
21
13
إشارة (مؤسسة صهبا)
ومن الطبيعي، عندما يتمّ توريط دولة بحرب طويلة وواسعة الانتشار، أن يصير لزاماً على الشباب المشاركة والقتال. لكنّ الذّي يختلف بين الحروب والدول هو نظرة الشباب إلى قتالهم ونظرة عوائلهم وردّ فعلهم تجاه هذا القتال ونتائجه. وإنّ لسان حال العوائل الّتي قدّمت فلذات أكبادها في ميدان القتال لهو خير كاشف عن نظرة الشعب إلى تلك الحرب. ها هنا تمتاز الحرب القِيَمية عن حرب الأنانيات، وتفترق الشهادة عن مجرّد الموت في المعركة. ولقد تكشّف هذا المشهد مرارًا وتكرارًا في إيران خلال حرب السنوات الثماني المفروضة عليها، وبأعظم صورة وأجمل شكل، في عوائل الشهداء المقاوِمة والصبورة.
14
إشارة (مؤسسة صهبا)
وعائلاتهم، وإن كانت الحماية والإغاثة المستمرّة التي قدّمها الأرمن طوال سنوات الحرب الثماني هي شاهدًا آخر على هذا الوفاء.
15
إشارة (مؤسسة صهبا)
نُشارك بفعاليّة في أمر الدفاع المقدّس عن كامل الأراضي الإيرانيّة. من هنا، وبوعينا لهذه المسؤولية تقرّر أن نؤدّي واجبنا وندفع حصّتنا من المشاركة في هذه القضية المقدّسة بتقديم الدّعم المالي.