الرئيسية / القرآن الكريم / التبيان في تفسير القرآن

التبيان في تفسير القرآن

( سورة الفاتحة )
أسماؤها – وسبب تسميتها بها :
روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه سماها أم القرآن ، وفاتحة الكتاب
والسبع المثاني فسميت فاتحة الكتاب لأنه يفتتح بكتابتها المصاحف وبقراءتها
في الصلاة ، فهي فاتحة لما يتلوها من سور القرآن في الكتابة والقراءة وسميت أم
القرآن لتقدمها على سائر القرآن وتسمي العرب كل جامع أمرا ، أو متقدم لامر
إذا كانت له توابع تتبعه أما فيقولون للجلدة التي تجمع الدماغ أم الرأس ، وتسمي
لواء الجيش ، ورايتهم التي يجتمعون تحتها أما ومن ذلك قول ذي الرمة :
واسمر قوام إذا نام صحبتي * خفيف الثياب لا تواري له إزرا
على رأسه أم لنا نقتدي بها * جماع أمور لا نعاصي له امرا
يصف راية معقودة على قناة يجتمع تحتها هو وصحبه وقيل : مكة أم القرى
لتقدمها امام جميعها ، وجميعها ما سواها وقيل : إنما سميت بذلك ، لان الأرض
دحيت منها فصارت لجميعها أما ومن ذلك قول حميد بن ثور الهلالي :
إذا كانت الخمسون أمك لم يكن * لدائك إلا أن تموت طبيب
لان الخمسين جامعة ما دونها من العدد ، فسماها أم الذي بلغها
وسميت السبع لأنها سبع آيات – بلا خلاف في جملتها – وسميت مثاني
لأنها تثنى بها في كل صلاة فرض ونفل وقيل في كل ركعة وليس إذا سميت
بأنها مثاني منع ذلك تسمية غيرها بالمثاني من سور المئين على ما مضى القول فيه
واتفق القراء على التلفظ بأعوذ بالله من الشيطان الرجيم قبل التسمية
المعنى :
ومعنى ذلك استجير بالله دون غيره لان الاستعاذة هي الاستجارة
وقوله : من الشيطان فالشيطان في اللغة كل متمرد من الجن والإنس والدواب ،
ولذلك قال الله تعالى : ” وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن ” ( 1 )
فجعل من الانس شياطين كما جعل من الجن وإنما سمي المتمرد شيطانا ، لمفارقة
أخلاقه وأفعاله أخلاق جميع جنسه وبعده من الخير وقيل : هو مشتق من
قولهم شطنت داري أي بعدت ، ومنه قول نابغة بني ذبيان :
نأت سعاد ( 2 ) عنك نوى شطون * فبانت والفؤاد بها رهين
والشطون البعيد فيكون شيطانا على هذا : فيعالا من شطن على وزن بيطار
وغيداق ( 3 )
قال أمية بن أبي الصلت :
أيما شاطن ( 4 ) عصاه عكاه ( 5 ) * ثم يلقى السجن والأكباد ( 6 )
ولو كان مشتقا من شاط لقال : شائط ولما قال : شاطن علم أنه مشتق
من شطن والشطن الحبل
وأما الرجيم فهو فعيل بمعنى مفعول كقولهم كف خضيب ولحية دهين ورجل
لعين يراد مخضوبة ومدهونة وملعون ومعنى المرجوم المشتوم فكل مشتوم
بقول ردي فهو مرجوم وأصل الرجم الرمي بقول كان أو بفعل ومنه قوله تعالى
” لئن لم تنته لأرجمنك ” ( 7 ) ويجوز أن يكون الشيطان رجيما لان الله طرده من
سمائه ورجمه بالشهب الثاقبة
وسورة الحمد مكية في قول قتادة ومدنبة في قول مجاهد وليس فيها ناسخ
ولا منسوخ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحجة – عندنا آية من الحمد ومن كل سورة بدلالة إثباتهم لها في المصاحف
بالخط الذي كتب به المصحف مع تجنبهم إثبات الأعشار والأخماس كذلك وفي
ذلك خلاف ذكرناه في خلاف الفقهاء ولا خلاف أنها بعض سورة النمل . فاما
القراء فترك الفصل بين السور بالتسمية حمزة وخلف ويعقوب واليزيدي إلا القرطي
عن سجادة بن اللبان عن مدين والمعدل إلا السوسي من طريق ابن حبش والباقون
يفصلون بالتسمية إلا بين الأنفال والتوبة وعندنا أن من تركها في الصلاة بطلت
صلاته لان الصلاة عندنا لا تصح إلا بفاتحة الكتاب وهي من تمامها سواء كانت
الصلاة فرضا أو نافلة ، وفيه خلاف ذكرناه في خلاف الفقهاء ومن قال إنها ليست
من القرآن قال إن الله أدب نبيه وعلمه تقديم ذكر اسم الله أمام جميع أفعاله وأقواله
ليقتدي به جميع الخلق في صدور رسالاتهم وأمام حوائجهم قالوا والدليل على أنها
ليست من القرآن أنها لو كانت من نفس الحمد لوجب أن يكون قبلها مثلها
لتكون إحداهما افتتاحا للسورة حسب الواجب في سائر السور والأخرى أول آية
منها وهذا عندنا ليس بصحيح لا ناقد بينا أنها آية من كل سورة ومع
هذا لم يتقدمها غيرها ، على أنها لا يمتنع أن تكون من نفس التلاوة وإن تعبدنا
باستعمالها في استفتاح جميع أموره ، ومن قال إن قوله ” الرحمن الرحيم ” بعد
قوله ” الحمد لله رب العالمين ” يدل على أن التي افتتح بها ليست من الحمد وإلا
كان يكون ذلك تكرارا بلا فصل شئ من الآيات قبل ذلك وليس بموجود في شئ
من القرآن فقوله باطل لأنه قد حصل الفصل بقوله ” الحمد لله رب العالمين ” ( 1 )
وقد ورد في مثله في : قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون
ما اعبد ، ولا انا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد لكم دينكم ولي دين ” ( 2 )
وكرر آيتين بلفظ واحد فصل بينهما بآية واحد وقد ذكرنا الأدلة على صحة ما
ذهبنا إليه في خلاف الفقهاء ومن جعلها آية جعل من قوله ” صراط الذين أنعمت
عليهم إلى آخرها آية ومن لم يجعلها كذلك جعل : صراط الذين أنعمت عليهم آية
وعندنا انه يجب الجهر بها فيما يجهر فيه بالقراءة ويستحب الجهر بها فيما
لا يجهر فيه

شاهد أيضاً

اليمن – رمز الشرف والتضامن العربي مع غزة فتحي الذاري

  ان الحشد المليوني للشعب اليمني بكافة قواه الفاعلة والاصطفاف الرشيد بقيادة السيد القائد عبدالملك ...