الدرس الثاني: قيمة العمر
من وصايا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي ذرّ قال:
“يا أبا ذرّ, نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحّة والفراغ.يا أبا ذرّ, اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحّتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك. يا أبا ذر, إيّاك والتسويف (المماطلة) بأملك، فإنّك بيومك ولستَ بما بعده.
يا أبا ذرّ, إذا أصبحت فلا تُحدِّث نفسك بالمساء، وإذا أمسيت فلا تحدّث نفسك بالصباح، وخذ من صحّتك قبل سقمك، وحياتك قبل موتك، فإنّك لا تدري ما اسمك غداً… يا أبا ذرّ, كن على عمرك أشحّ منك على درهمك ودينارك”.
(بحار الأنوار، العلّامة المجلسيّ، ج 74، ص 75)
تمهيد:
هناك مجموعة من بين أحاديث الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم باسم الوصايا، يُخاطب بها الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم شخصاً معيّناً. وهي عبارة
عن وصايا أخلاقيّة عامّة تحتوي على مطالب كثيرة، منها وصيّته للإمام عليّ عليه السلام، ومنها وصيّته لعبد الله بن مسعود ومنها وصيّته لأبي ذرّ الغفاريّ . ولعلّ مراد
الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن تكون مسؤوليّة المحافظة على تلك الوصايا الأخلاقيّة على عاتق الشخص المخاطَب، ومن خلاله يوصي سائر الناس ممّن نُقلت له هذه
الوصية، وعلى الطريقة المعروفة (إيّاكِ أعني واسمعي يا جارة).
صنفان يوم القيامة:
إنّ هذا المقطع من الوصيّة يُشير إلى أهمّيّة الوقت في حياة الإنسان، ويؤكّد لنا النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم على ضرورة الاستفادة من النعمة التي نحن فيها قبل فقدها،
من نعمة العمر والصحّة والفراغ والشباب والغنى، وبشكل عامّ الاستفادة من هذه الحياة كلّها ـ التي هي مزرعة الآخرة ـ قبل الانتقال إلى عالم الآخرة، حيث وقت الحصاد
والنتيجة والثواب أو العقاب.
وقد قسّمت الآيات القرآنية الناس يوم القيامة إلى صنفين رئيسَين، صنف يكون فرحاً مستبشراً، وآخر حزيناً نادماً: “فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ *
إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ”1
1- سورة الحاقّة، الآيات: من 19 إلى 24.
وأمّا الصنف الآخر الذي لم يستفد من نعم الدنيا للآخرة فهو كما تتابع الآيات الكريمات: “وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ*وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ* يَا لَيْتَهَا كَانَتِ
الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ *خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ* ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ”2
العمر مدرسة:
إنّ دورة العمر بالنسبة لكلّ إنسان عبارة عن مدرسة، فكما أنّ الطالب في المدرسة عليه أن يغتنم اليوم والساعة والدقيقة، ويستفيد من كلِّ المعلِّمين الموجودين، ومن جميع
الفرص المتاحة له، وكلّ ذلك مسؤول عنه الطالب قبل يوم الامتحان، كذلك الإنسان في الدنيا عليه أن يغتنم كلّ فرصة متاحة له قبل يوم الحساب، بحيث لا تذهب أيّ دقيقة
هدراً من عمره النفيس والغالي، قبل “أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ “3 .
لو أنّ شابّاً ورث عن أبيه ثروة ضخمة، ولكنّه كان سفيهاً فأسرف وأنفق كلّ ثروته وبذّرها يمنة ويسرة من دون حساب دقيق، ومن دون رعاية لمصلحته ومصلحة أهله، ألا
يأسف عليه الناس والعقلاء ويعجبون من تصرّفاته، علماً منهم بما ستؤول إليه أموره في المستقبل جرّاء ما جنته وتجنيه يداه وقد صادفنا جميعاً كثيراً من أمثال هذه الحالة،
وتأسّفنا لها، إلا أنّنا لا نتأسّف ولا نُعيرُ أيّ أهمّيّة إزاء التبذير والإسراف في ثروةٍ هي أهمّ بكثير من المال، ألا وهي الوقت والعمر. وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على
أنّنا نُعطي أهمّيّة كبيرة للمال ونُقدِّر قيمته، ولا نعطي أهمّيّة ولا نُقدِّر قيمة الوقت والعمر.
