الوقت – نجح صاروخ دفاعي في سماء منطقة “بادرود” بالقرب من منشأة نطنز النووية، في إسقاط هدف جوي مساء السبت الماضي.
وأوضح العميد “شاهين تقي خاني” المتحدث باسم الجيش الإيراني بالتفصيل حادث اختبار أنظمة الدفاع. كما أعلن قائد الدفاع الجوي في نطنز، عن التقييم والجاهزية الميدانية لأنظمة الدفاع في المناطق الحساسة بإيران.
إجراء الاختبار الدفاعي الأخير في منطقة “بادرود” تمَّ لمنع المؤامرات الأجنبية، وهو علامة على تفوق إيران العسكري في التحركات التي قد تؤدي إلی أحداث خطيرة، والوحدات والمدافعون عن سماء إيران يراقبون الأجواء على مدار الساعة، وسيستجيب الدفاع الذكي فورًا وبشدة لأي عملية تخريبية.
لكن الاختبار الدفاعي في نطنز له أهمية دولية أيضًا. حيث يبعث الاختبار الناجح لأنظمة الدفاع عشية الجولة الثامنة من المحادثات النووية لرفع العقوبات في فيينا، برسالة واضحة إلى الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية.
في أبريل من هذا العام، عشية المحادثات النووية في فندق غراند بفيينا؛ سافر وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إلى الأراضي المحتلة والتقى بمسؤولين إسرائيليين.
رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو ادعی في مؤتمر صحفي مع وزير الدفاع الأمريكي ارتكاب إيران أعمالا إرهابيةً، وقال حول البرنامج النووي: “إيران تواصل برنامجها النووي. ولن نسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي، ولا تزال إيران تشكل تهديداً لنا وللعالم“.
وبعد ذلك الاجتماع، وقع حادث تخريبي في مجمع شهيد أحمدي روشان للتخصيب(نطنز)، والذي لحسن الحظ لم ينتج عنه أي إصابات بشرية أو تلوث.
بعد تلك الحادثة، توجه وزير الخارجية الإيراني آنذاك محمد جواد ظريف إلى البرلمان، وأعلن عن وقوع “إرهاب نووي” في نطنز. في هذه الحادثة، كان رد إيران هو الاستفادة من هذا التهديد، من خلال استبدال أجهزة الطرد المركزي من الجيل الأول بأحدث أجهزة الطرد المركزي وأكثرها قوةً.
وفي خطوة ملحوظة، كشفت إيران عن مجموعة من 153 جهاز طرد مركزي من طراز IR-4، بجانب سلسلة من 164 جهاز طرد مركزي من طراز IR-6، لتخصيب يصل إلى 60٪.
ولكن حدث شيء غريب آخر أيضًا! في تلك الأيام، حدَّد مسؤولو حكومة روحاني الكيان الصهيوني فقط بأنه منفِّذ العملية التخريبية، بينما كان تخريب منشآت إيران النووية مخططًا له من قبل مثلث الولايات المتحدة والکيان الإسرائيلي وبعض الحكومات الأوروبية.
على سبيل المثال، في يوليو 2012، نشرت صحيفة ديلي بيست تقريراً يكشف أن باراك أوباما نفسه أمر بهجوم إلكتروني على نظام الكمبيوتر لمنشأة نطنز النووية.
كما كتب موقع “ياهو! نيوز” في تقرير: لقد تم تنفيذ هجوم “ستوكس نت” بناءً على طلب وكالات التجسس الأمريكية والإسرائيلية، وبمشاركة هولندا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا.
ويشير التقرير إلی استخدام مهندس عميل(مرتزق داخلي) من قبل جهاز المخابرات الهولندي، باعتباره متسللًا تابعاً لوكالة المخابرات المركزية والموساد، موضحاً أن العميل قد زوَّد واشنطن ببيانات حساسة عن برنامج ستوكس نت الخبيث لدخول منشأة نطنز، ثم أدخل البرنامج الضار باستخدام محرك أقراص فلاش.
إن الإجراء الوقائي لقيادة الدفاع الجوي في اختبار أنظمة الحماية للمنشآت النووية، يبعث برسائل واضحة للغرب:
1-تستخدم جمهورية إيران الإسلامية نظاماً ذكياً لمراقبة العمليات الميدانية للعدو. بعد التخريب الذي وقع في نطنز، أعلنت صحيفة “جيروزاليم بوست” الصهيونية عن إعداد وتخطيط للهجوم لفترة طويلة. وزعمت الصحيفة أن الهجوم على منشآت إيران الرئيسية في نطنز كان مدبراً ومخططاً له قبل وقت طويل من محادثات فيينا النووية. وأظهر اختبار الصاروخ الأخير مستوى استعداد إيران الدفاعي ضد أي عمل مماثل.
