الرئيسية / زاد الاخرة / وصية الإمام الخميني(قده) إلى السالكين

وصية الإمام الخميني(قده) إلى السالكين

بني:

أتحدث إليك الآن وأنت ما زلت شاباً، عليك أن تنتبه إلى أن التوبة أسهل على الشبان، كما إن إصلاح النفس وتربيتها يتم بسرعة أكبر عندهم. في حين أن الأهواء النفسانية والسعي للجاه وحب المال والغرور أكثر وأشدّ بكثير لدى الشيوخ منه لدى الشبان. أرواح الشبان رقيقة شفافة سهلة القياد، وليس لدى الشبان من حب النفس وحب الدنيا بقدر ما لدى الشيوخ. فالشاب يستطيع بسهولة -نسبيا- أن يتخلص من شر النفس الأمارة بالسوء، ويتوجه نحو المعنويات. وفي جلسات الوعظ والتربية الأخلاقية يتأثر الشبان بدرجة كبيرة لا تحصل لدى الشيوخ -فلينتبه الشبان، وليحذروا من الوقوع تحت تأثير الوساوس النفسانية والشيطانية، فالموت قريب من الشبان والشيوخ على حدٍّ سواء وأيّ من الشبان يستطيع الاطمئنان إلى أنه سيبلغ مرحلة الشيخوخة؟ وأيُّ إنسان مصون من حوادث الدهر؟ بل قد يكون الشبان أكثر تعرضا لحوادث الدهر من غيرهم.

بني:

لا تضيّع الفرصة من يديك، واسعَ لإصلاح نفسك في مرحلة الشباب.

على الشيوخ أيضاً أن يعلموا أنهم ما داموا في

هذا العال، فإنهم يستطيعون جبران ما خسروا وما ضيّعوا، وأن يكفّروا عن معاصيهم، فإن الأمر سيخرج من أيديهم بمجرد انتقالهم من هذا العالم، والتعويل على شفاعة أولياء الله عليهم السلام، والتجرؤ في ارتكاب المعاصي من الخدع الشيطانية الكبرى، تأمّل أنت حالات الذين عوّلوا على شفاعتهم غافلين عن الله وتجرأوا على المعاصي -تأمل في سيرتهم، وانظر في أنينهم وبكائهم ودعائهم وتحرقهم واعتبر من ذلك.

يروي أن الإمام الصادق عليه السلام جمع أهل بيته وأقاربه في أواخر عمره وقال لهم: “إنكم ستردون على الله بأعمالكم، فلا تظنوا أن قرابتكم لي ستنفعكم يوم القيامة”. وإن كان هناك احتمال بأن تنالهم الشفاعة، لأن الارتباط المعنوي حاصل بينهم وبين الشافع لهم، فالرابطة الإلهية بينهم تجعلهم مؤهلين أكثر من غيرهم لنيل الشفاعة، وإن لم يحصل هذا الأمر لهم في هذا العالم، فلعله يحصل لهم بعد تنقيات وتزكيات أنواع من العذاب البرزخي أو الجهنمي، حتى يصبحوا بعده لائقين للشفاعة، والله العالم بمدى ما سيصيبهم.

فضلاً عن هذا، فإن الآيات التي وردت في القرآن الكريم حول الشفاعة لا تبعث -بعد التأمل فيها- الاطمئنان في الإنسان، قال تعالى (28-  {..مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ..}(البقرة/255).) وقال (29- {..وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنْ

ارْتَضَى..}(الأنبياء/28).). وأمثال ذلك من الآيات التي تثبت موضوع الشفاعة، ولكنها في الوقت نفسه لا تبعث الاطمئنان لدى الإنسان ولا تسمح له بالاغترار بها، لأنها لم توضح من هم أولئك الذين ستكون الشفاعة من نصيبهم، أو ماهي شروطها، ومتى تكون شاملة لهم.

نحن نأمل بالشفاعة، ولكن ينبغي أن يدفعنا هذا الأمل نحو طاعة الحق تعالى، لا نحو معصيته.

شاهد أيضاً

آداب الأسرة في الإسلام

رابعاً : حقوق الأبناء : للأبناء حقوق علىٰ الوالدين ، وقد لخّصها الإمام علي بن ...