2- سورة الحاقّة، الآيات: من 25 إلى 32.
3- سورة الزمر، الآية: 56.
وقت الناس والعمل:
نُشاهد الكثيرين في حياتنا اليومية ممّن ربَّوا أنفسهم على ألّا يعتدوا على أموال الآخرين، ويتجنّبون أيّ شبهة في أكل أموال الناس، ويخافون الله سبحانه وتعالى في درهم
يأكلونه بالباطل أو شبهة. وإذا ما حدث أن تضرّر أحدٌ منهم سارعوا لتعويض خسارته وجبرانها من أموالهم الخاصّة حتّى يحصلوا على رضى ذلك المتضرِّر، كلّ ذلك
مخافةً من الله. ونِعْمَ هذه الصفة الموجودة فيهم. ولكن نفس هؤلاء الأشخاص لا يهتمون بوقت الآخرين، ولا يُعطونه أيّ أهمّيّة ولا أدنى حرمة، فيهدرون أوقات الآخرين
بأعذارٍٍ شتّى وبأساليب مختلفة، ولا يلتفتون إلى أنّ ما يقومون به ـ من إتلاف وقت الآخرين بلا مبرّر شرعي ـ، مطالبون به يوم القيامة وسيسألون عنه:
فبعضٌ يُعطي الموعد بعد الآخر وهو على علمٍ أنّه سوف لن يفي بالموعد، وعليه، يكون قد وقع في محرّمين اثنين، فهو من جهةٍ وقع في محرّم الكذب ومن جهة أخرى
أتلف وقت الآخرين وهم ينتظرونه. وقد يعتاد على هذا الأمر حتّى يُفتضح أمره بين الناس ويُصبح ذا سمعة سيّئة بينهم.
وبعضٌ يُقيم عند الآخرين في أوقاتٍ فضيلة، وفي أوقات عملهم فيهدرها سدى، أو يجلس مع أقوام جلسة المساء أو الصباح وهو يهدر وقته ووقت الآخرين على جلسات لا
يُذكر فيها الله عزّ وجلّ ولا أهل البيت عليهم السلام، ولا تُستغلّ بالعلم والمعرفة أو العمل النافع، وإنّما بالمزاح واللّعب والضحك، هذا إن لم تجرّهم الأحاديث إلى النكات
الفاضحة وغيبة الناس ومحرّمات أخرى والعياذ بالله.
وهذا كلّه إن دلّ على شيءٍ فإنّما يدلُّ على أنّنا لم نهضم بعدُ وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تماماً في أنّ قيمة الوقت والعمر أسمى وأرفع وأغلى من قيمة المال،
لأنّ إتلاف مال الآخرين يُمكن تعويضه من مالنا الخاصّ، بينما إتلاف عمر الآخرين – وهو أهمُّ من المال – لا يُمكن تعويضه من عمرنا الخاصّ!
يُشير القرآن الكريم إلى أولئك الذين ضيّعوا أعمارهم في هذه الدنيا دون الاستفادة منها بما هو في صلاحهم، ودون الاستفادة منها بما يكون خيراً لهم في آخرتهم، بقوله تعالى
تعبيراً عن حالة الندم عندهم: “وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ “4 .
ويُشير القرآن الكريم في موضع آخر إلى حالة ندم هذا الشخص عند سكرة الموت: “حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ*لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ “5 ، أعاذنا الله وسائر المؤمنين من ندامة تلك الساعة وأهوال هذا اليوم.
يقول مولى الموحّدين الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام في النهج الشريف: (فسابقوا – رحمكم الله – إلى منازلكم التي أُمرتم أن تعمّروها، والتي رُغّبتم فيها ودُعيتم إليها.
واستتمّوا نِعَم الله عليكم بالصبر على طاعته، والمجانبة لمعصيته فإنّ غداً من اليوم قريب. ما أسرع الساعات في اليوم، وأسرع الأيّام في الشهر، وأسرع الشهور في السنة،
وأسرع السنين في العمر)6 .