2-بعد حادثة نطنز في نيسان، أخطأ مسؤولو حكومة روحاني عندما حيَّدوا الأمريكيين. على سبيل المثال، هاجم إسحاق جهانجيري، النائب الأول لروحاني، المؤسسات المحلية دون الإشارة إلى النهج السلبي للسياسة الخارجية الإيرانية في عهد روحاني، من خلال تحييد الولايات المتحدة وإسرائيل، وقال: يجب مساءلة الجهاز المسؤول عن التصدي لأعمال العدو بسبب عدم نجاحه في هذا الصدد، والشعب يريد أن يعرف المسؤول عن تشويه موارد ومصداقية ومكانة الدولة.
لكن الاختبار الناجح لأنظمة الدفاع أظهر أن عصر تحييد الأجانب في حوادث التخريب قد انتهى، وأن الولايات المتحدة مسؤولة بشكل أساسي عن أي عمل مستقبلي. ولا يمكن لوزير الخارجية الأمريکي أن ينتقد تصرفات ترامب، وفي نفس الوقت يسير علی نهجه؛ ومسؤولية إلجام الكيان الصهيوني تقع علی واشنطن، وإذا لم يتم ذلك، ستكون التداعيات الأمنية على عاتق الأمريكيين أنفسهم.
3-أثبتت لنا التجربة أن الاقتدار هو الضامن للأمن. وبالنظر إلى الدور الواضح للولايات المتحدة وإسرائيل وبعض الحكومات الأوروبية في تخريب المنشآت النووية، فإن أي تحرك مناهض لإيران سيواجَه برد شديد يتناسب مع ذلك الإجراء.
4-أظهرت نتائج محادثات فيينا 7 حول رفع العقوبات، أن الدول الأوروبية(بالتشاور مع الولايات المتحدة) خاوية الوفاض أمام إيران وتشعر بالارتباك. وتفوُّق الدبلوماسيين الإيرانيين جعلهم يطلبون فرصةً للذهاب إلى عواصمهم للتشاور! وإذا قام أعداء إيران، في هذا الوقت القصير حتى بدء المفاوضات، بعمل غير قانوني ضد مصالحها؛ فستکون فرصة التفاوض قد ضاعت بالنسبة للغربيين، و”القبضة مقابل القبضة” و”العين مقابل العين” هما الخياران الوحيدان المطروحان على الطاولة.
5-يعرف عدو إيران جيداً أن أي تعطيل للمفاوضات يضر به ويضع إيران في موقع متقدم. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن سياسة الضغط الأقصى قد فشلت، وأن إيران لم تقم فقط بتحييد العقوبات، ولكنها حققت أيضًا تقدمًا نوويًا كبيرًا. مساء السبت الماضي، استعرضت السلطات الأمنية الإيرانية قدراتها للأمريكيين، ومثلث التقدم العلمي والاقتدار الدفاع والتعددية الدبلوماسية، وضعت الولايات المتحدة والأوروبيين في موقف صعب للغاية.
6-يعتقد الأمريكيون أنهم باللجوء إلى الکيان الصهيوني(الخطة ب)، يمكنهم أن يفرضوا على إيران مطالبهم على طاولة المفاوضات. الحقيقة أن هذا الجو الغامض لتخويف طهران فارغ، وواشنطن استخدمت أدوات الضغط هذه من قبل. ويجب أن يفهم فريق بايدن الدبلوماسي أنه ليس في أجواء عام 2015، وأن جمهورية إيران الإسلامية هي التي تقترح خطة التفاوض، وليس العكس!
7- قبل بدء المفاوضات في فيينا، في مقال مشترك في صحيفة “التلغراف” البريطانية، نشرت وزيرة الخارجية البريطانية “ليز تيراس” و”يائير لبيد” وزير خارجية الكيان الصهيوني، مزاعم مبالغ فيها ضد التقدم النووي الإيراني، لإظهار التكامل الدبلوماسي والعملي بين الغرب والکيان الصهيوني.
واللافت للنظر أنه في الليلة الثالثة من المحادثات النووية لرفع العقوبات، حاولت شخصية مألوفة للإيرانيين الإخلال بالمحادثات. في الصور المنشورة لذلك الاجتماع، يجلس روبرت ماك إير، السفير البريطاني السابق في طهران، ومنفذ إحدى أعمال الشغب في الشوارع، أمام باقري كني رئيس الوفد الإيراني، وقبل وصول ممثل لندن إلی الاجتماع، يلعب دور ممثل الصهاينة. لکن هذه المسرحية الهزيلة التي حاول البريطانيون عرضها أمام إيران، قد فشلت قبل أن تبدأ بفضل الاختبار الناجح الذي قامت به وحدات الدفاع الإيرانية في محيط منشأة نطنز النووية.