طول الأمل:
كثيرٌ من الناس من يلتفت إلى تقصيره في عبادته، وأنّه عليه أن يقوم بالدعاء وقراءة القرآن، وبعض المستحبّات وغيرها من الأعمال الصالحة، ومنهم من عليه قضاء
بعض الصلوات وبعض أيّام الصيام، وبعض الواجبات الأخرى، ولو سألته لمَ لا تبادر لقضاء ما فاتك من هذه الواجبات لتذرّع بضيق الوقت، وعدم الراحة، وانشغال البال،
وكثرة الهموم، وغير ذلك… ثمّ يختم بأنّه ينوي إن شاء الله القيام
4- سورة فاطر، الآية: 37.
5- سورة المؤمنون، الآيتان: 99 و100.
6- نهج البلاغة، ج2، الخطبة 188، ص 128.
بكلّ هذه الأعمال. ولو رجع إلى قرارة نفسه وسألها لوجد أن هذه أجوبة يسكت بها الآخرين، ولكنّ نفسه
اللوّامة لا تقنع بهذه الأجوبة، يقول تعالى: “بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ *وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ” 7، فإنّ هذه الأعذار التي يُلقيها ليست إلّا وسوسات شيطانيّة لتبقى النفس مرتاحة من هذه الواجبات، وليبقى
إبليس يُسيطر على نفسه يوسوس فيها بالتسويف والتأجيل والتأخير و… فهل سأل هذا الإنسان نفسه أنّه هل سيعيش إلى الغد؟ ومن يضمن له أنّه باقٍ إلى السنوات المقبلة
ليتمكّن من كلِّ هذه الأمور قبل أن يُباغته الأجل؟ فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: “قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: ما أنزل الموت حقّ منزلته من عدّ غداً من أجله،
قال: وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ما أطال عبد الأمل إلّا أساء العمل، وكان يقول: لو رأى العبد أجله وسرعته إليه لأبغض العمل من طلب الدنيا”8 .
وكثيرٌ من الناس من يفرح بسنيّ عمره ويحتفل كلّ رأسِ سنةٍ من مولده وهو ما يُعبّر عنه (بعيد الميلاد) ويدعو الناس للاحتفال بيوم مولده ويصرف الأموال والهدايا،
وبعض آخر تزيد عنده العادات المستحدثة، كلُّ ذلك وهو غافل عن أنّ عمره قصرَ، وأنّه اقترب أكثر من القبر، وأنّه يستطيع عدّ هذه السنوات والأيّام، ولكن هناك من يعدّ
له أنفاسه ويحسبها له، وأنّه سوف يُحاسب على كلِّ نَفَس في هذه الدنيا كيف أطلقه، هل في طاعة الله أم في معصيته، فعن عبد الأعلى مولى آل سام قال: قلت لأبي عبد الله
عليه السلام: قول الله عزّ وجلّ: “… إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا”9 ؟ قال: “ما هو عندك ؟ قُلت: عدد الأيّام، قال: إنّ الآباء والأمّهات يُحصون ذلك، لا، ولكنّه عدد الأنفاس”10 .
7- سورة القيامة، الآيتان: 14و 15.
8- الكافي، الكليني، ج3، ص 259، الحديث 30.
9- سورة مريم، الآية: 84.
10- الكافي، الكليني، ج3، ص 259، الحديث 33.
إلى متى تبقى قوى الشباب؟
يقول الإمام الخمينيّ قدس سره:”عندما ينقضي ربيع العمر، ويحلّ خريفه، تذهب القوّة من الأعضاء، وتتعطّل الحاسّة الذائقة، وتتعطّل العين والأذن وحاسّة اللمس وباقي الحواسّ، وتُصبح اللذّات ـ عموماً
ـ ناقصة أو تفنى نهائيّاً. وتهجم الأمراض المختلفة، فلا تستطيع أجهزة الهضم والجذب والدفع والتنفُّس أن تؤدّي عملها بشكلٍ صحيح. ولا يبقى للإنسان شيء سوى أنّات
التأوّه الباردة والقلب المملوء بالألم والحسرة والندم”.
“إذاً, فمدّة استفادة الإنسان من تلك القوى الجسمانيّة لا تتجاوز الثلاثين أو الأربعين عاماً بالنسبة إلى أقوياء البنية والأصحّاء السالمين، وهي فترة ما بعد فهم الإنسان
وتمييزه الحسن من القبيح إلى زمن تعطيل القوى أو نقصانها، وهذا يصحّ إذا لم يصطدم بالأمراض والمشاكل الأخرى الّتي نراها يوميّاً ونحن عنها غافلون”11 .
يقول الأعرابيّ في وصف الشيخوخة: “… إذا قعدت أشعر كأنّي هويت في وادٍ سحيق، وإذ قمت أشعر وكأنّ الأرض قد لصقت بي، تقيّدني الشعرة، وتعثرني البعرة”.
وفي الختام:
حتّامَ نغفل عن وقتنا وعمرنا ونؤجّل العمل لوقت آخر؟ وحتّام نهدر أوقاتنا وأوقات الآخرين ولا ننهض ونُبادر لمعالجة أنفسنا وتهذيبها، والاستعداد للآخرة قبل أن يفاجئنا
نداء الرحيل؟ يقول الإمام الراحل قدس سره: “أيُّها العزيز, انهض من نومك، وتنبّه من غفلتك، واشدد حيازيم الهمّة، واغتنم الفرصة ما دام هناك مجال، وما دام في العمر بقيّة، وما
دامت قواك تحت تصرُّفك، وشبابك موجوداً”12 .
11- الأربعون حديثاً، الإمام الخميني قدس سره، الحديث الأوّل، فصل في الموازنة.
12- م. ن، فصل في معالجة المفاسد الأخلاقية.
مطالعة
اغتنام العمر
قال الإمام الخمينيّ قدس سره: “إذاً، أيُّها الأخ، ما دمت في مقتبل عمرك، وزهرة شبابك، وأوج قوّتك، وحرّيّة إرادتك، سارع لإصلاح نفسك، ولا تلقِ بالاً لهذا الجاه والمقام، وطأ
على هذه الاعتبارات بقدميك. إنّك إنسان فأبعد نفسك عن صفات الشيطان، فلعلّ الشيطان يهتمّ بهذه الصفة اهتماماً كبيراً لكونها صفة من صفاته، وهي التي أدّت إلى طرده
من حضرة الله، ولذلك فهو يُريد أن يوقع الإنسان، عارفاً أو عامياً عالِماً أو جاهلاً، في مثل هذه الرذيلة، حتّى إذا ما لقيك يوم القيامة شَمَتَ بك قائلاً: “يا ابن آدم، ألم يُخبرك
الأنبياء بأنّ التكبُّر على أبيك قد طردني من حضرة الحقّ؟ لقد نزلت عليّ لعنة الله لأنّي احتقرت مقام آدم واستعظمت مقامي، فلماذا أوقعتك نفسك في هذه الرذيلة”؟.
وعندئذ تُصبح، أيُّها المسكين، موضع شماتة أرذل مخلوقات الله وأحطّها، فضلاً عن عذابك وابتلاءاتك وندامتك وحسرتك ممّا يعجز الكلام عن وصفه. إنّ الشيطان لم يكن
قد تكبّر على الله، بل على آدم، وهو من مخلوقات الحقّ، فقال: “خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ “13 . فاستعظم نفسه واستحقر آدم. وأنت تستصغر بني آدم وتستكبر بنفسك عليهم، فأنت أيضاً
تعصي أوامر الله. لقد قال لك تعالى: كن متواضعاً مع عباد الله، ولكنّك تتكبّر وتتعالى عليهم. فلماذا تلعن الشيطان وحده؟ أشرك نفسك الخبيثة معه في اللّعن أيضاً، مثلما أنت
شريكه في هذه الرذيلة. إنّك من مظاهر الشيطان، بل إنّك تُجسِّد الشيطان. ولربّما كانت صورتك في البرزخ وفي يوم القيامة صورة شيطانيّة، فإنّ المقياس في صورة
الإنسان في الآخرة الملكات الحاصلة للنفس. فليس هناك ما يمنع من أن تكون على صورة شيطان، أو على صورة نملة صغيرة. إنّ موازين الآخرة تختلف عن موازين الدنيا”14 .
13- سورة الأعراف، الآية: 12.
14- الأربعون حديثاً، الإمام الخميني قدس سره، الحديث الرابع، فصل في بيان معالجة الكبر.